فارس بلا جواد الكاتبة بنوتة اسمرة الحلقة الثالثة

13 4٬709
 

فارس بلا جواد الكاتبة بنوتة اسمرة الحلقة الثالثة

فارس بلا جواد الكاتبة بنوتة اسمرة الحلقة الثالثة

فارس بلا جواد الكاتبة بنوتة اسمرة الحلقة الثالثة

فارس بلا جواد الكاتبة بنوتة اسمرة الحلقة الثالثة , معكم صديقة زاكي الشيف الموهوبة ,

الفصل الرابع

صلوا على رسول الله

– انتى اتجننتى يا “آيات” .. ازاى هتطلعى الرحلة باباكى مستحيل يوافق ؟

صمتت “آيات” وهى تنظر الى صديقتها وبدا وكأنها تشعر بتردد كبير .. فهتفت “أسماء” :

– “آيات” ردى عليا

قالت “آيات” بشئ من الخجل :

– بابا مش هيعرف انى هطلع الرحلة دى

قالت “أسماء” بدهشة :

– ازاى يعني مش هيعرف ؟

قالت “آيات” بعزم وإصرار :

– هقوله انى بايته عندك عشان نذاكر للإمتحانات ……

نظرت اليها “أسماء” بصمت .. فقالت “آيات” تبرر لنفسها قبل أن تبرر لـ “أسماء” :

– أعمل ايه يعني مش قدامى حل غير كده .. مفيش فرصة تانية ممكن يشوفنى ويتعرف عليا .. عنده 300 بنت فى الدفعه ايه اللى هيخليه ياخد باله منى أنا بالذات

قالت “أسماء” ساخرة :

– أمال راح فين أنا مش هلفت انتباهه مش هضربه على ايده عشان يحبنى

قالت “آيات” بحده :

– أنا مش هحاول أقرب منه ولا هلفت انتباهه أنا بس هكون موجوده معاه فى مكان واحد .. حس بيا حس .. محسش خلاص

أومأت “أسماء” برأسها وقالت بلامبالاة :

– حتى لو حاولتى تلفتى انتباهه أنا شايفاها حاجة عادية مفيهاش حاجة

قالت “آيات” بحماس وهى تخرج مع صديقتها من الكلية :

– يلا عشان عندنا حاجات كتير لازم نحضرها قبل معاد الرحلة

اشترت “آيات” ملابس جديده من أجل الرحلة .. لتظهر بأفضل مظهر أمام “آدم” عله يتلفت اليها ويدق قلبه بحبها ..كانت متحمسة للغاية وسعيدة للغاية .. لم يعكر صفو

تلك السعادة سوى الإحساس بالذنب الذى تشعر به كل حين وآخر .. بسبب اضطرارها الكذب على والدها .. كادت أن تتراجع عن الفكرة ككل .. لكنها تذكرت أن هذه هى فرصتها

الوحيدة حتى يراها “آدم” بعيداً عن العلاقة الأكاديمية التى تجمعهما .. أقنعت نفسها قائله :

– أنا مش هعمل حاجة غلط .. أنا بس هكون موجودة فى الرحلة .. وزيها زى أى رحلة .. مش هحاول أكلمه .. ولو اضطريت أكلمه هتكلم عادى .. لكن أنا مستحيل أقوله مشاعرى

نحيته . .لازم تيجيى منه هو .. أنا مش هعمل حاجه غلط .. مجرد رحلة

ظلت تردد تلك الكلمات الى أن اقتنع بها ضميرها وراح فى سبات عميق

**************************************

كانت “إيمان” فى هذا اليوم تشعر بتوتر بالغ فهذا هو اليوم الموعود .. اليوم الذى سيتصل بهم العريس ليعرف ردهم ويعلمهم برده .. استخارت الله كثيراً ودعته أن

يبيض وجهها أمام عائلتها .. وألا يضيف جرحاً آخر لحياتها التى امتلأت على آخرها بجروحاً وشروخاً وكدمات !

رن جرس الهاتف فإنتفضت فى وجل .. دخلت غرفتها لتجلس على فراشها فى توتر .. ضمت كفيها الى بعضهما البعض أمام وجهها وهى تردد :

– يارب مفيش حاجة وحشة تحصل .. يارب

دقائق مرت كالسنوات .. قبل أن ينفتح الباب .. بمجرد أن طالعت وجه والدتها الحزين وعلامات الأسى على وجهها حتى علمت الرد .. الرد الذى توقعته قبل أن يغادر بيتهم

.. الرد الذى تسمعه دائماً .. والذى أصبح أمر مسلم به .. رفضهـــا .. حاولت حبس عبراتها .. فلا ينقصها الآن سوى شفقة والدتها .. لكنها لم تستطع .. انفجرت فى

بكاء مرير .. أغلقت أمها الباب وجلست بجوارها وأخذتها بين ذراعيها قائله :

– يا بنتى وحدى الله .. بكرة ربنا هيبعتلك نصيبك لحد عندك

ثم قالت لتحاول أن تخرجها من حزنها :

– وبعدين أصلاً مكنش عاجبنى كان اتم كده وبارد ودمه تقيل

هبت “إيمان” واقفة والعبرات تغرق وجهها وهى تصيح بغضب :

– كفاية بأه كفاية .. مش عايزة أتهان أكتر من كده .. كل مرة تجيبولى عريس ويرفضنى .. كل مرة أطلع أدامه أكنى بعرض نفسي عليه ويايشترى ياميشتريش .. كفاية بأه

ارحمونى أنا معدتش هقابل عرسان تانى .. ريحى نفسكوا بأه

وقفت أمها فى مواجهتها وهى تقول :

– انتى اتهبلتى فى عقلك يا بت انتى

قالت “إيمان” بصوت باكى :

– افهمى بأه وكلكوا افهموا مفيش واحد هيبص لواحدة زيي

ضربت أمها على صدرها وهى تقول :

– ليه ان شاء الله ناقصة ايد ولا ناقصة رجل ده انتى زى الفل

هتفت “إيمان” وهى تهزى من الغضب :

– مش شايفة أنا عامله ازاى .. مين هيرضى يتجوز واحدة شوال زيي

ثم فتحت دولابها بعصبيه وأخرجت ملابسها والقتها أرضاً وهى تصيح :

– بصى شوفى مقاسى كام .. عمرى ما دخلت محل إلا وألاقى البنت تقولى معلش يا مدام مقاسك مش عندنا .. مين هيرضى يتجوز واحدة زيي

انهارت على الأرض باكية فوق الملابس التى ألقتها أرضاً .. صاحت أمها وهى تغادر الغرفة :

– بت مجنونة صحيح .. لما يجيى أبوكى يبقى يشوفله صرفه معاكى

ثم أغلقت الباب خلفها بقوة

*****************************************

جلست “ساندى” مع صديقاتها فى النادى لتقول بتفاخر :

– طبعاً يا بنتى هو يقدر ميجيش .. اسألى “ريم” هى اللى شفته

قالت “ريم” صديقتها :

– أها دخل الحفلة من هنا والبنات كلها كانوا هياكلوه بعنيهم .. بس سابهم كلهم وأعد مع “ساندى”

ابتسمت “ساندى” وقالت بتعالى :

– وكمان جبلى هدية عيد ميلادى

قالت أحدى الفتيات بخبث :

– طب ايه ؟

ضحكت “ساندى” قائله :

– ايه ايه يا بنت انتى

قالت الفتاة :

– يعني أنا شيفاه مهتم .. حفلة عيد الميلاد .. وهدية .. وكمان رجع فى كلامه وسمحلك تحضرى المحاضرات .. أكيد كل ده مش لله وللوطن

قالت “ساندى” بدلال :

– الله أعلم

قالت فتاة أخر :

– هتطلعى الرحلة يا “ساندى” ؟

قالت “ساندى” :

– أهاا طبعا طالعاها

قالت الفتاة بخبث :

– من امتى بتطلعى رحلات تبع الجامعة .. من أول سنة وانتى بتطلعى تبع النادى ومبترضيش تطلعى معانا

قالت “ساندى” بلؤم :

– المرة دى هطلع

قالت الفتاة ضاحكة :

– ايه هو اللى طلب منك ولا ايه ؟

قالت “ساندى” كاذبه :

– أيوة قالى ياريت تطلعيها يا “ساندى”

ضحكت الفتاة قائله :

– ده شكل دكتور “آدم” وقع ولا حدش سمى عليه

تعالت ضحكات الفتيات حول “ساندى” التى كانت فى قمة سعادتها لأنها محور حديث الفتيات .. و سبب غيرتهن

*************************************

جلس “آدم” فى غرفته أمام حاسوبه يتصفح بتململ .. طرقت أمه الباب فأذن لها بالدخول .. دخلت وقدمت له كوب من الشاى فقال بعبوس :

– شكراً يا ماما

ثم عاد لمطالعة حاسوبه وقد بدا شارداً حزيناً .. فوجئ بأمه تجذب احدى المقاعد وتجلس بجواره .. نظر اليها ففهم أنها على وشك القاء محاضرة أخرى عليه فزفر بضيق

وعاد ينظر الى حاسوبه مرة أخرى .. فقالت أمه :

– مش هكلمك فى الموضوع اللى كل شوية أكلمك فيه .. انا هكلمك فى حاجة تانية خالص

لم يبى “آدم” أى رد فعل فقالت أمه بعتاب :

– سبت الصلاة ليه يا “آدم” ؟

بدا وكأنه بوغت بالسؤال .. ظل ملتزماً الصمت فقالت أمه بأسى :

– ليه يا ابنى كده .. ده هى الحاجة اللى بتعصمك من الشيطان .. ليه تسيب الصلاة وهى عماد الدين يا ابنى .. ودى أول حاجة هتتسأل عنها فى قبرك .. لو كنت بتصلى

وربنا قبل صلاتك هينظر فى عملك .. أما لو مكنتش بتصلى أو ربنا مش قابل صلاتك عملك كله هيضيع يا ابنى مهما كانت أعمالك دى كويسه .. طالما مفيش صلاة .. يبأه كل

أعمالك دى هتضيع على الأرض

أطرق “آدم” برأسها دون أن يجيب .. فأكملت وقد اغرورقت عيناها بالعبرات :

– أنا خايفة عليك يا “آدم” .. خايفة عليك أوى

ثم قالت :

– ده ربنا قال إن من صفات المنافقين ” وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاَةِ قَامُوا كُسَالَى ” .. فما بالك باللى مبيصليش خالص

ثم قالت بحنان :

– تعرف يا “آدم” ان الصلاة هى الطاعة الوحيدة والفرض الوحيد من فرائض الاسلام اللى ربنا عرِج بنبيِّه إلى فوق السماء السابعة وفرض عليه الصلاة من فوق سبع سماوات

.. فرضها خمسين صلاة .. كل يوم خمسين صلاة .. لكن النبي صلى الله عليه وسلم طلب من ربنا انه يخففهم لخمسه بس فربنا استجاب له .. وبقت خمسة فى العدد وخمسين فى

الأجر والثواب .. أما باقى الفرائض والعبادات سيدنا جبريل كان بينزل للنبى ويوحى له بيها .. شوفت بأه الصلاة مكانتها مهمة ازاى عند ربنا

تنهد “آدم” وعقد ما بين حاجبيه وهو مازال ينظر الى الحاسوب أمامه .. فنظرت اليه أمها وقالت باكية :

– يا “آدم” النبي قال “بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ” .. أنا خايفة عليك يا ابنى

أجهشت فى بكار حار .. التفت “آدم” ينظر اليها وقد اغرورقت عيناه بالعبرات .. مد يده وهم بأن يضعها على أمه ليخفف حدة بكائها .. لكنه قام فجأة بعصبيه وحمل هاتفه

وغادر البيت .. جلست أمه فى مكانها تكفكف دمعها وهى تدعو من اعماق قلبها :

– يارب اهديه ونور بصيرته

***************************************

جلست “إيمان” تشاهد التلفاز حاملة علبة حلاوة كبيرة تأكل منها بنهم شديد وعلامات الوجوم على وجهها .. اقتربت منها أمها هاتفه بحده :

– وترجعى تقولى تخينة وأد الشوال .. حد يعمل عملتك السودة دى

قالت “إيمان” بحدة :

– ايه أموت من الجوع يعني

قالت أمها بعصبيه :

– ما قولناش تموتى من الجوع بس اهتمى بأكلك شوية .. اعملى رجيم .. مش طول ما انتى أعده وانتى عماله تلغى كده

تركت “إيمان” علبة الحلاوة بعصبية وصاحت قائلاً :

– مش طافحة

دخلت غرفتها وأغلقت الباب بعصبيه وجلست على فراشها وقد تركت العنان لعبراتها .. ثم قالت بغضب وهى تلقى بالوسادة أرضاَ :

