مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء الثامن عشر

2 3٬500
 

مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء الثامن عشر

مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء الثامن عشر

مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء الثامن عشر

مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء الثامن عشر, معكم صديقة زاكي الشيف الموهوبة ,كريمة جزائرية

********************

عكفت “ياسمين” مع زميلتها “ولاء” على انهاء التقارير اليومية .. كانت “ولاء” تعمل منذ سنوات فى المزرعة .. فى نفس القسم الذى تعمل به “ياسمين” .. اقتصرت علاقتهما طوال الفترة الماضية على التعاون فى أداء عملهما .. لم تسبب لها “ولاء” أى مشاكل .. ولم يكن أى ملاحظات سلبيه عليها .. كانت فتاة بسيطة مثلها .. تعيش فى نفس القرية الموجود بها المزرعة .. ابتسمت “ياسمين” قائله :

– وأخيراً خلصنا

تمطعت “ولاء” لتريح آلام ظهرها من طول الجلوس قائله بتعب :

– ياه .. النهاردة كان يوم متعب جدا

– معلش .. أدينا خلصنا

قالت “ولاء” بتأفف :

– كتابة التقارير كل يوم حاجه مملة جداً

قالت “ياسمين” وهى تنهض لتحضر حقيبتها :

– معلش بس لازم نكتبهم كل يوم .. أحسن ما نراكمهم لآخر الاسبوع .. يلا سلام أشوفك بكرة

أوقفتها “ولاء” قائله :

– استنى يا “ياسمين” عايزاكى

التفتت اليها “ياسمين” تنظر اليها قائله :

– خير ؟

بدت “ولاء” متردده قليلا .. ثم عزمت أمرها وقالت :

– ممكن نعد نتكلم مع بعض شوية

قالت “ياسمين” بإستغراب :

– آه طبعا

جذبت “ياسمين” كرسي وجلست بجوارها .. ساد الصمت لبرهه .. بدت وكأن “ولاء” تحاول استجماع أفكارها .. فحثتها “ياسمين” قائله :

– خير يا “ولاء” .. فى حاجه خاصه بالشغل

– لأ مش خاصه بالشغل

– أمال خاصه بايه

نظرت اليها “ولاء” وقالت بهدوء :

– خاصه بيكي انتى

قالت “ياسمين” بدهشة :

– بيا أنا

– أيوة

– طيب .. قولى

نظرت “ولاء” اليها قائله :

– هتكلم معاكى بس مش عايزاكى تقاطعيني غير لما اخلص كلامى .. اتفقنا ؟

أومأت “ياسمين” برأسها وهى توليها كل انتباهها .. تحدثت “ولاء” بهدوء قائله :

– أنا شغاله هنا فى المزرعة من 3 سنين .. يعني عارفه الناس اللى هنا كويس .. وأولهم … “عمر”

نظرت اليها “ياسمين” بدهشة .. لكنها لم تقاطعها .. فأكملت “ولاء” قائله :

– زيي زي بنات كتير هنا .. طبعا “عمر” راجل بنات كتير يتمنوه .. بس الموضوع كان تطور معايا أوى .. مبقاش اعجاب أو حلم بشخص … أنا حبيته بجد

قالت جملتها الآخيرة وهى تنظر فى الأرض وكأنها تخجل من هذا الإعتراف .. ثم أكملت قائله :

– هو طبعا مكنش حاسس بيا .. ولا كان شايفنى أصلاً .. لانى طبعاً مش من البنات اللى يجذبوا انتباه واحد زى ده .. وأنا مش من البنات اللى تحاول تجذب انتباه راجل ليها .. حتى لو كنت بحبه وبموت فيه .. وعشان كده حبي فضل محبوس فى قلبي محدش يعرف عنه حاجه .. مبتدتش أفوق من الوهم اللى كنت معيشه نفسي فيه إلا لما عرفت انه خطب .. ما أقولكيش الدنيا اسودت فى عنيا ازاى .. بس حمدت ربنا .. لان ده صحانى وفوقنى .. وحسسنى انى بضيع عمرى وأحلى أيامى فى حب من طرف واحد .. حب ملوش أى مستقبل .. حب أنا الوحيدة اللى بدوق عذابه .. بس كان فى فضول جوايا انى أشوف خطيبته .. وفضلت أسأل نفسي يا ترى شكلها ايه .. يا ترى لبسها ازاى .. يا ترى يا ترى .. وبعد فترة من خطوبته جاب خطيبته هنا المزرعة تقضى كام يوم هى وأهلها .. لما شوفتها عرفت ان حبي ليه مكنش مستحيل بس .. لا ده كان من رابع المستحيلات

صمتت فسألها “ياسمين” قائله :

– ليه ؟

أكملت “ولاء” بنفس الهدوء وهى تنظر الى “ياسمين” :

– بصراحة مش لاقيه وصف مناسب ليها إلا وصف النبي صلى الله عليه وسلم (نساء كاسيات عاريات) .. على أد ما كنت بحبه على أد ما احتقرته أوى .. مش غيره منى عشان خطب غيري .. لأ .. عشان خطب دى بالذات واختار دى بالذات .. هى دى اللى شفها انها زوجه مناسبه له .. اتصدمت فيه بجد .. كنت فاكراه انسان عاقل وناضج .. طلع زى رجاله كتير أوى ما بيجروش الا ورا رغباتهم وبس .. عايز البنت الصارخة الجمال اللى يتباهى بيها وسط الناس .. يعني واحد معندوش أى نخوة .. ومش لاقيه وصف مناسب ليه الا وصف النبي صلى الله عليه وسلم : (ديوث) ..

