مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء التاسع
مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء التاسع
البارت السادس عشرة
دخلت “ياسمين” بيتها وهى تقدم رجلاً وتؤخر الأخرى .. كانت تراه لأول مرة بعدما انتهت والدة “مصطفى” وأختها و “سماح” من تنظيمه وترتيبه
دخلت ووقفت وسط الصاله وكأنها عابرة سبيل ضلت طريقها ولا تهتدى الى وجهتها .. أفاقت من شرودها على صوت باب الشقة الذى أغلقه “مصطفى” عليهما .. التفتت لتنظر اليه وقلبها يكاد يصم أذنيها من علو صوت دقاته .. ثم .. ابتسم “مصطفى” واقترب منها بخطوات بطيئه …
عندما مد يده وأمسك ذراعها وأراد ضمها اليه أوقفته بإشاره من يدها .. فقال متبرماً :
– ايه تانى مش خلاص .. اديكي بقيتي مراتي أهو ..
أطرقت “ياسمين” برأسها وقالت بخجل :
– مش هينفع
احتد “مصطفى” قائلاً :
– هو ايه ده اللى مش هينفع ؟
“قالت “ياسمين” وهى مازالت مطرقه برأيها :
– الحادثة هى السبب
– حادثة ايه ؟
– العربية اللى خبطتنى من اسبوعين .. هى السبب
ازدادت حدة “مصطفى” قالئلاً:
– ايه اللى جاب القالعة جمب البحر
ازداد احمرار وجنتاها وجاهدت لتخرج صوتها قائله :
– يعني أقصد أقول معاد الفرح اتأجل اسبوع عشان رجلى كانت فى الجبس
– وايه علاقة ده بينا دلوقتى
ازداد ارتباكها قائله :
– يعني المعاد الجديد .. مكنش مناسب بالنسبه ليا .. يعني .. يعني .. مش هينفع
قال “مصطفى” وقد ثارت ثائرته :
– وأما هو المعاد الجديد مكنش مناسب لجنابك ما قولتيش كده ليه من الأول كنا غيرنا الزفت المعاد
قالت وقد تساقطت عبراتها على وجنتيها :
– اتكسفت أقول لبابا
– وموضوع مش هينفع ده .. هيستمر أد ايه ؟
– 6 أيام
– الله أكبر يعني الأجازة اضربت
تركها “مصطفى” وسط الصاله ودخل يغير ملابسه وهو يبرطم ..
**********************
– يارب .. يارب .. احميه يارب .. يارب احميه يارب
تفوهت “كريمة” بتلك العبارة هى جالسه بجوار زوجها أمام غرفة العمليات بالمستشفى .. ثم أكملت قائله :
– ليه ابنى يحصله كده .. ليه يارب
قال زوجها الجالس بجوارها :
– انتِ مؤمنة يا كريمة حرام اللى بتقوليه ده
قالت باكيه :
– عارفه بس غصب عنى قلبي محروق على ابنى أوى
– طيب استغفرى ربنا وادعيله زى ما بدعيله بدل الكلام اللي يغضب ربنا ده
– استغفر الله .. استغفر الله .. يارب ده ابنى الوحيد اللى مليش غيره .. يارب احميه يارب
ثم التفتت الى زوجها قائله :
– “نانسي” و “نادين” كويسين ؟
تنهد بحسره قائلاً :
– ايوة انا لسه كنت عندهم من شويه كلها خدوش بسيطه .. لكن اللى تاعبنى موت والدها الله يرحمه
– الله يرحمه ويغفرله ويتجاوز عن سيئاته .. طيب هما عاملين ايه دلوقتى ؟
سكت قليلاً ثم قال :
– ولا أى حاجه
– يعني ايه ولا أى حاجه
– مش عارف هما كده من الصدمة ولا ايه بالظبط .. بس مش باين عليهم أى تأثر
– غريبة ازاى يعني دى جوزها .. ودى أبوها
– مش عارفه .. أكيد لسه مفاقوش من الصدمة
عاود “كريمة” قلقها على ابنها الذى يرقد داخل حجرة العمليات وأخذت تستغفر ربها وتناجيه
**********************
قام “مصطفى” بتغيير ملابسه وتوجه الى حجرة المعيشة يشاهد ويقلب فى قنوات التلفاز .. دخلت “ياسمين” حجرة النوم بعدما خرج منها “مصطفى” جلست على طرف الفراش والدموع تتساقط من عينيها .. تشعر وكأنها غريبه فى مكان غريب معزوله عن العالم … شعرت بالإشتياق لـ “ريهام” وللحديث معها .. وشعرت بالحنين الى والدها الذى رغم قسوته عليها الا أنها تحبه بشده وتشعر بالأمان وهى فى بيته .. كم تمنت ترك هذا البيت والعودة الى بيتها مرة أخرى .. تذكرت أمها وتمنت أن تلقى بنفسها فى حضنها ولو لمرة أخيره .. مسحت عبراتها وقامت لتغير ملابسها .. ارتدت عباءة طويلة ذات أكمام طويله واحتارت هل تترك شعرها أم ترتدى حجابها .. فمازالت تشعر بأنها فى بيت غريب ومع رجل غريب .. جاهدت نفسها لتترك حجابها ولا ترتديه مذكره نفسها بأن هذا الرجل الجالس فى الخارج حتى ولو شعرت بأنه غريب إلا أنه الآن زوجها ويجب عليها حسن التبعل له والطاعه .. ولو رآها بالحجاب لإزداد غضباً على غضب .. خرجت من غرفة النوم وتوجهت حيث يجلس “مصطفى” وقفت على استحياء أمام الباب ,, ألقى عليها “مصطفى” نظرة ساخره على ما كانت ترتديه ثم أعاد نظره الى التلفاز مرة أخرى .. وقفت قليلا ثم قالت :
– تحب تتعشي
قال بحده :
– لا مش عايز زفت
تركته ودخلت غرفة النوم مرة أخرى وهى تشعر بأن هناك أيام بائسه تنتظرها فى بيت “مصطفى”
**********************
خرج الطبيب من غرفة العمليات فنهضت “كريمة” وزوجها بسرعه وتوجها اليه ,, قالت “كريمة” بلهفه :
– خير يا دكتور الله يباركلك طمنى على ابنى
طمأنها الطبيب قائلاً :
– لا اطمنى هو كويس الحمد لله
قال والده :
– يعتي مفيش فيه أى مشكلة
– الحمد لله حاله أحسن من غيره كل المشكله ان أعصاب دراعه الشمال اتضررت بشكل جزئي بالإضافة للكسور اللى في دراعه .. يعني هيحتاج فترة من العلاج الطبيعي والحجامه عشان الأعصاب تنشط تانى .. بس اطمنوا ان شاء الله خير
قالت “كريمة” فى قلق :
– يعني يا دكتور واثق انه هيكون كويس بالله عليك ما تخبي عليا
– أنا هنا طبيب يا حجه وبصارح أهالى المرضى بحالتهم بالتفصيل مينفعش أخبى عليهم حاجه .. وزى ما قولت لحضرتك هو بس بعد الجبس ما يتفك هيحتاج فترة من العلاج الطبيعي عشان ايده ترجع زى ما كانت
– اد ايه هياخد الموضوع ده
– حسب حالته وحسب استجابته .. منقدرش نحدد دلوقتى الا لما يفك الجبس ان شاء الله
– وايده هتفضل فى الجبس أد ايه يا دكتور
– مش أقل من شهرين .. عن اذنكوا
غادر الطبيب .. فالفتت “كريمة” لزوجها قائله :
– تفتكر الدكتور مخبي حاجه
– انتِ عايزه تقلقى نفسك وخلاص قالك انه لازم يكون صريح معانا وشرحلنا حالته بالظبط
– الحمد لله اللهم لك الحمد
ثم استطردت قائله بقلق :
– بس أنا خايفه دراعه ميرجعش تانى زى الأول
– احنا فين وبقينا فين يا “كريمة” قدر ولطف الحمد لله انها جت على أد كده
فى هذه الأثناء خرج من غرفة العمليات ترولى محمولاً عليه “عمر” فتوجهت اليه “كريمة” مسرعه وربتت بكفها على رأسه قائله :
– “عمر” انت كويس .. رد عليا يا ابنى
قالت لها الممرضة :
– هو دلوقتى فى البينج .. ان شاء الله شويه ويفوق
..أدخلوه الغرفة المخصصه له وجلست ؟كريمة” بجواره تمسك مصحفها وتتلو آيات من كتاب الله
**************************
نظرت “نانسي” الى الكدمات الى تعلو وجهها فى مرآة صغيره بيدها فى غرفتها بالمستشفى .. وقالت بعصبيه :
– اتشوهت .. وشى اتشوه
نظرت لها “نادين” النائمة على الفراش فقائله :
– انتِ معندكيش دم ؟ ابوكِ مات يا “نانسي”
نظرت لها “نانسي” قائله :
– يعني عايزه تفهميني ان انتِ زعلانه عليه ؟.. بصراحه أنا مش حسه بأى حاجه .. عارفه ليه .. لأنه عمره ما حسسنى ان ليا أب .. يخاف عليا وياخدنى فى حضنه ويقولى كده صح وكده غلط .. عمرى ما حسيت بوجوده فى حياتي .. كان طول الوقت اما مسافر واما فى الشغل .. ايه اللي يخليني أزعل انى فقدت حاجه أصلا مكنتش موجوده فى حياتي
– حتى لو كده .. برده خلى عندك دم شويه أهل خطيبك يقولوا ايه علينا
قالت “نانسي” بسخرية :