– مش عايزة أعجب حد أصلاً .. محدش له دعوة بيا

****************************************

جلست “ساندى” تطالع الحساب الشخصى لـ “آدم” على الفيس بوك .. اتسعت ابتسامتها فى سعادة عندما قبل طلب اضافتها لقائمة أصدقائه .. بدأت المحادثة قائله :

“ساندى” : هاى دكتور

“آدم” : هاى “ساندى”

– ازيك عامل ايه

– بخير ازيك انتى

– تمام .. عرفت انك طالع مشرف على رحلة العين السخنة

– أيوة

– مفاجأة حلوة .. على فكرة أنا طالعه الرحلة

– كويس .. طلعتيها قبل كده

– يوووه كتير بس مش تبع الجامعة .. بحس رحلات الجامعة مملة ومش بكون فيها على راحتى

-معايا مش هتكون مملة

-هههههههه اكيد طبعا .. متشوقة للرحلة أوى .. وأعرف أماكن كتير حلوة ممكن نزودها للبروجرام هبقى أقولك عليها يوم الرحلة

– خلاص اتفقنا.. باى دلوقتى نتكلم بعدين

– باى دكتور

ابتسمت “ساندى” ثم هبت واقفة وفتحت دولاب ملابسها وأخذت تفكر كيف تستعد لتلك الرحلة .. والأهم .. كيف تجعل “آدم” لا يرى سواها فى هذه الرحلة

**************************************

كانت “آيات” واقفة أمام المكتبة تصور بعض الأوراق فأقبلت “أسماء” من خلفها وقبلتها قائله :

– سورى اتأخرت عليكي يا “يويو”

هتفت “آيات” بحنق :

– اتأخرتى كده ليه .. بقالى ساعة واقفة أصور فى ورقى وورقك

قالت “أسماء” وهى تتفحص الأوراق التى فى يد “آيات” :

– شوية بنات وقفت أتكلم معاهم .. بنستعد للرحلة

ثم التفتت تنظر الى “آيات” قائله :

– على فكرة “ساندى” طالعة الرحلة

قالت “آيات” بلامبالاة :

– ما تطلع

قالت “أسماء” بتردد :

-بصى فى حاجة كدة عرفتها .. مش عارفه أقولهالك ولا لأ

التفتت اليها “آيات” قائله :

– قولى طبعا حاجة ايه ؟

ترددت “أسماء” قائله :

– خايفة تضايقي

قالت “آيات” بقلق :

– قولى يا “أسماء” قلقتيني

قالت “أسماء” بتهكم :

– دكتور “آدم” حضر عيد ميلاد “ساندى” من كام يوم فى بيتها وجبلها هدية كمان

اتسعت عينا “آيات” من الدهشة وهى تمتم قائله :

– ازاى يعني .. ده طردها أدامنا من المحاضرة

مطت “أسماء” شفتيها قائله :

– معرفش يختى .. ده اللى سمعته

قالت “آيات” بعدم تصديق :

– أكيد اشاعة

قالت “أسماء” بتأكيد :

– لا يا بنتى مش اشاعة أنا كنت واقفة مع “ريم” والبنات وعرفت كمان انه طلب منها انها تطلع الرحلة دى

شعرت “آيات” بحزن شديد .. واغرورقت عيناها بالعبرات وقالت وهى تحاول أن ستتجمع رباطة جأشها :

– خلاص انسى أنا مش عايزة أطلع الرحلة

هتفت “أسماء” بحده :

– انتى غبية يا “آيات” هتسيبيلها الجمل بما حمل

التفتت “آيات” تنظر الى “أسماء” بحيرة وضيق قائله :

– أمال أعمل ايه يعني .. خلاص هو طالما بيحبها خلاص ربنا يهنيهم

هتفت “أسماء” بحدة أكثر :

– يا بنتى هتجننيني .. بطلى شغل العبط بتاعك ده .. أنا لو منك هروح الرحلة وأدب صوابعى فى عنيها أحاول ألفت انتباهه وأخليه يسيبها ويجيلى على ملا وشه

قالت “آيات” بكبرياء :

– أنا مش هعمل كده .. مش هلفت انتباهه .. هو لو محسش بيا من نفسه خلاص .. انا كنت طالعة الرحلة بس عشان بس أديله فرصة للكلام لو هو حابب يتكلم معايا .. لكن

طالما مهتم بـ “ساندى” فخلاص هو حر

قالت “أسماء” بغيظ :

– يا بنتى ومين قالك انه مهتم بـ “سادى” أصلاً .. مش يمكن كدبت وقالت للبنات انه طلب منها تطلع الرحلة .. عايزة ترسمى نفسها يعني

صمتت “آيات” وهى تشعر بالحيرة .. فقالت “أسماء” :

– لازم تطلعى الرحلة دى .. عشان حتى تعرفى آخرة الموضوع ده ايه .. وتحطى النقط على الحروف بينك وبين نفسك .. اتفقنا ؟

نظرت “آيات” الى “أسماء” قليلاً .. ثم قالت :

– خلاص اتفقنا

شردت “آيات” وهى تتساءل .. تُرى أهناك شئ بينهما .. أيحبها .. تمنت أن تكون الإجابة .. لا

*************************************

وقف “آدم” يودع “زياد” قائلاً :

– هتوحشنى يا “زياد”

عانقه “زياد” قائلاً :

– وانت كمان يا “آدم” .. هستنى منك زيارة زى ما وعدتنى .. بجد هتقضى يومين حلوين فى شرم

ابتسم “آدم” قائلاً :

– خلاص اتفقنا ان شاء الله .. خد بالك من نفسك

ربت “زياد” على كتفه قائلاً :

– وانت كمان يا “آدم” خد بالك من نفسك

أوقف “آدم” سيارته أمام الكورنيش وأخذ يتمشى وهو ينظر الى النيل ويتأمله .. وقف وأسند ذراعيه على السور وهو يتأمل ظلام السماء .. شعر بأنه ينظر داخل قلبه ..

فحال تلك السماء كحال قلبه .. ظلام فى ظلام .. ثم نظر الى القمر الذى لا يظهر منه سوى هلال صغير .. تماماً كقلبه .. يشعر بوجود ضوء صغير يحارب ليظهر ويتغلب

على الظلام .. لكن “آدم” لا يسمح بهذا الضوء بأن يكبر ويُنير ظلام قلبه .. لا يسمح ولا يريد .. يريد قلبه أسود كما هو .. كيف سيحقق انتقامه ان اختفى هذا السواد

؟ .. يريد أن يرجع حقه ممن نهبه .. لا يريد أكثر من حقه المسلوب .. فلماذا يُلام على ذلك ؟ .. لماذا يُلام على رغبته فى استرداد حقه .. شعر بأنه يقترب شيئاً

فشيئاً من هدفه .. خطوة وراء خطوة وسيصل الى مبتغاه .. عليه فقط .. الصبر .. والإنتظار

*************************************

فى صباح اليوم الموعود .. يوم الرحلة .. لم تستطع “آيات” النوم من فرط حماسها .. كانت تتمم على حقيبتها للمرة التى لا تتذكر عددها .. اتصلت بها “أسماء” قائله

:

– أيوة يا “آيات” نتقابل فى مكان الباص

قالت “آيات” بحماس :

– تمام يا “أسماء” .. يلا سلام

توجهت الى سيارتها ووضعت حقيبتها .. تذكرت محادثتها مع والدها منذ يومين حين قال والدها :

– طيب وليه “أسماء” متجيش تبات هنا وتذاكروا سوا

– مامتها مش راضية

– يعني هى مامتها مش راضية .. وانتى ملكيش أهل

قالت “آيات” بسرعة :

– لا مش قصدى يا بابا .. قصدى ان فى بيت “أسماء” طنط موجودة .. أما هنا فأنا وحضرتك عايشين لوحدنا .. فعشان كدة الأحسن أنا اللى أروح أبات معاها

فكر “عبد العزيز” قليلاً ثم قال :

– مش عارف يا “آيات” مش حابب حكاية البيات دى

ألحت “آيات” قائله :

– عشان خاطرى يا بابا بجد محتاجين نذاكر سوا .. خلاص الإمتحانات قربت وأنا بركز أكتر لما بذاكر مع “أسماء” .. عشان خاطرى يا بابا وافق دول هما ليلتين بس ..

عشان خاطرى وافق يا بابا .. وكمان لو تحب خليك معايا على الموبايل على طول نطمن على بعض

وافق “عبد العزيز” مرغماً وهو يقول :

– أعمل ايه يعنى .. خلاص يا بنتى

عانقته “آيات” فى سعادة قائله :

– ميرسي يا بابا

قال “عبد العزيز” محذراً :

– ممنوع الخروج بعد 10 يا “آيات” .. وياريت متخرجش أصلاً انتى رايحه تذاكرى مش تتفسحى

قالت “آيات” بحماس :

– متقلقش يا بابا متقلقش

انتبهت “آيات” الى اشارة المرور التى أرغمتها على التوقف .. توقفت وهى شاردة فيما تفعل .. زفرت بضيق .. فلم تتصور أن يصل بها الحال الى الكذب على والدها بهذا

الشكل والسفر الى بلد أخرى والإقامة فيها دون علم والدها .. لكنها أخذت تقنع نفسها بأنها لن ترتكب أى شئ خطأ .. هى فقط تريد استغلال فرصة لن تتكرر .. تريد أن

تكون قربه تريد أن تفهم مشاعرها وتعرف هل هناك أمل فى أن يشعر بها يوماً .. أم أنها تجرى خلف سراب .. أرهقها التفكير فزفرت بضيق وأدارت المسجل لتنساب نغمات

احدى الأغنيات الى أذنيها

وصلت “آيات” لمكان التجمع .. رات مجموعات صغيرة بدأت فى التزايد رويداً رويداً .. بحثت بعيناها عن “آدم” فلم تراه .. أقبلت نحوها فتاتين فابتسمت ووقفت تتحدث

معهما .. سمعت “صوت “سارة” قادمة فالتفتت لتقع نظراتها على “آدم” خفق قلب “آيات” بقوة .. وارتسمت رغماً عنها ابتسامه على شفتيها .. حاولت اخفاء تلك الإبتسامه

لكنها لم تستطع .. كانت تشعر بشعور لذيذ وبسعادة غامرة .. اقترب “آدم” من الجمع وألقى عليهم التحية وسألهم قائلاً :

– جاهزين يا شباب

قال أحد الطلاب بحماس :

– طبعاً جاهزين يا دكتور

نظر “آدم” الى الساعة وقال:

– طيب على العموم لسه خمس دقائق وعايزكم تقفولى صف ومتطلعوش الباص إلا لما أتمم عليكم

قالت احدى الفتيات ضاحكة :

– ايه شغل ابتدائى ده يا دكتور

ابتسم “آدم” ابتسامته الجذابه التى خفق لها قلب “آيات” قائلاً :

– ده نظامى .. لو عندكوا اعتراض ممكن اعتذر عن اشراف الرحلة وأخلى دكتور “مسعد” يطلع بدالى

صاح الجميع فى استنكار :

– لا أبوس ايدك يا دكتور

– اعمل الى انت عايزه يا دكتور بس بلاش دكتور “مسعد”

ابتسم “آدم” والتفت يبحث بعينيه عن “ساندى” .. لكنه لم يجدها بين الحضور .. كانت “آيات” واقفة تتأمله .. التحمت نظراتهما .. فجفلت .. وأخفضت بصرها فى توتر ..

ألقى “آدم” عليها نظرة لامبالاة وماهى إلا لحظات حتى حضرت “ساندى” و “أسماء” واكتمل العدد .. نظرت “آيات” بحده الى “ساندى” الواقفه تتحدث بميوعه مع “آدم” وقالت

لـ “أسماء” بحنق :

– شايفه واقفه تكلمه ازاى

قالت “أسماء” :

– سيبك منها

وقف الجميع صفاً وتقدم كل طالب ليخبر اسمه لـ “أدم” الذى وقف بجوار باب الأتوبيس من الأسفل .. تابع “آدم” الكشف الذى بيده وهو يستمع الى اسم كل طالب على حدى

.. اتى دور “آيات” فنظر اليها منتظراً أن تقول اسمها ليبحث عنه فى الكشف .. قالت بتوتر وهى تنظر اليه مبتسمه :

– “آيات عبد العزيز حسان اليمانى”

تصلب جسد “آدم” وهو يستمع الى اسمها .. رفع رأسه ونظر اليها بتمعن قائلاً :

– انتى من عيلة “حسن اليمانى” ؟

شعرت “آيات” بالسعادة فلربما يعرف أحد أفراد عائلتها وتجد مدخلاً للحديث معه .. قالت بحماس :

– أيوة

قال “آدم” بلهفه وعيناه الزرقاوين تكاد تخترقانها من فرط امعانه فيها :

– “سراج حسن اليمانى” يقربلك ايه ؟

ابتسمت “آيات” قائله بحماس :

– ده يبقى عمى

تجمدت ملامح “آدم” وظلت نظراته مثبتة عليها كالليزر .. شعرت “آيات” بالتوتر من نظراته التى لم تستطيع تفسير معناها .. قالت بإرتباك :

– اطلع الباص ؟

أومأ برأسه دون أن يرفع بصره عنها .. صعدت وضربات قلبها تزداد اضطراباً .. وقف “آدم” لحظات جامداً .. ثم ما لبثت تعبيرات الغضب أن ظهرت على ملامحه واشعلت نظراته

وهو يتمتم بصرامة :

– عمك !!