ارتجف قلب “ياسمين” من هول الكلمة .. أكملت “ولاء” بسخريه :

– طبعا هو كان ماشى معاها وفرحان بيها .. بشكلها وبلبسها اللى هيتقطع من كتر ما هو ضيق عليها .. وماشى معاها فى المزرعة يفرج الناس عليها وكأنه بيقولهم المزة دى خطيبتى

صمتت قليلا ثم قالت :

– عارفه لما شوفتهم مع بعض حمدت ربنا انه كشفه أدامى وشوفت اللى جواه لانى كنت مخدوعه بالظاهر راجل وجدع ومستوى وابن ناس ومتعلم ويعتمد عليه وواثق فى نفسه وشخصية جباره بس عارفه على الرغم من كل ده الا انه انسان سطحى أوى بيهتم بالمظاهر وبس والجواز بالنسبه له واحده حلوة تكون على الفرازه عشان مزاجه وبس لان ده لو بيفكر فى بيت وأسرة وعشرة وأولاد وتربية ومسؤليه وربنا وحساب وجنه ونار مكنش اختار واحده زى دى واتبسطت من اللى هى عملاه فى نفسها حمدت ربنا انه فوقنى من الوهم ده ..

كانت “ياسمين” تستمع اليها فى وجوم .. نظرت اليها “ولاء” وأكملت قائله :

– عارفه أنا عمرى ما خرجت اللى فى قلبي ولا قولت الكلام ده لحد .. بس عارف قولتلك انتى بالذات ليه ؟

نظرت “ياسمين” اليها مستفهمه .. فأكملت قائله :

– لانى حساكى ماشيه فى نفس الطريق اللى كنت ماشيه فيه .. صحيح تصرفاتك محترمه والشهاده لله ما شوفتش أى تصرف أو كلمة غلط صدرت منك .. بس بيبقى واضح أوى على وشك لما بتشوفيه انك حسه بحاجه نحيته

أطرقت “ياسمين” رأسها فى خجل .. فأكملت “ولاء” قائله :

– أنا كنت موجودة فى الاستراحه يوم ما الدكتورة “مها” عملت فيكي الفصل البايخ ده بصراحة “مها” دى مبحبهاش واحتقرتها أكتر من اللى عملته فيكي ابعدى عنها أحسن يا “ياسمين” وكمان “شيماء” متثقيش فيها هى آه مش زى “مها” بس من النوع اللى ما بتنصفش حد يعني معاكوا معاكوا عليكوا عليكوا

صمتت “ياسمين” للحظات ثم سألتها قائله :

– تعرفى ليه خطوبتهم اتفسخت ؟

تنهدت “ولاء” قائله :

– بصراحة لأ .. بس اخر يوم كانوا فيه فى المزرعة كان باين عليهم انهم متخانقين .. و “عمر” كان مضايق جدا .. وهى كمان .. مكنتش راضية تركب جميه وشوفت مامتها بتزقها عشان تركب أدام .. واضح ان فى مشكلة كبيرة حصلت بينهم .. لكن ايه هى الله أعلم

صمتت قليلا ثم قالت :

– فى نفس اليوم “عمر” عمل حادثة بالعربية وهما راجعين القاهرة

هتفت “ياسمين” بدهشة :

– حادثه ؟

– أيوة .. وفى الحادثة دى باباها اتوفى .. وبعدها بفترة عرفنا ان الخطوبة اتفسخت .. بس لحد دلوقتى منعرفش اتفسخت ليه .. بس اللى عرفته ان باباها طلع مديون .. وكل أملاكهم البنك حجز عليها .. حتى الجرايد كتبت عن الموضوع ده لانه كان رجل أعمال كبير

شردت “ياسمين” فى كلام “ولاء” .. فأخرجتها “ولاء” من شرودها قائله :

– وفى حاجه كمان حابه أقولهالك عشان أبقى خلصت ضميري أدام ربنا

قالت “ياسمين” بوهن :

– اتفضلى

أكملت “ولاء” قائله :

– بعد الحادثة وبعد ما الخطوبة اتفسخت .. “عمر” جه واستقر هنا .. وبعد فترة سمعنا اشاعات عنه

قالت “ياسمين” بإستغراب :

– اشاعات ايه ؟

قالت “ولاء” :

-كان فى هنا غفير اسمه “عويس” .. وكانت مراته “صفية” بتشتغل فى بيت المزرعة .. فجأة اختفوا هما الاتنين ومحدش يعرف طريقهم

صمتت قليلاً ثم قالت بشئ من التردد :

– سمعنا ان “عمر” كان على علاقة بـ “صفية”.. و”عويس” اكتشف الموضوع وخد مراته ومشى من المزرعة .. معرفش مشوا بنفسهم ولا “عمر” طردهم .. ومعرفش أصلا القصة دى صح ولا لأ أنا مشوفتش حاجه بنفسي .. بس فى كلام كتير فى الموضوع ده .. احنا هنا فى بلد أرياف وأنا عايشة فى البلد دى والبلد صغيره والكل عارف بعضه .. عشان كده مفيش حاجه بتستخبى

كانت “ياسمين” تستمع اليها وعلى وجهها علامات دهشة ممزوجة بالألم

نظرت اليها “ولاء” فى حنو قائله :

– اللى أنا شيفاه على وشك دلوقتى بيدل على انى كان عندى حق .. وانك فعلا حسه بحاجه نحيته والا مكنش كلامى زعلك كده .. ربنا يعلم انى ماقولتش الكلام ده الا عشان مش عيزاكى تتجرحى .. أو يتلعب بيكى .. خاصة وانى واخده بالى ان “عمر” مهتم بيكي .. وواخده بالى من نظراته نحيتك .. أنا مكنش فى خوف عليا .. لانه مكنش حاسس بيا أصلاً .. لكنى لما حسيت انه بيحاول يقربلك .. خفت عليكي .. قولت لازم أنبهك ..