– خطيبي ؟ .. هو بعد اللي أنا حكيتهولك و اللى حصل فى بيت المزرعة متوقعة ان “عمر” هيفضل خطيبي
قالت لها “نادين” بعصبيه :
– ما انتِ بنى أدمه غبيه .. لسه مفهمتيش “عمر” وعشان كده عماله تحطى نفسك فى مواقف غبيه زيك
– اوووووف .. خلاص مفيش داعى للكلام ده .. خلاص الموضوع انتهى
نظرت لها “نادين” بغل قائله :
– مش بقولك غبيه .. موضوع ايه اللي انتهى .. الأمور هترجع بينك وبني “عمر” زى الأول وأحسن
قال “نانسي” بسخرية :
– ازاى ان شاء الله
ابتسمت ابتسامه خبيثة وقالت :
– هقولك ازاى
***********************
دخل “مصطفى” الى غرفة النوم فأسرعت “ياسمين” الجالسه على طرف الفراش بالنهوض والتفتت وأولته ظهرها وأخذت تمسح عبراتها التى تساقطت على وجنتيها .. دخل “مصطفى” الفراش وتدثر بالغطاء وأغمض عينيه دون التفوه بكلمه
أخذت “ياسمين” مخده صغيره وغطاء من الدولاب وتوجهت الى غرفة المعيشة .. نامت على الاريكة وتدثرت بغطائها وقد أخذت العبرات تتساقط على وجنتيها مرة أخرى
استيقظت فى اليوم التالى عندما شعرت بيد تهزها بقوة وبصوت “مصطفى” وهو يقول :
– انتِ يا مدام .. قومى عايزين نفطر
هبت “ياسمين” جالسه على الأريكة .. وأعادت خصلات شعرها الثائرة الى الخلف وأغمضت عينيها للحظات تحاول تذكر أين هى وماذا تفعل هنا
– يلا أنا جعان
عادت “ياسمين” الى الواقع مرة أخرى .. فنهضت من على الأريكة وقال:
– صباح الخير .. حاضر هحضره دلوقتى
لم يرد “مصطفى” فأخذت غطائها ومخدتها ودخلت غرفة النوم وأعادت ترتيب السرير ثم توجهت الى الحمام وأخذت دش ساخن لعلها تشعر بالإرتياح .. أنهت حمامها ودخلت المطبخ تحضر الفطور لأول مرة فى هذا البيت الغريب .. نظرت الى مقتنياتها وأدواتها المطبخية وتذكرت كل قطعة فيه .. كان لكل قطعة بهجه خاصة .. تذكرت كيف كانت أمها ومنذ كانت “ياسمين” صغيره تشترى لها ولأختها أشياء لجهازهما .. كانت تفرح كلما اشترت لها أمها شيئاً جديدا وتسعد وهى تضيفه الى ذلك الصندوق الكبير الذى احتوى جهازها والتى كانت تضعه تحت سريرها .. تذكرت كم حلمت بإستخدام تلك الأشياء عندما تتزوج ويصبح لها بيت خاص بها وزوج محب ..وهنا اختفت الإبتسامه من شفتيها .. نعم حصلت على البيت .. لكن أين هو الزوج المحب ! ..لم ترد لليأس أن يسيطر عليها وينغص عليها عيشها .. كانت تكره الفشل والاستسلام له .. عاهدت نفسها أن تبذل قصارى جهدها فى انجاح زواجها وبث الألفة والود داخل جدران هذا البيت .. شرعت تحضر طعام الفطور فى مرح والابتسامه تعلو شفتيها
**********************
تململ “عمر” فى فراشه فى غرفته بالمستشفى وفتح عينيه وأخذ يدور يعينه فيما حوله ويحاول تذكر ما حدث له .. نظر بجواره ليجد “كرم” وهو يغط بالنوم على كرسي مجاور لفراشه .. انتبه “عمر” ليده اليسرى والتى كانت موضوعه من الكف لبداية عظمة الكتف فى الجبيره .. نادى صديقه قائلا :
– “كرم” .. “كرم”
استيقظ “كرم” ونهض ليتفحص صديقه بعينيه قائلاً :
– “عمر” حمدالله على السلامه .. انت كويس
قال “عمر” وهو حائراً :
– أنا فين وايه اللى حصل ؟
– انت مش فاكرة حادثة امبارح
قال “عمر” بإندهاش :
– حادثة ايه ؟
صمت قليلا ثم قال :
– اه .. أنا آخر حاجة فاكرها ان كان فى عربية جايه مخالف ومش فاكر أى حاجه بعد كده
تنهد صديقه قائلاً:
– ايوة كان فى تريلا جت مخالف وللاسف العربيتين خبطوا فى بعض
قال “عمر” بسرعة :
– و “نانسي” وأبوها و مدام “نادين ”
قال “كرم” فى شئ من الأسى :
– “نانسي” و مدام”نادين” بخير .. حصلهم كدمات بس لأن العربيه اتقلب على الجهه اللى كنت انت ووالد “نانسي” أعدين فيها
– طيب ووالد “نانسي” حصله حاجه
– البقاء لله يا “عمر” .. توفى
هتف “عمر” قائلاً :
– لا حول ولا قوة الا بالله .. لا حول ولا قوة الا بالله
وفجأة انفتح الباب لتدخل “كريمة” التى انفرجت أساريها لرؤية “عمر” مستيقظاً وأقبلت نحوه فى سرعة وعانقته قائله :
– “عمر” حبيبتى حمدالله على سلامتك يا ابنى .. حمدالله على سلامتك
وأخذت تبكى بشده .. طوقها “عمر” بديه اليمينى وهدءها قائلاً :
– انا الحمد لله يا أمى ..بخير زى ما انتِ شايفه .. الحمد لله
وضعت رأسه بين كفيها تملى عينيها برؤيته قائله :
– الحمد لله .. الحمد لله كنت هموت لو كان جرالك حاجه
جذب “عمر” رأسها يقبله قائلاً :
– بعد الشر عليكِ يا حبيبتى .. أنا بخير أهو والحمد لله
أقبل والده يحتضنه وبقبل رأسه مرددا :
– الحمد لله انك رجعتلنا بالسلامه يا ابنى
قال “عمر” لوالده بقلق :
– ازى “نانسي” ومدام “نادين” دلوقتى
– كنا من شوية فى الدفنه و سبنا “كرم” معاك هنا عشان لو فوقت
شعر “عمر” بالأسى الشديد لفقدان “نانسي” والدها فقال :
– لا حول ولا قوة الا بالله أكيد اللى حصل صعب أوى عليهم
هتفت “كريمة” قائله بعصبيه :
– “عمر” دى آخر مرة تسوق فيها العربية بنفسك .. عندك سواق مبتخليهوش يسوقها ليه
– يا ماما الحادثة مكنتش غلطتى التريلا هى اللى جايه مخالف
– ولو ..مفيش سواقه عربية تانى
لم يرد “عمر ” مجادلة والدته التى يعلم جيداً ما تشعر به فى هذه اللحظة فردد قائلاً :
– حاضر يا أمى
فى تلك اللحظة سمعوا طرقات على الباب ثم انفتح الباب ليدخل الطبيب .. كشف على “عمر” وأخبره بنفس ما أخبر به والده ووالدته يوم أمس .. شعر “عمر” بالقلق وقال :
– يعني يا دكتور ان شاء الله ايدي هتبقى كويسة مش كده
– ايوة ان شاء الله بس الموضوع محتاج شوية وقت وزى ما قولت لوالدك امبارح منقدرش نحدد الوقت ده الا لما نفك الجبس ونشوف مدى استجابتك للعلاج الطبيعي .. بس متقلقش الضرر مكنش كبير أوى وان شاء الله فى وقت قصير ايدك ترجع تتحرك طبيعي تانى
قال له “عمر” بإمتنان :
– شكرا يا دكتور
فتح الطبيب باب الحجرة ليغادر فوجد “نانسي” التى وقفت على باب الغرفة لمحتها “كريمة” فنادتها قائله :
– تعالى يا بنتى
دخلت “نانسي” الغرفة بعينيها المتورمتين وبعض الكدمات التى تظهر على وجهها .. رآها “عمر” فى هذه الحاله فشعر بالأسي عليها ..نظر والد “عمر” الى زوجته و “كرم” نظره ذات معنى .. فغادر ثلاثتهم الغرفة .. اقتربت “نانسي” من فراشه وانسابت العبرات على وجنتيها قائله :
-” عمر” انت عامل ايه دلوقتى
قال بأسى :
– الحمد لله ..المهم انتِ عامله ايه .. البقاء لله يا “نانسي”
انفجرت “نانسي” باكية وجلست بجواره وألقت بنفسها على صدره وقالت :
– بابي مات يا “عمر” .. مش عارفه هعمل ايه من غيره .. كان كل حاجه في حياتي .. مش قادره أتحمل ده .. أنا تعبانه أوى يا “عمر ”
ربت “عمر” على ظهرها قائلا بأسى :
– قدر الله وما شاء فعل .. ربنا يرحمه ويغفرله
أبعدها عن صدره ليرى وجهها ومسح بكفه عبراتها وقال :
– اهدى يا “نانسي” وبطلى عياط وادعيله ..اللى هيفيده دلوقتى هو الدعاء
نظرت له بعتاب قائله :
– بابي سابنى .. وانت كمان هتسبنى يا “عمر” خلاص معدش ليا حد فى الدنيا دى
– انتِ ليه بتقولى كده
انفجرت فى البكاء مرة أخرى وقالت :
– لأن دى الحقيقة انت هتتخلى عنى وتسيبنى
ألقت نفسها على صدره مرة أخرى وقالت :
– أرجوك يا “عمر” ما تسبنيش أنا محتجالك أوى .. أنا مليش غيرك دلوقتى .. لو سبتنى هموت نفسي
شعر “عمر” بمزيد من الأسى قائلاً :
– “نانسي” استغفرى ربنا .. ايه اللي بتقوليه ده ..
