يوم عرفة ؛ أفضل الأيام
يوم عرفة ؛ أفضل الأيام
لقد شرف الله تعالى هذا اليوم وفضله بفضائل كثيرة؛ منها:
أولا : أنه أفضل الأيام..
لحديث جابر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال :
(أفضل الأيام يوم عرفة) .
وحديث جابر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال :
(مَا مِنْ يَوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، يَنْزِلُ اللَّهُ تَعَالَى إلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الْأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاء).
وفي رواية :
(إنَّ اللَّهَ يُبَاهِي بِأَهْلِ عَرَفَةَ مَلَائِكَتَهُ، فَيَقُولُ: يَا مَلَائِكَتِي، اُنْظُرُوا إلَى عِبَادِي، قَدْ أَتَوْنِي شُعْثا غُبْرا ضَاحِينَ).
ثانيا : أنه يوم إكمال الدين وإتمام النعمة..
فقد روى البخاري بسنده :
” قالت اليهود لعمر : إنكم تقرأون آية لو نزلت فينا لاتخذناها عيدا !!
فقال عمر : إني لأعلم حيث أنزلت، وأين أنزلت وأين كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حين أنزلت ؛ نزلت يوم عرفة ، وإنا والله بعرفة ، -قال سفيان: وأشك كان يوم الجمعة أم لا- {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينا} (المائدة3) ” .
وإكمال الدين في ذلك اليوم حصل لأن المسلمين لم يكونوا حجوا حجة الإسلام من قبل ؛ فكمل بذلك دينهم لاستكمالهم عمل أركان الإسلام كلها ، ولأن الله أعاد الحج على قواعد إبراهيم -عليه السلام- ، ونفى الشرك وأهله فلم يختلط بالمسلمين في ذلك الموقف منهم أحد.
وأمام إتمام النعمة فإنما حصل بالمغفرة ؛ فلا تتم النعمة بدونها ، كما قال الله تعالى لنبيه :
{لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} (الفتح2).
ثالثا : أنه يوم عيد..
فعن أبي أمامة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال :
(يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهي أيام أكل وشرب) .
رابعا : أن صيامه يكفر سنتين..
قال النبي -صلى الله عليه وسلم- :
(صيام يوم عرفه أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده) .
خامسا : أنه يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار..
عن عائشة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال :
(ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو، ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء) .
قال ابن عبد البر :
” وهو يدل على أنهم مغفور لهم؛ لأنه لا يباهي بأهل الخطايا والذنوب إلا بعد التوبة والغفران ” .
أما الأعمال المشروعة فيه فهي :
أولا : الصيام..
فقد ورد أن صومه يكفر الله به السنة الماضية والباقية،والمراد بذلك تكفير صغائر الذنوب .
فقد روى أبو قتادة، قال :
” سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن صوم يوم عرفة ، فقال :
(صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، إِنِّي أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ) ” .
فيستحب صيامه لغير الحاج، أما الحاج فلا ينبغي أن يصومه ؛ حتى يتقوى على الوقوف وذكر الله تعالى.
وهو يوم مغفرة الذنوب والعتق من النار، والمباهاة بأهل الموقف ..
عن عائشة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال :
(مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدا مِنْ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمْ الْمَلَائِكَةَ فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ).
ثانيا : التكبير..
لأن التكبير من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق ، قال بالإجماع : عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود -رضي الله عنهم- ..
ولأن الله تعالى قال :
{ واذكروا الله في أيام معدودات }
وهي أيام التشريق ، فتعين الذكر في جميعها ..
ولأنها أيام يرمى فيها ، فكان التكبير فيها كيوم النحر ..
وقوله تعالى :
{ويذكروا اسم الله في أيام معلومات}.
ولما روى جابر: (أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى صبح يوم عرفة ، وأقبل علينا ، فقال : [ الله أكبر الله أكبر ] ومد التكبير إلى العصر من آخر أيام التشريق).
وفي بعضها : ” الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر ولله الحمد ” .
ولأنه إجماع الصحابة -رضي الله عنهم-.
وروى بإسناده عن عمير بن سعيد :
أن عبد الله كان يكبر من صلاة الغداة يوم عرفة إلى العصر من يوم النحر ، فأتانا علي بعده فكبر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق : [ الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ] .
وهذا التكبير يسمى :
*التكبير المقيد*
وهو يبدأ من فجر يوم عرفة إلى غروب شمس آخر أيام التشريق -بالإضافة إلى التكبير المطلق- ..
فإذا سَلَّم من الفريضة واستغفر ثلاثاً وقال : ” اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام ” بدأ بالتكبير.
هذا لغير الحاج ؛ أما الحاج فيبدأ التكبير المقيد في حقه من ظهر يوم النحر (يوم العيد) .
ثالثا : الإكثار من الذكر والدعاء..
قال النبي -صلى الله عليه وسلم- :
“خير الدعاء: دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير)” .
ويبدأ وقت الدعاء يوم عرفة من بعد الزوال؛ أي من بعد صلاة الظهر ، ويشتد عشية عرفة؛ أي من بعد صلاة العصر إلى المغرب حين ينزل رب العزة -جل وعلا- إلى السماء الدنيا فيباهي بالحجاج ملائكته ..
فعن أم سلمة -رضي الله عنها- زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- تقول:
( نِعْمَ اليوم، يوم ينزل الله تعالى فيه إلى السماء الدنيا، قالوا: وأي يوم؟ قالت: يوم عرفة ) .
حديث حسن .
وفي هذه الأحاديث إثبات نزول الله -جل وعلا- ، وأنه سبحانه ينزل إلى السماء الدنيا يوم عرفة -عشية عرفة- ، ينزل نزولا يليق بجلاله وعظمته ، ينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا ، حين يبقى ثلث الليل الآخر ، وينزل -سبحانه وتعالى- عشية عرفة ، ويباهي بأهل الموقف أهل السماء ، ويقول الرب -سبحانه-:
( يا ملائكتي، انظروا إلى عبادي أتوني شُعْثًا غُبْرًا، من كل فج عميق، أشهدكم أني قد غفرت لهم) .
فهذا النزول يليق بجلاله وعظمته، ينزل إلى السماء الدنيا، وهو -سبحانه وتعالى- فوق المخلوقات.
فتنبهوا لهذا اليوم العظيم..
يوم عرفة ليس يوما لتنظيف البيوت!!
ولا يوم للتسوّق!!
ولا يوم للنوم والراحة!!
إنّه يوم شرّفه الله ..
إنّه يوم عظّمه الله ..
إنَه يوم يباهي الله بأهل عرفة أهل السماء ..
إنّه يوم العتق من النيران ..
إنّه يوم الطاعة والإجتهاد في العبادة ..
وأفضل الدعاء ،، دعاء يوم عرفة
فاجتهدوا بألّا يخلو نَفَسٌ من أنفاسِكم من ذكر أو طاعة أو قربة تتقربون بها ،،
فإنها لو كانت معكم جوهرة من جواهر الدنيا لساءكم ذهابها ،،
فكيف تضيِّعون أفضل أيام الدُّنيا ؟؟
فلا تنشغلوا في هذه العشية بشيء سوى قربكم من الله ومناجاته ..
وابكوا .. وإن لم تبكوا فتباكوا
وقولوا :
يا رب.. لا قدرة لي على قلبي فأتِ به وقربه إليك وامنن عليه وأشغله بحبك ومرضاتك ..
ﮩ•┈┈••✾•◆❀◆•✾••┈┈•ﮩ
هذا.. والله أعلم
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين