مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء العشرون

11 4٬220
 

مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء العشرون

مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء العشرون

مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء العشرون

مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء العشرون, معكم صديقة زاكي الشيف الموهوبة ,كريمة جزائرية

***********************

توجهت “ايناس” الى حيث اسطبلات الخيل وظلت تنظر حولها وكأنها تبحث عن شخص ما الى أن وجدت من يهتف من خلفها بمرح :

– ايه ده مش معقول “ايناس” بنفسها عندنا .. ايه النور ده

التفتت وابتسمت الى “مها” التى استقبلتها بالترحاب قائله :

– ازيك يا “مها” أخبارك ايه ؟

– تمام الحمد لله .. ايه الغيبة دى بقالك كتير مبتجيش المزرعة

قالت “ايناس” بنبره فيها تعالى :

– يعني .. كنت مشغولة شوية

قالت “مها” بحفاوة :

– بس بجد المزرعة نورت

قالت لها “ايناس” :

– انتى فاضية نتكلم شوية

– طبعاً فاضية وان مكنتش فاضة أفضالك

ابتسمت “ايناس” بترفع .. وسارتا معاً داخل المزرعة .. سألتها “ايناس” فجأة :

– تعرفى دكتورة بتشتغل هنا اسمها “ياسمين”

قالت “مها” بخبث :

– طبعاً أعرفها .. هو أنا بيخفى عنى حاجه برده .. عيب عليكي

ابتسمت ايناس قائله :

– أروبة طول عمرك .. أنا قولت برده ان انتى اللى هتجبيلى من الآخر

سألتها “مها” بإهتمام :

– انتى بتسألى عنها ليه ؟

– عايزة أعرف كل اللى تعرفيه عنها

ققالت “مها” بحماس :

– بصى يا ستى ..هى وأختها وأبوها .. البشمهندس “عمر” جبهم المزرعة هنا عشان يخبيها من جوزها

قالت “ايناس” بدهشة :

– يخبيها منه ؟

قالت “مها” وهى تشعر بالسعادة لإمتلاكها معلومات قيمة تصب بها فى أذن “ايناس” :

– أصل جوزها ده كان عايز يرجعها البيت بالعافية وهى رفعت عليه قضية خلع .. فالبشمهندس “عمر” جبها هنا يخبيها منه وشغلها هى وأختها وأبوها فى المزرعة .. ومن فترة صغيرة اتحكملها بالخلع .. وخلاص اطلقت منه

شردت “ايناس” قليلاً ثم قالت :

– ها وايه كمان ؟

– هما التلاته ساكنين هنا فى المزرعة فى سكن العمال

قالت “ايناس” بسخرية :

– سكن العمال ؟

سخرت “مها” هى الأخرى قائله :

– أيوة هى وأختها أعدين فى أوضة .. وباباها فى أوضة

– وايه كمان تعرفيه

قالت “مها” بخبث :

– اللى أعرفه كمان انها بتلف حولين البشمهندس “عمر” .. وأختها بتلف حلولين البشمهندس “كرم” .. عقربتين هما الاتنين بنات مش سهله

رفعت “ايناس” حاجبها قائله :

– يعني أختها كمان بتلف على “كرم”

قالت “مها” بحماس :

– أيوة دى مش عتقاه وبيفضلوا مع بعض بالساعات جوه فى المكتب بحجة انها السكرتيرة بتاعته .. وحتى “ياسمين” كل شوية تتحجج وتروح للبشمهندس “عمر” المكتب ..بس الشهادة لله هو مش مديها وش أبدا وعلى طول يطنشها

قالت “ايناس” بسخرية :

– اظاهر انك مش دريانه باللى بيحصل .. “عمر” عايز يتجوزها

ضربت “مها” بكفها على صدرها قائله :

– ايييييييييييه يتجوزها ؟

– آه شوفتى المصيبة .. يتجوز واحدة مطلقة ومش بس كده لا بتشتغل هى وأهلها عندنا وساكنين فى سكن العمال .. يعني فضيحة كبيرة جداً لعيلتنا

قالت “مها” بحقد :

– بنت التييييييييييييت .. عرفت تلعبها صح .. وقعته وجابت رجليه .. أنا من أول ما شوفتها وأنا قولت البنت دى مش سهله .. وطلع معايا حق

قالت “ايناس” بحده :

– انتى عبيطة يا بنتى .. انتى ليه مدياها أكبر من حجمها

– عرفت توقع البشمهندس “عمر” وتخليه هيتجوزها

هتفت “ايناس” بغضب :