نظرت اليه قائله بحزم :
– بقول اللى هعمله لو انت سبتنى يا “عمر” .. لو سبتنى هموت نفسي
قال “عمر” بقلق :
– طيب ممكن تهدى وتبطلى الكلام اللى بتقوليه ده ..
صمت قليلا ثم قال :
– وبعدين مين قالك انى هسيبك .. أنا مش هسيبك متخفيش
نظرت اليه بلهفه وابتسمت وسط دموعها قائله :
– بجد يا “عمر” مش هتسبنى
نظر لها وابتسم فى حنان قائلا :
– أيوة مش هسيبك .. بس يا خوفى انتِ اللى تسيبينى
قالت بسرعة :
– مستحيل اسيبك أبدا .. أنا أموت من غيرك
نظر “عمر” اليها بشئ من الشك ثم شرح لها وضعه ذراعه الصحى كما وصفه الطبيب .. فقالت :
– طيب يعني الدكتور قالك انك هتخف
– الله أعلم .. ده لسه ميقدرش يحدده دلوقتى .. ده على حسب استجابتى للعلاج الطبيعي وعلى حسب الضرر اللى حصل فى دراعي
أسرعت قائله :
– حتى لو مرجعتش ايدك طبيعيه تانى انا مش ممكن اسيبك ابدا
نظر لها “عمر” نظره طويله يحاول الغوص داخلها ليتبين صدقها ثم قال :
– واثقه ؟
قالت بحزم :
– ايوة واثقه
ابتسم لها “عمر” ثم طوقها بذراعه مرة أخرى
خرجت “نانسي” من حجرة “عمر” لتجد “كرم” فى الردهة يتحدث مع الطبيب .. انتظرت أن أنهى حديث ثم توجهت نحوه قائله :
– “كرم” خلى بالك من “عمر” أنا هروح أستريح فى البيت شويه
– متقلقيش عليه يا “نانسي” كلنا هنا معاه
قالت له فى براءه مصطنعه :
– أنا مش عارفه هروح البيت ازاى .. ومش هقدر استنى الشفير لحد ما يجيليى بالعربيه .. حسه انى تعبانه أوى
أسرع “كرم” قائلاً :
– طيب مفيش مشكلة أوصلك أنا
– بجد .. ميرسي يا “كرم”
– ثوانى بس هدخل أطمن على “عمر” وأقوله انى ماشي
انتظرته “نانسي” حتى جاء وانطلقا معا الى بيتها .. أوصلها ثم تركها وعاد الى المستشفى مرة أخرى
***************************
– مش كنتى تعملى حسابك بدل ما تعككنى على الواد يوم فرحه
ألقت أم “مصطفى” بهذه العباره عندما دخلت على “ياسمين” المطبخ وهى تعد العصير .. ارتبكت “ياسمين” وشعرت بالخجل الشديد ولم تتفوه ببنت شفه شعرت بالضيق والغضب فما بينها وبين زوجها لا يحق لأحد غيرهما معرفته وسبر أغواره بل والسؤال عنه أيضاً
قالت لها والدته بحده :
– أهلك علموكي لما حد كبير يكلمك مترديش عليه ؟
ارتبكت “ياسمين” وتمتمت:
– آسفه يا طنط
– طنط مين يا روح طنط .. أنا مش طنط
ازداد ارتباك “ياسمين” وشعرت بغصه فى حلقها وهى تقول : :
– آسفه قصدى يا ماما
تركتها أم “مصطفى” لتغادر المطبخ وهى تنظر اليا شذراً
بعدما انصرف المهنئين من أهله دخلت غرفة المعيشة لتجد “مصطفى” جالساً على اللاب توب منهمكاً .. فقالت له بنبره خافته :
– انت قولت لطنط ايه
رفع رأسه وكأنه تفاجئ بوجودها ثم نظر الى اللاب توب مرة أخرى قائلاً :
– طنط مين ؟
– قصدى ماما مامتك
ترك اللاب توب وهب “مصطفى” واقفاً وقال بحده :
– ااااااه بدأنا.. أمك قالت وأمك عادت .. بصى يا بنت الناس شغل الحموات الفاتنات ده ومشاكل الحريم اللى مبتخلصش أنا مليش فيه .. أنا راجل مش فاضى .. أمى دى تحطي جزمتها فوق راسك .. ومسمعكيش تشتكى منها أبداً ..أهو رسيتك على الدور من أولها يا بنت الناس مش عايز بأه أسمع كلمه تانية فى الموضوع ده
تجمعت الدموع فى عينيها لكنها تماسكت أمامه وقالت :
– أنا ما قولتش حاجه أنا بس كان قصدى أقول …
– لا تقولى ولا تعيدي .. أنا راجل البيت وأنا اللى أقول .. خلاص
عاود الجلوس مرة أخرى على الأريكة والتفت لللاب توب وقفت قليلاً ثم انصرفت ودخلت غرفة النوم تجلس على الفراش وتفكر قالت لنفسها (ايه يا ياسمين هى مش هتتظبط بأه هو من جهه ومامته من جهه أعمل ايه بس ياربى أنا لا بحب المشاكل ولا بطيقها يارب أنا مليش غيرك أصلح ما بيني وبين زوجى وأمه )
فى اليوم التالى أعدت “ياسمين” طعام الغداء وحاولت التنويع فى الأصناف وزينت الأطباق بطرق جميله وجذابه كانت”ياسمين” تحاول التأقلم على حياتها الجديدة ومحاولة كسب زوجها الذى أصبح جنتها ونارها وضعت الطعام على السفرة مع لمساتها الرقيقه فى التزيين دخلت لتنادى “مصطفى” القابع خلف شاشة حاسوبه .. قالت بإبتسامه رقيقه :
– “مصطفى” الغدا جاهز
نهض “مصطفى” والفت الإثنان حول طاولة الطعام .. نظر “مصطفى” الى الأطباق المرصوصه أمامه وقال بشئ من السخريه :
– هو ده بأه اللى أخرك فى عمايل الغدا
ابتسمت “ياسمين” قائله :
– كنت دايما بدخل على النت وبتعلم ازاى أزين الأطباق بالشكل ده وكنت بتمنى انى أطبق اللى اتعلمته فى بيتي أما أتجوز .. عجبك ؟
بدأ فى الأكل وقال والطعام فى فمه :
– بصراحه مليش فى الجو ده .. يعني حاسس انه ملوش لازمه تعبتى نفسك على الفاضى .. كده كده الأكل هيتاكل سواق ذوقتيه كده او ماذوقتيهوش
صدمت “ياسمين” بكلامه وشعرت بالإحباط لكنها تذكرت عهدها مع نفسها بألا تدع اليأس يتغلب عليها ويتمكن منها تذكرت عزمها على انجاح زواجها وكسب زوجها لتنال رضى ربها أمسكت ملعقتها وأخذت بتناول الطعام حانت منه التفاته اليها فتلاقت نظراتهما فشعرت بالخجل وأطرقت برأسها تنظرالى طبقها .. فقال “مصطفى” :
– انتِ على طول أكلك أكل عصافير كده لا أنا مبحبش النظام ده أنا مبحبش الست الرفيعه وشغل الرجيم والتنتفه فى الأكل أنا عايزك تملى شويه
قالت دون أن تنظر اليه :
– أنا مش بعمل رجيم ولا حاجه .. أنا أكلى كده .. مش بعرف أكل كتير
– لا تتعودى الست لازم تسمع كلام جوزها أما أقولك عايزك تتخنى يبقى لازام تتخنى يا اما هبص بره
وقعت كلماته كالصاعقة على رأسها ألا يكفيها ما تلاقيه منه منذ أول يوم لم تتخيل أبدا أنها ستسمع زوجها بعد ثلاثه أيام من زواجها يهددها بالنظر الى غيرها قد شعرت بشي من المهانه لكنها تماسكت قائله :
– أصلا اللى انت بتقوله ده يغضب ربنا قبل ما يغضبنى
– وحياة أبوكِ بلاش فزلكه
– قول لا اله الا الله
– ليه بأه ؟
– عشان حلفت بغير ربنا
قال “مصطفى” بسخرية :
– شكلى اتجوزت شيخه وأنا معرفش
قالت بهدوء :
– لا شيخه ولا حاجه بس دى حاجه معروفة
قال “مصطفى” بغضب :
– يعني أنا جاهل ومبفهمش
ارتبكت قائله :
– أنا ما قولتش كده
هب واقفاً وصاح قائلاً :
– ولا تقدرى أصلا تفكرى تقولى كده .. شكلها هتبقى جوازه هم من أولها ..مش واكل اطفحى لوحدك
تركها وانصرف ..لم تشعر “ياسمين” الا والعبرات تتساقط على وجنتيها فى صمت
فى المساء أعدت كوب من الشاي .. رصت فى طبق صغير كيك وبسكويت أعدته بيدها .. وأقبلت على غرفة المعيشة تحتسب فى سرها أجر ارضاء زوجها وحسن التبعل له .. وضعت على المنضده بجوار الصينيه الصغيره .. فالتفت اليها قائلاً :
– تسلم ايدك
سرت “ياسمين” بداخلها واعتبرتها بداية مبشرة ..عاود النظر الى اللاب توب أمامه .. حاولت “ياسمين” فتح حوار معه قائله :
– بتعمل ايه ؟
قال دون أن ينظر اليها :
– عادى .. بكلم واحد صحبى
– مش هتدوق الكيك أنا اللى عملاه
التفت وأخذ قطعه قطم منها ثم قال :
– حلوة أوى تسلم ايدك
ابتسمت قائله :
– بالهنا والشفا