قامت وحملت حقيبتها قائله :

– أنا مضطرة أمشى دلوقتى عشان اتأخرت .. أشوفك بكرة ان شاء الله

قالت ذلك وغادرت .. وظلت “ياسمين” مكانها شاردة واجمه.

***********************

التف الجميع حول طاولة العشاء فى بيت المزرعة .. ساد الصمت طويلاً .. ظلت “كريمة” ترمق ابنها الجالس أمامها بنظراتها بين الحين والآخر .. قطعت أمه هذا الصمت قائله :

– نسيت أسألك ايه الحرق اللى فى ايدك ده يا عمر

ألقى “عمر” نظرة على الحرق فى يده وتحسسه قائلاً :

– عقاب

قالت بدهشة :

– عقاب

قال بمراره وقد شرد قليل :

– أيوة عقاب .. عقاب من ربنا

قاطعت مدام “ثريا” حديثهم قائله:

– “ايناس” جايه بكرة

التفتت “كريمة” اليها قائله بإبتسامه :

– كويس

قالت مدام “ثريا” بلهجة قوية :

– كانت جايه أصلاً عشان تتعرف على عروسة “عمر” .. بس بما ان الموضوع اتقفل .. هتيجي تعد يومين ونرجع سوا

ترك “عمر” الملعقة من يده بحده ونظر الى عمته قائلاً :

– أنا ما قولتش ان الموضوع اتقفل

توتر الجو .. قالت مدام “ثريا” بحده :

– يعني ايه ؟

نظر اليها “عمر” بحزم قائلاً :

– يعني أنا هتجوز “ياسمين” .. الموضوع متقفلش

ثم نظر الى والدته نظره ذات معنى قائلاً :

– يا هى .. يا مفيش جواز

صاحت عمته غاضبة :

– أنا مش فاهمة انت ليه مصر عليها .. هو اللى خلقها مخلقش غيرها

حاول “عمر” تمالك أعصابه .. لكن كلمات خرجت بحده شديدة :

– أنا مش فاهم انتوا ليه حكمتوا عليها من قبل ما تشوفوها .. مش تشوفوها الأول وتعدوا معاها وبعدين تقرروا هى مناسبه ولا مش مناسبه .. رغم ان القرار ليا بس برده انتوا عيلتى ويهمنى ان العلاقه بينكوا وبين الانسانه اللى اخترها تكون كويسه

قالت أمه ببرود :

– نشوفها أو منشوفهاش ده مش هيغير واقع انها مطلقه

أضافت عمته فى عصبيه :

– وبنت موظف على المعاش يعني لا ليها أصل ولا فصل

قام “عمر” من فوره غاضباً وأزاح كرسيه وقال :

– كفاية لحد كدة سمعت بما فيه الكفاية

خرج غاضباً من البيت وتوجه الى سيارته .. ركب بعصبيه ثم انطلق خارج المزرعة

ساد الصمت فى حجرة الطعام وتوقف الجميع عن تناول طعامهم .. قال “نور الدين ” موجهاً حديثه لزوجته وأخته :

– انتوا ليه مصريين تخسروه ؟

نظرت اليه أخته بحده قائله :

– يعني انت عاجبك اللي ابنك عايز يعمله ده

قال بحده مماثله :

– وهو عايز يعمل ايه .. يتجوز على سنة الله ورسوله .. ايه المشكلة فى كده

ظهرت علامات الغضب على وجه “كريمه” وقالت :

– عايز يتجوز واحده مطلقه

– وايه المشكله يعني ؟ .. طالما شايف انها مناسبه ليه .. وطالما ان جوازتها الأولى كان الغلط من جوزها مش منها .. وكمان جوازها كان شهر واحد زى ما قالنا

قالت “كريمه” بإستغراب:

– يعني انت موافق ؟ .. موافق ان ابنك الوحيد يتجوز واحده كانت متجوزه قبل كده

قال بحزم :

– أيوة موافقه .. لان دى حاجه تخصه هو لوحده ملناش اننا نتدخل فيها .. وابنك راجل مش عيل صغير .. بيدير مجموعة شركات كبيرة فى مصر .. مش هيقدر يدير حياته ؟

قالت “كوثر” فى غضب مكتوم :

– انتوا حريين وافقوا زى ما انتوا عايزين .. أما أنا فمش ممكن أبارك الجوازه دى .. عنده مليون بنت مش لاقى الا دى ويختارها .. ليه من قلت البنات فى البلد .. واحدة زيها تيجي ايه جمب بنتى “ايناس” عشان يسيبها ويبص لبره .. “ايناس” مش عجباه .. والست اللى سبق لها الجواز هى اللى عجباه

نظر اليها “نور الدين” قائلاً ببرود :