– ومين قالك انه هيتجوزها .. كل الحكاية ان “عمر” هفت عليه نفسه يجرب حاجه جديده مجربهاش قبل كده .. هى حاجه لوكل أوى بس نفسه هفته عليها .. زى ما بتفضلى تاكل أكل نضيف كل يوم وفجأة نفسك تهفك على طبق كشرى .. هتتخطبلها يومين زى “نانسي” وتروح لحال سبيلها لما يعرف انه غلط غلطة عمره انه فكر فى واحده مش من مستواه

تركت “ايناس” “مها” تتخبط فى مشاعر الحقد والغضب الذى اشتغل بداخلها .. وذهبت الى حيث تعمل “ياسمين” .. أرادت رؤية تلك الفتاة التى اختارها “عمر” .. التقت بـ “ولاء” .. التى لم تعيرها أدنى اهتمام فإقتربت منها “ايناس” وسألتها :

– لو سمحتى يا دكتورة مشفتيش دكتورة “ياسمين”

نظرت اليها “ولاء” فى قلق ثم أشارت الى المكان الذى تقف فيه “ياسمين” وهى تعطى بعض الملفات الى دكتور “حسن” انتظرتها “ايناس” وعندما أقبلت “ياسمين” بإتجاهها .. نظرت اليها “ايناس” بسخرية كما فعلت والدتها من قبل ..توقفت “ياسمين” أمامها وقد شعرت بالدهشة الممزوجة بالغضب لنظرات تلك الفتاة الساخرة .. قالت لها “ايناس” بتعالى :

– تمام زى ما وصفتك ماما

تذكرت “ياسمين” تلك الفتاة .. انها نفس الفتاة التى استقبلها “عمر” على البوابة وألقت بنفسها بين ذراعيه وقبلته .. انها “ايناس” ابنة عمته .. وبالتأكيد أتت لتلقى على مسامعها بعض ما ألقته عليها والدتها من قبل .. شعرت بالحنق والضيق والغضب .. ألا يعلمون أنها رفضته .. فلماذا لا يتركوها وشأنها

قالت لها “ياسمين” بحزم :

– بعد اذنك

وهمت بالإنصراف .. لكن “ايناس” أوقفتها قائله :

– مش عايزه تعرفى أنا مين ؟

التفتت اليها “ياسمين” قائله ببرود :

– لأ ميهمنيش أعرف

قالت “ايناس” بترفع دون أن تلتفت لكلامها :

– أنا “ايناس” بنت عمت “عمر”

صمتت “ياسمين” ولم ترد .. فأكملت “ايناس” بتعالى :

– مش بنت عمته بس .. أنا كمان بشتغل معاه فى الشركة مديرة العلاقات العامة .. وغير كده أنا و”عمر” متربيين مع بعض من واحنا صغيرين ومكناش بنفترق أبداً

صمتت قليلاً ثم قالت بخبث :

– يعنى تقدرى تقولى أنا حب الطفوله والمراهقة بتاع “عمر”

قالت لها “ياسمين” بحزم :

– كل الكلام اللى حضرتك بتقوليه ده ميخصنيش فى حاجه .. بعد اذنك

والتفتت ودخلت الى مكتبها .. ظلت “ايناس” تنظر اليها بغل لبرهه ثم انصرفت

شعرت “ياسمين” بالغضب يعصف بداخلها .. لكنها كانت مصممه على ألا تدع أحداً يقلل من شأنها أو يحط من قدرها .. هى لن تتخلها عن ملابسها المحتشمة وحجابها لترضى من حولها أو ليقال عنها راقية .. فليقل من حولها ما يقولون طالما ترضى ربها ولا تعصيه .. فلا شئ آخر يعنيها .. كانت تثق بأن من أرضى الناس وأسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس .. لذلك كانت قاعدتها التى تضعها دائماً نصب عينها .. من وجد الله فماذا فقد ومن فقد الله فماذا وجد

************************

ذهبت “ياسمين” الى استراحة الغداء .. حاولت أن تتجنب النظر الى “شيماء” و “مها” حتى لا يطلبا منها الإنضمام اليهما .. ذهبت للجلوس برفقه “ولاء” وأصدقائها .. رحبت بها “ولاء” وعرفتها على الفتيات الثلاث الجالسات معها .. ظلت تستمع الى حديثهن المازح وتتشارك معهن فى الحوار والمزاح .. كانت سعيدة بصحبتهن للغاية .. أنهت غدائها وأثناء انصرافها وجدت “مها” توقفها قائله :