ران الصمت عليها .. نظرت اليه وسألته فجأة :
– “مصطفى” انت ليه اتجوزتنى ؟
التفت اليها وقال فى دهشة :
– يعني ايه ليه اتجوزتك
– يعني ليه اتجوزتنى .. الجواز بالنسبه لك بيمثل ايه ؟
أخذ رشفه من كوب الشاى الموضوع بجواره ثم قال :
– الجواز يعني يبقى عندى بيت وزوجة وولاد
نظرت اليه قائله :
– بس كده ؟
ضحك قائلاً :
– وهو في ايه غير كده
تسلل الحزن الى قلب “ياسمين” تمنت لو سمعت منه كلاماً آخر يعطيها دفعه أمل وحماسه لبذل نفسها من أجل انجاح زواجها ..الزواج بالنسبه لـ “ياسمين” لا يمثل مجرد بيت وزوج وأولاد فقط بل يمثل كيان يضيف للمجتمع ويخدمه أرادت زوجاً يأخذ بيدها ويعينها على التقرب من ربها أرادت زوجاً يكن سنداً لها ودعامة ترتكز عليها أرادت زوجاً يعرف واجباته قبل حقوقه أرادت زوجاً يعمل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم “رفقاً بالقوارير” أرادت زوجا يحثها على ألا تترك وردها أرادت زوجا تشاركه اهتماماته ويشاركها اهتماماتها أرادت زوجاً يكن الحضن الدافئ لها فى ليالى الشتاء البارده أرادت زوجا تترك عبراتها تنساب أمامه ليمسحها بكفه بحب وحنان أرادت زوجا تبثه مشاعرها وعواطفها التى أغلقت عليها ولم تتركها مهانه ومتاحه لأى رجل غيره أرادت زوجا ليس جافا فى اسلوبه او حديثه وانما الفاظ الحب والمودة تعرف طريق لسانه أرادت زوجا تشاركه بناء مستقبل أبنائهما واعداد رجال يضيفون للمجتمع أرادت زوجا تشعر معه بالسكينه والموده والرحمه وان تكون قرة عينه ويكون قرة عينها ..أفاقت من شرودها على صوت هاتفها المحمول فنهضت لترد عليه انسابت عبراتها فى صمت وهى تتحدث الى أختها التى اشتاقت اليها بشده
****************************
كانت “نانسي” جالسه برفقه “عمر” بالمستشفى فلم تتركه طيلة الأيام الماضية .. تهتم به وتعمل على اراحته .. كان “عمر” مسرورا بهذا التغيير الذى طرأ عليها .. لكنه كان محتاراً هل موت والدها هو السبب فى هذا التغيير ؟ هل تهتم لأمره فعلاً ؟ هل تغيرت وتخلت عن استهتارها وعدم تحملها للمسؤليه .. هو يرى تصرفاتها وكلامها وكأنه يتحدث الى “نانسي” أخرى وكان سعيداً بهذا التغيير الا أنه كان يشعر بالريبة وعدم الطمأنينة .. فى اليوم الخامس بدأ “عمر” يشعر بالضجر من بقاءه حبيساً داخل هذه الجدران الأربعه فلم يعتاد المكوث هكذا بلا حراك وبلا شئ يفعله .. تحدث مع الطبيب الذى سمح له بالإنصراف مع اعطاءه تعليمات مشدده بالراحة والالتزام بالدواء فى موعده .. وصل الى الفيلا بصحبة والده ووالدته و “كرم” ونانسي” و “أيمن” الذى حضر للإطمئنان على صحة صديقه .. تركهم “عمر” يتحدثون معا وطلب من “نانسي” اللحاق به فى مكتبه بالفيلا .. دخلت”نانسي” وهى تشعر بالقلق .. أغلق الباب ووقف أمامها ينظر اليها فى صمت .. قالت “نانسي”:
– خير يا “عمر” فى حاجة حصلت
– ايوة
– فى ايه طمني
صمت قليلا وهو يراقب تعبيرات وجهها ثم قال بصوت هادئ :
– الدكتور قالى ان مستحيل دراعى يرجع طبيعي تانى وانى هعانى من شلل دائم
اتسعت عينا “نانسي” وحاولت التماسك قائله :
– بس انت قولتلى ان الدكتور قال غير كده
– ايوة قالى انه اضطر يقول كده لاني كنت لسه خارج من العمليات ومحبش يصدمنى وخاف ده يأثر عليا فستنى لحد ما أفوق من صدمة الحادثه
ابتلعت ريقها قائله :
– وبعدين هتعمل ايه ؟
– مش هعمل حاجه .. ده قضاء ربنا وأنا راضى بيه واساسا مفيش فى ايدى حاجه اعملها
ثم أطرق برأسه وتنهد قائلاً :
– بس مش دى الحاجة الوحيدة اللى تعبانى
– أمال فى ايه اكتر من كده ؟
– المزرعة .. انتِ عارفه المشاكل اللي كانت فيها للأسف يا “نانسي” الشركة اللى كنا متعاقدين معاها عرفت بمشكلة المحصول وطالبونا بفلوسهم وبالشرط الجزائي وخسرت خسارة كبيرة أوى
قالت بتوتر :
– خسرت أد ايه يعني ؟
– نسبة كبيرة من الأسهم بتاعتى فى الشركة اضطريت أبيعها لـ “كرم” عشان ألاقى سيوله أدفعها للناس
– طيب و”كرم” مش المفروض انه معاك فى الخسارة دى
– لأ .. المزرعة بتاعتى مش بتاعة الشركة يعني ادارتها وأرباحها خاصين بيا أنا .. “كرم” ملوش علاقه بيها وعشان كدة الخسارة عليا لوحدى
شعرت “نانسي” بالضيق الشديد لكنها انتبهت لنظرات “عمر” التى تتفرس فيها فرسمت ابتسامه بصعوبة على شفتيها قائله :
– ولا يهمك يا حبيبى بكرة كل حاجه تتعوض .. وأهم حاجه اننا مع بعض
نظر لها بشك قائلا :
– يعني مش هتسبيني رغم كل اللى قولتهولك .. خسارتى و اصابة ايدي
– لأ طبعا يا “عمر” مش هسيبك
اتسعت ابتسامة “عمر” قائلاً :
– طمنتيتى كنت خايف أوى
– انت قولت لوالدك ووالدتك على اللى حصل
– لأ لسه ما قولتلهمش .. اللى يعرف بس “أيمن” و “كرم”
– طيب يا حبيبى يلا نخرج عشان زمانهم منتظرينا بره
خرجا الاثنان وفى داخل “نانسي” غضب هادر .. التف الجميع حول طاولة الطعام .. كانت “نانسي” شارده واجمة لكنها حاولت التظاهر بالإندماج معهم فى الحديث .. بعد العشاء وجدت “أيمن” يقف خارج الفيلا يتحدث فى هاتفه وبعدما انهى حديثه التفت ليعود الى الداخل لكنه وجد “نانسي” خلفه تبتسم اليه قائله :
– ازى خطيبتك أخبارها ايه
– كويسة الحمد لله
– مش ناوى تعرفنا بيها ولا ايه
– اكيد طبعا فى اقرب وقت ان شاء الله
صمتت قليلا ثم قالت :
– زمانك أكيد مضايق دلوقتى من اللى حصل
فسألها “أيمن” مستفهماً :
– ايه اللى حصل ؟
نظرت اليه “نانسي” تراقب ردود أفعاله قائله :
– المزرعة .. بتاعة “عمر”
كان لديها شك بأن “عمر” يكذب عليها وأرادت التأكد …سادت لحظة صمت .. تنهد أيمن ” بحسره ثم أطرق برأسه قائله :
– قدر الله وما شاء فعل .. “عمر” ميستهلش الخسارة … بس أكيد ربنا بيحبه وهيعوضه باللى أحسن منها
قالت بإندهاش :
– بيحبه ليه عشان خسر خساره كبيره
نظر اليها “أيمن” فى صمت .. ثم قطعه قائلا :
– بكرة تعرفى ربنا بيحبه ليه
ثم تركها مندهشه تفكر فيها قال ودلف داخل الفيلا
***********************
أعدت “ياسمين” حقيبة “مصطفى” بعناية فائقه .. أرادت أن يشعر بالإختلاف بعدما دخلت حياته .. أغلقت الحقيبة ووضعتها بجوار الباب .. أنتهى من ارتداء ملابسه وصفف شعره .. ابتسمت له قائله :
– تروح وترجع بالسلامة
– ان شاء الله .. انا هغير معاد اجازتى الجاى يعني بدل ما هغيب 3 اسابيع هغيب شهر .. تمام كده المعاد مناسب يا مدام؟
شعرت “ياسمين” بالخجل وأطرقت رأسها .. توجه الى الباب وحمل حقيبته وقال :
– متفتحيش لحد متعرفيهوش .. وخلى بالك من الغاز اقفليه كويس قبل ما تنامى
– حاضر .. بس كنت عايزة أطلب منك طلب يا “مصطفى”
– خير
– بما انك يعني هتغيب شهر وأنا هنا اعده لوحدى فلو سمحت ممكن أروح أقعد عند بابا
التفت اليها قائله بحده :
– ليه تعدى عند أبوكِ ملكيش بيت ؟
– لأ ليا .. بس انت هتغيب شهر
– ولو .. حتى لو هغيب سنه تفضلى اعده في البيت ..
– بس انا هستفاد ايه لما اقعد فى البيت لوحدى ..