– هو حر .. يختار البنت اللى على مزاجه .. اذا كانت البنت دلوقتى مبتتغصبش على الجواز .. هنيجى نغصب الولد

قالت “ثريا” بتعالى :

– ويتغصب ليه .. هى “ايناس” دى فى زيها .. بنت عيله وأدب وأخلاق وجمال ومال وحسب ونسب .. يعني لقطة أى شاب يتمناها

قالت “كريمة” مبتسمه تحاول تلطيف الجو :

– طبعا دى “ايناس” دى ست البنات

قالت لها “ثريا” بتهكم :

– قولى لابنك .. بدل ما يبص بره العيله .. احنا أولى بلحمنا

قالت ذلك ثم انصرفت غاضبه الى غرفتها

دخل “أيمن” الأنتريه وقدم الى “عمر” صنيه موضوع عليها شاى وطبق من الكيك .. ونظر الى صحبه قائلاً :

– دوق بأه الكيك ده .. حاجه كده عمرك ما دوقت زيها فى حياتك

تناول “عمر” رشفه من فنجانه وظل صامتاً .. نظر اليه “أيمن” قائلاً :

– أنا كنت متوقع كده

نظر اليه “عمر” قائلاً :

– انت هتقولى زى “كرم” .. هو كمان كان متوقع كده .. اشمعنى أنا الوحيد اللى متوقعتش كده

أخذ “أيمن” فنجانه ورجع الى الوراء قائلاً :

– للأسف احنا فى مجتمعنا شويه أفكار متخلفة عايزه بنزين وعود كبريت ويتولع فيها .. دايماً يُنظر للمرأة المطلقة بدنيويه كأنها مش زى باقى النساء .. حتى لو سبب الطلاق مش منها .. برده لازم يتبصلها البصه دى .. وكل أم بتبقى هتجنن لو ابنها قال ان عايز يتجوز واحده اتجوزت قبل كده على الرغم ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يتزوج الا واحدة بس بكر وهى أمنا عائشة رضى الله عنها وباقى أمهات المؤمنين كانوا متزوجات قبل كده وأولهم أمنا خديجه رضى الله عنها اللى النبي صلى الله عليه وسلم قال (انى رُزقت حبها)

تمتم “عمر” :

– عليه الصلاة والسلام

تنهد عميقاً ثم قال :

– أنا كمان مكنتش أتخيل فى يوم من الأيام انى ممكن أتجوز واحده اتجوزت قبل كده .. بس بجد حبيتها يا “أيمن” .. كل حاجه فيها عجبانى .. هى دى الزوجة اللى أتمناها فعلاً .. فاكر لما قولتلى انك مش بتدور على زوجة وبس .. انت بتدور على أم لولادك كمان

أومأ “أيمن” برأسه .. فأكمل “عمر” قائلاً :

– أهو انا شايف “ياسمين” مش بس زوجه .. شايفها أم لولادى .. وصاحبه .. وحبيبه .. وأخت .. وصديقه .. وكل حاجه فى دنيتي .. بجد بحبها أوى .. ومش هرتاح الا لما تكون ليا

ابتسم “أيمن” قائلاً:

– ان شاء الله هتكون ليك .. بس انت اصبر شوية .. وبلاش صدام بينك وبين أهلك .. لحد ما يتقبلوا الأمر ان شاء الله ..بس قول يارب

تمتم “عمر” قائلاً :

– يارب .. يارب تكون من نصيبي

*******************

كان يقف يعطى تعليماته لأحد العمال عندما وجدها فجأة تقف أمامه .. صرف العامل ثم توجه ناحيتها قائلاً :

– “نهلة” .. ايه اللى جابك هنا

قالت “نهلة” ببرود :

– عايزة أتكلم معاك

قال لها بتأفف :

– مش فاضى .. عندى شغل

قالت بحده :

– دلوقتى يا “مصطفى”

ثم استطردت قائله وفى عينيها نظره محذره :

– حالاً

ذهبا الى حيث مكتبه وطلب من زميله مغادرة المكتب للحظات .. أغلق الباب ونظر اليها قائلاً ببرود :

– خير فى ايه ؟

نظرت اليه قائله :

– أنا حامل

اتسعت عينا “مصطفى” دهشه وهتف قائلاً :

– نعم ياختى

قالت بحزم :

– بقولك أنا حامل

صمت قليلاً يحاول استيعاب الأمر ثم نظر اليها قائلاً بحده :

– وأنا ايه يضمنلى انك حامل منى أنا .. انتى أصلا واحدة تييييييييييييت .. روحى شوفى مين أبوه أنا مش ممكن أعترف بيه

صاحت “نهلة” بحده :

– آه يا تييييييييييييت .. انت عارف ان محدش لمسنى غيرك

قال بسخرية :

– لا مش عارف .. وأنا ايه يثبتلى كلامك ده

قالت بصرامة :

– بسيطة يا بشمهندس .. تحليل صغير للـ dna يتعمل وفى خلال شهر واحد بتطلع النتيجه

بُهت “مصطفى” .. فأكملت “نهله” قائله :

– ولو رفعت بالتحليل ده قضية هقدر بكل سهولة انى أثبت انه ابنك وأكتبه بإسمك كمان

جلس “مصطفى” فلم تعد قدماه تحملانه .. أخذ يتخيل كلام من حوله عندما تُلطخ سمعته بهذا الشكل .. قال بوهن :

– والمطلوب دلوقتى

قالت “نهلة” بقسوة :