جلست “آيات” بجوار “أسماء” وقالت لها بلهفه وسعادة بصوت منخفض خشية أن يسمعها من حولها :

– دكتور “آدم” اتكلم معايا

ضحكت “أسماء” قائله :

– صلاة النبي أحسن .. ده احنا لسه بنقول يا هادى

ثم غمزت بعينها قائله :

– يا “يويو” يا جامد

ثم قالت :

– احكيلى قالك ايه

قالت “آيات” بحماس :

– سألنى على عمى “سراج”

قالت “أسماء” بإستغراب :

– عمك ؟ .. وهو يعرفه منين ؟

قالت “آيات” بسعادة :

– معرفش .. بس مش مهم .. المهم انه اتكلم معايا يا “أسماء”

التفتت “آيات” تنظر الى “آدم” الواقف بجوار الأتوبيس التفت فالتقت عيناهما .. خفق قلبها .. لكنها هذه المرة لم تشح بوجهها .. وهو أيضاً لم يفعل .. حاولت أن

تفهم معنى نظراته وسببها .. لكنها لم تستطع .. ولم تحاول كثيراً أن تفهم .. فكل ما كانت تشعر به الآن هو السعادة .. السعادة لأنه أخيراً التفت اليها

صعد الجميع وانطلق الأتوبيس بهم فى طريقهم الى العين الساخنة .. كان “آدم” يجلس فى الأمام على بعد ثلاث مقاعد من مقعدى “آيات” و “أسماء” .. التفت ينظر فى اتجاه

“آيات” فانتبهت لتلك العينان الزرقاوان اللاتات تتفرسان فيها .. شعرت بإرتجافة فى أوصالها .. ثم عاد لينظر أمامه مرة أخرى .. ضحكت “أسماء” ضحكة خافته ووكزت

“أسماء” فى ذراعها قائله :

– ايه يا “آيات” ده .. لحقتى وقعتيه

قالت “آيات” بإرتباك :

– والله ما عملت حاجة

قالت “أسماء” بلؤم :

– أمال لو عملتى

ثم انفجرت مرة أخرى ضاحكة .. لم تشاركها “آيات” ضحكاتها ولا مزاحها .. لأن عقلها كان فى مكان آخر .. كان مع والدها .. والدها الذى كذبت عليه .. وهاهى فى طريقها

خارج القاهرة .. لتمضى ليلتين فى هذا البلد الغريب .. ودون علم والدها .. الذى كان ومازال كل ما تملك فى هذه الحياة .. شعرت بألم شديد فى قلبها .. وصوت يهتف

بداخلها :

– أهذه ثقة والدكِ فيكِ يا “آيات” .. أيستحق منكِ تلك الخيانة .. وهو الذى لم يقصر فى حقك يوماً وهو الذى وثق بكِ دوماً .. وهو الذى كان الأب والأم والأخ والصديق

وكل عائلتك .. أيستحق منكِ تلك الطعنة .. ماذا لو علم .. كيف يتكون نظرته اليكِ .. الى ابنته التى تعب وعانى فى تربيتها وتعليمها وأوصلها الى ما هى عليه الآن

.. كيف ستكون خيبة أمله فيكِ يا “آيات”

كانت “آيات” تنظر من الشباك المجاور لها وهى شاردة واجمة وعلامات الحزن على وجهها ..لم تنتبه الى “ساندى” التى حضرت من الخلف فى اتجاه “آدم” ونظرت اليه قائله

بدلال :

– تسمحلى يا دكتور عايزة أتكلم مع حضرتك فى بروجرام الرحلة

ابتسم لها “آدم” ووقف لتجلس على المقعد المجاور له .. كان عقل “آدم” فى مكان آخر تماماً فلم يستمع الى “ساندى” التى تلقى على مسامعه اقتراحاتها بشأن تطوير برنامج

الرحلة والأماكن التى تعرفها فى العين الساخنة .. كان عقل “آدم” منشغل بتلك الفتاة التى تجلس خلفه بثلاث مقاعد .. قال لنفسه :

– ما هذه المصادفة يا “آدم” .. واحدة من عائلة “اليمانى” تحت رحمتك .. وفى قبضة يدك .. يبدو أن حظك بدأ فى الإبتسام لك أخيراً يا “آدم”

فجأة وبدون سابق انذار هبت “آيات” واقفة وهى تأخذ حقيبتها التى وضعتها فى الرف العلوى .. نظرت اليها “أسماء” بدهشة قائله :

– بتعملى ايه يا “آيات” ؟

قالت “آيات” بحزم وهى تضع الحقيبة على ظهرها :

– نازلة

قالت “أسماء” غير مصدقة :

– نازلة .. يعني ايه نازلة ؟

قالت “آيات” بحزم وهى تنظر اليها :

– مش عايزة أطلع الرحلة دى .. غيرت رأيي

فتحت “أسماء” فمها دهشة وقبل أن تتمكن من الرد عليها توجهت “آيات” الى السائق وأمرته بالتوقف توقف السائق لتنزل منه “آيات” .. أسرع “آدم” ينزل درجات الحافلة

خلفها وجذبها من ذراعها قائلاً :

– انتى راحه فين ؟

التفتت اليه “آيات” بدهشة ونظرت الى يده الممسكة بذراعها وقالت :

– غيرت رأيي مش طالعه الرحله

قال “آدم” بدهشة :

– هو لعب عيال

جذبت ذراعها من يده وقالت بإضطراب :

– انا آسفة .. بس غيرت رأيي

التفتت لتغادر مشرعة .. رآها “آدم” وهى تبتعد .. كانت تسير فى طريق العودة الى القاهرة على هذا الطريق الصحراوى الذى يخلو من السيارات فى هذا الوقت من الصباح

الباكر .. شعر “آدم” بأن هذه هى فرصته .. وأراد استغلالها الى أقصى درجة ممكنة .. توجه مسرعاً الى الأتوبيس وأخذ حقيبته وقال للمشرفة التى معه :

– أنا مضطر اروح معاها عشان مش هتعرف ترجع لوحدها .. وهبعتلكوا دكتور “مسعد” .. هتعرفى تتصرفى لوحدك يا دكتورة ؟

ابتسمت قائله :

– أيوة يا دكتور متقلقش .. المهم متسبش البنت لوحدها

نزل “آدم” من الأتوبيس وهو يحمل حقيبته على كتفه ويقول لنفسه بقسوة وغل وحقد دفين :

– متقلقيش مش هسيبها .. أبداً .. !

الفصل الخامس

صلوا على رسول الله .

– انا آسفة .. بس غيرت رأيي

التفتت لتغادر مسرعة .. رآها “آدم” وهى تبتعد .. كانت تسير فى طريق العودة الى القاهرة على هذا الطريق الصحراوى الذى يخلو من السيارات فى هذا الوقت من الصباح

الباكر .. شعر “آدم” بأن هذه هى فرصته .. وأراد استغلالها الى أقصى درجة ممكنة .. توجه مسرعاً الى الأتوبيس وأخذ حقيبته وقال للمشرفة التى معه :

– أنا مضطر اروح معاها عشان مش هتعرف ترجع لوحدها .. وهبعتلكوا دكتور “مسعد” .. هتعرفى تتصرفى لوحدك يا دكتورة ؟

ابتسمت قائله :

– أيوة يا دكتور متقلقش .. المهم متسبش البنت لوحدها

نزل “آدم” من الأتوبيس وهو يحمل حقيبته على كتفه ويقول لنفسه بقسوة :

– متقلقيش مش هسيبها أبداً !

رحل الأتوبيس وأسرع “آدم” الخطى خلف “آيات” .. التفتت لتجده يقترب منها توقفت ونظرت اليه بدهشة شديدة .. قال لها “آدم” بجدية :

– مينفعش تمشى لوحدك .. أنا هاجى أوصلك

شعرت بقلبها يقفز فرحاً .. ابتسمت لا شعورياً .. حاولت أن تخفى تلك الابتسامه التى ظهرت على شفتيها .. لكنها كعادتها لم تستطع .. كان وجه “آيات” دائماً مرآة

لما بداخلها .. لا تستطيع اظهار غير ما تشعر به .. أشاحت بوجهها عنه .. حتى لا يرى ابتسامتها وتلك السعادة فى عينيها .. سارت بجواره صامته .. التفت اليها ومد

يده قائلاً :

– هاتى الشنطة

نظرت اليه قائله بصوت خافت :

– مفيش مشكلة أنا هشيلها

ابتسم اتبسامه خفق لها قلبها وقال :

– ليه مش شايفانى راجل ولا ايه

ابتسمت له وأعطته اياها .. نظرت اليه وهى تقول لنفسها :

– انه هو .. انه حقاً فارســي

شعرت “أسماء” بالغضب الشديد مما فعلته “آيات” حاولت الإتصال بها لكنها لم تجب .. فقالت بضيق :

– طبعاً من لقى أحبابه يا “آيات” هانم

ثم أخذت تنظر من الشباك فى وجوم

سمعت “آيات” صوت الهاتف لتجد أن “أسماء” هى المتصلة .. ضبطته على الوضع الصامت ثم اعادته الى حقيبتها .. كان “آدم” يتابعها بطرف خفى .. قال فجأة :

– حبيبك ؟

التفتت اليه “آيات” بدهشة وقالت :

– لأ

فقال “آدم” :

– افتكرت اتخنقتوا سوا وعشان كدة نزلتى من الأتوبيس

قالت بحماس :

– لأ أنا كنت طالعة مع واحده صحبتى

ابتسم لها “آدم” قائلاً :

– أمال ليه نزلتى من الأتوبيس ؟ .. وبسببك اضطريت أرجع ومكملش الرحلة

قالت بحرج :

– أناآسف جداً يا دكتور .. مكنش قصدى .. ومكنتش أعرف ان حضرتك هتنزل من الأتوبيس

قال “آدم” لجدية :

– ازاى كنتى عايزانى اسيبك لوحدك فى الصحرا دى

ابتسمت قائله :

– ميرسي أوى يا دكتور .. أنا فعلاً كنت خايفة ومكنتش عارفه هعمل ايه

أعاد سؤاله قائلاً :

– ليه نزلتى من الأتوبيس ؟

صمتت “آيات” قليلاً ثم قالت بتوتر :

– كده غيرت رأيي

قال “آدم” بشك :

– فجأة كدة ؟ .. اكيد فى سبب

صمتت .. فقال :

– حد ضايقك فى الأتوبيس ؟

قالت بسرعة :

– لا يا دكتور مفيش حد ضايقنى

– أمال ايه .. ايه اللى خلاكى تقررى فجأة انك تقطعى رحلتك

بدا عليها التردد ثم أخيراً قالت بصوت مضطرب :

– بصراحة .. انا كنت طالعة من ورا بابا .. بس حسيت بالذنب .. ومقدرتش أكمل

كانت تنظر أمامها .. فلم ترى نظرات “آدم” الساخرة .. تحدث الى نفسه قائلاً : ها هى فتاة مستهترة أخرى .. بنفس الشكل ونفس الأخلاق .. نظرة اليها نظرة متفحصة

.. تأمل عينيها المرسومتان جيداً لتبدوان أكثر اتساعاً .. رأى المسكرة التى تزيد من حجم رموشها .. رآى كريم الأساس الذى أعطاها لون بشرة غير لونها الحقيقي فبدت

بشرة وجهها متناقضة فى لونها مع لون بشرة يدها .. نظر أمامه وهو يقول لنفسه : مانيكان آخر للعرض فقط .. فياتُرى هل يُسمح بلمسه أم لا ؟!