– مش كنتى تعرفينا يا عروسه .. عشان نفرحلك

نظرت اليها “ياسمين” بدهشة .. فقالت “مها” بتشفى :

– يا بنتى أنا مفيش حاجة هنا تستخبى عليا

قالت “ياسمين” بحده :

– عرفتى منين ؟

قالت “مها” مبتسمه :

– مصادرى الخاصه

قالت “ياسمين” بإندفاع وبدون تفكير :

– البشمهندس “عمر” هو اللى قالك ؟

صمتت “مها” قليلاً .. وشعرت بأنها تصيدت فرصة لتعكر صفو مزاجها فقالت :

– مش هريحك هسيبك على نارك كده

ثم تركتها وغادرت القاعة .. شعرت “ياسمين” بالحنق الشديد .. أ “عمر” من أخبرها .. ولماذا يخبرها .. لماذا أصلاً يتحدث فى هذا الموضوع .. ألم ينتهى برفضها اياه .. أحقاً يقصد ما قاله لها بأنه لن يتركها .. وبأنها أصبحت له وملكه .. أشعرتها تلك الكلمات بالقشعريرة .. حاولت نفض تلك الكلمات من رأسها .. وعادت فى طريقها الى المكتب .. لكنها لدهشتها دخلت لتجد “عمر” جالس فى مكانها يمسك بيده ميداليه مفاتيحها الموضوعه على المكتب يقلبها بين أصابعه .. رآته فتسمرت مكانها .. رآها فنهض ليقف فى مواجهتها .. ابتسم لها قائلاً :

– ازيك يا “ياسمين”

دخلت المكتب فأفسح لها الطريق .. جلست على مكتبها وأخرجت أحد الملفات وقلم وبدأت فى تدوين بعض الملحوظات دون أن تتحدث معه أو تنظر اليه .. استند بكفيه على المكتب وأخذ يتفحص وجهها .. والتعبيرات الغاضبة الواضحه عليه .. فسألها قائلاً :

– مالك فى حاجه ضايقتك ؟

نظرت اليه قائله :

– أيوة

-ايه اللى مضايقك

قالت بحده :

– انت

ابتسم لها ابتسامه أشاحت وجهها بسرعه حتى لا تقع تحت تاثير سحرها .. قال بصوت حانى :

– مضايقه منى ليه

هبت واقف فى مواجهته .. فاعتدل فى وقفته قالت بحده :

– أولا أنا مش حبه أبداً الاسلوب اللى انت بتكلمنى بيه لازم يبقى فى حدود بينا يا بشمهندس .. ثانياً كل شوية أشوفك أدامى أكن مفيش وراك حاجه فى المزرعة دى غيري .. ثالثا انت ليه قولت لـ “مها” انك اتقدمتلى ؟

قال “عمر” بهدوء :

– أولاً : أنا مش شايف انى تجاوزت حدودى معاكى فى الكلام .. ثانياً : أيوة ورايا حاجات كتير فى المزرعة بس انتى أول اهتماماتى .. ثالثاً : أنا مبتكلمش مع الدكتور “مها” أو غيرها عن حاجه تخصنى

قالت بإستغراب :

– أمال مين اللى قالها ؟

قال شارحاً :

– ممكن من “ايناس” بنت عمتى .. لأنهم يعرفوا بعض

شعرت “ياسمين” بالغضب يشتغل بداخلها مرة أخرى على ذكر “ايناس” تلك .. وعاودتها ذكرى رؤيتهما معاً متعانقان ..فقالت بشئ من الحده :

– طيب لو سمحت عرف قرايبك ان الموضوع انتهى .. لانى مش حبه ان حد يتكلم معايا في الموضوع ده .. ولا حبه ان حد فى المزرعة يعرف الموضوع ده

اقترب برأسه منها لينظر الى عينيها مباشرة .. فارتجفت .. كانت نظرته صارمه حازمه مصممه .. قال بصوت وكأنه أتى من مكان سحيق :

– “ياسمين” الموضوع منتهاش .. احنا لبعض .. دلوقتى ..بعد شهر .. بعد سنة .. ميهمنيش أستنى أد ايه .. المهم انك فى الآخر هتبقى ليا أنا

ارتجف قلبها .. فخرج صوتها مرتجفاً :

– انت ليه مصر الإصرار ده

قال وقد لمعت عيناه :

– انتى اللى عملتى فيا كده .. وخلتيني مش شايف غيرك .. لما ببصلك بحس ان فى حاجه قوية ربطانى بيكي .. وبتشدنى نحيتك .. مش عارف أتحرر منها

ابتسم ابتسامه عذبه قائلاً :

– ولا عايز أتحرر منها

ألجمتها كلماته .. واشتعلت النيران فى وجنتيها .. فغادرت مسرعة .. كالعادة .. لتهرب منه .. ومن نفسهـــا .