– المطلوب اننا نتجوز

قفز من مقعده صائحاً :

– نعم يا روح أمك

قالت “نهلة” بلهجة تهديد :

– اعملها بمزاجك أحسن من الفضيحة فى المحاكم .. ده غير الفصيحة اللى هعملهالك هنا فى شغلك وعند بيتك .. مش هخلى حد الا ويتف فى وشك

صرخ قائلاً :

– وهتفضحى نفسك انتى كمان

قالت بمراره :

– أنا كده كده خلاص اتفضحت يعني عليا وعلى أعدائي

صمت يحاول استيعاب الموقف .. ثم نظر اليها قائلاً :

– وأهلك هتقوليلهم ايه على الجوازه السريعة دى

قالت بسخريه :

– أهلى ؟ .. انت عارف ان اخواتى كلهم متجوزين وكل واحد فى حاله محدش بيسأل عنى ولا أصلا أفرق معاهم فى حاجه مليش الا أمى ودى ما هتصدق تخلص منى والبيت يفضى عليها هو وجوزها

قال بسخريه :

– مرتبه كل حاجه يعني

نظرت اليه قائله بلهجة تهديد :

– آخر الاسبوع تكون كتبت عليا يا “مصطفى” .. وإلا وديني وما أعبد لهتشوف منى اللى يشيبك قبل أوانك .. وانتى عارف “نهلة” لما بتقول حاجه مبتقولهاش على الفاضى .. بتنفذ على طول

خرجت وتركته يتخبط بين الحيرة والحسرة والندم والغضب

**********************

جلست “ياسمين” فى غرفتها واجمه .. تفكر فيما سمعته من “ولاء” ومن قبلها “شيماء” .. كان عقلها مشتت للغايه .. لكن الشئ الوحيد الأكيد .. هى أنها تريد زوجاً بصفات معينه .. ولن تتنازل فى هذه الصفات أبداً .. فى صباح اليوم التالى ذهبت الى عملها كالمعتاد .. استقبلتها “ولاء” بالإبتسام .. فبادلتها “ياسمين” الإبتسام ..بدأت فى أداء عملها بتركيز وفى صمت .. وفجأة وجدت سيدة تقف أمامها .. كان يبدو من ملابسها أنها سيده راقيه .. لكن لم يعجب “ياسمين” نظرة التعالى التى تتطلع بها اليها .. اقتربت منها المرأة قائله :

– انتى مدام “ياسمين” ؟

قالت “ياسمين” بصوت خافت وهى تشعر بالحيره لمعرفة تلك السيدة بإسمها :

– أيوة أنا “ياسمين”

نظرت المرأة اليها من رأسها الى أخمص قدميها وكأنها تتفحص جاريه فى سوق الجوارى احمرت وجنتا “ياسمين” من الغضب .. وعادت الى اكمال عملها متجاهله تلك المرأة التى ترمقها بنظرات وقحه .. اقتربت منها المرأة أكثر قائله :

– أنا عمت “عمر الألفى ”

نظرت اليها “ياسمين” بدهشه وقد صدمت عندما علمت بشخصيتها .. أكملت مدام “ثريا” بنبره متعاليه :

– جيت أشوف البنت اللى “عمر” عايز يدخلها عيلتنا

احمرت وجنتا “ياسمين” مرة أخرى لكن هذه المرة خجلاً .. وابتسمت لمدام “ثريا” قائله :

– أهلا وسهلاً بحضرتك .. نورتى المزرعة

قالت مدام “ثريا” بنفس النبرة المتعاليه :

– اللى عرفناه من “عمر” .. ان انتى ووالدك وأختك بتشتغلوا هنا فى المزرعة

أومأت “ياسمين” برأسها قائله :

– أيوة فعلا

– طيب أنا هتكلم معاكى من الآخر .. لان طبعى انى واضحه وصريحه ومبحبش اللف ولا الدوران

شعرت “ياسمين” بالقلق .. قالت :

– اتفضلى

قالت مدام “ثريا” بهدوء وحزم :

– طبعا انتى عارفه مين هو “عمر” .. وهو ابن مين .. وعنده ايه .. وان بنات كتير أوى يتمنوه .. ومش أى بنات .. بنات لهم حسب ونسب .. يعني بنات متتعيبش .. ومن نفس مستواه المادى والإجتماعى .. انتى بأه شايفه انك هتكونى زوجه مناسبه لواحد زى “عمر” .. يعني شايفه نفسك زوجك يتشرف بيها وهو بيقدمها للناس .. ولا يتكسف منها ومن عيلتها

انفجرت الدماء فى أوردة “ياسمين” فصار وجهها مثل الجمرة المشتعله .. كانت تشعر ببركان ثار بداخلها لوقع تلك الكلمات عليها .. لكنها راعت أنها تتحدث الى سيدة فى عمر والدتها رحمها الله .. فقالت بصوت حاولت أن تجعله هادئاً بقدر الإمكان :

– أنا مش شايفه حاجه تعيبنى أو تعيب عيلتى .. والانسان اللى هتجوزه لو محسش انى أشرفه .. يبقى ميلزمنيش أصلاً

ابتسمت مدام “ثريا” بسخريه .. ثم قالت :

– طبعا انتى عارفه ان “عمر” كان خاطب قبل كده

أومأت “ياسمين” برأسها فى صمت .. فأكملت قائله :

– هى وأهلها كانوا طمعانين فى “عمر” .. وفضلت البنت تلف عليه وتعمل المستحيل عشان الجوازه دى تتم لحد ما كشفها على حقيقتها .. وفسخ الخطوبه

أخرجتها مدام “ثريا” من حيرتها عندما أخبرتها بسبب فسخ الخطوبة .. لأن هذا الأمر ظلت تفكر فيه كثيراً .. أكملت مدام “ثريا” قائله بشئ من الكبر :

– عشان كده لازم المرة دى لما ييجى يختار .. يختار صح .. وكلنا لازم نشاركه الاختيار ده .. لان البنت اللى هيتجوزها هتشيل اسم عيلتنا اللى طول عمرها فى السما

نظرت اليها “ياسمين” بشفقه .. نعم بشفقه فلقد تذكرت حديث النبي صلى الله عليه وسلم ” لن يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال ذره من كبر” .. أكملت مدام “ثريا” قائله :

– اللى عايزه أقوله .. انى شايفه انك اخر واحده ممكن تكونى مناسبه لعيلة “الألفى” .. انتى واحدة كويسة وأكيد هتلاقى انسان كويس زيك له نفس ظروفك ومن نفس مستواكى

شعرت “ياسمين” بالعبرات تحاول أن تجد الطريق لعينيها .. لكنها أوقفتها بحزم .. لن تسمع لتلك المرأة المتغطرسة أن ترى تأثير كلماتها المسمومة عليها .. قالت “ياسمين” بصوت مرتجف :

– أنا لسه مدتش قرار فى الموضوع ده

قالت “ثريا” بسخرية :

– هو فى واحده عاقله تقول لـ “عمر” لأ

شعرت “ياسمين” بمزيد من الحنق .. فأكملت ثريا :

– أنا بس حبيت أنصحك .. الفرق بينك وبين “عمر” هيدمر حياتكوا بعد كده .. هو ممكن يكون بيحبك دلوقتى .. بس بعد الجواز الحب بيضيع والحاجات التانية هى اللى بتظهر .. ساعتها هيندم على اختياره .. وعلى تسرعه .. وهيعرف انكوا مش مناسبين لبعض .. أنا بقولك الكلام ده لان أكيد انتى مش عايزه تكونى مطلقة للمرة التانية

شعرت “ياسمين” وكأنها تلقت صفعة قوية على وجهها .. الآن لم تعد تستطيع كبح جماح عبراتها التى أخذت تتجمع فى عينيها مهدده بالسقوط فى أى لحظه .. علمت مدام “ثريا” أنها لمست وتراً حساسا .. فأكملت بقسوة :

– هو ده اللى هيحصل بعد ما يفوق من النزوة اللى هو فيها .. ويقارن بينك وبين البنات اللى حوليه .. زي بنتى “ايناس” مثلا .. هى جايه المزرعة بعد شوية لما تشوفيها هتعرفى نوعية البنات اللى فعلاً مناسبه لـ “عمر”

صمتت قليلا ثم قالت بإبتسامه مصطنعه :

– انتى شكلك بنت طيبة وتستاهلى كل خير .. بس عشان مترجعيش تندمى لازم تفكرى كويس .. وشكلك كمان عاقلة وعشان كده أنا واثقه انك مش هتجيبى سيره ل “عمر” عن كلامى معاكى .. انا اتكلمت عشان مصلحتكوا انتوا الاتنين .. ولو احتجتى حاجه فى أى وقت عرفيني

أنهت كلامها ثم استدارت وانصرفت .. شعرت “ياسمين” بالألم يغزو قلبها .. وبنفسها يضيق .. وسمحت لدموعها أخيراً بالسقوط .. لم تتعرض لمثل هذه الإهانه من قبل .. شعرت وكأنها كانت تقف أمام تلك المرأة عاريه كيوم ولدتها أمها .. شعرت بأن هذه المرأة توجه الى قلبها وروحها طعنات حاده غير مباليه بتأثير تلك الطعنات عليها .. شعرت بأنها تختنق .. أخذت نفساً عميقاً تحاول به ايصال الهواء الى رئتيها .. لكن هيهات .. مازالت تشعر أن الدنيا تضيق وتضيق حتى أطبقت على أنفاسها .. أخرجها صوت “ولاء” من شرودها :

– “ياسمين” مالك

نظرت اليها “ياسمين” والكلمات محبوسه فى حلقها

قالت لها “ولاء” بلهفه :

– ايه مالك .. تعالى اعدى جوه طيب .. هى عمت “عمر” قالتلك ايه ضايقك كده

تركتها “ياسمين” ومشت فى طريقها وصلت الى حيث يعمل والدها فنادته .. أقبل والدها .. فقالت له بحزم :

– قول للبشمهندس “عمر” انى رفضته

بهت “عبد الحميد” وقال :

– ليه يا بنتى كده ده راجل كويس ميتعيبش

قالت “ياسمين” بصوت متهدج :

– أرجوك يا بابا متضغطش عليا

ثم تساقطت عبرة من عينيها وهى تنظر اليها قائله :

– ولا هتغصبنى عليه زى “مصطفى” ؟

بدا التأثر على وجه “عبد الحميد” وقال :

– لما الولاد بيغلطوا الأب بيسامح .. لكن لما الأب بيغلط ولاده بيكونوا فاكرين غلطته ومبينسوهاش أبداً

نظرت الى والدها بتأثر قائله :

– أنا آسفه يا بابا مكنش قصدى أزعلك .. أنا بس مضايقه شوية ومش عارفه أنا بقول ايه .. حقك عليا