شعرت “آيات” بالسعادة والأمان وهى تسير بجواره .. بجوار فارسها .. لم يعد لديها شك بأنه فارسها .. الذى طالما راودها فى أحلامها .. وجاءها على حصانه الأصيل

.. وأخذها وانطلق بها ليشق الريح بسرعته .. شعرت بأنها تحبه بكل كيانها .. هذا الفارس .. هذا الرجل .. التفت “آدم” اليها قائلاً :

– تعبتى ؟

قالت “بوهن :

– بصراحة شوية

ابتسم قائلاً وهو يربت على كتفها :

– معلش ان شاء الله نلاقى عربية بسرعة

ارتجفت “آيات” للمسة يده على كتفها .. اضطربت ووقعت فى حيرة لكنها لم تبدى اعتراض .. ازاح “آدم” يده وهو يقول لنفسه : اذن فهو قابل للمس ! .. ومن أى ان كان

! .. تماماً كغيرها !

أخيراً وبعد السير لأكثر من ساعة .. أتت سياره فى تجاه القاهرة .. فإستقلاها .. وانطلقت بهما فى طريق العودة .. أوقف “آدم” لها تاكسى لتعود به الى منزلها لكنها

أوقفلها قائلاً وهو يخرج احدى الكروت من جيبه :

– ده رقمى لما تروحى طمنينى انك وصلتى

قالت “آيات” مبتسمة :

– ميرسي يا دكتور

أغلق الباب بعدما ركبت وقال وهو ينظر اليها :

– مستنى اتصالك

رحل فالتفتت “آيات” تنظر من الزجاج الخلفى الى هذا الرجل الذى باتت واثقة بأنه نصفها الآخـر

عادت “آيات” لتخبر والدها بأنها غيرت رأيها بعدما استقبلت والدة “أسماء” أقارب لهم فلم تستطع المكوث عندهم لانها لن تشعر معهم بالراحة .. فرح “عبد العزيز” بذلك

فقد كان لا يستريح لأمر اقامتها فى مكان بعيد عنه .. يحب دائماً أن يراها حوله ليطمئن قلبه عليها .. صعدت الى غرفتها وأخرجت “هاتفها بسرعة واتصلت بـ “آدم” لمئنه

بوصولها كما طلب منها .. فقال لها :

– تمام .. وخلى بالك من نفسك وبلاش حركات مجنونة تانى

ضحكت قائله :

– حاضر يا دكتور

ألقت “آيات” الهاتف على فراشها وألقت بنفسها بجواره وهى تبتسم ابتسامة حالمة وتتخيل ما حدث اليوم .. والذى لم يكن فى الحسبان

*********************************

كانت “سمر” فى مكتبها بالمستشفى تستقبل المرضى كعادتها .. دخلت احدى الأمها ومعها طفلها الصغير .. ابتسمت “سمر” وقامت تداعب الصغير قائله بمرح :

– ازيك يا “كوكو” أخبارنا ايه النهاردة

ابتسمت أمه قائله :

– الحمد لله يا دكتورة “سمر” أحسن كتير من الإسبوع اللى فات

حملته “سمر” وقلبت وجنته قائله :

– انت خوفتنى عليك أوى يا “كوكو” .. وخوفت ماما كمان ينفع كده

ابتسم الصغير بخجل فقبلته مرة أخرى قائله :

– مش هتكلم بأه نفسي أسمع صوتك

قالت أمه بإهتمام :

– هو كده متأخر فى الكلام يا دكتورة

نظرت اليها “سمر” وطمأنتها قائله :

– لا متقلقيش هو بس انطوائى شوية فمحتاج يختلط بأطفال فى سنه وأكبر منه

قالت أمه بحزن :

– للأسف مفيش عندنا فى العيلة أطفال فى سنه

قالت “سمر” :

– وديه حضانه لأن مهم أوى ناه يتعلم المهارات الإجتماعية وهات خد ويشارك فى اللعب .. ده هيخرج من انطوائيته دى واحده واحده

ابتسمت أمه قائله :

– مبرسي يا دكتورة .. وان شاء الله أقدمله فى حضانه

قبلت “سمر” الصغير ثم أعطته لأمه قائله :

– ربنا يباركلك فيه

ثم توجهت الى مكتبها وأخرجت لعبة صغيرة وأعطتها له قائله :

– دى من طنط “سمر” عشان تفتكرنى على طول .. ماشى يا “كوكو”

ابتسم الصغير وأخذ اللعبة من يدها

قالت أمه وهى تنظر الى “سمر” مبتسمه :

– الحقيقة كنت عايزه أتكلم معاكى فى موضوع

قالت “سمر” بإهتمام :

– طبعاً اتفضلى

قالت الأم بإبتسامه حانية :

– بصراحة أنا حبيتك أوى .. وحبيت أكتر لبسك المحترم وأخلاقك العالية .. وكمان حنيتك على الأطفال واهتمامك بشغلك .. بصراحة أنا مش هلاقى أحسن منك عروسه لأخويا

شعرت “سمر” بالإرتباك .. فأكملت المرأة :

– هو بيدور على عروسه وانتى مواصفاتك مناسبه بالنسبة له .. فأنا عايزة منك بس رقم والدك وهو ان شاء الله هيكلمه النهاردة .. أنا كلمت أخويا عنك وهو معجب جدا

بالكلام اللى سمعه عنك .. وهو اللى طلب منك أقولك كده

صمتت “سمر” وقد أطرقت برأسها أرضاَ وعلامات الحزن على وجهها .. فقالت المرأة :

– دكتورة “سمر” انتى اضايقتى ؟

نظرت اليه “سمر” قائله :

– لا أبداً مضايقتش .. بس

صمتت قليلاً ثم قالت :

– بس الحقيقة أنا مبفكرش فى الإرتباط دلوقتى

قالت المرأة بحماس :

– صدقتيني أخويا هيعجبك ان شاء الله .. وكمان أكيد مش هترتبطوا فجأة كد . أكيد هيبقى فيه فترة خطوبة وتعارف يعني متقلقيش

قالت “سمر بحزم :

– معلش آسفة لكن فكرة الإرتباط أصلاً مش فى بالى حالياً

قالت المرأة بحزن :

– طيب عامة لو غيرتى رأيك عرفيني .. لانى بجد مش هلاقيله عروسه زيك كده

ابتسمت “سمر” قائله :

– لا ان شاء الله هيلاقى اللى أحسن منى .. لكن أنا بجد مش عايزه أخليه ينتظر على الفاصى

قالت المرأة :

– يعني ده ردك النهائى .. ما يمكن تغيري رأيك

قالت “سمر” بتماسك :

– لا مش هغير رأيي .. وبجد أنا اسفة

ابتسمت المرأة بحزن قائله :

– هقوله الكلام اللى قوتيه .. بس عامة أنا مش هيأس وربنا يقدم اللى فيه الخير

خرجت المرأة فجلست “سمر” أمام مكتبها وهى شاردة .. ووجهها يشع حزناً وألماً .. كانت تعلم جيداً أنها لن تستطيع أن تقدم على تلك الخطوة .. لا تستطيع أن تثق برجل

فتكتشف بعد ذلك أنه كوالدها .. عانت كثيراً من ترك والدها لها ولأمها .. تجرعت مرارة اليتم رغم أن والدها حى يرزق .. شعرت بأنها لن تستطيع أن تعطى قلبها وحياتها

لرجل قد لا يكون أهلاً للثقة .. ويفعل بها كما فعل والدها بأمها .. كانت خائفة بشدة .. خائفة من الفشل .. خائفة الى درجة أنها حتى ترفض المحاولة .. تنهدت بعمق

.. وصرفت تلك الأفكار عن رأسها .. واستعدت لإستقبال المريض التالى

**************************************

فتحت والدة “أسماء” الباب وابتسمت قائله :

– أهلا يا “آيات” اتفضلى يا حبيبتى

دخلت “آيات” وقبلتها قائله :

– ازيك يا طنط

– الحمد لله يا “آيات”

– هى “أسماء” جوه

– آيوة يا حبيبتى جوه فى أوضتها

توجهت “آيات” الى غرفة “أسماء” التى هبت واقف بمجدر أن رأتها وقالت لها بحده :

– انتى بتعملى ايه هنا ؟

أغلقت “آيات” الباب واقتربت منها قائله :

– أنا آسفة يا “سمسم”

قالت “أسماء” بحده :

– والله .. وأعمل ايه بأسفك ده .. أصرفه منين

قالت “آيات” برجاء :

– خلاص بأه يا “أسماء” متزعليش

قالت “أسماء” بغضب :

– وليكي عين تقولى متزعليش .. طلعتيني رحلة أصلا مكنش على بالى أطلعها وقولت مفيش مشكلة صحبتى ولازم أكون جمبها .. وفجأة تطلعلك الجنونه وتنزلى من الباص وهو

فى نص الطريق .. واللى زاد وغطى ان حبيب القلب نزل وراكى وفضلت أتصل بيكي لما قرفت وانتى طبعا منفضالى .. ما انتى هتفتكريني ازاى مش حبيب القلب معاكى

قالت “آيات” بحده :

– ما أنا يا “أسماء” فضلت أتصل بيكي بعدها وطول الـ 3 أيام وانتى مش معبرانى

قالت “أسماء” بغضب :

– طبعاً معبركيش وحذفت رقمك من عندى اصلاً ومش عايزه أعرفك تانى

قالت “آيات” بحزن :

– خلاص بأه يا “أسماء” ياستى أن آسفة وحقك عليا .. أنا حسيت انى بعمل حاجة غلط .. حسيت بالذنب أوى ومقدرتش استنى .. ووالله مكنشت أعرف انه هينزل ورايا .. أعرف

منين يعني

صمتت “أسماء” فاقتربت منها “آيات” قائله :

– خلاص بأه ميبقاش قلبك اسود

هتفت “أسماء” :

– أنا قلبى بلاك .. ملكيش دعوة

قبلتها “آيات” قائله بمرح :

– ده انت قلبك أبيض وزى الفل يا “سمسم” يا قمر انت

قالت “أسماء” مبتسمه :

– ايوة اضحكى عليا بكلمتين

ثم وكزتها بقوة فى ذراعها فصرخت “آيات” قائله :

– يا مفترية

قالت “أسماء” بتشفى :

– أحسن تستاهلى

ثم جذبتها من ذراعها وأجلستها على الفراش وجلست أمامها وقالت لها :

– عايزة أعرف كل حاجة من ساعة ما نزلتوا من الباص .. فاهمة

ابتسمت “آيات” قائله بسعادة :

– بصى يا ستى .. أول شال عنى الشنطة .. بصراحة احترمته أوى لما عمل كدة .. وكان مهتم بيا أوى .. ووقف لحد ما وقفلى التاكسى .. وكمان ادانى رقمه عاشن لما أوصله

أكلمه وأطمنه عليا

استعت عينا “أسماء” دهشة وقالت :

– بتهرجى مش كده

قالت “آيات” ضاحكة :

– لا والله مش بهرج

قالت “أسماء” بإستغراب :

– غريبة .. ايه الإهتمام المفاجئ ده .. ده مش اهتمام دكتور بطالبه نزلت من الباص .. كان ممكن يرجع معاكى القاهرة وبعدين يسيبك مش يوقفلك تاكسى ويديكى رقمه عشان

يطمن عليكى

ثم قالت بقلق :

– أنا مش مرتاحة للموضوع ده

قالت “آيات” بشرود :

– أنا برده استغربت زيك .. بس مش عارفه .. هو كان محترم وفعلا كنت حساه مهتم بيا .. وكان مهتم كمان يعرف أنا لسه سيبت الباص ونزلت

نظرت اليها “أسماء” قائله :

– وقولتيله ايه ؟

هزت “آيات” كتفيها قائله :

– قولتله الحقيقة

هتفت “أسماء” بغضب :

– انتى غبية يا “آيات” .. كده هياخد عنك فكرة وحشة

قالت “آيات” بقلق :

– بس أنا رجعت عن الغلط اللى كنت بعمله ونزلت من الباص .. أنا لو وحشة كنت كملت الرحلة

قالت “أسماء” بحنق :

– يا بنتى مش هيهتم رجعتى عن الغلط ولا مرجعتيش .. كل اللى هيبصله هو انك كنت مسافرة من ورا أهلك .. أكيد هيقول عليكي بنت فلتانه

قالت “آيات” بحزن وقلق :

– لا متقوليش كده .. ان شاء الله ميكنش خد عنى فكرة وحشة

*************************************

جلس “على” مع صديقه فى المسجد بعد الانتهاء من صلاة العشاء .. قال “على” بحزن :

– مش عارف أعلم ايه .. نفسي أوى تكون من نصيبي وخايف تضيع من ايدي

قال صديقه :

– طالما بتحبها ليه متتقدملهاش ؟

تنهد “على” قائلاً بحسرة :

– ياريت كن ينفع كنت خدت أبوي و أمى ومن بكرة كنت روحت اتقدملتلها

قال صديقه :

-طيب مبتعملش كده ليه

قال “على” بضيق شديد :

– أتقدملها ازاى وأنا لسه لحد دلوقتى مش لاقى شغل .. دى دكتورة وبتشتغل .. يعني تبقى هى بتشتغل و أنا عاطل يعني

ربت صديقه على كتفه قائلاً :

– متضايقش نفسك يا “على” ربنا كبير

صمت “على” قليلاً ثم قال باسماً :

– عارف اي أكتر حاجة عجبانى فيها ؟ .. خجلها .. أول ما بتشوفنى بتبص فى الأرض ومبتحاولش تتكلم معايا ولا حتى تقولى ازيك رغم انها صاحبة أختى أختى من زمان ..