**********************

كانت “ريهام” فى مكتبها تضرب بأصابعها على لوحة المفاتيح أمام الكمبيوتر .. عندما شعرت بأحداً يقف بجانبها رفعت رأسها لتفاجأ برؤية “هانى” يقف بجوارها مبتسماً .. قائلاً :

– ازيك يا آنسه “ريهام”

قالت له ببرود :

– أفندم .. حضرتك عايز البشمهندس “كرم” فى حاجه

– لأ .. أنا كنت عايز أتكلم معاكى فى الموضوع اللى فتحته معاكى .. يعني عايز رقم والدك .. أو ولى أمرك

ابتسم بحرج قائلاً :

– يعني بصراحة أنا معرفش تفاصيل أوى عنك .. وحابب أعرف شوية حاجات

وقفت وقالت له بنفاذ صبر :

– دكتور “هانى” أنا مشغولة دلوقتى لو سمحت

وفجأة وجدت “كرم” يدخل الى المكتب يحمل ملف قائلاً :

– “ريهام” لو سمحتى عايز …….

قطع كلامه عندما وجد “هانى” فى المكتب وقف يتحدث الى “ريهام” .. شعر الحنق .. نظر اليه “هانى” قائلاً :

– ازيك يا بشمهندس “كرم” .. احنا اتعرفنا قبل كده

قال “كرم” بلا مبالاه :

– بجد ؟ .. مش فاكر

ثم التفت الى “ريهام” قائلاً ببرود :

– عايز نسختين من الملف ده .. دقيقتين وتجبيه عندى فى المكتب

ثم ألقى نظره صارمه على “هانى” وخرج من المكتب .. بعد خمس دقائق دخلت “ريهام” المكتب تحمل الملفات المطبوعة وضعتهم أمامه وهمت بالإنصراف .. لكنه استوقفها قائلاً بحده :

– المكتب ده مفتوح للشغل مش لغرامياتك يا آنسه “ريهام” .. بعد كده عايزة تقابلى خطيبك يباه مش فى المكتب عندك أماكن كتير فى المنصورة تخرجى فيها معاه

هتفت بغضب قائله :

– لأ استوب عندك أنا مسمحلكش انك تقولى الكلام ده أولا أنا مليش فى الغراميات وقلة الأدب ثانياً : حتى لو هو خطيبي فأنا مستحيل أخرج معاه ثالثا : أنا لسه موافقتش عليه يعني مسمحلكش انك تقول عليه خطيبي أصلاً رابعاً : لو اتكلمت معايا بالاسلوب ده تانى أو لمحت بأى تلميح مش محترم أنا هسيبلك الشغل وأمشى

ثم غادرت المكتب وأغلقت الباب خلفها فى عصبيه

*******************

أحاط “نور” زوجته بذراعيه من الخلف عندما وجدها واقفه شاردة فى شرفة غرفتهما التى تطل على الحديقة الخلفية للمنزل .. ثم قال لها مبتسماً :

– كنت عارف ان قلبك أبيض

ابتسمت قائله :

– أعمل ايه .. مبحبش النكد

ضحك قائلاً :

– ودى أكتر حاجه بحبها فيكي

اختفت ابتسامتها قائله :

– بس خايفه أوى .. خايفه “عمر” يكون مغشوش فى البنت دى .. وتكون مش كويسة

طمأنها قائلا :

– هو راجل ويقدر يعرف الناس كويس .. وكمان حاولى تتعرفى عليها وكونى رأى عنها على الواقع بدل التخمينات اللى فى راسك دى

– ازاى بس .. البنت أصلاً رفضته

فكر قليلاً ثم قال :

– ما قالكيش سبب الرفض ؟

– لأ .. بيقول مرضتش تقوله .. ودى كمان حاجه هتجننى .. مين مجنونه ترفض “عمر” .. إلا فى حالة واحده

