مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء العاشر

13 4٬830
 

مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء العاشر

مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء العاشر

مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء العاشر

مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء العاشر, معكم صديقة زاكي الشيف الموهوبة ,كريمة جزائرية

البارت الثامن عشرة

اجتمعت “ياسمين” ووالدها مع المحامى الأستاذ “شوقى” فى مكتبه لبحث تفاصيل القضية .. فقال المحامى مطمئناً اياها :

– متقلقيش يا مدام “ياسمين” .. أحسن حاجة عملتيها هو التقرير الطبي والمحضر اللى اتعمل فى نفس اليوم اللى حصلت فيه واقعة الضرب

قالت “ياسمين” والأمل يدب فى أوصالها :

– يعني يا أستاذ “شوقى” القاضى هيحكملى بالخلع

– أيوة ان شاء الله أنا متفائل ده طلاق للضرر ولإستحالة العشرة بينهم

قال والد “ياسمين” يشكره :

– ربا يباركلك ويجزيك عنا خير

ثم أردف المحامى قائلاً :

– لازم تعرفى يا مدام “ياسمين” انك هتتنازلى عن جميع حقوقك المالية والشرعية وهي مؤخر الصداق ونفقة العدة ونفقة المتعة إضافة إلى ردك مقدم الصداق اللى أخذتيه من الزوج

أسرعت “ياسمين” قائله :

– مفيش أى مشكلة هتنازله على كل حاجة المهم أطلق منه

– تمام كده يبقى على بركه الله هنبتدى فى اجراءات القضية من النهاردة ان شاء الله

– ان شاء الله .. بس ممكن أعرف هو الموضوع ده هياخد وقت أد ايه ؟

– على حسب القاضى اللى هيحكم وعلى حسب القضية نفسها بس متخفيش ان شاء الله تخلص من أول جلسه

– يارب ان شاء الله

خرجت “باسمين” بعدما طمأنها المحامى بأن القانون والشرع فى صفها ان شاء الله

***************************

– ماما , بابا .. أنا عايز أعرفكو ان الفترة الجايه أنا حابب أكون فى المزرعة

نطق “عمر” بهذه العبارة ووجهها لوالديه وهم يجلسون معاً فى حديقة الفيلا يحتسون أقداحاً من الشاي .. قالت والدته :

– خير حصل حاجه تانى يا “عمر” .. مش خلاص مشكلة المحصول انتهت

– أيوة انتهت الحمد لله .. بس بصراحه حابب أغير جو حاسس انى مخنوق شوية .. ومحتاج فترة نقاهه

نظرت “كريمة” الى ابنها بأسي قائله :

– موضوع “نانسي” برده

– لا يا أمي أنا خلاص شلتها من تفكيري تماما .. بس محتاج فعلا أقعد فترة فى المزرعة .. انتِ عارفه انى برتاح جدا هناك .. ده أكتر مكان بحس فيه بالراحة والسكينة

سأله والده قائلا :

– وشغلك اللى هنا

– البركة فى حضرتك وفى “كرم” وباقى أعضاء مجلس الادارة وكمان أنا هتابع الشركة من هناك بإستمرار

– خلاص اللي تشوفه يا ابنى

قالت “كريمة” بقلق :

– طيب ودراعك

رفع “عمر” ذراعه الموضوع فى الجبيره قائلا :

– ماله دراعي لسه معاد فك الجبس مجاش وعامة فى دكاترة هناك كويسين جدا

– خلاص ماشي بس ابقى طمنا عليك بإستمرار

ابتسم قائلا :

– أكيد طبعا .. وانتو لو حبيتوا تغيروا جو أنا مستنيكوا

قالت “كريمة” بمرح :

– أكيد طبعا يا باشمهندس هو انت فاكرنى هقدر أبعد عنك وأسيبك هناك لوحدك ولا ايه .. شوية كدة وهتلاقيني طابه عليك

– خلاص وأنا فى انتظارك

– هكلملك “عويس” يخلى “صفية ” تنضف البيت عشان متروحش تلاقيه مترب زى المرة اللي فاتت

رن جرس هاتف “عمر” فرد قائلاً :

– ألو .. ازيك يا “أيمن”

– تمام الحمد لله ازيك انت يا “عمر”

– بخير الحمد لله

– بص بأه أنا بتصل بيك عشان أعزمك على فرحي لاننا خلاص حددنا المعاد

ضحك “عمر” قائلاً :

– بتهرج .. أخيراً

– محسسنى انى كنت قاعد على قلبك

– لا مش قصدى .. أنا أقصد ان واحد من شلتنا المنحوسه دى اتفك نحسه وخلاص هيتجوز

– آه يا سيدى عقابلك انت و المنحوس التانى “كرم” ان شاء الله

– يدينا ويديك طولة العمر يا “أيمن”

– ليه ناوى تتجوز فى الخمسين ولا ايه

– لا أبوس ايدك متكلمنيش دلوقتى فى الجواز أنا مقفول منه أفله طين

– بكرة أفرح فيك وانت واقع لشوشتك انت و “كرم”

ابتسم “عمر” قائلا :

– لا أنا مش متفائل زيك .. بس سيبك منى قولى امتى الفرح

– حجزنا خلاص القاعة وان شاء الله الفرح بعد عشر أيام

– بجد ألف ألف مبروك فرحتني جدا .. وأنا اللى كنت ناوى أجيلك على المزرعة من بكرة .. خلاص هأجلها ان شاء الله

– آه أبوس ايدك أنا لوحدى وملبوخ آخر لبخة ..