– تستفادى انى عايز كده انا مسمحش مراتى تتنطط فى كل بيت شوية .. اركزى فى بيتك .. يا اما تروحى تقعدى عند امى
قالت “ياسمين” وهى تشعر بالضيق :
– انا مش هرتاح عند طنط .. قصدى ماما مش هبقى واخده راحتى هناك عشان باباك
– خلاص يبقى تقعدى فى بيتك واختك وابوكِ عايزين ييجووا يزوروكى اهلا وسهلا لكن انتِ تروحى هناك وانا مسافر لأ
نظر اليها ثم قال :
– سمعتى
شعرت بالغضب لكنها كبحت جماح نفسها وقالت :
– سمعت
– يلا سلام
– مع السلامة
أغلقت الباب وأغمضت عينيها وتنهدت بحسرة …
مر الشهر عليها ببطء شديد كانت “ريهام” تأتيها يوميا بعدما تنهى كليتها تجلس معها ساعة أو اثنتين ثم تنصرف لتتركها وحيده حزينة حبيسه تلك الجدران التى مازالت تراها غريبه عنها ولا تستطيع أن تألفها وتعتادها .. لا يسليها الا زيارات “سماح” و “ريهام” والتحدث معهما على الهاتف .. فى يوم وصول “مصطفى” من السفر اتصل ليخبرها بأنه سيصل فى المساء .. فرحت كثيراً لعودته فعلى الأقل ستجد من يونس وحدتها .. أرادت أن تبدأ حياتها كزوجة وأن تستمر فى محاولة كسب قلب زوجها كانت تشعر بالكثير من الحماس والتفاؤل فهى تعلم جيداً أن الزوجة الذكية تستطيع تحويل بيتها الى جنه وتستطيع أن تحصل على كل ما تريد اذا استخدمت ذكائها ووجهته بطريقة صحيحه .. كانت والدتها تنصحها دائماً بكيفية العناية بنفسها وبيتها و كيف تكون زوجة ناجحة مطيعة لزوجها وفائزة برضا ربها .. فى هذا اليوم استيقظت مبكراً وأعدت ما يحبه “مصطفى” من طعام ورتبت البيت ونظمته .. فتحت دولابها لتختار فسان أحمر من الستان الرقيق وضعته على الفراش وهى تنظر اليه فى سرور .. كانت قد انهت الكثير من الأعمال عندما رن جرس هاتفها فى منتصف النهار وجدت رقماً غريباً فردت قائله :
– السلام عليكم
أتاها صوت أنثوى قائلا :
– وعليكم السلام
– أيوة .. مين حضرتك
– انا واحدة متعرفيهاش
شعرت “ياسمين” بالدهشة و قالت :
– طيب اسمك ايه ياللى معرفكيش
اتاها الصوت الأنثوى بعد لحظة صمت :
– اسمي “نهلة”
***************************
كان “كرم” يشاهد احدى المباريات فى منزله عندما رد جرس هاتفه فرد قائلا :
– ألو
– ألو .. أيوة يا “كرم” ازيك
– مين معايا ؟
– ايه مش عارف صوتى
– لا مش واخد بالى
– أنا “نانسي”
اعتدل “كرم” فى جلسته قالاً :
– آه “نانسي” ازيك
– تمام ازيك انت
– بخير الحمد لله .. خير “عمر” كويس
– معرفش .. أنا مش بكلمك بخصوص “عمر”
– أمال خير فى ايه
– بصراحة يا “كرم” أنا عايزة أتكمل معاك شوية بس … مينفعش فى التليفون .. لازم أشوفك
صمت “كرم” قليلا ثم قال :
– أنا فى البيت دلوقتى ومش هعرف أنزل .. تحبي تيجي نتكلم براحتنا
– اوك .. اديني العنوان
أعطاها “كرم” العنوان ثم قال :
– أدامك أد ايه ؟
– مش هتأخر ساعة بالكتير
– خلاص مستنيكِ
– سلام
– سلام
بعد مرور ساعة ونصف طرقت “نانسي” الباب .. ففتح “كرم” ابتسمت له وقالت :
– اوعى تكون اضايقت من زيارتى
بادلها “كرم” الابتسامه قائلا :
– لا طبعا ده انت نورتيني .. اتفضلى
دخلت “نانسي” وهى تنظر لما حولها قائله :
– بيتك يجنن يا “كرم”
– من ذوقك يا “نانسي” .. تشربي ايه
نظرت الى عينيه وابتسمت قائله :
– اختارلى انت
أحضر “كرم” كوبا من العصير وعاد ليجدها واقفة فى منتصف الردهة تنظر الى احدى اللوحات قدم لها العصير قائلا:
– اتفضلى
– أخذت الكوب ووضعته على منضده صغير ثم قالت :
– “كرم” أنا فى حاجه عايزة أقولهالك ومش عارفه أبدأ منين
– خير يا “نانسي” قلقتيني
– لا مش حاجه مقلقة
– أمال ايه
اقتربت منه وارتسمت ملامح الحزن على وجهها قائله :
– خايفة تفهمنى غلط
– لا قولى وأنا مش هفهمك غلط
– “كرم” أنا حسه انى مشاعرى اتغيرت ناحيه “عمر” .. حسه انى أصلا عمرى ما حبيته .. وعمرى ما عرفت أحبه .. لأنه مش الإنسان اللى اتمنيته طول عمرى .. أنا اتمنيت واحد تانى خالص .. من يوم ما شوفته وأنا عرفت ان هو ده الانسان اللى بتمنى ارتبط بيه
صمتت قليلا ثم اقتربت منه قائله :
– أنا بحبك انت يا “كرم”
ظهرت علامات الدهشة على وجه “كرم” ثم قال :
– “نانسي” انتِ مدركة للى بتقوليه
– ايوة يا “كرم” أنا مقدرتش أخبي مشاعرى أكتر من كده .. أنا مبحبش “عمر” .. وبحبك انت .. وحسه ان انت كمان معجب بيا نظراتك بتقول كده
صمتت قليلا ثم قال :
– منكرش اللى قولتيه بس “عمر” هنعمل معاه ايه
قالت بسرعه :
– مش لازم يعرف بعلاقتنا دلوقتى .. أنا هخترع اى حجه وافسخ خطوبتى .. وبكره “عمر” ينساني .. وساعتها نرتبط احنا الاتنين
نظرت له قاله بنعومه :
– قولت ايه يا “كرم”.. عايزنى ولا لأ …. ؟
البارت السابع عشرة
كانت قد انهت الكثير من الأعمال عندما رن جرس هاتفها فى منتصف النهار وجدت رقماً غريباً فردت قائله :
– السلام عليكم
أتاها صوت أنثوى قائلا :
– وعليكم السلام
– أيوة .. مين حضرتك
– انا واحدة متعرفيهاش
شعرت “ياسمين” بالدهشة و قالت :
– طيب اسمك ايه ياللى معرفكيش
اتاها الصوت الأنثوى بعد لحظة صمت :
– اسمي “نهلة”
ثم ساد الصمت مرة أخرى .. فقطعته “ياسمين” قائله :
– حضرتك تعرفينى ؟ وجبتى رقمى منين ؟
– لأ معرفكيش معرفة شخصية .. أما جبت رقمك منين فأنا جبته من موبايل جوزك
قالت “ياسمين” بدهشة :
– “مصطفى” ؟
– ايوة “مصطفى”
قالت “ياسمين” بنفاذ صبر :
– لو حضرتك ما قولتيش عايزة ايه أنا هقفل
– اللى عايزاه هو انك تعرفى جوزك على حقيقته .. لو قولتلك ان جوزك خانك وبيخونك تصدقيني ؟
قالت “ياسمين” ببرود وقد شعرت بالخوف يدب فى أوصالها :
– لا طبعاً مش هصدقك .. مع السلام ومتتصليش بيا تانى
انهت “ياسمين” المكالمة وهى تفكر من هذه الفتاه . وما مصلحتها فى الإيقاع بينها وبين زوجها .. وما هى إلا لحظات حتى رن الهاتف مرة أخرى لكن هذه المرة صوت نغمة الرسائل .. وجدت رسالة من نفس الرقم فتحتها وهى تشعر بالتوتر وقرأتها :
( كنت متوقعة انك مش هتصدقيني ده ايميل وباسوورد بتاع أكاونت جوزك على الفيس بوك ادخلى واقرأى رسايل بينه وبين nona star )
ازدادت خفقات قلبها وحاولت تجاهل الرسالة وطرد هذه المحادثة من رأسها .. أكملت عملها بنصف عقل ..ماذا لو كانت الفتاة صادقة ؟ .. لماذا لا تلقى نظرة لتتأكد مما قالت ؟ بالتأكيد هذه دعابة سخيفة أو شخص حقود أراد الوقيعه بينها وبين زوجها … لا يمكن أن يكون “مصطفى” بهذه الصورة البشعة ؟ لا يمكن أن تكون هذه هى أخلاق زوجها .. لن تسمح للشك بأن يدخل قلبها .. حاولت اقناع نفسها بكل ذلك لكن الفضول كان قد تملك منها فتركت المطبخ مسرعة وتوجهت الى الحاسوب القابع فى أحد أركان غرفة المعيشة .. فتحت المتصفح وأدخلت الايميل والباسوورد وأغمضت عينيها وهى تقول لنفسها (دى أكيد واحدة كدابة .. أكيد كدابة) ..فتحت عينيها لتصطدم بصورة زوجها مصغرة .. ضغطت على اسمه لتجدها فعلا صورته .. ارتجف قليها بشدة تطلعت الى بياناته .. نعم هى بيانات زوجها .. أسرعت بالدخول الى الرسائل والبحث عن الإسم الموجود فى الرسالة بأصابع مرتجفة .. جحظت عيناها من هول ما رأت .. وضعت كفها على فمها وكأنها تكتم صرخة كادت أن تخرج من أعماق قلبها المطعون .. جالت بعينيها فى الحوار الذى أقل ما يوصف به هو البذاءه .. كانت تنظر الى الحوار ثم تلقى بنظرها الى التاريخ .. أدركت أن هذه الفتاة ليست مجرد ماضى فى حياة زوجها بل موجودة فى حاضره أيضاً فتاريخ آخر محادثة بينهما قبل يومين فقط .. يتواعدان باللقاء فى مكانهما المعتاد
!! .. لم تشعر إلا بالدموع وهى تنساب ساخنة على وجنتيها فى صمت .. شعرت بالغثيان فأغلقت الشاشة بسرعة فلم تعتاد مثل هذه البذاءات .. دخلت الحمام مسرعة لتريح معدتها التى تقلبت عليها بشدة .. نظرت الى وجهها فى مرآة الحمام فترة طويلة مصدومة مطعونة مجروحة .. غسلت وجهها وأسرعت الى غرفة النوم ارتدت ملابسها وأخذت حقيبتها وهاتفها وأسرعت بمغادرة البيت .