– ايه هى ؟

– يكون فى حياتها حد تانى

تنهدت بقوة وقالت :

– أنا خايفه تكون بتحب واحد تانى .. ولا تكون لسه متعلقه بزوجها .. لو فعلاً كده “عمر” يا حبيبى هيتصدم .. ده بيحبها أوى يا “نور”

اقترح عليها زوجها قائلاً :

– طيب ما تتكلمى معاها انتى

قالت بإستنكار :

– ازاى يعني طبعا مينفعش

– طيب على الأقل حاولى تتعرفى عليها من بعيد لبعيد .. هى أصلا متعرفش شكلك .. حاولى على الأقل تشوفيها وتكونى ولو فكرة مبدئيه عنها

قالت وقد راقت لها الفكرة :

– هفكر فى الموضوع ده

*************************

دخلت “ريهام” غرفتها والغضب بادٍ على وجهها .. نظرت اليها “ياسمين” الجالسه على فراشها قائله :

– ايه مالك .. حد ضايقك ؟

قالت “ريهام” بحده :

– الباشا قالى كلمتين حرقوا دمى

قالت “ياسمين” بإستغراب :

– باشا مين ؟

قالت “ريهام” بنفاذ صبر :

– “كرم” يا “ياسمين” متركزى

– قالك ايه يعني

– سى بتاع اللي اسمه “هانى” ده جالى المكتب .. كان عايز رقم بابا .. و”كرم” دخل .. وبعد ما مشى .. سعمنى كلمتين سم .. قال ايه .. عايزة تقابلى خطيبك قابليه فى مكان تانى فى اماكن كتير فى المنصورة حلوة

قالت “ياسمين” بإستغراب :

– ومين قاله أصلاً ان “هانى” عايز يتقدملك .. “هانى” اللى قاله ؟

قالت بإرتباك :

– لأ مش “هانى” .. أنا اللى قولتله

– ليه بأه ؟

صمتت قليلاً ثم قالت بخبث :

– عشان يتحرك شويه

ثم عادت لتشعر بالضيق قائله :

– هو اتحرك فعلاً بس اتحرك فى الإتجاه الغلط

ابتسمت “ياسمين” قائلاً :

– أحسن وقعتى فى شر أعمالك

ثم استطردت قائلاً :

– انتى ناويه توافقى على “هانى” ؟

قالت “ريهام” بإستنكار :

– “هانى” مين ده اللي أوافق عليه ده حتت عيل

ضحكت “ياسمين” قائله :

– عيل ايه يا “ريهام” ده أكبر منك بسنه

قالت بإصرار :

-برده شيفاه عيل

قالت “ياسمين” بجديه :

– طيب لو افترضنا ان “كرم” اتحرك فى الإتجاه الصح .. انتى مش شايفه انه فرق السن بينكوا كبير شويه

سألت “ريهام” :

– ليه هو “كرم” عنده كام سنه ؟

– يعني 37 او 38 فى الحدود دى

قالت “ريهام” بدهشه :

– وانتى عرفتى منين

– ايه يا بنتى مش كان زميل “أيمن” زوج “سماح” فى الكليه

– آه صحيح

ثم أردفت “ريهام” :

– بس تعرفى شكله ميجبش 37 دى خالص .. شكله يدى أصغر

ثم هتفت فى مرح :

– وبعدين أصلا البنت أنضج من الولد اللى فى سنها بـ 3 سنين ..

ضحكت “ياسمين” قائله :

– يا سلام .. طيب برده لسه الفرق كبير

أكملت “ريهام” بمرح :

– و “كرم” يدى بتاع 33 سنة .. نخصم منهم ال 3 سنين النضوج بتوعى يبقى كده الفرق بينى وبين “كرم” نفس الفرق اللى بين “سماح” و”أيمن” .. ونفس الفرق اللى بينك انتى و “عمر”

قالت “ياسمين” بحده :

– لو سمحتى يا “ريهام” متحطيش اسمى مع اسم “عمر” فى جملة واحده

ضحكت “ريهام” بشدة وقالت :

– ثكر يا “ياسمين” ثكر .. حاضر هبقى أحط بينكوا فاصله بعد كده .. أو أقولك نقطة ومن أول السطر

قامت “ياسمين” وقذفتها بغيظ بالوسادة التى كانت تستند عليها

***********************

انتهى الإجتماع المنعقد للأطباء العاملين فى المزرعة مع كل من “عمر” و “كرم” و “أيمن” … كان “عمر” طوال الإجتماع يختلس النظر الى “ياسمين” التى اختارت آبعد مقعد للجلوس عليه .. انفض الإجماع فكانت أول من غادر القاعه .. وجدت صوت خلفها :