– شقتك فى المنصورة مش كدة

– ايوة وخلاص ظبطت الدنيا هناك باقى بس موضوع الفرح اللى مش عارف فيه راسي من رجلى

– لا ما تقلقش أنا و “كرم” معاك ان شاء الله

– تسلم يا “عمر” وده برده العشم .. آه على فكرة كتب الكتاب هيكون كمان 3 أيام ان شاء الله

– مش هتكتبوه يوم الفرح

– لا هنكتبه بعد 3 أيام يعني قبل الفرح بإسبوع

– طيب تمام على خيرة الله .. شوف هتيجي القاهرة امتى عشان ننزل نظبطلك البدله وموضوع المأذون

– ان شاء الله بكرة هكون فى القاهرة

– خلاص في انتظارك ان شاء الله

– سلام

– سلام

ابتسمت والدة “عمر” قائله :

– “أيمن” خلاص هيتجوز

-أيوة كتب كتابه بعد 3 أيام وفرحه كمان 10 أيام ان شاء الله

– ربنا يتممله على خير الواد ده ابن حلال ويستاهل كل خير

ثم نظرت لـ “عمر” نظره ذات معنى قائله :

– عقبال اللي فى بالى

تجاهل “عمر” ما قالت واشاح بوجهه وشرد قليلا .. أخذ يفكر هل من الممكن أن يثق فى فتاة مرة أخرى ؟ هل من الممكن أن يسمح لنفسه بأن يقع فريسة لعواطفه مرة أخرى ؟ هل من الممكن أن يجد الفتاة التى تراوده فى أحلامه ؟ .. لكن ظلت هذه الأسئله فى رأسه بلا اجابه

*******************

كانت “ياسمين” جالسه فى مكتب المحامى مع والدها عندما هتفت قائله :

– ازاى يعني ؟

قال المحامى :

– زى ما بقول لحضرتك “مصطفى” طلبك فى بيت الطاعة وطلب من المحكمة انذار للطاعة واتهمك بالنشوز

وقع قلب “ياسمين” فى قدمها وابتلعت ريقها بصعوبة قائله :

– طيب ودلوقتى ايه اللى هيحصل هيرجعونى له غصب عنى

ابتسم المحامى قائلاً :

– لا متقلقيش الحمد لله انك كنتى أسرع منه بخطوة

– يعني ايه

– يعني طلب الخلع والطلاق للضرر اللى قدمتيه أوقف طلبه ليكِ فى بيت الطاعة لأنك بتدعى استحالة العشرة بينكو فالقاضى وقف القضية التانيه واللى رفعها زوجك لحين البت فى قضيتك انتِ فهمتيني يا مدام “ياسمين”

تنهدت “ياسمين” فى ارتياح قائله :

– أيوة فهمت حضرتك يعني ميقدرش يقدم الطلب ده الا بعد ما القضية اللى أنا رفعاها يتحكم فيها

ابتسم قائلاً :

– بالظبط كده

– الحمد لله .. طيب وهنعمل ايه دلوقتى

– عايزك تكونى مستعدة للمثول أمام القاضى وتقديم شكواكى .. وخلى بالك ان ممكن “مصطفى” يتبلى عليكِ ويتكلم أى كلام أدام القاضى عشان ينفى اساءته ليكِ فعايزك تكونى مستعدة لأى كلام هتسمعيه وتكونى قوية فى الرد على كل اتهاماته

– اتهامات زى ايه مثلا ؟

– للأسف كتير من الأزواج معدومى الضمير بيلجؤوا للكذب عشان القاضى ميحكمش بالخلع ممكن مثلا يتهمك فى عرضك مثلا .. أو انك تعرفى حد تانى وده سبب طلبك للطلاق .. أو ..

قاطعته “ياسمين” بسرعه :

– لا ميقدرش

سألها مستفهما :

– ليه ميقدرش

أطرقت “ياسمين” برأسها فى خجل قائله :

– عشان أنا فى حكم المكتوب كتابها

صمت لحظات ثم استوعب ما قالت واتسعت ابتسامته قائلا :

– كويس أوى كده يبقى مفيش أدامه أى فرصة للكذب أو الادعاء عليكِ بإدعاءات باطله

– الحمد لله .. بجد طمنتنى يا أستاذ “شوقى”

– أيوة أنا عايزك كدة مطمنة وواثقه من نفسك خاصة وانتِ بتتكلمى أدام القاضى .. وكمان عشان أطمنك زيادة جاركو اللى شاف اللى حصل واللى أنقذك من زوجك

قالت بلهفه :

– ماله ؟

– ان شاء الله وعدنى انه هيشهد معانا فى القضية يعني مفيش فرصة أبدا أدام “مصطفى” للكذب أو انه يقول انك وقعتى على السلم مثلا وده اللي سبب اصابتك .. لأن معانا شاهد فى القضية

تنفست “ياسمين” الصعداء مردده :

– الحمد لله .. اللهم لك الحمد

خرجت هذه المرة من مكتب المحامى وقلبها يقفز فرحاً .. أخيراً ستتخلص من ذلك المدعو زوجها .. نظرت الى يدها والتى احتوت دبلة زواجها وأخرجتها وظلت تنظر الى يدها الفارغة والابتسامه تعلو شفتيها ثم وضعت الدبلة فى جيبها وانطلقت عائدة الى بيت والدها .. بيتهـــا ..