وكمان هى بنت ناس ومحترمة ومؤدبة وماما وأختى بيحبوها جداً

ضحك صديقه قائلاً :

– أمك و أختك بس اللى بيحبوها ؟

ضحك “على” قائلاً :

– اتلم يله .. ويلا قبل ما يقفلوا المسجد علينا واحنا أعدين

************************************

جلست “ساندى” مع صديقتها “ريم” فى النادى وهى تهتف بحنق :

– مش قادرة أنسى اللى حصل يا “ريم” دمى محروق أوى

قالت “ريم” مبتسمه :

– بصراحة شكلك مكنش لطيف خالص .. خاصة انك قولتى ان هو اللى طلب منك تطلعى الرحلة

قالت “ساندى” بغضب :

– أنا مش فاهمة لزمتها ايه انه ينزل يوصلها .. مكان بعت معاها أى حد .. أو حتى وصلها ويرجع تانى ليه يبعتلنا دكتور “مسعد” بداله

قالت “ريم” بلامبالاة :

– يمكن معجب بيها

نظرت “اليها “ساندى” بحده وقالت بغضب :

– انتى بتتكلمى بجد ؟

قالت “ريم” مبتسمه :

– معرفش .. أنا بقول يمكن

ضاقت عيناها وهى تفكر فى كيفية استرداد كرامتها التى شعرت أنها أهدرت

***************************************

جلست “آيات” فى المدرج تنتظر قدوم “آدم” .. تأنقت اليوم فوق العادة .. أرادت أن يراها بهيئة أجمل مما رآها من قبل .. اضطربت وخفق قلبها بقوة عندما راته يدخل

من الباب .. ارتسمت على شفتيها تلك الإبتسامه الى تقفز تلقائياً الى شفتيها بمجرد أن تراه .. وقف وقال :

– صباح الخير يا شباب

– صباح النور يا دكتور

لفت عيناه المرج بسرعة .. يبدو أنه كان يبحث عن شخص ما .. خفق قلبها .. تُرى أيبحث عنها وسط طلابه ؟ .. لم تكد تنتهى من ترديد السؤال داخل نفسها حتى قال “آدم”

:

– “آيات عبد العزيز حسان اليمانى”

شعرت بألم شديد يغزو معدتها من فرط التوتر .. قامت وقالت بصوت مضطرب :

– أيوة يا دكتور

التقت نظراتهما .. فشعرت بإضطرابها يتضاعف .. فقال بصوت هادئ :

– عايزك فى مكتبي بعد المحاضرة

أومأت برأسها وجلست .. كانت “ساندى” تتابع ما يحدث فى اهتمام .. بدأ “آدم” فى القاء محاضرته

بعد انتهاء المحاضرة قالت “آيات” بقلق :

– تفتكرى عايزنى ليه ؟

قالت “أسماء” بإستغراب :

– مش عارفه .. يمكن عشان موضوع الرحلة

قالت “آيات” بتوتر :

– ربنا يستر

قالت “أسماء” :

– متقلقيش .. وهستناكى فى الكافيتيريا

توجهت “آيات” الى مكتب “آدم” وهى تشعر بأنها متوجهه الى امتحان مصيري .. طرقت الباب بهدوء فأذن لها بالدخول .. أغلقت الباب خلفها وتوجهت اليه وقالت بصوت مضطرب

:

– خير يا دكتور .. فى حاجة

نظر اليها متفحصاً فشعرت بالخجل و أطرقت برأسها .. ابتسم قائلاً :

– حبيت أطمن عليكى .. باباكى عمل ايه لما عرف بموضوع الرحلة

شعرت “آيات” بالسعادة لإهتمامه وقالت بصوت منخفض :

– أنا ما قولتش لبابا على اللى حصل .. مش عايزه أقوله عشان ميضايقش منى

ابتسم “آدم” فى نفسه بتهكم .. ثم نظر اليها قائلاً :

– شوفت دفتر الحضور .. انتى من أول السنة مفوتيش ليا ولا محاضرة

ابتسمت “آيات” وقالت :

– أيوة فعلاً

ابتسم لها ابتسامته الساحرة وقال :

– ودى حاجة تبسطنى

شعرت “آيات” بالسعادة تغمر كيانها لحديثها معه ولقربها منه .. قالت بمرح :

– وكمان أنا بذاكر مادة حضرتك يا دكتور أول بأول يعي لو عملت امتحان مفاجئ هتلاقيني جاهزة

أرجع “آدم” ظهره الى الخلف وقال مبتسماً :

– والله فكرة .. خلاص هعمل امتحان مفاجئ المحاضرة الجاية

ضحكت “آيات” ضحكة خافته وقالت :

– بس أنا كدة عرفت ان فى امتحان مفاجئ

ابتسم لها قائلاً بصوته الرخيم وهو ينظر اليها بعمق :

– انتى حاله خاصة

اتسعت ابتسامتها وقفز قلبها فرحاً .. حاولت اخفاء ابتسامتها فلم تستطع .. كان “آدم” خبيراً فى تفسير مشاعر الفتيات وايماءاتهن .. علم وهو ينظر اليها أنها تكن

له شيئاً ما .. أسعده ذلك بشدة .. لأنها بذلك .. اختصرت عليه نصف الطريق

**********************************

وقفت “ساندى” تنظر يميناً ويساراً فى تململ .. وفجأة رأت “آدم” وهو متوجه الى سيارته فأسرعت نحوه قائله :

– هاى دكتور “آدم”

التفت اليه مبتسماً وقال :

– هاى “ساندى”

ابتسمت له قائله :

– زعلانه منك يا دكتور كده تسيبنا فى الرحلة وتبعتلنا دكتور “مسعد” ملقتش الا دكتور “مسعد”

ابتسم “آدم” قائلاً :

– شكل دكتور “مسعد” ضايقكوا

قالت “ساندى” بحنق :

– منع البنات انها تلبس بكينى على البيلاج .. وكمان مرضيش يودينا حمام السباحه برده لنفس السبب لان ممنوع دخول حمام السباحه الا بالبكينى

ابتسم “آدم” بسخرية لكنه أخفى ابتسامته سريعاً وقال :

– معلش المرة الجايه هطلع أنا معاكوا

نظرت “ساندى” الى السيارة ثم اليه ومررت أصابعها برقه فى خصلات شعرها قائله بدلال :

– عربيتى فى التصليح .. يضايقك لو وصلتنى فى طريقك

قال “آدم” بهدوء :

– لا طبعا .. اتفضلى

التفت “ساندى” حول السيارة لتركب وهى تلقى بنظرها على البنات حوله الذين يرمقونها بنظراتهن .. شعرت بالسعادة وهى تركب سيارة “آدم” على مرآى ومسمع منهن

أوصلها “آدم” الى مكان سكنها وقبل أن تخرج من السيارة التفتت له قائله بدلال :

– ميرسي أوى يا دكتور .. آه على فكرة فى بارتى حلو أوى النهاردة تحب تحضره ؟

ابتسم لها قائلاً :

– امتى ؟

قالت بحماس :

– هتبدأ 9 بالليل

صمت قليلاً .. فتعلقت أنظارها به تتمنى موافقته .. اتسعت ابتسامتها عندما قال :

– قوليلي العنوان

أملته العنوان ونزلت من السيارة وهى تبتسم له مودعه

كانت حفلة كعشرات الحفلات التى تحضرها “ساندى” لكن المميزفيها هذه المرة هو “آدم” الواقف بجوارها .. والذى أثار ذلك غيرة قريناتها من الفتيات بالحفل .. كان

“آدم” يعى جيداً ما يحدث حوله لكنه تظاهر باللامبالاة .. فكل ما يريده يتحقق بدون أن يسعى اليه .. وها هى “ساندى” هى الأخرى تختصر عليه نصف الطريق

******************************

قالت “ساندى” بتفاخر أمام “ريم” وهى جالسه معها فى النادر :

– امبارح بالليل كنت مع “آدم”

هتفت “ريم” غير مصدقه :

– بتتكلمى بجد ؟

قالت “ساندى” ضاحكة :

– أمال بهزر

قالت “ريم” بلهفه :

– كنتى معاه فين ؟

قالت “ساندى” :

– كنا فى حفلة مع بعض .. وفضلنا طول الليل مع بعض وروحنا قبل الفجر بشوية .. بس كانت سهرة لذيذة موووت .. والبنات كانوا بيبصولى وهاين عليهم يقطعونى بعنيهم

لأن “آدم” مكنش معبر فى الحفلة واحدة غيري

ثم قالت ضاحكة :

– تصورى واحدة جتله بتقوله انها عايزه ترقص معاه وهاتك يا تسبيل .. أحرجها وقالها لو عايز أرقص جمبي بنت زى القمر هرقص معاها .. حسيتها كانت هتموت من الغيظ

ضحكت “ريم” قائله :

– ممتازة يا “ساندى” خلاص كده دكتور “آدم” بأه متيم

ابتسمت “ساندى” قائلاً بتعالى :

– طبعاً يا بنتى هو أنا شويه

***************************************

وقفت “آيات” ضاحكة مع “أسماء” و بعض صديقاتها .. عندما اقترب منهن “أحمد” ووقف وصبت نظراته على “آيات” فقالت له :

– ازيك يا “أحمد”

لم يجيبها .. فقالت “أسماء” :

– ايه يا ابنى مالك واقف متنح لـ “آيات” كده

قال “أحمد” فجأة وعلى مرآى ومسمع من الجميع :

– بحبك تتجوزيني ؟

فتحت “آيات” فمها بدهشة واتسعت عيناها .. وتعالت شهقات الفتيات وضحكهن ومزاحهن .. لكن “أحمد” لم يكتفى بذلك بل التف حول نفسه وصرخ فى جميع من حوله :

– يا جماعة اشهدوا .. أنا بحبك “آيات” وعايز أتجوزها .. بحبهاااااااااااااااااااااا

نظرت “آيات” حولها لتجد نظرات الجميع معلقة بها وهم يتضاحكون فى استمتاع بهذا المشهد

صاحت بصوت خافت :

– “أحمد” اسكت فضحتنى

قال “أحمد” دون أن يعبأ بكلامها وبصوت مرتفع :

– بحبك يا “آيات” بحبببببببببببببببببببببببببببببك

كاد قلب “آيات” أن يتوقف هلعاً عندما رأت نظرات “آدم” المصوبه تجاهها .. ودت لو جرت عليه وأخبرته بأنها ليس لها ذنب فيا يحدث وأنها لا تبادله مشاعره .. نظر

اليها “آدم” ثم التفت ودخل داخل الكلية .. تابعته “آيات” بنظرها وهى تشعر بالأسى والحسرة .. وقف “أحمد” أمام “آيات” قائلاً :

– قلتى ايه يا “آيات”

التفتت “آيات” اليه وهى تشعر بالغضب الشديد تجاهه وصاحت قائله :

– انت اتجننت على فكرة .. اتجننت

هرعت مسرعة الى داخل الكلية .. وتوجهت الى مكتب “آدم” ..لا تدرى ماا ستقول له .. كن كل ما شعرت به هو أنها يجب أن توضح له ما حدث .. طرقت الباب ودخلت وأغلقته

خلفها .. اقتربت من مكتبه وهى تشعر بتوتر بالغ .. قال لها “آدم” ببرود :

– خير يا آنسه

تطلعت اليه بحزن وأسى وهى لا تعرف كيف تبدأ حديثها .. فقال ببرود :

– ايه جايه تعزميني على الفرح

انطلقت الكلمات من فمها برسعة :

– لا والله ما فى فرح أصلاً .. هو أنا معرفش هو اتجنن ولا ايه اللى حصله .. أنا مليش دعوة بالكلام اللى قاله ده أنا أصلا مصدومة من اللى حصل ده

تفرس فيها “آدم” .. وهو يشعر بأن مشاعرها تجاهه اتضح انها أعمق مما ظن .. كانت تنظر اليه وملامح الأسى والضيق على وجهها .. وقالت :

– أنا مفيش حاجة بينى وبينه .. احنا زملا وأصدقاء بس … لكن ما فيش حاجة من دى بينا خالص

طاله صمته الا أن قال بصوت هادئ :

– وجايه تقوليلى الكلام ده ليه ؟

شعرت بالخجل الشديد .. وبالندم لتسرعها .. لم تستطع أن تنطق بحرف .. لما تعرف كيف تجيبه .. قالت بإضطراب :

– أنا آسفه انى عطلت حضرتك

والتفتت لتخرج مسرعة من المكتب .. وابتسامة خبيثة تتكون عى شفتى “آدم” .. وخطة خبيثة تُرسم داخل عقله

*************************************

بعد يومين عادت “آيات” الى بيتها فإستقبلها والدها وهو يقول :

– “يويو” حبيبتى

فتح لها ذراعيه فألقت نفها فى أحضانه .. قبل رأسها وابتسم لها بسعادة .. قالت “آيات” :

– خير با بابا شكلك مبسوط

قال ضاحكاً :

– مبسوط جداً

قالت “آيات” مبتسمة :

– ابسطنى معاك

قال والدها وهوي تفرس فيها :

– جالك النهاردة عريس

اختفت ابتسامة “آيات” ليحل محلها الوجوم .. ثم قالتب توتر :

– مش دلوقتى يا بابا لما أخلص دراستى

قال والدها :

– أساساً معدش الا كام شهر وتخلصى وبعدين مش تسأليني الأول مين هو

قالت “آيات” بلامبالاة :

– مين .. حد من ولاد صحابك ؟

قال والدها مبتسماً :

– قالى انه دكتور عندك فى الجامعة .. اسمه دكتور “آدم خطاب” .. بيديكوا مادة “ادارة أعمال”

أخذ قلب “آيات”يرقص فرحاً وهى تتمتم فى سعادة بالغة وبصوت مرتجف :

– دكتور “آدم” !

الفصل السادس :

نصلي ع رسول الله

– جالك النهاردة عريس

اختفت ابتسامة “آيات” ليحل محلها الوجوم .. ثم قالت بتوتر :

– مش دلوقتى يا بابا لما أخلص دراستى

قال والدها :

– أساساً معدش الا كام شهر وتخلصى وبعدين مش تسأليني الأول مين هو

قالت “آيات” بلامبالاة :

– مين .. حد من ولاد صحابك ؟

قال والدها مبتسماً :

– قالى انه دكتور عندك فى الجامعة .. اسمه دكتور “آدم خطاب” .. بيديكوا مادة “ادارة أعمال”

أخذ قلب “آيات”يرقص فرحاً وهى تتمتم فى سعادة بالغة وبصوت مرتجف :

– دكتور “آدم” !

قال والدها :

– أيوة يا “آيات” .. تعرفيه مش كده

قالت بحماس لم تستطيع اخفاؤه :

– أيوة يا بابا أعرفه

ثم قالت :

– طيب هو قالك ايه بالظبط

ضحك والدها قائلاً :

– أمال راح فين كلامك اللى كان من شوية .. مش دلوقتى يا بابا لما أخلص دراستى

احمرت وجنتاها خجلاً .. فقال والدها :

– قالى يشرفنى انى أتقدم لبنتك “آيات” .. وعرفنى بنفسه .. وعايز ييجى البيت عشان يتقدم رسمى وتعدوا تتكلموا مع بعض

قالت “آيات” بفرح :

– بجد .. وقولتله ايه ؟

قال والدها مبتسماً :

– قولتله هرد عليك بكرة ان شاء الله .. قولت الأول آخد رأيك بما انه دكتور عندك فى الجامعة يعني شايفاه وعارفاه .. فخفت يكون مفيش قبول .. بس كده من الواضح

ان فى قبول وقبول أوى كمان

ضحكت “آيات” خجلاً وأطرقت برأسها .. اقترب منها والدها وقبل جبينها قائلاً :

– ربنا يكتبلك اللى فيه الخير يا بنتى

صعدت “آيات” فى غرفتها وهى تكاد تقفز فى الهواء فرحاً .. لم تصدق ما حدث .. “آدم” تقدم لها .. فارسها يريدها معه على ظهر جواده .. فرسها اقتحم حياتها بفروسية

الفرسان ودخل البيت من بابه .. هو بالفعل فارسها .. وحبيبها

فتحت حقيبتها بسرعة وأخرجت هاتفها .. لم تكد “أسماء” تجيب على الهاتف حتى قفزت “آيات” قائله بفرحة غامرة :

– دكتور “آدم” اتقدملى يا “أسماء”

صاحت “أسماء” بدهشة بالغه :

– ايه .. بتقولى ايه .. بتهرجى

ضحكت “آيات” بسعادة وقالت بصوت أشبه بالصراخ :

– لا مش بهرج .. والله اتقدملى .. رجعت البيت لقيت بابا بيقولى انه اتقدملى

صمتت “أسماء” قليلاً ثم قالت وهى مصدومة :

– مش مصدقة

قالت “آيات” :

– ولا أنا مصدقة .. أنا هتجنن .. انا مش عارفه أعمل ايه .. فرحانه أوى .. عايزة أصرخ عايزة أضحك عايزة أطير .. “أسماء” .. أنا حسه ان أنا بحلم .. لحد دلوقتى

مش قادرة أصدق

قالت “أسماء” وهى لم تفق من صدمتها بعد :

– أنا نفسي لسه مش قادرة أصدق .. معقول حبك بالسرعة دى

قالت “آيات” وابتسامه حالمه على شفتيها :

– تفتكرى بيحبنى فعلاً يا “أسماء” .. ياااه مش قادرة أصدق .. أنا فرحانه بطريقة محدش يقدر يتخيلها

قالت “أسماء” مبتسمه :

– حبيبتى يا “آيات” ربنا يتمملك على خير يارب

قالت “آيات” بصدق :

– ميرسي يا “سمسم” وعقبالك انتى كمان يااارب

********************************

فتحت والدة “إيمان” الباب وابتسمت قائله بترحاب :

– أهلا أهلا يا “سمر” اتفضلى يا حبيبتى

انتفض “على” الجالس فى غرفته .. وابتسم ابتسامة صغيرة

قالت والداته لـ “سمر” :

– “ايمان” فى أوضتها يا حبيبتى .. والله ما عارفه البت دى ملها .. عين وصابتها

دخلت “سمر” غرفة “ايمان” .. فوجدتها جالسه فى فراشها وأمامها طبق كشرى كبير تأكل منه دون توقف .. ضحكت “سمر” قائله :

– طيب قوليلى ازيك حتى

قالت “إيمان” بهدوء وهى تبلع ما بداخل جوفها :

– ازيك يا “سمر”

أغلقت “سمر” الباب وجلست بجوار “إيمان” قائله :

– ايه يا بنتى فى ايه .. مش عجبانى بقالك كام يوم .. وكل ما أتصل بالبيت طنط تقولى نايمة .. وعلى الموبايل مبترديش .. فى ايه يا “إيمان”

تركت “إيمان” الطبق من يدها وقالت بحزن :

– ما أنا زى الفل أهو .. وأعده عماله ألغ مش راحمة نفسي

قالت “أسماء” وهى تنظر اليها بتمعن :

– أنا عارفاكى يا “إيمان” مبتكليش كده الا لو كنتى مضايقة

ثم جذبت الطبق من يدها قائله :

– وبعدين كده كتير أوى .. حرام عليكي نفسك

قالت “إيمان” بحدة وهى تستعيد طبقها مرة أخرى :

– يا ستى انتى مالك ومالى .. أنا جعانه .. ايه أموت من الجوع يعني

قالت “سمر” بحزم :

– ده مش جوع يا “إيمان” ده هروب .. بتهربي من مشاكلك بالأكل .. بتهربي من خنقتك بالأكل

قالت “إيمان” بتحكم :

– كنت فاكراكى دكتورة أطفال مكنتش أعرف انك دكتورة نفسيه

قالت “سمر” بهدوء :

– مش لازم أكون دكتورة نفسية عشان أقدر أفهم صحبتى .. أقرب صاحبة ليا

تنهدت “إيمان” وأطرقت صامته .. قالت “سمر” :

– انتى ليه بتعمل فى نفسك كده .. مش اتفقنا هتعملى رجيم وقولتيلى الاسبوع اللى فات انك هتبتدى فيه

هتفت “إيمان” بحده :

– وأعمل رجيم ليه .. عشان مين .. عشان أعجب راجل وييوافق انه يتجوزنى .. لا مش عايزة أنا عجبنى نفسي كده

قالت “سمر” بحزم :

– لا مش عشان تعجبى راجل .. وأعتقد ان المفروض ان انتى واحدة ملتزمة وعارفه كويس انك ميتفعش تجذبي راجل ليكي لا بشكلك ولا بجسمك .. انتى هتعملى رجيم عشانك انتى

عشان “إيمان”

قالت “إيمان” بعناد :

– “سمر” اقفلى على الموضوع .. أنا مش عايزة أعمل رجيم .. أنا كده مبسوطة بنفسي .. ومبسوطة أوى كمان

صاحت “سمر” بحنق :

– عنيدة ودماغك ناشفة

قالت “إيمان” لتغير الموضوع :

– أخبار شغلك فى المستشفى ايه ؟

قالت “سمر” :

– كويس

قالت “إيمان” :

– مفيش جديد ؟

تذكرت “سمر” .. المرأة التى كانت تريدها لأخوها .. تنهدت وقالت حزن :

– لا مفيش جديد

**************************************

دخلت “آيات” المدرج متأنقة كعادتها .. لكن هذه المرة قلبها يخفق من السعادة .. اليوم سترى “آدم” .. ليس فى المحاضرة فحسب بل فى بيتها .. اليوم سيأتى “آدم” ليتقدم

لها رسمياً .. كانت عيناها تلمعان وابتسامتها لا تفارق وجهها .. رأته وهو يدخل من الباب .. ودت لو قامت وصرخت وسط الطلاب .. هذا الرجل فارسى .. هذا الرجل حبيبى

.. هذا الرجل خطيبي .. هو لى وحدى .. وأنا له وحده .. صعد المنصة وحياهم ثم أدار عينيه حتى وصل اليها .. وجدها مبتسمة تنظر له بلهفه .. رأى على وجهها علامات

الموافقة .. فعلم أن زيارة اليوم نتيجتها محسومة .. قال بصوته الرخيم :

– امتحان مفاجئ يا شباب .. كله يطلع ورقة وقلم واكتبوا ورايا الأسئلة دى

ابتسمت “آيات” فى سعادة وهى تنظر حولها وتتأمل ملامح الصدمة على وجوه الطلاب .. أما هى فظلت محتفظة بإبتسامتها .. فحبيبها خصها وحدها بمعرفة أمر هذا الإمتحان

المفاجئ .. ألقى عليها “آدم” نظرة فتلاقت عيناهما .. واتسعت ابتسامتها وهى تمسك بقلمها وتستعد لكتابة الأسئلة

**************************************

تأنق “آدم” ووقف أمام المرآة يتمم على مظهره .. دخلت “بوسي” غرفة النوم وهى تتأمله .. ثم اقتربت منه قائله :

– ايه الشياكة دى كلها .. اللى يشوف كده يقول عريس

ابتسم “آدم” قائلاً :

– ومن امتى يعني مبهتمش بلبسي

قالت “بوسي” بقلق :

– بس النهاردة حسه انك مهتم زيادة عن اللزوم .. خير ان شاء الله

قال “آدم” بلامبالاة وهى يعيد ربط ربطة عنقه :

– مفيش فى لقاء عمل مهم بالنسبة لى

اقتربت منه “بوسي” وحاولت عناقه من الخلف فابتعد عنها فوراً وقال :

– “بوسي” البدلة مكوية .. وكمان البرفيوم بتاعك مش عايزه ييجى عليها

قالت “بوسي” بضيق :

– طيب هتتأخر ؟

قال “آدم” بلامبالاة وهو يتوجه الى الخارج :

– احتمال أبات عند ماما النهاردة

قالت “بوسي” بحنق شديد :

– وليه متبتش هنا

قال “آدم” بنفاذ صبر :

– ماما لوحدها

قالت “بوسي” بحزن :

– بس يا “آدم” أنا مبحبش أبات لوحدى وانت عارف كده

قال “آدم” وهو يقبل وجنتيها :

– حاضر هحاول أبات معاكى النهاردة .. سلام

خرج وأغلق الباب خلفه .. توجهت “بوسي” الى الشرفة تشاهده وهو متوجه الى السيارة ثم تنهدت فى حسرة وعلامات الحزن على وجهها