**************************
((فلاش باك قبل ساعتين من الآن))
– “نانسي” انتِ مدركة للى بتقوليه
– ايوة يا “كرم” أنا مقدرتش أخبي مشاعرى أكتر من كده .. أنا مبحبش “عمر” .. وبحبك انت .. وحسه ان انت كمان معجب بيا نظراتك بتقول كده
صمتت قليلا ثم قال :
– منكرش اللى قولتيه بس “عمر” هنعمل معاه ايه
قالت بسرعه :
– مش لازم يعرف بعلاقتنا دلوقتى .. أنا هخترع اى حجه وافسخ خطوبتى .. وبكره “عمر” ينساني .. وساعتها نرتبط احنا الاتنين
نظرت له قاله بنعومه :
– قولت ايه يا “كرم”.. عايزنى ولا لأ …. ؟
صمت “كرم” وصمتت “نانسي” منتظره جوابه … عندها جحظت عيناها بشدة وهى تنظر الى نقطة ما خلف “كرم” التفت “كرم” ليلقى نظره على صديقه ثم ينظر الى “نانسي” مرة أخرى قائلا بصرامة :
– متخلقتش البنت اللى تخليني أخون أخويا وصاحبي عشانها .. ده ردى يا “نانسي”
قال ذلك ثم حمل معطفه وفتح باب البيت وخرج …ران الصمت طويلا .. كانت “نانسي” فى موقف لا تحسد عليه حاولت تشغيل عقلها لتبحث عن مخرج لهذا المأذق .. تقدم “عمر” منها ووقف أمامها وترك مسافة بينهما ونظر اليها قائلاً :
– على فكرة أنا ايدي ان شاء الله هترجع طبيعيه تانى .. مش هتتشل زى ما قولتلك
نظرت اليه بدهشة فأكمل قائلاً :
– والمزرعة الحمد لله بفضل الله ثم “أيمن” قدرنا ننقذ جزء كبير جدا من المحصول والطلبيه هتتسلم فى معادها وبالجودة اللى اتفقنا عليها كمان
ازدادت دهشتها فعقد لسانها ولم تستطيع التفوه ببنت شفه .. فأكمل “عمر” بشراسه هو يرمقها بنظرات نارية :
– ده كله كان اختبار ليكِ .. ومش بس فشلتى فى الاختبار .. انتِ فشلتى وبجداره انك تكونى انسانه محترمة .. أقصى حاجه توقعتها هو انك تسبيني و تفسخى الخطوبة أو تماطلى فى الجواز أو تقبلى وانتِ غاصبه على نفسك ومضطره .. لكن مكنتش متخيل أبداً انك بالقذاره دى .. بس دى مش غلطتك دى غلطتى أنا لأنى كنت أعمى البصر والبصيرة لما اخترت واحدة زيك .. انتِ كبيرك أوى يا “نانسي” تتصاحبي أو يتخرج معاكِ أو تتحبيلك يومين لكن جواز لأ ملكيش فيه .. لو أطول أرجع الفترة اللى فاتت وأشيل صورتك واسمك من حياتى كنت عملت كدة .. بس للأسف مش هقدر ومضطر انى أتحمل انك تكونى ذكريات سيئة فى حياتى .. انا عرفت بديون والدك وعرفت واتأكدت ان كل اللي جذبك ليا هو انى غني وهنقذك انتِ وعيلتك المحترمة من اللى انتو فيه .. يعني كنتي مستعدة تتجوزى واحد لا بتحبيه ولا عايزاه .. بس عشان فلوسه .. عارفه بنات الليل اللى بيبعوا نفسهم عشان الفلوس انتِ فى نظرى زيهم بالظبط متفرقيش حاجه عنهم .. اوعى تكونى فاكرة انى حبيتك .. لأ .. أنا حبيت صورة نضيفه فى خيالى فضلت معايا طول عمرى للبنت اللى أحب أرتبط بيها وحاولت انى أخليكِ زيها بس كان لازم أفهم من الأول انى هفشل .. لأن مستحيل الوردة اللي مرميه على الأرض واللى بيدوس عليها الناس برجليهم أقدر أنضفها وأخليها ترجع تانى وردة جميلة الناس تحب تشتريها ..
خلع دبلته وألقى بها على الأرض أمام قدميه ثم قال :
– ده مقامك .. يلا اتفضلى ومش عايز أشوف وشك تانى فى أى مكان .. ولو حاولتى تتصلى بيا أو تتكلمى معايا هخليكِ بجد تندمى على اليوم اللى عرفتيني فيه.
كانت “نانسي” تشعر بذل ومهانه لم تعتدهما من قبل .. أطرقت برأسها وتوجهت الى الباب فتحه ثم خرجت ..مرت على “كرم” الذى كان ينتظر فى الردهة أمام باب الشقة فنظر اليها نظرة احتقار ثم تركها ودخل الى بيته .. أقبل على صديقه وربت على كتفه قائلا :
– انت كويس يا “عمر”
نظر اليه “عمر” وقال بهدوء :
– ايوة كويس ما تقلقش
– دى واحدة بنت تيييييييييييت اوعى تزعل عليها
– لأ أنا مش زعلان عليها أنا زعلان انى كنت غبي للدرجة دى
– هون على نفسك محدش بيتعلم ببلاش .. المهم انك خلصت منها قبل ما تتجوزوا والفاس تقع فى الراس
– حتى لو كنت اتجوزتها واكتشفت حقيقتها كنت هطلقها فورا .. أنا مستحيل أعيش مع واحدة زى دى
– خلاص انسى ومش عايزين نتكلم عنها تانى .. متستهلش أصلا اننا نجيب فى سيرتها .. ويلا عشان عازمك على أحلى أكلة سمك وجمبرى ولو قولتلى ملكش نفس هاخدك معايا غصب عنك
ابتسم له “عمر” قائلا :
– بتهرج .. سمك وجمبرى وأقولك مليش نفس .. ليه هوأنا عبيط
ابتسم “كرم” وجذب صديقه من ذراعه وتوجه الى الباب قائلا :
– قولتلك من الأول بلا جواز بلا قرف مصدقتنيش .. أهو هما الستات كدة مبيجيش من وراهم غير وجع الدماغ
*********************
فتحت “ياسمين” باب بيت والدها بمفتاحها ودلفت الى الداخل هب والدها و”ريهام” واقفان وينظران اليها فى لوعه .. قال والدها :
– خير يا بنتى مالك فى ايه
جلست “ياسمين” على أول مقعد وجدته وانخرطت فى بكاء هستيري .. أسرعت “ريهام” بإحضار كوب من الماء لها وقالت لها :
– حبيبتى اهدى اشربي ده واهدى
أمسكت “ياسمين” الكوب بأصابع مرتجفة ورشفت منه رشفه واحدة وأبعدته عنها ..وقف والدها أمامها ووضع يده على رأسها يقرأ آيات من كتاب الله ..بعدما هدأت حدة بكائها قال بقلق :
– خير يا بنتى ايه اللى حصل احكيلي
قصت عليه “ياسمين” كل ما حدث .. ران صمت طويل ثم قال :
– لا حول ولا قوة الا بالله
رفعت “ياسمين” نظرها الى والدها وقالت بصوت مرتجف :
– بابا أنا عايزة أطلق
نظر اليها “عبد الحميد” ثم هتف قائلا :
– معندناش حاجة اسمها طلاق انتِ عايزه تفضحينا
وقفت “ياسمين” فى مواجهته وهتفت باكية :
– أنا مستحيل أقدر أعيش مع واحد زانى زى ده .. دى مش بس علاقة قديمة لأ ده خنى يا بابا وأنا لسه عروسة
– مينفعش اللي بتقوليه ده الناس تقول ايه لما يلاقوكى اطلقتى وانتِ مكملتيش شهر جواز
هتفت فى غضب :
– يقولوا اللى يقولوه أنا مش هسامح حد يتكلم عنى ربع كلمة وهقتص منهم يوم القيامة .. لكن أنا مستحيل أعيش مع راجل حقير زى ده بس عشان خايفة من الناس
هتف “عبد الحميد” فى غضب :
– قولتلك مفيش حاجة اسمها طلاق .. الموضوع هيتحل ان شاء الله
– هيتحل ازاى يا بابا بقولك جوز بنتك زانى وخاين ومبيراعيش حرمات ربنا ازاى أأمن على نفسي معاه
– هتصل بيه واجيبه هنا وأخليه يوعدنى ان اللى حصل ميتكررش تانى
استجدته قائله وهى تبكى :
– بابا ارجوك أنا مش عايزة أرجعله تانى .. أرجوك يا بابا متعملش فيا كدة .. مش هقدر أعيش معاه أبدا
صاح فى غضب :
– قولتلك انسى موضوع الطلاق
ذهب الى غرفته وأحضر هاتفه واتصل على “مصطفى” :
– ألو ازيك يا عمى
– أيوة يا مصطفى منتظرك فى البيت تعالالى
– خير يا عمى فى حاجه .. “ياسمين” كويسة
– أما تيجي هتعرف ..أدامك أد ايه
– نص ساعة وأوصل القاهرة
– خلاص مستنيك
– سلام
جلست “ريهام” بجوار أختها وأخذتها فى حضنها .. دخل والدها الى غرفته وتركها .. هبت واقفة فجأة وأحضرت هاتفها واتصلت .. سألتها أختها :