– دكتورة “ياسمين” لو سمحتى

نظرت خلقها لتجد “هانى” مرة أخرى قالت فى نفسها بتأفف (ياربي مش هنخلص)

ابتسم “هانى” قائلاً :

– ازى حضرتك عامله ايه ؟

قالت بنفاذ صبر :

– خير يا دكتور في حاجه ؟

– أنا بس كنت عايز رقم والد حضرتك .. لان الآنسه “ريهام” اتكسفت تديهولى

صمتت “ياسمين” قليلاً لتتخير كلماتها ثم قالت :

– مفيش داعى انك تكلم والدى يا دكتور “هانى”

قال بإهتمام :

– ليه يا دكتورة

قالت بشئ من التردد :

– يعني بصراحه .. كل شئ نصيب

– يعني ايه ؟

وجدت فجأة من يقول من خلفها بحده :

– خير يا دكتور فى حاجه ؟

لم تلتفت لأنها تعرفت على صاحب الصوت .. “عمر” .. ها هو يتدخل فى أمورها مرة أخرى .. شعرت بالحنق .. متى سيتوقف عن ذلك ويتركها وشأنها .. قال له “هانى” بحده :

– موضوع بيني وبين الدكتورة “ياسمين” يا بشمهندس

قال “عمر” بحزم :

– أى حاجه تخص “ياسمين” تخصنى أنا كمان

التفتت اليه “ياسمين” بحده .. كيف يخاطبها أمامه هكذا بدون لقب .. وكيف يقول أن ما يخصها يخصه .. لكن “عمر” لم يلقى بالاً لنظرة الغضب فى عينيها .. نظر اليه “هانى” بسخريه قائلاً :

– ليه بأه كل اللى يخصها يخصك ؟

قال بهدوء :

– لأنى خطيبها

شهقت “ياسمين” بدهشة .. يا لجرئته .. بل يا لوقاحته .. كيف يجرؤ على قول ذلك .. نظرت الى “هانى” قائله وكأنها تنفى عن نفسها تهمه ألصقت بها :

– لأ مش خطيبي

نظر اليها “عمر” قائلاً بحزم :

– لأ خطيبك

التفتت اليه بحده قائله :

– لأ مش خطيبي

– لأ خطيبك

شعرت “ياسمين” بسخافة فى الوضع الذى وصلوا اليه فغادرت مسرعه .. أما “عمر” فقد رمق “هانى” وعيد ثم غادر هو الآخر .. وقف “هانى” مذهولاً يضرب كفاً على كف قائلاً :

– شكلى وقعت فى مزرعة شوية مجانين

دخل “عمر” الى مكتبه وتبعه “كرم” ثم “أيمن” .. قال “كرم” فجأة :

– أنا مش طايق أشوف أدامى الزفت اللى اسمه “هانى شاكر” ده

قال “عمر” بحده :

– ولا انا طايق أشوفه فى المزرعة كلها

قال “كرم” بحده :

– ما تطرده يا “عمر” ساكت عليه ليه

-هو بيشتغل هنا يا “كرم” عشان أطرده .. ده ابن عميل عندنا طلب انه يتدرب عندنا فى المزرعة

قال “كرم” بإنفعال :

– ما يشوفله أى خرابه تانية يغني فيها .. ده ايه الهم ده

سأله “أيمن” قائلاً :

– ليه عملك ايه عشان تضايق منه أوى كده ؟

قال “كرم” بضيق :

– أهو أنا كده مش طايقه من الباب للطاق

سأله “عمر” :

– أكيد فى سبب

– من غير سبب .. لما بشوفه بحس انى عايز أديله قلم أخلى أفاه أدام ووشه وره

ضحك “عمر” و “أيمن” .. فقال “كرم” بضيق :

– بتضحكوا .. بكره أخر ما هزهق هعملها وهتشوفوا

ثم صاح فى حنق :

– ده واد غتيت

ثم قام وانصرف .. سأل “أيمن” ضاحكاً :

– ماله ده

ابتسم “عمر” قائلاً :

– والله ما أعرف يا ابنى

– طيب انت مضايق من “هانى” ليه عملك حاجه ؟

ظهرت علامات الضيق على وجه “عمر” وقال بحده :