**************************************

وقفت “آيات” أمام المرأة تتمم على فستانها ومكياجها ولفة حجابها .. قالت دادة “حليمة” بسعادة :

– بسم الله الله أكبر .. زى القمر يا “آيات”

التفت اليها “آيات” قائله بلهفه :

– بجد يا دادة شكلى حلو ؟

هتفت “حليمة” بحنان :

– حلو بس ده انتى زى القمر يا بنتى

ابتسمت “آيات” بسعادة ثم قفزت من مكانها عندما سمعت صوت سياره تتوقف تحت نافذتها .. أسرعت بفتح الشرفة ثم قالت بلهفه :

– جه يا دادة جه

تقدمت “حليمة” لتنظر من الشرفة ثم صاحت فى سعادة :

– بسم الله ما شاء الله .. عريسك حلو أوى يا “آيات” وباين عليه راجل ملو هدومه .. ربنا يسعدك يا حبيبتى ويوفقك يارب

قالت “آيات” بسعادة ولهفه :

– دادة حلو الميك آب ولفة الطرحة كدة ولا أعدل فيهم حاجه

قالت “حليمة” بحنان :

– يا حبيبتى انتى زى القمر من غير حاجة

قالت مبتسمه :

– نفسيى النهاردة يشوفنى أحلى واحدة فى الدنيا

عانقتها “حليمة” قائله :

– ربنا يسعدك يارب ويتمملك بخير

دخلت “أسماء” الغرفة مسرعة وهى تقول :

– جه يا “آيات” انتى فين

خرجت “آيات” من الشرفة وهى تقول :

– آه شوفته يا “أسماء” انتى اللى كنتى فين

قالت “أسماء” بمرح :

– كنت فى المطبخ ما انتى مجوعانى من الصبح

قالت “آيات” ضاحكة :

– المقابلة تعدى على خير وأنا أخدك ونروح أرقى وأحسن مطعم فيكي يا كايرو وأعزمك عزومة محصلتش

ضحكت “أسماء” قائله :

– ماشى خليكي شاهده يا دادة .. عشان مترجعش فى كلامها بعد كده

فى الأسفل دخل “آدم” بعدما أدخلته الخادمة وجلس فى انتظار والد “آيات” .. نظر حوله يتأمل الفيلا الراقية بمفروشاتها الثمينة وعيناه تشعان كرهاً وحقداً وتساءل

فى نفسه بسخرية :

– يا ترى فلوسك حرام زى أخوك يا “عبد العزيز” بيه ؟! ..

لحظات وحضر والد “آيات” يرحب به قائلاً :

– اهلاً وسهلاً يا دكتور

قام “آدم” وسلم عليه قائلاً :

– أهلا بيك يا فندم

قال له “عبد العزيز” وهو يجلس فى المقعد المقابل له :

– اتفضل يا دكتور .. تشرب ايه ؟

قال “آدم” :

– قهوة مظبوط ياريت

طلب “عبد العزيز” من الخادمة احضار ما أراد .. ثم نظر اليه قائلاً :

– برده لسه مفتكرتش اتقابلنا فيه ؟

ابتسم “آدم” قائلاً :

– بصراحة لأ .. بس فعلاً عندى نفس احساس حضرتك .. اننا اتقابلنا قبل كده

ابتسم “عبد العزيز” وهو يقول بمرح :

– خلصا اللى يفتكر الأول يفكر التانى

.. ظلا يتحدثان لنصف ساعة .. اخبره خلالها “آدم” بأنه وحيد أمه و أبوه .. وبأن والده متوفى منذ أعوام .. ووالدته على سفر حالياً لأحد أقاربهم فى محافظة أخرى

.. وأن لديه شقة مفروشة حديثاً فى أحد الأحياء الراقية .. أخبره عن مشواره العلمى وعن كفاحه ونضاله ليصل الى ما هو عليه .. أعجب “عبد العزيز” بما سمع منه ..

لم يكن كل ما قاله “آدم” كذباً .. كان الجزء المتعلق بكفاحه وبمعاناته حتى حصل على الدكتوراة صدقاً .. تجبر أى أب على أن يشعر تجاهه بالفخر والإحترام .. أمر

“عبد العزيز” الخادمة لتطلب من “آيات” النزول .. شعرت وكأن قدماها ترفضان حملها .. ابتسمت تلقائياً عندما وقع نظرها عليه اختفت حمرة الخجل خلف الباودر الذى

تضعه على وجهها .. قام ومد يده قائلاً :

– أهلا بيكِ يا آنسة “آيات”

مدت يدها قائله بصوت منخفض والإبتسامه تزين وجهها :

– أهلا بيك يا دكتور

ارتجف قلبها عندما تلامست أيديهما .. ودت لو تركت كفها بين راحته فترة أطول .. لكنها سحبتها بسرعة وبخجل وجلست فى المقعد الذى أمامه .. تأملها “آدم” وقد فعلت

المستحيل لتبدو بصورة أنيقة جذابه .. لكن تلك الصورة أشعرته بالنفور .. أشعرته بأنها الجارية المعروضة فى سوق الجوارى والتى تتزين وتفتخر بمحاسنها حتى يشتريها

الرجال .. وتصير ملكاً لرجل يأسره جمالها .. لكن “آدم” لم يكن أبداً يستهويه هذا النوع من الفتيات .. لم يكن يستويه من تقدم التنازلات لتنال رضاه السامي ..

لم يكن يستهويه الشئ السهل .. الذى يستطيع لمسه متى أراد ويفعل به ما يريد فى الوقت الذى يريد .. هذا النوع يضعه فى قائمة “للتسلية فقط” .. أما قائمة “للأبد”

.. لم تحمل إلا اسماً واحداً وسرعان ما حذفه منها بعدما أيقن بأنه أخطأ فى وضعه من الأساس .. أفاق من شروده على صوت “عبد العزيز” وهو يقول :

– منور يا دكتور

ابتسم “آدم” قائلاً :

– ده نور حضرتك يا فندم

قام “عبد العزيز” وقال :

– أسيبكوا تتكلموا مع بعض .. بعد اذنكوا

نظر “آدم” الى “آيات” المبتسمه ثم رسم على شفتيه ابتسامه قائلاً :

– عملتى ايه فى امتحان النهاردة؟

ضحكت قائله :

– الإمتحان المفاجئ ؟

ضحك قائلاً :

– أيوة بالظبط كده

ابتسمت وهى تقول :

– حليت الأسئلة كلها .. حضرتك طبعاً لسه مصححتش الورق

ابتسم “آدم” وهو يخرج ورقة من جيبه قائلاً :

– صححت ورقتك

نظرت الى الورقة التى فى يده ثم نظرت اليه لتقابل عيناه التى ترسل آشعة اختراق قوية فانهارت حصونها أمام نظراته وابتسم قائلاً :

– فول مارك

ابتسمت وهى تقول بمرح :

– قولتلك .. لو عملت امتحان مفاجئ هتلاقيني جاهزة

قال بخبث وهو يعيد الورقة لجيبه :

– شكلك بتحبي ادارة الأعمال أوى

صمتت .. ودت لو قالت له بل أحبك أنت .. قالت له “آيات” بإهتمام :

– ممكن أسأل حضرتك سؤال

– اتفضلى طبعاً

قالت “آيات”وهى تنظر اليه مبتسمه :

– ليه اتقدمتلى .. اشمعنى أنا ؟

صمت “آدم” قليلا ثم قال :

– تفتكرى ليه ؟

قالت :

– أنا اللى بسأل

أخذ رشفة من العصير الموضوع أمامه ثم قال :

– بكرة تعرفى

نظرت اليه .. تحاول أن تعرف فيما يفكر .. ماذا يشعر .. ابتسم لها تلك الإبتسامه الساحرة الذى تذيب الجليد .. فخفق قلبها .. واتسعت ابتسامتها وهى تقول فى نفسها

:

– بحبك .. بحبك يا “آدم”

**************************************

بعد يومين .. كانت “آيات” جالسه فى شرفة غرفتها تتأمل القمر الذى اكتمل وصار بدراً .. تأملت ضوئه الفضى وهو يخترق ظلام السماء .. شعرت بأنه كقلبها .. يشع ضوءاً

وفرحاً .. ويبث فى جسدها شعوراً لذيذاً .. تذكرت حلمها .. الزرع .. الخضرة .. وفارسها على جواده الأصيل .. مقبل نحوها .. والشمس تزين الأفق .. يقف أمامها ويمد

يده .. فتبتسم وتصعد خلفه .. أفاقت من أحلامها على صوت طرقات الباب .. وقفت وفتحت الباب وابتسمت قائله :

– بابا .. انت لسه صاحى

ابتسم وهو يدخل قائلاً :

– أيوة حبيبتى .. وشوفتك وأنا فى الجنينة قولت آجى عشان أتكلم معاكى شوية

قالت له :

– اتفضل يا بابا

وقفا متجاورين فى الشرفة .. استنشق “عبد العزيز” عبير المساء .. ثم التفت الى ابنته يمسح بيده على شعرها وينظر لها فى حنان .. ابتسمت “آيات” واقتربت منه تلقى

برأسها على صدره .. قبل شعرها قائلاً :

– صعب عليا أوى فراقك .. بس كان لازم ييجى اليوم ده .. عارف لو يرضى .. كنت خليتكوا تعيشوا انتوا الاتنين معايا هنا فى الفيلا

ابتسمت “آيات” وقد رفعت رأسها لتنزر اليه فأكمل قائلاً :

– قوليلى الأولى .. ايه ردك ؟ .. المفروض أبقى عارف ردك عشان لما يتصل بيا بكرة

نظرت “آيات” الى يديها بخجل وهى تعبث بهما بتوتر .. فقال والدها ضاحكاً :

– أفهم يعني ان السكوت علامة الرضا

ضحكت قائله :

– يعني

قبل رأسها قائلاً وقد اغرورقت عيناه بالعبرات :

– مبروك يا حبيبتى .. مبورك

نظرت اليه وقد اغرورقت عيناها بالعبرات هى الأخرى وقالت :

– ليه بأه كده يا بابا .. بتعيط ليه

ابتسم والدموع فى عينيه قائلاً :

– مبعيطش ولا حاجة انتى اللى بتعيطي

مسحت الدمعة التى سقطت على وجهها وهى تقول بصوت مضطرب :

– مبحبش أشوفك بتعيط .. متعيطش تانى

ابتسم لها وهو يعانقها قائلاً :

– ربنا ما يحرمنى منك أبداً يا بنتى

أغمضت عينيها وهى تلف يدها حوله قائله :

– ولا يحرمنى منك يا بابا

****************************************

اتصل “آدم” بـ “عبد العزيز” ليعرف منه قرار “آيات” والذى يتوقعه بالفعل .. اتسعت ابتسامته الواثقة وهو يتلقى خبر موافقتها على طلبه للزواج منها .. قال “عبد

العزيز” :

– ياريت تشرفنى فى الفيلا يا دكتور “آدم” عشان نتكلم فى التفاصيل

قال “آدم” :

– حضرتك تؤمر .. ان شاء الله بكرة هكون عند حضرتك على الساعة 5 .. مناسب ؟

قال “عبد العزيز” :

– أيوة مناسب .. فى انتظارك ان شاء الله

أنهى “آدم” المكالمة وعيناه تلمع خبثاً ومكراً وقد أسعده اقترابه من تحقيق هدفه .. دخلت “بوسى” غرفة المعيشة وطوقت بذراعيها رقبة “آدم” الجالس على الأريكة ..