– هتكلمى مين .. “مصطفى ” ؟
دخلت “ياسمين” الى حجرتها القديمة وأغلقت الباب ..رد الطرف الآخر :
– ألو
– السلام عليكم ازيك يا ماما
– وعليكم السلام
قصت “ياسمين” على والدة “مصطفى” ما حدث بالتفصيل ثم قالت :
– يرضيكِ يا ماما اللي حصل من “مصطفى” ده
قالت أمه فى غضب :
– ايه اللي انتِ بتقوليه ده .. أنا ابنى “مصطفى” متربى أحسن تربيه
– بقول لحضرتك شوفت كلامهم مع بعض بعيني كل حاجة كانت واضحة انهم اتقابلوا من يومين وكلامهم مع بعض كان بطريقة بشعه جدا مش طريقة واحد محترم أبدا
صاحت أمه قائله :
– لا بقولك ايه .. احترمى نفسك والزمى حدودك ابنى متربي ومحترم غصب عنك وعن أهلك .. وحتى لو كان عمل كدة فيها ايه راجل وغلط ومحدش معصوم من الغلط .. وبعدين ما انتِ السبب .. لو كنتِ بنت عدله زى بقيت البنات مكنتيش خليتى جوزك يبص لبره .. انتِ اللى معرفتيش تملى عين ابنى ..امشي ارجعى بيتك قبل ما جوزك يوصل .. وحسك عينك تخرجى من البيت بعد كدة الا بإذنه انتِ فاهمة ولا لأ
كظمت “ياسمين” غيظها لأنها مهما كانت فهى سيدة كبيرة فى السن وقالت :
– مع السلامة يا ماما مضطرة أقفل دلوقتى
أنهت المكالمة وبكت فى أسى
*********************
جلس الصديقان فى انتظار احضار الطعام عندما رن هاتف “عمر” فرد قائلاً :
– ألو .. حماتك بتحبك
ضحك “أيمن” قائلا :
– عارف .. بس ليه
– عشان احنا دلوقتى أعدين منتظرين أكلة سمك وجمبرى انما ايه فى الجووون
– من غيري يا أندال
– أما تيجي القاهرة نبقى نطلع تانى سوا
– أنا فى القاهرة .. قولى انتو فين .. ولو حد مد ايده على الأكل قبل ما أجى هحط السيخ المحمى فى صرصور ودنه
ضحك”عمر” قائلا :
– طيب هنستناك
********************** بعد ساعة ونصف حضر “مصطفى” الى بيت والدها تركتهم “ياسمين” يتحدثون معا ودخلت هى و “ريهام” غرفتهما .. وقفت “ياسمين” خلف الباب تستمع الى الحوار .. دار الحوار فى اتجاه لم ترضاه أبداً .. عاهد “مصطفى” والدها بأنها غلطة ولن تتكرر أبداً وطلب منه أن يسامحه على ما بدر من فى حق ابنته .. أغلظ عليه والدها فى القول ثم لان بعد ذلك لكى يتم حل الموضوع واحتواء المشكلة .. قام “عبد الحميد” ودخل الحجرة وطلب من “ياسمين” أن تعود مع زوجها الى بيته .. قبلت “ياسمين” يده وقالت له باكيه :
– أرجوك يا بابا مش عايزاه مش عايزه أرجع معاه البيت
– انتِ تسمعى اللى أقولك عليه .. خلاص هو اعتذر ومش هيحصل منه حاجة تضايقك تانى هو وعدنى
– بس أنا مش ممكن أسامحه ..أنا بحتقره أوى .. أوى
– هى كلمة واحدة اخرجى يلا عشان تروحى مع جوزك
امتثلت “ياسمين” مرغمة لكلام والدها .. وقال لها أمام “مصطفى” :
– بعد كدة أى مشكلة تتحل بهدوء بينك وبين جوزك ومينفعش تخرجى من بيته من غير اذنه .. سمعانى يا “ياسمين”
أطرقت “ياسمين” برأسها وقالت بصوت خافت :
-حاضر
ثم التفت الى “مصطفى” قائلا:
– وانت يا “مصطفى” انت وعدتنى انها غلطة ومش هتتكرر تانى متخربش على نفسك وعلى بيتك
– ان شاء الله يا عمى
عانقت “ياسمين” أختها وسارت خلف زوجها .. تمنت شئ واحد فى هذه اللحظة .. تمنت أن يقبض الله روحها قبل أن تصل الى بيت زوجها .. قكرت فى ذلك ثم استغفرت ربها وظلت تستغفر طول الطريق .. صعدا الى البيت فدخلت الى الحمام وأغلقت الباب وجلست على طرف البانيو تحيط جسدها بذراعيها علها توقف ارتجافة جسدها
سمعت جرس تليفون “مصطفى” .. دخل “مصطفى” الى غرفة النوم وأغلق الباب ورد قائلا :
– أيوة يا ماما
– أيوة يا “مصطفى” طمنى عملت ايه
– خلاص لميت الموضوع وجبتها وجيت البيت
– دى عايزة كسر رقابتها على صدرها .. بص يا “مصطفى” اوعى تسكتلها .. لو سكلها هتركبك بعد كده .. هو فى بنت متربية تعمل اللى هى عملته ده وتفضح جوزها كده .. لو خليت الموضوع يعدى بالساهل كده لا انت ابنى ولا أعرفك .. الراجل اللى ميعرفش يسيطر على مراته يبقى تييييييييييييييت
قال “مصطفى” بانفعال :
– ايه لازمة أم الكلام ده دلوقتى
– أنا بقولك عشان مصلحتك .. لازم تعرفها حدودها من أولها وانها زى الجزمة اللى فى رجلك .. هى هتتنطط على ايه تحمد ربنا وتبوس ايديها وش وضهر انك عبرتها واتجوزتها غيرها مش لاقيه ضفر عريس
– طيب اقفلى دلوقتى
أنهى “مصطفى” محادثته مع أمه .. وعندها خرجت “باسمين” وتوجهت الى غرفة النوم لتجد “مصطفى” أمامها .. أخجرت عباءة للبيت و همت بالخروج مرة أخرج لتغير ملابسها فى الحمام .. مرت بجواره فأمسك ذراعها قائلا :
– استنى هنا
حاولت أن تفلت ذراعها قائله :
– لو سمحت أنا مش عايزة أتكلم دلوقتى
اشتدت قبضته على ذراعها ولطمها على وجهها بقوة وصرخ فيها قائلا :
– ما هو مش بمزاج أهلك .. أما أقولك استنى تستنى
شهقت “ياسمين” من هول الصدمة وبكت بشده .. فأكمل قائلا :
– أنا مش نبهت عليكِ متخرجيش من البيت وتروحى لأهلك .. حصل ولا محصلش
كانت “ياسمين” ترتجف من شدة البكاء ومن شدة الخوف فلم تنطق بكلمة
وعندها خلع “كصطفى” حزامه ولف طرفه على يده وأخذ يضربها وبصرخ فيها قائلا :
– راحة تفضحيني عند أهلك .. فاكرانى هسكتلك .. أهم رجعوكى ليا تانى زى الكلبة
ارتمت “ياسمين” على السرير تصرخ وتبكى من شدة الألم .. زاد من قوة ضرباته ولكماته قائلا :
– اخرسى خالص مش عايز أسمع صريخك .. يا اما هموتك فى ايدى النهاردة .. أنا هربيكِ وأعلمك يعني ايه تكسري كلمتى
قالت “ياسمين” وسط بكائها :
– حسبي الله ونعم الوكيل فيك .. ربنا ينتقم منك .. انت فاهم الرجولة غلط .. ربنا ينتقم منك
توقف عن ضربها وجذبها اليه قائلا :
– طيب تعالى بأه أفهمك الرجولة صح
نظرت اليه “ياسمين” برعب وكادت أن تسقط مغشياً عليها .. اغمضت عينيها بشدة وناجت ربها بدعاء سيدنا يونس عليه السلام وهو فى بطن الحوت والذى ما دعا به مكروب قط إلا فرج اللّه كربته .. (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)
أخذت ترددها بلسانها وقلبها وعقلها وبكل جوارها … وفجأة رن جرس الباب وسمعا طرقات عالية علي الباب حتى كاد أن يتهشم .. سب “مصطفى” ثم توجه الى الباب ففتحه ليجد رجل فى وجهه فقال ليه بحده :
– ايوة أفندم
– أنا جارك اللى ساكن أدامك سمعنا صوت صريخ جاى من عندكوا
انفعل “مصطفى” قائلا :
– وانت مالك انت .. مفيش حاجه اتفضل
عندها هبت “ياسمين” واقفة متحملة الألم الذى ينغز فى كل أنحاء جسدها الرقيق ارتدت عباءه تستر بها نفسها وارتدت حجابها بسرعة وخرجت الى الصالة وبمجرد أن وقعت عينا الرجل على وجهها الدامى وعيونها الباكية حتى هتف قائلا :
– لا حول ولا قوة الا بالله انت عملت فيها ايه
هتف “مصطفى” فى غضب :
– وانت مال أهلك انت .. مراتى وأنا حر فيها .. يلا امشي من هنا