*************************

جلست “ياسمين” مع “سماح” فى غرفة هذه الأخيره .. وقالت “ياسمين” :

– شوفتى يا “سماح” كان عايز يطلبنى فى بيت الطاعة .. يعني مش مكفيه اللي عمله فيا .. لأ وكمان عايزنى أعيش معاه غصب عنه

قالت “سماح” بقرف :

– أعوذ بالله .. هو فى رجاله كده .. عايزك ازاى تعيشي معاه غصب عنك ازاى هيكون بينكو حياة طبيعية وانتِ مش طيقاه

– هو مش همه ان يكون فى حياة طبيعية بينا .. هو همه بس انه يذلنى ويجيب مناخيري الأرض

ثم قالت بأسى :

– أنا مش عارفه أنا عملت فيه ايه عشان يعمل فيا كده .. مشفش منى حاجه وحشه

عانقتها صديقتها قائله :

– بكرة تخلصى منه خالص وتنسي انه دخل حياتك أصلا

ثم نظرت اليها قائله وهى تبتسم :

– بس أهم حاجه انك لسه زى ما انتِ شكل ده اللي مجننه

ضحكت “باسمين” قائله :

– وده اللى مصبرنى ومخليني لسه محتفظه بشوية عقل فى راسى والا كان زمانى اتجننت

صمتت قليلا ثم قالت :

– فعلا وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم .. تعرفى ان حادثة العربية هى السبب

قالت “سماح” بإستغراب :

– الحادثة اللى حصلتلك قبل فرحك

– أيوة .. لولا الحادثة كان الفرح تم فى معاده .. عارفه أنا دلوقتى مستشعره قول النبي صلى الله عليه وسلم : (عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له)

– فعلا سبحان الله

– وعشان كده أنا حسه انى مطمنه ومش قلقانه وعارفه ان آخرة المشاكل دى كلها أكيد ربنا هيعوضنى .. مش ربنا بيقول “وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ” أنا مستبشره خير

ابتسمت لها “سماح” قائله :

– وأنا كمان مستبشره خير ان شاء الله ..

قالت “سماح” بجديه :

– اسمعى بأه مش عايزين نجيب سيرة اللى اسمه “مصطفى” ده تانى أنا لما بسمع اسمه بيركبنى مليون عفريت

قال لها “ياسمين” بخبث :

– طيب واسم “أيمن”

ابتسمت قائله :

– “أيمن” .. هو فى زى “أيمن” وطيبة “أيمن” وحنية “أيمن” وخفة دم “أيمن

ضحكت “ياسمين” قائله :

– حيلك حيلك نحن هنا

– بجد يا “ياسمين” أنا حسه ان هو ده الإنسان اللى فعلا أتمنى ان يكون زوج ليا حسه اننا شبه بعض في حاجات كتير

– انتِ بنت حلال يا “سماح” وتستاهلى كل خير

ثم أضافت فى حزن :

– بس أكتر حاجة تعبانى انك هتبعدى عنى مش متخيله انى مش هعرف أشوفك وقت ما أنا عايزه

– ودى فعلا الحاجة الوحيده اللي مضايقانى فى سفرى انى هبعد عنك انتِ وماما وبابا مش عارفه ازاى هعيش فى بلد غريبة لوحدى

هونت عليها “ياسمين” قائله :

– مش لوحدك يا بنتى “أيمن” معاكِ وانتو الحمد لله متفاهميش وكمان أكيد هتيجى زيارات

– أكيد طبعا ان شاء الله

– ها قوليلى جهزتى لبسك وكل حاجتك

– أيوة كله تمام بابا جابلى فستان جميل أوى معاه وهو جاى استنى أوريهولك

قفزت “سماح” تخرج الفستان من خزانتها لتريه لصديقتها فى مرح .. كانت “ياسمين” سعيدة للغاية لرؤية “سماح” سعيدة وفرحه بهذا الشكل ودعت ربها أن يديم عليها فرحها وهناءها

**********************

جاء موعد الزيارة التى تأجلت كثيراً .. نعم زيارة “وائل” ووالده ووالدته لبيت “ريهام” وطلب يدها .. صدمت “ريهام” عندما رأت “وائل” وتذكرت ملاحقته لها فى الكلية .. كانت جالسه فى صمت تستمع لما يدور حولها من أحاديث وتركز أكثر كلما تحدث “وائل” تحاول استكشاف شخصيته .. ثم تركوها معه بمفردها وجلسوا فى مكان آخر لا يبعد كثيرا عنهما مثلما فعلوا مع “ياسمين” و “مصطفى” .. ران صمت طويل لم تقطعه هى وانتظرت أن يبدأ بالكلام لكن يبدو أن انتظارها سيطول حانت منها اتفاته اليه لتجده يتصبب عرقا ومرتبك ربما أكثر منها قالت فى نفسها ( يا حلاوة ده مكسوف أكتر منى ) ..قطعت هذا الصمت قائله :