– كل شويه ألاقيه واقف يتكلم مع “ياسمين” ولما أسأله يقولى حاجه خاصه بينى وبينها .. أما خلاص قربت أعمل زى ما “كرم” كان بيقول من شويه

ضحك “أيمن” قائلاً :

– لأ ده انتوا الإتنين حالتكوا صعبه ميتسكتش عليها

ثم قام ليغادر قائلاً :

– أنا ماشى بأه .. آه على فكرة “ياسمين” معزومة بكرة عندنا على الغدا .. “سماح” عزماها

سأله “أيمن” بإهتمام :

– لوحدها ؟

ابتسم “أيمن” قائلاً :

– أيوة لوحدها .. ايه عايز ايه

ابتسم “عمر” بخبث قائلاً :

– بصراحة الأكل البيتى وحشنى أوى

ضحك “أيمن” قائلاً :

– انت هتصيع عليا .. اخطف رجلك لحد بيت المزرعة تلاقى الحاجه “كريمة” عملالك أحلى أكل .. هو فى زى نفس والدتك دى عليها أكل محصلش

ابتسم “عمر” قائلاً :

– “أيمن” خليك جدع واعزمنى بكرة على الغداء

ضحك “أيمن” ثانية :

– يا ابنى هتستفاد ايه .. حتى لو عزمتك هيبقى هما أعدين فى مكان .. واحنا أعدين فى مكان تانى

– ملكش انت دعوة

– طيب .. هقول لـ “سماح” انك جاى

قال “عمر” بسرعة :

– بس متخليهاش تقول لـ “ياسمين”

ابتسم “أيمن” :

– أموت وأعرف هتستفاد ايه .. بس ماشى هريحك .. يلا سلام

– سلام

انصرف وترك “عمر” غارقاً فى التفكير .

************************

كانت فى غرفتها “ياسمين” ساهره .. تقرأ احدى رواياتها عندما وجدت ورقه تُدس من تحت الباب .. قفزت من مكانها وأضاءت نور الغرفة .. كانت ورقة صغيره حمراء اللون .. مطوية نصفين .. أمسكتها ثم أغلقت النور وارتدت اسدالها وفتحت باب الشرفة وخرجت لتنظر منها .. ولدهشتها بعد لحظات وجدت “عمر” يخرج من باب المسكن .. ويسير فى اتجاه الطريق الذى فيه شجرتها .. كان يتهادى فى سيره وكأنه ليس فى عجلة من أمره .. خفق قلبها بشدة .. وأغلقت النافذة .. وأمسكت الورقة بين كفيها .. لا تجرؤ على فتحها .. لكن فى النهاية غلبها الفضول .. فتحت الورقة بيد مهتزه قليلاً وبقلب متلهف كثيراً .. لتجد مكتوب فيها :

متى ستعرفي كم أهواكِ يا أملاً أبيع من أجله الدنيا وما فيها

لو تطلبي البحر في عينيك أسكبه أو تطلبي الشمس في كفيكِ أرميها

انا أحبك فوق الغيم أكتبها وللعصافير والأشجار أحكيها

انا أحبك فوق الماء أنقشها وللعناقيد والأقداح أسقيها

انا أحبك… حاولي أن تساعديني

فإن من بدأ المأساة ينهيها

وإن من فتح الأبواب يغلقها

وإن من أشعل النيران يطفيها

تسارعت نبضات قلبها الذى أخذ يرقص فرحاً لوقع تلك الكلمات عليه .. كانت تشعر وكأن قلبها نبت له جناحان وأخذ يرفرف بهما داخل صدرها .. كانت تشعر بأن الورقة التى فى يدها هى أغلى هدية حصلت عليها يوماً .. وأغلى مما تمنت الحصول عليه .. أعادت قرائتها مرات ومرات والإبتسامه على شفتيها .. مررت أصابعها على الكلمات تتحسسها وكأنها تريد حفرها فى قلبها للأبد .. لا تدرى الى متى وقفت تعيد قرائتها ببط ورويه .. طوتها وحضنتها فى كفها .. فتحت باب الشرفه مرة أخرى تتنظر عودته .. فبالتأكيد سيعود من نفس الطريق لكى يصل الى بيته .. وقفت قرابه النصف ساعه .. ثم لاح طيفه من بعيد .. فوقفت تتخفى خلف الستاره حتى لا يراها .. ألقى “عمر” نظره على الشرفه فرجعت الى الوراء خشية أن يراها .. ثم أعادت النظر مرة أخرى لتجده يكمل طريقه الى بيت المزرعة همت بالدخول لولا أنها رأت خيال مقبل فى اتجاهه دققت النظر فوجدتها “ايناس” .. وقفت تراقب ما يحدث وهى مقطبة الجبين

