قصة موسى والخضر
قصة موسى والخضر
تفرق بنو إسرائيل في الصحراء بسبب عصيانهم لأوامر الله ، فلم يعد أحد منهم يعرف مكان اخيه، أما موسى فقد سار ومعه فتى من قومه كان يساعده في قضاء حوائجه، وكان الله قد وعد موسى بأن يلتقي برجلٍ عالمٍ صالحٍ يعلمه أشياء كثيرة لا يعلمها، وأخبره بأنه سيلقى هذا الرجل عند مجمع البحرين، فقال موسى لفتاه: “لابد أن أسير حتى أصل لمجمع البحرين”. سار موسى وغلامه قاصدين رؤية ذلك العبد الصالح، وكان الغلام قد اصطاد حوتاً من السمك ليصنع منه غذاءً لنفسه ولموسى، وعندما وصلا إلى نقطة التقاء البحرين وجدا هنالك صخرة كبيرة فجلسا عليها يستريحان من تعب السفر، ووضع الفتى حوته بجانبه ونسيه. وانتظر موسى ذلك الرجل الصالح، ولكنه لم يجده فقام يبحث عنه هنا وهناك حتى ابتعد عن مجمع البحرين، وعندما أحس موسى بالجوع قال للفتى: “آتنا غذاءنا، لقد لقينا من سفرنا هذا تعباً ومشقة.” فقال الفتى:” أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة، فإني نسيت الحوت.” فقال موسى في نفسه: “لابد أن الله يريدنا أن نرجع إلى مجمع البحرين.” وأمر موسى الفتى بالعودة معه حتى مجمع البحرين مرة أخرى. وعندما عادا إلى مجمع البحرين وجدا ذلك الرجل الصالح الذى كان قد وعده الله بلقائه، وقال موسى له:”هل أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشداً؟” ، فقال له الرجل:”إنك لن تستطيع معي صبراً” ، فرد موسى قائلاً : “ستجدني إن شاء الله صابراً ، ولا أعصي لك أمراً” ، فقال له الرجل الصالح : “إذا كنت ستتبعني، فلا تسألني عن أى شئ أقوم بعمله.” فوافق موسى، وذهب مع الرجل الصالح. سار الرجل الصالح وموسى حتى وصلا إلى مكان ترسو فيه المراكب، فركب الرجل الصالح سفينة وركب معه موسى، وبينما كانت السفينة في وسط الماء وجد موسى أن الرجل الصالح قد أخذ مسمار ومطرقة وأخذ يخرق السفينة حتى أحدث فيها ثقباً، ففزع موسى وقال للرجل: “هل أخرقتها لتغرق أهلها؟” فقال له الرجل:”ألم أقل لك أنك لن تستطيع معي صبراً؟” فقال له موسى: “لا تؤاخذني بما نسيت،” ووعد الرجل بأن يسكت. نزل موسى والرجل الصالح من السفينة، وبينما هما يسيران إذ وجدا غلاماً يلعب فقتله الرجل، ففزع موسى وصرخ قائلاً:” أقتلت نفسا زكية بغير نفس؟” فقال له الرجل :”ألم أقل لك أنك لن تستطيع معي صبراً.” تذكر موسى وعده للعبد الصالح، فوعده مرة أخرى بألا يتكلم بعد الآن. استأنف موسى والعبد الصالح مسيرهما حتى وصلا إلى قرية، ولم يكن معهما طعام أو نقود. وعندما شعر موسى والفتى الذي معه بالجوع تقدم موسى ومعه الرجل ليطلبا الطعام، ولكن لم يرد أحد من أهل المدينة أن يعطيهما شيئاً. وبينما هما يسيران في المدينة فإذا بهما يجدان جداراً مائلاً يريد أن ينهدم، فأخذ الرجل يرمم هذا الحائط ويقويه حتى أصبح الجدار متيناً، وعندما أراد الرجل أن ينصرف قال له موسى “لقد رممت الجدار في تلك القرية التي لا تجد فيها طعاما ولا نقود، ألا تستطيع أن تطلب أجراً على هذا العمل، فإنك لو شئت لأتخذت عليه اجرا.” قال الرجل الصالح لموسى: هذا فراق بيني وبينك، سأخبرك بتفسير هذه الأشياء التي لم تصبر عليها”. أما فالسفينة التي أخرقتها فيملكها جماعة من المساكين، ويرتزقون منها ، وكانوا في طريقهم إلى ملك ظالم يأخذ كل سفينة غصباً، فأردت أن أعيبها بهذا الخرق حتى لايأخذها هذا الملك . أما الغلام فهو ولد شرير، وقد أعلمني الله بأنه سيصبح كافراً إذا كبر ،وأنه سيسبب لوالديه مصائب كثيرة، وقد أراد الله أن يموت هذا الغلام ليرزق أهله خيراً منه، ولهذا قتلته. أما الجدار المتهدم فكان لغلامين يتيمين، وكان تحته كنز لهما، ولو أنني تركت الجدار يتهدم لظهر هذا الكنز ونهبه أهل القرية من الغلامين الصغيرين، أما الآن فسيبقى الكنز تحت الحائط حتى إذا كبر الغلامان انتفعا به، وكل ما فعلته كان بأمر الله. رفع موسى وجهه إلى السماء ليشكر الله على لقاء هذا الرجل الصالح الذى علمه أشياء كثيرة ، حيث انه علمه كيف يصبر ، وألا يلوم الناس على الأشياء التى لايعرف سرها ، وعلمه أيضاً أن الانسان لايعرف أشياء كثيرة، وأن الانسان يجب أن يعمل الخير حتى و إن لم يأخذ أجراً عليه، ثم نظر موسى إلى جانبه فلم يجد الرجل الصالح، فلقد انطلق إلى حيث يعلم الله وحده.