– ممكن أسأل حضرتك سؤال

ازداد ارتباكه قائلا :

– اتفضلى

– ليه حضرتك اخترتنى أنا بالذات

ابتسم والتفت اليها قائلا :

– بصراحة لما مرضتيش تكلميني فى الكلية أنا روحت حكيت لماما وقالتى ان انتِ بنت مؤدبة وعشان كدة أنا اخترتك

قالت فى نفسها ( آآآه ماما .. قسم واشجيني )

– طيب ايه مواصفاتك فى البنت اللي عايز ترتبط بيها

ارتبك وتنحنح كثيرا قم قال :

– يعني تكون مؤدبة وكويسة

– بس كدة ؟ مؤدبة وكويسة ؟

– لا وتكون كمان بتعرف تطبخ

لكنه أسرع قائلا :

– بس عادى لو مبتعرفيش تطبخى ماما تعلمك .. ماما بتعرف تطبخ حلو أوى .. أنا بموت فى أكلها

– (عليك وعلى أمك فى يوم واحد يا بعيد ..)

– طيب حضرتك ممكن تقولى ايه هى عيوبك اللى شايفها فى نفسك

استغرب قائلا :

– عيوبى ؟

– أيوة عيوبك

– يعني .. أنا ممكن أكون طيب زيادة عن اللزوم

– يعني ايه طيب زيادة على اللزوم

– مش عارف بس ماما دايما بتقولى كده

– ( امشى اطلع بره يا ابن ال تيييييييييييت )

– طيب حضرتك موافق انى أشتغل لما اتخرج ولا بترفض الشغل

احتار قليلا ثم قال :

– لأ مش رافض الشغل طبعا لأن ماما بتشتغل ومع ذلك هى ست عظيمة جدا

– ( كفاااااااية كفاااااااااية هو أنا هتجوزك انت ولا هتجوز أمك .. مين شال الشبشب من هنا )

استأذنت قائله :

– طيب بعد اذنك

ذهبت حيث يجلس والدها وأهل “وائل” فعلموا ان حديثهما انتهى .. تبادلوا عبارات المجاملة وأعطوها مهلة لتفكر وأخبروها أنهم منتظرون ردها .. قبل أن يغادر “وائل” التفت اليها قائلا وهو مرتبك :

– ممكن بعد اذنك يا انسه “ريهام” آخد رقمك .. يعني أقصد عشان نتعرف ببعض أكتر

– ( حد يشيل الواد ده من أدامى يا اما هرتكب جنايه)

قالت ببرود :

– لا مش ممكن .. شرفتنا يا أستاذ “وائل”

بمجرد أن رحلوا التفت والدها اليها قائلا :

– ها ايه رأيك يا “ريهام” أظن الراجل ميتعيبش

قالت بدهشة :

– راجل هو فين الراجل ده .. أنا شوفت راجل كبير وست كبيرة ومعاهم كائن هلامى مقدرتش أحدد كينونته بصراحة

قال والدها بعدم فهم :

– مش فاهم تقصدى ايه ؟

– بابا أنا مش موافقة تماما على الكائن اللى اسمه “وائل” ده

– ليه يا بنتى ده الجدع طيب وابن حلال وظروفه كويسه وكمان شغله مضمون فى شركة أبوه وشقته موجودة

قاطعته قائله :

– مش ده كل حاجه يا بابا فى حاجات كتير أهم من ان العريس يكون جاهز وعنده شقة ويبقبض مرتب كويس .. والحاجات دى أنا ملقتهاش فيه اطلاقا

قال والدها بشئ من الحزم :

– بس الولد شريكِ يا بنتى وكمان …

قاطعته قائله :

– بابا انت عايز تعمل معايا زى ما عملت مع “ياسمين” ؟

بهت الأب وصمت فأكملت قائله :

– غصبتها انها تتجوز واحد هى مش مرتحاله بس لمجرد انه جاهز وعريس مناسب من وجهة نظر حضرتك

أطرق الأب وقد دمعت عيناه وظهر على ملامحه الأسى :

– معاكِ حق يا بنتى .. أنا اللى جنيت على بنتى

اقتربت منه “ريهام” وقد ندمت على ما تفوهت به :

– أنا اسفه يا بابا مكنش قصدى والله .. حقك عليا

نظر اليها والدها قائلا :

– اسمعى يا “ريهام” أنا مش ممكن أغلط نفس الغلطة مرتين لو مش مرتحاله يا بنتى خلاص يغور فى داهية

– ايوة يا بابا مش مرتحاله

– خلاص يا حبيبتى متشليش هم

عانقته “ريهام” قائله :

– ربنا يخليك ليا يا بابا .. ومتقلقش ان شاء الله “ياسمين” هتخلص من اللى اسمه “مصطفى” فى اقرب وقت

– على الله يا بنتى .. على الله

*********************

تحدد ميعاد استماع القاضى لشكوى “ياسمين” وبالطبع سيتواجد “مصطفى” للرد على ما تقدمت “ياسمين” فى حقه .. حزنت عندما علمت أنه فى نفس يوم كتب كتاب “سماح” لكن المحامى طمئنها بأنه اجراء روتيني ولن يأخذ وقتاً .. كانت تثق فى المحامى الى حد كبير وكان يبث فيها دائما روح التفائل والأمل .. وفى الموعد المحدد شعرت بالكثير من الارتباك والتوتر وهى تعبر أروقة المحكمة مع المحامى .. فهذه هى المرة الأولى التي سترى فيها “مصطفى” من بعد تلك الليلة التى اعتدى عليها فيها بوحشية .. ظلت تستغفر ربها وترجوه أن يهون عليها ما هى فيه .. ثم رأته أمامها قادم فى اتجاهها مع محاميه خفق قلبها بشدة وودت الهرب من أمامه .. كان يوجه اليها نظرات شرسه والحقد يملء عينيه .. أشاحت بوجهها عنه فهى لا تريده أن ينجح فى توتر أعصابها .. حان الموعد ودخلت مع محاميها ومع “مصطفى” ومحاميه ووقفوا جميعاً أمام القاضي .. طلب منها القاضى شرح ما تقدمت به فى شكواها قصت عليه كل ما حدث منذ أن علمت بخيانته وحتى ضربه لها .. تعمدت ألا تنظر الى “مصطفى” ولذلك كانت تتحدث بقوه وثقه .. بعدما أنهت حديثها شعرت بصدرها يعلو ويهبط بسرعة وكأنها انتهت من سباق للعدو .. وجه القاضى سؤاله الى “مصطفى” قائلا :

– سمعت يا ” مصطفى” شكوى زوجتك ضدك .. ايه ردك على كلامها ؟

حانت من “مصطفى ” التفاته الى “ياسمين” قبل أن يتحدث فالتقت نظراتها الواثقه بنظراته المتحدية ونظر الى القاضى قائلا :

– أنا بنفى كل اللى هى قالته يا حضرة القاضى

شعرت “ياسمين” بالتوتر لكنها تذكرت كلام المحامى بأنه من المتوقع أن يلجأ زوجها للكذب

قاله له القاضى :

– يعني انت مضربتهاش ؟

-قال “مصطفى” :

– لأ ضربتها بس مش للسبب اللى ذكرته

– أمال ضربتها ليه ؟

– عشان لما كنت مسافر عرفت انها كانت على علاقة بواحد تانى طول فترة سفرى

شعرت “ياسمين” وكأن صاعقة ضربت برأسها .. التفتت الى “مصطفى” فى حده قائله :

– كداب

نظر اليها بسخرية ثم وجه حديثه الى القاضى قائلا :

– ده اللى وصلنى عنها وأنا مسافر كانت بتستغل سفرى عشان تقابل حبيبها فى بيتي .. ولما عرفت اتجننت طبعا وضربتها بدون ما أحسن بنفسي

تساقطت العبرات على وجنتيها وهى تشعر بالقهر والظلم ووجهت كلامها اليه قائله :

– اتقى ربنا .. ده قذف محصنات .. مش خايف منه ؟

– بلاش دموع وتمثيل انتِ عارفه كويس انى مش كداب والقاضى هيجبلى حقى منك

وهنا تدخل محامى “ياسمين” قائلاً :

– حضرة القاضى احنا بنرفض الادعاء اللى وجهه زوج موكلتى وبطالب بإجراء كشف عذريه وكمان هنرفع دعوة سب وقذف وتشهير بسبب الكلام اللى وجهه ليها دلوقتي

وجه القاضى حديثه الى “مصطفى” قائلا :

– عندك شهود بكلامك ده

– أيوة عندى طبعا .. أمى ربنا يخليهالى

ابتسمت “ياسمين” بسخرية وهى تقول فى نفسها (حسبي الله ونعم الوكيل فيكو انتو الاتنين)

انتهت المقابلة بعد تحديد معاد أول جلسه والسماع الى الشهود من الطرفين

خرجت “ياسمين” من المحكمة وأسرعت بإيقاف سيارة أجرة وذهبت الى منزل “سماح” التى وعدتها بأن تساعدها فى هذا اليوم .. كانت تتحرك بآليه وهى غير مدركة لكل ما يدور حولها .. كانت تشعر بالقهر والظلم .. لم تكن تدرى كيف يستطيع شخص مثل “مصطفى” أن يدعى ما ادعاه دون أن يخاف الله .. كيف يأمن مكر الله .. يكف ينام ملء جفونه وهو ظالم لعبد من عباد الله .. كيف لا يخشى ما أعده الله من العذاب لقاذف المحصنات .. أى رجل هذا الذى تزوجته .. بل أى ذكر هذا .. فكل رجل ذكر وليس كل ذكر رجل .. حاولت نفض تلك الأحاديث من رأسها وحاولت الإندماج مع ما يحيط بها من جو مبهج

***********************

كانت “سماح” تبدو كأميرة صغيره ووجهها يشع نوراً وأضافت ضحكاتها الصافية على وجهها المزيد من التألق .. حان موعد كتب الكتاب .. كانت “ياسمين” فى المطبخ تعد صوانى التقديم وترص ما بها من أطباق .. صممت طوال اليوم أن تهتم هى بأمور المطبخ وبإنجاز ما يحتاجونه من أعمال لتصرف ذهنها عن التفكير فى “مصطفى” وقضيتها .. سمعت فى الخارج الزغاريد بعدما حضر المأذون .. ابتسمت لا شعورياً وهى تتخيل فرحة صديقتها الآن .. دخلت “ريهام” الى المطبخ وسحبتها من ذراعها قائله :