– خلاص يا بنتى محصلش حاجه .. ومادمتى مش عايزاه خلاص .. دى حياتك مش هغصبك على جواز تانى أبداً

ابتسمت له قائله :

– ربنا يخليك ليا يا بابا .. وبعد اذنك أنا هروح ل “سماح” أعد معاها شوية

– ماشى يا بنتى بس متتأخريش .. وخلىب الك من نفسك

ذهبت لدكتور “حسن” واستأذنته فى الانصراف لأنها تشعر بتوعك .. فقال لها :

– لا سلامتك ألف سلامه .. احنا اصلاً النهاردة يعتبر مفيش شغل كتير .. مفيش مشكلة روحى ارتاحى

شكرته قائله :

– شكراً يا دكتور

غادرت واتصلت بـ “سماح” قائله :

– “سماح” انتى فاضيه النهاردة

– آه فاضية خير هتيجى ؟

– لو مكنش يضايقك .. حسه انى مخنوقه ومحتاجه اتكلم مع حد

– طيب يا حبيبتى منتظراكى ومتقلقيش “أيمن” هيتأخر النهاردة مش جاى الا بالليل

– خلاص أنا خارجه أركب حالا

أثناء سيرها فى اتجاه البوابه .. ومن بعيد .. رأت سيارة تدلف الى داخل المزرعة .. توقفت “ياسمين” .. رات فتاة تنزل من السيارة .. فتاة جميلة ذات شعر طويل ترتدى ملابس أنيقة ضيقه عارية الساقين .. تفحصتها “ياسمين” وهى تسأل نفسها تُرى هل هى تلك الفتاة المدعوة “ايناس” والتى حدثتها مدام “ثريا” عنها .. كادت أن تهم بالإنصراف لكنها وجدت “عمر” يخرج من البيت ويذهب فى اتجاه تلك الفتاة .. و …. كانت المفاجأة التى عصفت بكل كيان “ياسمين” .. ألقت الفتاة نفسها بين ذراعيه وقبلته على وجنتيه بدون أدنى خجل أو حياء .. شعرت “ياسمين” بسكين حاد يُغرس فى قلبها .. نظرت الى “عمر” لتتبين رد فعله .. لكنها وجدت ملامحه عاديه .. وكأن هذا هو الطبيعى والمعتاد .. وكأن مس امرأة لا تحل له أمراً عاديا بالنسبه له .. وكأن تلك الأمور أصبحت عادية لمجرد أنها ابنة عمته .. كانت الفتاة تنظر اليه مبتسمه ضاحكه تتحدث وتتحدث .. وهو واقف يستمع ويتحدث .. تجمعت الدموع فى عينيها فرأت بصعوبة الفتاة وهى تدلف الى الداخل .. أما “عمر” فتوجه الى سيارته وانطلق بها خارج المزرعة.

*******************

جلست “سماح” بجوار “ياسمين” تنظر اليها فى صمت .. نحدثت “ياسمين” قائله :

– عارفه .. من كتر ما أنا حسه بألم جوايا .. حسه انى متخدره وعامله زى المشلوله اللى مش قادره تتحرك .. أنا كنت فاكره انى خلاص هفرح زى باقى البنات .. وهرجع ابتسم وأضحك من قلبي تانى .. لما بابا قالى انه اتقدملى .. فرحت أوى .. مكنتش مصدقه .. كنت فرحانه أوى .. كنت حسه ان قلبي طاير .. كنت بفكر بسطحيه أوى .. انا زى “ولاء” فكرت فى القشرة بس ..

قاطعتها “سماح” قائله :

– “عمر” مش وحش يا “ياسمين”

نظرت اليها “ياسمين” قائله بمراره :

– احنا مننفعش بعض يا “سماح” .. مش عارفه ازاى انا كنت عاميه كده .. هو واحد اتربى بطريقه غير اللى أنا اتربيت بيها .. واحد مبادئه وافكاره وحياته كلها مختلفه تماماً عنى .. مفيش أى تكافؤ بينا يا “سماح” .. عمته كانت معاها حق .. بعد ما الحب ده يضيع مش هيلاقى حاجه تخليه يتمسك بيا .. هيعرف ساعتها اننا مكناش مناسبين لبعض .. “سماح” أنا طول عمرى عايزه واحد يتقى ربنا فيا .. واحد أنا وهو نعين بعض .. ونقرب من ربنا سوا .. ونبنى بيتنا سوا ونربى ولادنا تربيه صح .. ونكون قدوة حسنه ليهم .. ازاى اختارلهم أب .. بيستحل حرمات ربنا بالشكل ده

قاطعها “سماح” مرة أخرى قائله :

– بصى اللى أنا أعرفه انه هو وبنت عمته وأخوها متربيين مع بعض وزى الاخوات .. يعنى هما واخدين على بعض اوى يعنى …

قاطعتها “ياسمين” بحده :

– انتى مقتنعه باللى انتى بتقوليه ده .. اللى يغلط غلطه صغيره يغلط غلطة كبيرة يا “سماح” .. مابالك وهو اصلا مش شايف انه بيغلط ..