قالت “ياسمين” للرجل باكيه :
– أرجوك مشيني من هنا .. أنا عايزة أورح لأهلى .. لو فضلت هنا هيموتنى
صرخ “مصطفى” فيها قائلا :
– امشي ادخلى جوه
نظرت الى الرجل مستجديه اياه ودموعها تختلط بالدماء على وجهها :
– أرجوك امسكه لحد ما أمشي .. أنا عايزه أروح لأهلى
اشتعل غضب الرجل وأمسك “مصطفى” وطوقه بذراعيه قائلا لــ “ياسمين” :
– امشي بسرعة .. وروحى على أى مستشفى اعملي تقرير طبي باللى حصلك
التفت اليه “مصطفى” ليتعارك معه لكن الرجل كان قوى البنية فلم يستطع تخليص نفسه من قبضة ذراعيه .. أسرعت “ياسمين” بهبوط الدرج متحملة ما بها من آلام .. سمعت الرجلين يتعاركان معا فأسرعت الخطى ووجدت سيارة أجرة أمام البيت .. يهم بالانصراف فنادته وركبت بسرعة وهى ترتجف .. نظر الرجل اليها فى لوعه قائلا :
– لا حول ولا قوة الا بالله ايه اللى عمل فيكِ كدة يا بنتى
قالت بصوت مبحوح من شدة الصراخ و البكاء :
– لو سمحت وديني علي أى مستشفى
انطلق الرجل فى طريقه وهو يرمقها فى المرأة بنظرات التعاطف والأسى ..وصلت “ياسمين” الى المستشفى ونزلت من السيارة بصعوبة شديدة .. بعد الفحص أخذت تقريرا مفصلاً بالإصابات التى لحقت بها .. وأسرعت بإيقاف سيارة أجرة وتوجهت من فورها الى قسم الشرطة لكى تثبت واقعة الأعتداء بالضرب .. نظر الضابط الى وجهها والإصابات التى لحقت به وطلب منها الجلوس .. جلست وعلامات الالم مرسومة على وجهها وقالت بصوت مبحوح :
:
– لو سمحت عايزة أقدم شكوى
– فى مين ؟
– زوجى
– هو اللى ضربك كده
بكت فى صمت وأطرقت برأسها قائله :
– أيوة
وأخرجت التقرير الطبي وأعطته له .. استمع الضابط لشكواها وكتب محضراً بالواقعة وأعطاها رقم المحضر ونصحها بالبحث عن محامى جيد فى حال ما اذا أرادت رفع قضية بالخلع .. وكان هذا هو ما تنويه “ياسمين” بالفعل .. لن تعود الى هذا الكائن المنعدم الرجوله مرة أخرى .. خرجت من قسم الشرطة لا تدرى أين تذهب .. أتذهب الى والدها ؟ .. فكرت كثيرا وخافت أن يجبرها والدها على العودة الى زوجها مرة أخرى .. فاتجهت الى أقرب صديقه اليها .. “سماح”
*************************
شعرت “سماح” بالصدمة عندما فتحت الباب ورأت صديقتها بهذا الشكل وهتفت قائله :
– “ياسمين” مالك فى ايه .. مين عمل فيكِ كده ؟
كانت “ياسمين” لا تجد فى نفسها القدرة على الحديث ولا على الوقوف .. ساعدتها “سماح” وأخذتها الى غرفتها .. أقبلت والدة سماح وتفحصت جروحها وندوبها وكدماتها وجلستا تستمعان لما ترويه عليهما وملامح الأسى والألم تعلو وجهيهما .. ذهت والدة “سماح” لتعد شئ ساخن ليهدئ أعصابها وأعطته لها بعدما دخلت فى الفراش ودثرتها “سماح” بالغطاء وجلست بجوارها ترمقها بنظرات التعاطف والشفقة وعينيها تمتلآن بالدموع ..تركت “ياسمين” الكوب من يدها على الكودينوا وقالت ل “سماح” :
– أنا عايزة أتوضا يا “سماح” عايزة أصلى
– العشا ؟
– لأ صليت العشا .. بس حسه انى عايزة أصلى
– طيب يا حبيبتى ارتاحى دلوقتى
قالت وهى على وشك البكاء :
– لأ عايزة أصلى .. حسه انى مخنوقة ومش قادرة آخد نفسي .. الصلاة هتريحنى
ساعدتها لتنهض وتتوضأ ثم عادت وجلست على الفراش فلن تتمكن أبداً من الصلاة واقفة تركتها “سماح” وخرجت وأغلقت الباب .. كانت تأتى بوضع السجود الصحيح فتضع جبهتها على الأرض وتتضرع الى الله باكية أن يفرج كربها ويخرجها مما هى فيه .. دخلت عليها “سماح” بعد فترة لتجدها جالسه فى وسط الفراش ومتدثره بالغطاء اقتربت منها وجلست بجوارها وقالت :
– مش هتطمنى باباكِ عليكِ يا “ياسمين” .. زمانه قلقان دلوقتى .. و “ريهام” كمان
– كلميهم انتِ يا “سماح” أنا مش قادرة أتكلم مع حد
مسحت “سماح” بكفها على كف “ياسمين” وقالت :
– ماشي يا حبيبتى هكلمهم أنا وأطمنهم عليكِ
قالت “ياسمين” فى أسف :
– أنا اسفه يا “سماح” بس ملقتش مكان تانى أروحه .. وخفت أرجع البيت بابا يصر انه يرجعنى له تانى
– انتِ بتقولى ايه .. بطلى كلام عبيط .. انتِ عارفه اننا اكتر من الاخوات
– ربنا يخليكِ يا “سماح” .. وعشان كدة هطلب منك طلب .. أنا عايزاكِ تشوفيلى رقم محامى كويس
– انتِ ناويه ترفعى قضيه ؟
– أيوة مش ممكن أعيش معاه لحظة واحدة بعد كدة .. وأنا واثقه انه مش هيرضى يطلقنى
– طيب يا حبيبتى حاضر .. لو كان بابا هنا كنت سألته بس هو مسافر بره وزمانه نايم دلوقتى عشان فرق التوقيت هكلمه بكرة ان شاء الله وكمان هخلى ماما تكلم “أيمن” وتسأله على محامى كويس
نظرت اليها “ياسمين” برجاء :
– “سماح” أرجوكِ خليها تكلمه دلوقتى أنا عايزة رقم المحامى دلوقتى .. أنا خايفه أوى .. أنا عايزة أبتدى القضية فى اقرب وقت
امتثلت “سماح” لطلب صديقتها التي كانت فى حاله يرثى لها .. قالت لها :
– طيب يا حبيبتى متقلقيش هخلى ماما تكلمه دلوقتى
– تسلمي يا “سماح”
***********************
رن جرس هاتف “أيمن” فنهض واستأذن من صديقيه قائلاً :
– ثوانى وراجع
وقف خارج المطعم يتحدث مع والدة “سماح” .. وبعد فترة رجع الى صديقيه وسألهما قائلا :
– متعرفوش محامى كويس ؟ .. كان فى محامى كويس فى الشركة عندكوا اسمه ايه ؟
رد “عمر” قائلا :
– أستاذ شوقى ؟
– آه أستاذ شوقى .. ياريت تديني رقمه يا “عمر”
– خير يا أيمن لو فى مشكله قولى وأنا أحاول أحلها
– لأ دى مش مشكلتى أنا دى مشكلة ياسمين
قال “عمر” باستغراب :
– “ياسمين” مين ؟
تنهد “أيمن” قائلا :
– دى أقرب صديقه لـ “سماح” .. تصور جوزها الحيوان خانها بعد شهر واحد جواز ومش بس كده ضربها وبهدلها
قال “كرم” :
– لا حول ولا قوة الا بالله .. ده ايه البنى آدم الزبالة ده
قطب “عمر” جبينه قائلاً :
– وهى عايزه المحامى ليه ؟
– هترفع قضيه خلع
– هو مش عايز يطلقها ؟
– معرفش بس أكيد مش راضى وعشان كده هترفع القضية
أسرع “عمر” بإخراج هاتفه وأعطى صديقه رقم المحامى قائلا :
– خليها تطمن أستاذ شوقى محامى ممتاز لو مكنتش كدة مكناش عيناه فى الشركة عندنا هو اللى ماسك كل المسائل القانونية فى الشركة
أطرق قليلا ثم استطرد قائلا :
– ان شاء الله تخلص منه بسرعة
قال “أيمن” وهو يرسل رسالة بالرقم :
– يارب
*********************
اتصلت “سماح” ب “ريهام” وقصت عليها ما حدث لأختها فأسرعت بالذهاب الى بيت “سماح” مع أبيها ويمجرد أن خرجت لوالدها بهذا الشكل انفجر باكيها وضمها الى صدره قائلا :
– سامحيني يا بنتى .. سامحيني أنا اللي جنيت عليكِ
قالت “ياسمين” والدموع تغرق وجهها :
– مش عايزه ارجعله تانى يا بابا .. ارجوك .. مترجعنيش ليه تانى
نظر اليها والدها قائلا بحزم شديد :
– متخافيش مش هيطول ضفرك بعد كده
ثم عانقها مرة أخرى وأخذ يقبل رأسها وهو يشعر بمزيج من الألم والندم