– سيبك من اللى بتعمليه ده دلوقتى وتعالى هيكتبوا الكتاب

خرجت “ريهام” مسرعة وهى تسحب “ياسمين” خلفها .. أزاحتا طرف الستارة التى كانت تفصل بين الردهة وبين الصالون .. ابتسمت الفتاتان ونظرتا الى بعضهما البعض .. كانت “سماح” ترسم على وجهها ابتسامة صغيره تشى بما يعتمل داخل قلبها من فرحة .. حانت التفاته من “سماح” فتلاقت نظراتها مع نظرات “ياسمين” واتسعت ابتسامتها حركت “ياسمين” شفتيها بدون صوت قائله :

– مبروك

فهمت “سماح” ما قالت فحركت شفتيها هى الأخرى قائله :

– عقبالك

بدأ المأذون فى بدء مراسم العقد .. كان الحاضرون نفر معدودون على الأصابع .. والد “سماح” ووالدتها وعمها واثنان من خالاتها وبالطبع “ريهام” و “ياسمين” أما من طرف العريس صديق والد “أيمن” منذ الصغر و “كرم” …….. و بالطبع “عمر”

.. كانت نظرات “ياسمين” مصوبه على “سماح” .. الابتسامه تعلو شفتيها بدأت المراسم وانتهت بجملة ( قبلت زواجها)

تذكرت “ياسمين” تلك الجملة وهى تسمعها من فم “مصطفى” يوم عرسها فأعادت تلك الذكرى المزيد من الشجون اليها فالتفتت لتهرب الى المطبخ لتخفى دمعه كادت أن تسقط من عينيها … كان شهود العقد هما “عمر” و عم “سماح” .. تعالت الزغاريد مرة أخرى ..

دخلت والدة “سماح” المطبخ وقالت ل “ياسمين” :

– “سمسم” كفاية انتِ تعبتى أوى النهاردة أنا و”ريهام” هنقدم الحاجة اقعدى انتِ ارتاحى

ابتسمت “ياسمين” اليها قائله :

– متقوليش كدة يا طنط والله أنا فرحانه جدا ل “سماح” ومن فرحتى مش عارفه اعمل ايه ولا ايه

ربتت والدة “سماح” على ظهرها قائله :

– يا حبيبتى .. ربنا يخليكوا لبعض ويرزقك بإبن الحلال اللى يعوضك

اختفت ابتسامة “ياسمين” وحاولت تغيير الموضوع قائله :

– حضرتك خدى الصنية بتاعة الرجالة قدميها وأنا هقدم الصنية التانية للستات

– طيب يا حبيبتى هاتيها تسلم ايدك

تناولت أم “سماح” الصنية من “ياسمين” وخرجت لتقديمها الى الضيوف .. رآى “عمر” والدة “سماح” وهى تهم بتقديمها فأسرع يأخذها منها وابتسم قائلا :

– عنك يا طنط

ابتسمت له والدة “سماح” قائلا :

– تسلم .. انت صاحب “أيمن” مش كدة

– أيوة تقدرى تقولى احنا اكتر من الاخوات

– ربنا يخليكوا لبعض نخدمك يوم فرحك ان شاء الله

– متشكر

قام “عمر” بتقديم الجاتوه والمشروب الى الرجال

.. خرجت “ياسمين” ورائها واتجهت حيث تجلس النساء وقدمت اليهن ما تحمله .. وعندما اقتربت من “سماح” ابتسمت كلتاهما للأخرى .. أشارت لها “سماح” بالاقتراب فاقتربت منها “ياسمين” فقالت لها :

– باركيلى بقيت مودام

ضحكت “ياسمين” قائله :

– مبروك يا مودام .. عقبال ما أشوفك فى الفستان الأبيض ان شاء الله

انتهى “عمر” من مهمة التقديم فالتفت ليضع الصنية فى مكان ما أو يعطيها لشخص ما .. رأى فتاة تحمل صنية التقديم الفارغة وتتوجه الى المطبخ فأوقفها ومد يده بالصنيه التى يحملها قائلا :

– لو سمحتى خدى دى معاكِ

التفتت له “ياسمين” دون أن تنظر اليه .. عقد “عمر” ما بين حاجبيه وهو ينظر اليها متذكراً اياها .. نعم انها هى .. الفتاة التى صدمها بسيارته منذ فترة .. تفرس فيها ليتأكد من أنها هى نفسها .. أيقن أنه لم يخطئ هى نفسها تلك الفتاة التى صدمها وتسبب فى كسر ساقها .. أخذت “ياسمين” منه الصنية دون أن تنظر اليه ودون أن تتفوه ببنت شفه