صمتت قليلا ثم هتفت باكيه بصوت متقطع :

– “مصطفى” لما خانى كان عارف انه بيخونى .. أما ده الخيانه عنده عادى .. هيخونى وهو أصلا مش حاسس ان دى خيانه .. واحد عايش فى عالم غير اللى أنا عايشة فيه وغير اللى انا متربيه عليه .. بكرة لما نتجوز يقولى اقلعى الحجاب زى بنت عمتى وزى خطيبتى القديمة .. بكرة يلبسنى زيهم .. وسلمي على الرجاله زيهم .. وأبقى خسرت ديني ودنيتى .. بتقولى انه مش وحش .. طيب لو هو مش وحش اختار واحدة بالشكل اللى وصفتهولك ليه عشان تكون خطيبته ؟ .. ها .. وبعدها يختارنى انا ….

قلت “سماح” :

– بس هو دلوقتى اختارك انتى يا “ياسمين”

قالت بمراره :

– هو مفرقش اى حاجه عن “مصطفى” .. “مصطفى” اختارنى لانه عايز واحده يحطها فى البيت زى اى كرسي فى البيت ويبقى واثق فيها وفى اخلاقها .. وهو بره يعمل اللى على مزاجه .. و”عمر” زيه اختارنى لنفس السبب ..

قالت والدموع تتساقط من عنينيها :

– لما “مصطفى” خانى يا “سماح” الألم كنت حساه فى كرامتى .. لكن لو “عمر” خانى …..

تعالى صوتها فى البكاء قائله قائله :

– الألم هيكون فى قلبي .. وأنا مش هقدر أتحمل ده

هدئتها “سماح” قائله :

– وانتى ايه اللي يخليكى تفكرى انه هيخونك يا “ياسمين”

قالت “ياسمين” بحزم من بين دموعها :

– لان حياته غلط وعيشته غلط .. وتصرفاته غلط .. هو واحد مبيخفش من ربنا وبيعمل الغلط عيني عينك كده أدام الناس .. اللى يعمل حاجه صغيره ببجاحه كده يعمل الكبيرة يا “سماح”

صمتت قليلا ثم قالت :

– وبعدين مش دى المشكلة الوحيده .. المشكلة انى اكتشفت انى فعلا انه مينفعنيش .. ده واحد هينزلنى معاه لتحت .. وأنا عايزه واحد ياخد بايدي ونطلع سوا .. عايزه واحده له نفس مبادئي نربي ولادنا على مبادئ واحدة وقيم واحدة وافكار واحدة .. مش أنا ابنى وأبوهم يهد ..

ثم قالت بوهن :

– مش عايزه أطلق تانى يا “سماح” كفايانى جرح واحد .. مش هقدر أتحمل جرح تانى .. مش هقدر أخاطر تانى .. أنا معنديش أى ثقه في “عمر” .. زى ما كان معنديش أى ثقه فى “مصطفى”

نظرت لها “سماح” بحزن قائله :

– طيب فكرى تانى .. واستخيرى تانى

نظرت اليها “ياسمين” قائله بحزم :

– أنا استخرت .. وفكرت كويس .. الراجل الى هختاره زوج ليا هختاره بقلبي وعقلى .. مش بقلبي بس .. ولا بعقلي بس .. لازم الاتنين يوافقوا عليه .. لازم يتشرف بيا وسط عليته ووسط الناس .. أنا مش واحدة من الشارع زى ما عمته حاولت تفهمنى .. أنا بنت ناس .. صحيح ناس فقرا .. بس محترمين ونعرف ربنا .. هى فاكرة انى مش هقدر ارفض “عمر” وقالتهالى وش كده ان مفيش بنت تقول ل “عمر” لأ .. بس أنا هقول لأ .. أنا وعمر مستحيل نكون لبعض .. ده آخر واحد ممكن أوافق انى أتجوزه

************************

توجه “عبد الحميد” الى مكتب “عمر” طرق الباب فسمه صوت “عمر” بالداخل :

– اتفضل

دخل “عبد الحميد” فهب “عمر” واقفاً واستقبله بابتسامه قائلاً :

– اتفضل يا عم “عبد الحميد” .. اتفضلى اعد

قال “عبد الحميد” فى وجوم :

– تسلم يا بشمهندس بس أنا جاى أقولك كلمتين وهمشى عشان ورايا شغل

وقفت “عمر” أمامه مبتسماً ونظر اليه قائلاً :

– خير .. اتفضل

تنهد “عبد الحميد تنهيدة حسرة وبدا متردداً وقال دون أن ينظر اليه :

– بنتى رفضتك يا بشمهندس

وقع الخبر كالصاعقة على رأس “عمر” .. اختفت ابتسامته شيئاً فشيئاً حتى تلاشت تماما .. صمت وهو يحاول استيعاب ما سمع .. فنظر اليه “عبد الحميد” قائلاً :

– أنا مش ممكن أغصبها مرة تانية .. جوازتها الأولى كانت غصب عنها .. وحلفت بعدها انى عمرى ما هعمل كده فى بنت من بناتى

صدم “عمر” للمرة الثانية فى أقل من دقيقة .. عندما علم أن زواج “ياسمين” كان رغماً عنها

نظر اليه “عبد الحميد” بأسف قائلاً :

– أنا آسف يا بشمهندس

ثم استدار وانصرف .. جلس “عمر” على أقرب مقعد وهو مازال تحت تأثير صدمة رفضها اياه.

*************************

حضر المأذون والشهود فى بيت “نهلة” .. لم يحضر أى من اخوتها .. فقط أمها وزوجها .. بدأ المأذون فى مراسم الزواج .. وهنا قال “مصطفى” للمرة الثانية :

– قبلتُ زوجها.

عرض التعليقات (2)