تقدمت “ايناس” من “عمر” ووقفت أمامه قائله بإبتسامه :

– كنت هربان فين ؟

قال “عمر” وهو يهم بالإنصراف :

– كنت بتمشى شوية

أمسكت ذراعه لتوقفه .. شعرت “ياسمين” بالضيق وهى تراها ممسكة بذراعه على هذا النحو دون أدنى اعتراض منه .. قالت “ايناس” :

– استنى يا “عمر” عايزة أتكلم معاك شويه

قال بشئ من الضيق :

– مينفعش نأجل الكلام وقت تانى يا “ايناس”

قالت مبتسمه :

– لأ دلوقتى أحسن .. أنا شايفه ان المكان مناسب والوقت مناسب

نظر اليها بإهتمام قائلاً :

– خير فى ايه

اقتربت منه ووضعت كفها على صدره .. فنقل نظره منها الى كفها ثم نظر اليها فى دهشه .. فقالت بصوت هامس :

– انا بحبك يا “عمر”

كان غضب “ياسمين” وصل الى ذروته .. وهى تراهما مقتربان من بعض الى هذا الحد .. دون أى اعتراض منه .. دخلت وأغلقت باب الشرفة بعنف .. وصل الصوت الى “عمر” الذى التفت بسرعة ينظر الى الشرفة الخاليه .. سأل نفسه هل سمع حقاً باب الشرفة يُغلق أم أن الصوت مصدره شيئاً آخر .. هل “ياسمين” من فعلت ذلك .. هل استيقظت .. هل قرأت ورقته .. هل خرجت الى الشرفه لتراه .. كان يسبح فى بحر الأسئله عندما أخرجته “ايناس” من شروده وهى تمسك بذراعه لتجعله يلتفت اليها قائله :

– “عمر” مردتش عليا

التفت “عمر” لينظر اليها وكأنه نسى وجودها قائلاً بحده :

– “ايناس” ايه اللى انتى بتقوليه ده

نزع ذراعه من يدها .. وتركها وغادر المكان .. زفرت بضيق ونظرت بحقد الى الشرفة التى خمنت أنها لغرفة “ياسمين” ثم أعادت أدراجها الى بيت المزرعة.

استيقظت “ريهام” على صوت غلق باب الشرفة وأضاءت النور قائله :

– خير فى ايه .. انتى اللى رزعتى الباب كده ؟

لم تجبها “ياسمين” .. نظرت اليها “ريهام” فوجدت علامات الغضب على وجهها فسألتها بلهفه :

– فى ايه يا “ياسمين” ايه اللى حصل

التفتت لها “ياسمين” بأعين دامعه وقالت :

– فى ان أختك غبية جداً .. ومبتتعلمش من أخطائها ..

انهمرت عبرة على وجنتها فقامت “ريهام” واقتربت منها قائله صوت حانى :

– مالك ايه اللى حصل ؟

قالت لها “ياسمين” برجاء :

– “ريهام” مش قادرة أتكلم أرجوكى ..بس عايزة منك حاجه واحدة بس

– قولى يا حبيبتى

قالت بمراره :

– مش عايزاكى تجيبى سيره “عمر” أدامى أبداً .. مش عايزه أسمع أى حاجه عنه .. ولا حتى أشوفه .. لحد ما أقدر أقنع بابا اننا نمشى من هنا

قالت “ريهام” بقلق :

– طيب قوليلى فى ايه ؟

انحدرت دمعة أخرى على وجهها وقالت :

– فى انه واحد فاضى وبيلعب فى كل حته شويه بس أنا مش هكون لعبة فى ايده أنا مشاعرى أغلى من انى أديها لواحد زيه

قالت ذلك وتوجهت الى الباسكيت الموضوع فى أحد أركان الغرفة وأطبقت على الورقة فى قبضة يدها وألقت بها فى الباسكيت ثم دخلت الحمام وأغلقت الباب ورائها ذهب “ريهام” والتقطت الورقة التى رمتها “ياسمين” فتحتها وقرأتها ثم طوتها ووضعتها فى أحد الأدراج وهى تتنهد فى حسره.

عرض التعليقات (11)