أعادت كلتاهما الى المطبخ ثم خرجت مرة أخرى لتجلس على أحد المقاعد فى هدوء .. استعادت ذكريات المحكمة مرة أخرى .. كانت تهرب من تلك الذكرى طوال اليوم لكنها عادت اليها لتعكر صفو مزاجها .. كانت ترى الجميع من حولها مبتسما سعيدا ضاحكا .. لكنها كانت فى عالم أخر ودنيا أخرى .. ترى هل ستستطيع الحصول على الطلاق ؟ .. ترى ماذا سيكون رد فعل مصطفى ؟ .. هل سيتركها لتنعم بحياتها ؟ .. أم يبقى شبحا يطاردها ويعكر صفو حياتها .. ماذا ان خسرت القضية هل سيجبرها على العيش معه ؟ .. كيف ستتحمل ذلك ؟ .. هى لا تطيق مجرد ذكر اسمه .. اسمه بين شفاهها كالسباب بالنسبة لها .. تنهدت فى حسرة ولفت ذراعها حول جسدها وأسندت خدها بقبضة يدها .. كانت تنظر الى الأرض أمامها غير واعية لما يدور حولها من أحاديث .. حانت من “عمر” التفاته اليها .. ربط على الفور بين اسمها والاسم الذى ذكره “أيمن” وقال انها أقرب صديقات خطيبته وتذكر مشكلتها مع زوجها الذى خانها بعد شهر من الزواج .. دقق فى ملامحها وتبين تلك الكدمات التى تقع على جبينها والجرح بجانب شفتها العليا .. تنهد فى أسى كيف يستطيع رجل ضرب زوجته وترك تلك الكدمات على جسدها .. بل كيف يكون وضيعا لدرجة أن يخونها وفى شهر العسل .. وجدها حزينه هادئة كزهرة الحائط التى تزينه فى صمت .. تساءل فى نفسه .. الى أى مدى وصلت فى قضيتها .. هل تحدثت الى الأستاذ “شوقى” بالفعل .. هل طلبت الخلع بالفعل أم عادت الى زوجها مرة أخرى .. حانت منه اتفاته الى يدها فوجدها خاليه من أى دبله تطوق أصابعها .. أعاد النظر الى وجهها ليجد عينيها تلمع بعبره تهدد بالسقوط .. شعر بالأسى لحالها .. عندها تقدمت نحوها الفتاة التى رآها فى المستشفى والتى كانت تبحث عنها باكية .. قالت “ريهام ل “ياسمين” :

– “ياسمين” انتِ كويسة

رفعت “ياسمين” نظرها الى أختها وقالت بصوت مختنق :

– أنا عايزة أمشى يا “ريهام” حسه انى مخنوقة أوى

– طيب يا حبيبتى و “سماح”

التفتت الى صديقتها لتجدها تتحدث مع زوجها والابتسامة تعلو شفتيها فالتفتت الى أختها قائله :

– ان شاء الله مش هتلاحظ غيابى استنى بس هقول لطنط انى ماشية

وجدها “عمر” تنهض وتتحدث قليلا مع والدة “سماح” .. ثم عانقتها والدة “سماح” وغادرت مع الفتاة التى خمن أنها أختها .. تابعها “عمر” حتى فتحت باب البيت وغادرت فى صمت

***********************

عادت الأختان الى البيت وقبل صعودهما قالت “ياسمين” :

– هو فى عشا فوق

– مش عارفه أعتقد لأ

– طيب اطلعى انتِ اسبقيني هروح أجيب حاجه من السوبر ماركت

– أجى معاكِ ؟

– لا مفيش داعى مش هتأخر

ذهبت “ياسمين” الى السوبر ماركت أمام البيت وابتاعت منه طعام للعشاء وأثناء عودتها وبمجرد أن خطت أول خطوة لصعود الدرج وجدت يد تلتف بقوة على ذراعها التفتت وكادت أن تشهق بقوة وهى ترى “مصطفى” أمامها فأسرع “مصطفى” ليغطى فمها بيده وألصق ظهرها على الحائط ونظر اليها بشراسه قائلا :

– بتتحديني يا “ياسمين” .. أنا هعرفك ..حتى لو القاضى طلقك منى مش هسيبك فى حالك يا “ياسمين”

حاولت الصراخ لكنه زاد من ضغط يده على فمها واقترب منها بشدة وتفرس فى وجهها قائلا :

– راحه تفضحيني وترفعى عليا قضية خلع ومكملناش شهر جواز .. فضحتيني وسط الناس مبقتش عارف ارفع عيني فيهم .. وكمان راحة تقولى انك لسه بنت

صرخ فيها بغضب هادر قائلا :

– اتنازلى عن القضية وارجعى البيت والا يا “ياسمين” وعزة جلال الله لتشوفى منى اللى عمرك ما شوفتيه فى حياتك

تساقطت العبرات على وجنتيها وتصاعدت شهقات بكائها كادت أن تموت من الرعب ..وفجاة سمعا صوتا لشخص ينزل من الأعلى فأسرع “مصطفى” وغادر البناية .. وقفت وجسدها يرتعش بشدة ودموعها تنزل كالشلال .. وجدت احدى جاراتها تنزل فقالت لها بلوعه :

– ايه ده مالك يا “ياسمين” فى ايه يا بنتى ؟

لم تجيبها “ياسمين” بل أسرعت تجرى على الدرج وفتحت باب الشقة وأغلقته بسرعة ووقفت خلفه تبكى وهى ترتجف بشدة