أرغم نفسه على الابتسام فهمست فى أذنه :

– وحشتنى أوى

قال لها :

– وانتى كمان

همست قائله :

– طيب آعد لوحدك ليه

قال “آدم” وهى يرفع هاتفه :

– كنت بتكلم فى الموبايل

جذبته قائله بدلال :

– طيب كفاية شغل بأه

نهض وقبل وجنتها قائلاً :

– حاضر يا حبيبتى

*************************************

كان “آدم” فى طريقه الى بيت “آيات” .. عندما رن هاتفه .. ابتسم بسخرية ثم رد قائلاً :

– هاى “ساندى”

قالت “ساندى” بمرح :

– هاى دكتور .. ازيك

– تمام

قالت بمرح :

– بقولك ايه يا دكتور هو الامتحان بتاع المرة اللى فاتت ده كان مهم يعني

ابتسم قائلاً :

– أها مهم ودرجاته مخصومه من توتل المادة

قالت بدلال :

– أصل أنا مكنتش مستعده .. وبصراحة معرفتش أجاوب على أى سؤال .. ورقتى بيضا يعني

قال “آدم” بمرح :

– يعني هتاخدى o كبيره

قالت “ساندى” بمرح :

– وأهون عليك يا دكتور تديني O .. مكنش عيش وباتيه

ضحك قائلاً بلؤم :

– لو وعدتيني انك تذاكرى مادتى كويس أنا هغير ال O دى

قالت بحماس :

– ده أنا هعد دلوقتى أكل الكتب مش بس أذاكر

قال “آدم” بخبث :

– ماشى يا “ساندى” .. متقلقيش

قالت بدلال :

– واثق انى مقلقش

قال :

– طالما “آدم” قالك متقلقيش يبقى متقلقيش

قالت بسعادة :

– ميرسي يا دكتور

أنهى “آدم” المكالمة وهو يبتسم لنفسه بسخرية

**************************************

قال “آدم” لـ “عبدالعزيز” وهو جالس معه فى فيلته :

– أنا بقول نخليها كتب كتاب مع الخطوبة

ضحك “عبد العزيز” قائلاً :

– بالسرعة دى يا دكتور

قال “آدم” مبتسماً :

– أنا جاهز يا “عبد العزيز” بيه .. ايه يخليني أستنى

قال “عبد العزيز ” :

– على الأقل تستنى تشوف هتقدروا تتفاهموا مع بعض ولا لاء

قال “آدم” بثق :

– لا حضرتك متقلقش أنا واثق ان أنا و “آيات” هنتفاهم كويس .. ومش هيكون فى أى مشاكل بينا

صمت “عبد العزيز” يفكر .. ثم قال :

– بصراحة يا دكتورة . .أنا مش حابب السرعة دى .. على الأقل يكون فى شهر بين الخطوبة وكتب الكتاب

شعر “آدم” بالضيق .. لكنه ابتم قائلاً :

– مفيش مشكلة نخليها شهر وبعدها نكتب الكتاب

قال “عبد العزيز” :

– وناوى الفرح يكون امتى ؟

صمت “آدم” وقد بوغت بالسؤال .. فخطته لن تصل الى يوم العرس أبداً .. خطته ستكتمل بكتب الكتاب .. هذا هو هدفه الذى يريد أن يصل اليه .. بالإضافه الى أنه لو وصل

الى العرس فسينكشف أمر .. وينكشف كذبه .. فهو لا يملك تلك الشقة الفاخرة التى ادعى أنها ملكه .. ولا يملك حتى ما سيدفعه لإقامة حفل العرس .. لذلك فخطته ستتوقف

عند كتب الكتاب .. هو فقط يريد “آيات” فى يده .. أو بمعنى أصح .. يريد روحها فى يده .. ليتحكم فيها وفيهم كيفما شاء .. ويسترد حقه المسلوب .. أفاق من شروده

قائلاً :

– نحدد سوا المعاد .. مفيش معاد محدد فى بالى

اقتربت “آيات” فى تلك اللحظة .. فنهض “آدم” ومد يده ليسلم عليها قائلاً :

– ازيك يا آيات”

أجابت مبتسمه :

– كويسة الحمد لله

قام “عبد العزيز” وتركهما بمفردهما .. رفعت رأسها لتجد نظرات “آدم” مثبتة عليها فإبتسمت بخجل .. ثم قالت :

– اتفقتوا على ايه ؟

قال “آدم” مبتسماً :

– اتفقنا ان الخطوبة هتكون بعد اسبوع .. وكتب الكتاب بعدها بشهر

قفز قلب “آيات” فرحاً فسألها “آدم” وهو يراقب تعبيرات وجهها التى تشع سعادة :

– ايه رأيك ؟

قالت بصوت مضطرب :

– تمام .. مفيش مشكلة

بدت على “آدم” ملامح الجدية ثم قال :

– انتوا ليه مقاطعين عمك “سراج” ؟

لم تكن تلك المعلومة مفاجئة بالنسبة الى “آدم” .. أو اكتشفها بعد أن تقدم لخطبتها .. بل تلك المعلومة تحديداً هى ما جعلت “آدم” يقدم على طلب يدها بقلب جامد

.. لأن مادامت الخيوط منقطعة بينها وبين عمها .. إذن فلن يعرف بأمر خطبتها .. ولن يلتقيه “آدم” إلا فى اللحظة التى يريدها “آدم” .. يريد أن يخفى هذا الأمر عن

“سراج” حتى تأتى اللحظة الحاسمة .. فيكشف أوراقه ويربح كل الموجود على الطاولة .. قالت “آيات” بحزن :

– مش عارفه بصراحة

قال “آدم” بإستغراب :

– ازاى يعني مش عارفه

قالت “آيات” شارحه :

– بابا مقاطعه من زمان .. وقالى ان حصل خلاف كبير أوى بينهم وقاطعوا بعض .. لكن مرضاش يحكيلى المشاكل اللى حصلت بينه وبين عمو

قال “آدم” بإهتمام :

– وولاد عمك انتى على علاقة بيهم ؟

قالت “آيات” بحزن :

– لا بابا منعنى انى اتكلم معاهم وهما كمان محدش فيهم بيكلمنى .. هو عنده بنت واحدة وولد واحد .. بس للأسف بقالنا سنين مشوفناش بعض ومنعرفش أى حاجة عن بعض

ابتسم “آدم” وهو يشكر الظروف التى تساعده على استكمال خطته دون أى منغصات

**************************************

هتفت “ريم” ضاحكة :

– مش قادرة أبطل ضحك .. دكتور “آدم” هيخطب وانتى عماله مصدعانى ليل نهار ده كلمنى يا “ريم” .. ده بيقولى كذا يا “ريم”

هتفت “ساندى” بحنق وهى تهب واقفة :

– “ريم” لو مبطلتيش ضحك هسيبك وأمشى

قالت “ريم” وهى تحاول كتم ضحكاتها :

– خلاص خلاص اعدى

جلست “ساندى” قائله بحنق :

– وبعدين انتى هبلة ؟ .. انتى فاكرانى بحبه ولا ايه .. أنا بس عايزه اننا نبقى صحاب لانى بحب النظرة اللى بشوفها فى عين البنات لما بكون واقفه معاه

قالت “ريم” بتهكم :

– وهى خطيبته بأه هتسمحله يقف معاكى تانى .. خلاص يا بنتى دى لو هتطول هتحسبه فى البيت ومتنزلوش منه

ثم انفجرت ضاحكة مرة أخرى فقالت “ساندى” بحنق :

– ليه ان شاء الله .. وبعدين دكتور “آدم” واحد فري جداً جداً ومش متخلف .. وهى لو عملت كده فعلاً يبقى بتخنقه وهتخليه يطفش منها بسرعة

صمتت قليلاً ثم قالت بثقة :

– بكرة تشوفى ان دكتور “آدم” هيفضل زى ما هو ومش هيتغير عشانها

*************************************

اقترب “آدم” من “بوسي” الواقفة فى المطبخ ولفها بذراعيه قائلاً :

– بتعملى ايه

ابتسمت له قائلاً :

– بعمل ساندوتشات للعشا

ثم قالت بمرح :

– فرحانه أوى انك هتبات معايا النهاردة كمان

قبل وجنتها قائلاً :

– أعمل ايه بتوحشيني لما ببعد عنك

التفتت اليه قائله بسعادة :

– بجد يا “آدم” ؟

قال لها وهى يلعب بخصلات شعرها :

– طبعاً يا حبيبتى

ابتسمت له والتفتت مرة أخرى تكمل عملها .. بدا على “آدم” التردد قليلاً ثم قال :

– “بوسى” كنت عايز أطلب منك طلب

قالت مبتسمة :

– أأمر يا حبيبى

أخذ قطعة خيار ووضعها فى فمه ثم قال :

– محتاج 20 ألف جنية وهرهملك فى أقرب قوتك

صمتت قليلاً ثم قالت :

– عايزهم فى ايه ؟

قال ببرود :

– ايه تحقيق .. عايزهم وخلاص

توقفت “بوسى” عما تفعل والتفتت اليه قائله :

– بس يا “آدم” على الأقل عرفنى عايزهم فى ايه

قال ببرود وهو يرمقها بحده :

– خلاص انسى يا “بوسي”

ثم غادر وتوجه الى غرفة النوم .. هرعت “بوسي” خلفه تنظر اليه وهو يبدل ملابسه فقالت :

– بتعمل ايه يا “آدم”

قال ببرود دون أن يلتفت اليها :

– رايح البيت

قالت بحزن :

– مش انت قولتلى هتبات معايا النهاردة

قال دون أن ينظر اليها :

– غيرت رأيي أنا سايب ماما من امبارح

قالت “بوسي” :

– “آدم” ليه بتعمل كده .. انت عارف انى بكره أعد لوحدى .. بتخنق من الوحدة .. ليه مش عايز تعد معايا

التفت اليها “آدم” ونظر اليها بحدة قائله :

– أعد معاكى ليه هو انتى بتحبيني

اقتربت منه “بوسى” وقالت بصوت متهدج :

– أيوة بحبك يا “آدم” .. انت عارف انى بحبك

قال “آدم” بحزم :

– لو بتحبيني بجد يباه هتعملى اللى قولتلك عليه يا “بوسي”

قالت “بوسي” مبتسمة :

– خلاص يا حبيبى متزعلش بكرة هروح أسحبهم من البنك

قال “آدم” مبتسماً :

– متقلقيش هردهملك هما وكل الفلوس اللى خدتها منك قبل كده

قالت مبتسمة وهى تلقى بنفسها بين ذراعيه :

– أنا مش عايزاك تردهملى يا “آدم” .. أنا عايزاكى تفضل معايا ومتسبنيش أبداً

قال “آدم” بنظرات خاوية وصوت خاوى كالصوت الذى يخرج من الرسائل المسجلة :

– متخفيش يا حبيبتى مش ممكن أسيبك أبداً

*************************************

توجهت “آيات” بصحبة “آدم” لشراء دبل الخطوبة .. كانت فى قمة سعادتها وفرحتها وهى جالسه بجوار حبيبها فى سيارته .. امتدت يد “أدم” لتمسك بيدها .. فالتفتت وابتسمت

له فى سعادة .. نزل وفتح لها الباب فابتسمت له .. لكم تعشق رقته وتصرفاته الراقية .. دخلا محل الذهب لشراء دبلتين ذهبيتين .. فما كان أحدهما سيهتم بعدم جواز

لبس الذهب للرجل .. تناسيا ذلك أو لم يتذكراه أصلاً .. كانت “آيات” تبتسم فى سعادة وهى تختار الدبلة التى ستتوج أصابعها .. راقب “آدم” تعبيرات وجهها الفرحه

.. وابتسامتها التى لم تفارقها كلما رآها .. أخيراً اختارت ما أعجبها .. وطلب منها “آدم” اختيار خاتم كهدية للخطبة .. ابتسمت فى سعادة واختارت الخاتم .. أعطى

“آدم” ما اختاروه لصاحب المحل وقبل أن يحاسبه قالت “آيات” للرجل بسعادة :

– لو سمحت اكتب “آدم” و “آيات” على كل دبلة وكمان اكتب 25 سبتمبر سنة ….

شعر “آدم” بالدهشة من التاريخ الذى اختارته .. فهذا التاريخ يبعد ثلاث سنوات ونصف عن التاريخ الخالى .. ذهب الرجل لينفذ طلبها فاقترب منها “آدم” قائلاً :

– اشمعنى التاريخ ده

نظرت اليه بعنيان تشعان حباً وهى تقول :

– تاريخ أول مرة اتقابلنا فيها

عقد “آدم” ما بين حاجبيه فى دهشة ونظرة لها وهو لا يعى ما تقول .. فقالت مبتسمة :

– أول مرة اتقابلنا فيها .. كان فى أول شهر ليا فى الجامعة .. تاكسى خبط فى الرصيد والسواق وقف يتخانق معايا .. انت جيت ودافعت عنى .. وفضلت واقف جمبي لحد ما

بابا جه ودفع للراجل الفلوس

نظر اليها “آدم” بدهشة .. أخيراً تذكر أين رآى والد “آيات” من قبل .. لكن الشئ الوحيد الذى لا يستطيع تذكره .. هو “آيات” نفسها .. لم تكن هى تلك الفتاة التى

رآها يومها .. أخذ ينظر اليها ويتأملها جيداً .. تلك الفتاة الواقفة أمامه الآن والتى تبدو كفتيات الإعلانات مختلفة تماماً عن تلك الفتاة البريئة النقية التى

رآها من قبل .. والتى لفتت انتباهه يومها .. برقتها وبساطتها ووجهها البرئ الذى كانت تعلوه حمرة الخجل كلما التقت أعينهما .. شعر بالدهشة تغمر كيانه وهو يتساءل

فى نفسه .. أين ذهبت تلك الفتاة البريئة ؟! .. لماذا أصبحتى كما أراكى الآن ؟!

عرض التعليقات (13)