************************

مر الأسبوع سريعا .. وحان موعد زفاف “سماح” .. اعتذرت “ياسمين” عن حضور الفرح فمنذ تلك الليلة التى هاجمها فيها “مصطفى” لم ترى الشارع ولو لمرة بل أنها كانت تخشى أن تفتح شباك حجرتها لئلا تراه واقفاً فى الشارع أمامها .. بالطبع تفهمت “سماح” موقف صديقتها حزنت كثيرا من أجلها ودعت لها أن يخلصها الله منه فى أقرب وقت .. مر اليوم على خير وزفت “سماح” الى عريسها وانطلقت معه الى عش الزوجية فى المنصورة

*************************

بعد مرور اسبوع على الفرح وفى ذات يوم كان “عمر” جالسا على اريكة فى بيت المزرعة واضعا أمامه منضدة عليها اوراق وملفات يراجعها عندما سمع صوت طرقات الباب فقال :

-اتفضل

دخلت “صفية” حاملة صنية صغيرة موضوع عليها شاى وطبق من الكعك المحلى .. وقفت أمامه قائله بغنج :

– عملتلك شاى يا سي “عمر”

قال دون أن يرفع عينيه عن الأوراق التى فى يده :

– متشكر يا “صفية” بس أنا مطلبتش شاى

ابتسمت له قائله بدلع :

– عارفه .. بس لقيتك مكلتش كويس فى الغدا قولت أجيبلك شاى وشوية كحك على ما أحضرلك العشا

قال وهو مازال ينظر الى الأوراق :

– طيب متشكر حطيه عندك

أثنت قامتها لتضع الشاى أمامه وعيناها تراقبان عينيه ..تعمدت أن تبطئ من حركتها .. فرفع “عمر” نظره ليصطدم بفتحه جلبابها والتى كانت أكبر من اللازم .. أكمل صعودا بعينيه ونظر الى عينيها بحده ثم أعاد النظر الى الورق أمامه .. ابتسمت “صفية” بعدما حققت هدفها وأخذت تتهادى فى مشيتها وهى تغادر الغرفة وتغلق الباب خلفها ..

لمحها “عويس” وهى تخرج من بيت المزرعة فهب واقفاً يعترض طريقها قبل أن تدخل غرفتها قائلا :

– كنتِ فين السعادى

– يوه .. كنت فى بيت المزرعه ما انت شايفني وانا نازلة من هناك

– فى الوقت ده بتهببى ايه هناك

قالت بنفاذ صبر :

– هكون بعمل ايه يعني بحضر العشا لسي “عمر” وبوضبله فرشته

– طيب .. بس ابقى خلصى شغلك بدرى مفيش داعى تتأخرى لحد السعا دى

ازاحته بيدها ودخلت الى غرفتهما ظل “عويس” يتقلب فى فراشه وكأنه نائم على جمر كان يشك كثيرا فى تصرفات زوجته لكنه لم يستطع أن يمسك عليها شيئا لكن الشك كاد أن يدمر عقله فعزم على مراقبتها وبعد ليلتين شعر بها وهى تغادر الفراش فتظاهر بالنوم وجدها تفتح باب الغرفة بهدوء وتغلقه خلفها قام مسرعا ولبس جلبابه وفتح الباب قليلا وجدها تفتح البوابة وتخرج منها وتضع حجرا صغيرا حتى لا تغلق البوابة باحكام أسرع بمغادرة غرفته ولحق بها ترك بينها وبينه مسافة حتى لا تشعر به كان الشك قد تملك منه وأصبح يقيناً شعر بالدماء تتصاعد بسرعة الى رأسه حتى كاد أن ينفجر وجدها تدلف الى بيت قديم مكون من طابق واحد لا يبعد كثيرا عن المزرعة دخلت واغلقت الباب الخشب ورائها أخذ يلف ويدور حول البيت عله يجد فتحه ما وأخيرا وجدها فتحه صغيره فى الجدار صوب عينيه اتجاهها وهاله ما رأى زوجته “صفية ” تقف معانقة رجلاً يوليه ظهره تفرس فى وجهها وهى تبتسم لذاك الذى تقف أمامه ويتحدثان معا سمع صوت ضحكاتها العالية فازداد افراز الأدرينالين فى دمه وفى اللحظة التالية وجد الرجل وهو يحاول فتح أزرار جلبابها فاستشاط غضبا وظل يدور حول نفسه كالطير المذبوح التفت حوله فوجد أمامه جيركن كبير فأسرع نحوه وفتح غطائه وشم الرائحة النفاذة المتصاعده منه فلمعت عيناه وهب واقفا وأخذ يدو حول البيت ويفرغ محتويات الجيركن على جدرانه من الخارج وبعدما انتهى أخرج علبة ثقاب من جيبه وأشعل عودا ونظر اليه ثم نظر الى البيت وبصق عليه ثم فى لحظة اشتعلت النيران فى البيت ووقف رافعا رأسه منتشياً بفعلته فها هى زوجته الخائنة تكتوى بنيران الخطيئة أسرع يعدو مبتعدا غير عابئاً بأصوات الصراخ التى تصاعدت من خلفه ….

عرض التعليقات (13)