مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء الواحد والعشرين
مزرعه الدموع للكاتبه بنوتة اسمرة الجزء الواحد والعشرين
البارت 30
لم تستطع “ياسمين” النوم طوال الليل ظلت تفكر فيما رأته يوم أمس .. كان أكثر ما تخشاه هو أن يتم خيانتها للمرة الثانية .. وكل ما تراه من “عمر” يشعرها بالخوف والرغبة فى الهرب .. حياته مختلفه عن حياتها .. أفكاره مختلفه عن أفكارها .. حتى مبادئه وقوانينه وحدوده مختلفه تماماً عنها .. كانت تعلم أنه أعلن حرب ضاريه عليها .. وأنه مصمم أن يكسبها ويفز بقلبها .. لكنها ستواجهه وتحاربه وتجبره على أن يعود صفر اليدين .. يجر أذيال الهزيمة .. ستعلمه أنها ليست كغيرها .. ان أراد أن يتسلى فليبحث عن غيرها .. لأن قلبها ومشاعرها أغلى من أن تهدرهم مع رجل يريد خوض تجربه معها وتذوق شئ مختلف عما اعتاده .. نهضت من فراشها وهى مصممه على مواجهته .. وألا تدع له أى سلطان على قلبها ومشاعرها .. توضأت وصلت الضحى ثم ارتدت ملابسها وذهبت الى عملها
.. أنهت “ياسمين” عملها بالمزرعة واتصلت بـ “سماح” تخبرها بأنها أنهت عملها مبكراً وبأنها ستأتى لها الآن .. وأخبرتها “سماح” أنها بإنتظارها .. التفتت “سماح” الى زوجها قائله :
– هى جايه وفاكره ان انت مش موجود .. وطبعاً ما قولتلهاش ان “عمر” كمان هيكون موجود
قال “أيمن” :
– كويس كده
سألته “سماح” بإستغراب :
– نفسي أفهم “عمر” هيستفاد ايه من كده .. يعني احنا أصلا هنعد فى مكان وانتوا فى مكان
ابتسم “أيمن” قائلاً :
– “سماح” ..”عمر” بيحبها وبيموت فيها .. وهى مش مدياله أى فرصه .. فمجرد وجوده فى المكان اللى هى موجوده فيه أكيد ده شئ يسعده
سألته “سماح” بشك :
– هو بجد “عمر” بيحبها ؟
قال “أيمن” مؤكداً :
– أيوة يا “سماح” .. بيحبها
تنهدت “سماح” فى حيره قائله :
– أنا مبقتش عارفه حاجه .. ربنا ييسرلها الخير .. لأنها مش حمل حد يجرحها أو يلعب بيها كفايه أوى اللى شافته لحد دلوقتى
قال “أيمن” بثقه :
– أنا واثق ان “عمر” بيحبها .. وهيعوضها عن كل اللى هى شافته فى حياتها .. هى بس توافق عليه وأنا واثق انها مش هتندم
بعد قرابة النصف ساعة أتت “ياسمين” .. أدخلتها “سماح” فى غرفة صغيرة بجانب المطبخ تحتوى على أريكة وتلفاز .. وجلستا معاً .. أغلقت الباب عليهما قائله :
– “أيمن” بره وفى واحد صاحبه معزوم على الغدا
قالت “ياسمين” بحرج :
– طيب ما قولتليش ليه كنت أجلتى عزومتى أنا ليوم تانى
– لأ وأنا مالى ومالهم أصلا كده أحسن كنت هبقى أعده لوحدى .. أدينا أعدين نسلى بعض .. يلا قومى ساعديني
دخلت “ياسمين” مع “سماح” المطبخ .. قالت “ياسمين” :
– ايه المكرونة واللبن ده انتى ناوية تعملى ايه ؟
قالت “سماح” :
– عايزة أعمل مكرونة بشاميل جمب الأكل
قالت “ياسمين” بإستغراب :
– ما شاء الله ايه كل الأكل ده يا “سماح” انتى عازمة جيش
ضحكت “سماح” قائله :
– يا ستى اللى يتبقى أشيله فى الفريزر أهو ينفع وقت ما الواحد يبقى طالبه معاه كسل
– طيب أساعدك فى ايه
اقترحت “سماح” قائله :
– انتى بتعملى المكرونة بالبشاميل تحفة .. اعمليها انتى وأنا أسوى الفراخ
عملت الفتاتان معاً .. الى أن رن جرس الباب .. فتح “أيمن” .. كانت “ياسمين” تعد السلطة .. تسمرت فى مكانها عندما سمعت “أيمن” يقول :
– اتفضل يا “عمر”
وما هى الا لحظات حتى سمعت صوته بالخارج .. نظرت الى “سماح” بدهشة .. فقالت “سماح” معتذره :
– هما اللى طلبوا منى انى مجبش سيره
قالت “ياسمين” بإستغراب :
– مش فاهمة .. هو فاكر اننا هنعد ناكل مع بعض
قالت “سماح” بسرعة :
– طبعاً لأ .. هو عارف نظام بيتنا
تذكرت “ياسمين” ما حدث الليلة الماضية ووقوفه مع “ايناس” واقترابه منها الى هذا الحد .. فعاودها غضبها من جديد .. لاحظت “سماح” تقطيبها لجبينها فسألتها قائله :
-انتى مضايقه انى ما قولتلكيش ان “عمر” جاى ؟
هزت “ياسمين” رأسها نفياً قائله :
– لأ مش كده
– أمال ايه ؟
نظرت “ياسمين” اليها قائله :
– نجهز الأكل وأحكيلك
جهزت “سماح” الطعام على السفرة .. رفضت “ياسمين” مساعدتها .. كانت تريد أن تقطع عليه أى طريق للتواصل .. إذا كان يمنى نفسه اليوم برؤيتها والتحدث معها خارج المزرعة فسوف تجعله يعود بخفي حنين .. التفت الصديقتان حول طاولة طعام صغيره فى المطبخ .. والتف الصديقان حول طاولة الطعام فى حجرة السفرة .. نظر “عمر” الى الطعام قائلاً :
– ما شاء الله دى وليمه
ابتسم “أيمن” قائلاً :
– احنا عندنا أعز منك يعني .. وبعدين مش انت قولت انك نفسك فى الأكل البيتي ولا كان كلام فى الهوا
ابتسم “عمر” وعندما هم بتناول الطعام .. لمعت عيناه بخبث ونظر الى “أيمن” قائلاً :
– هى “ياسمين” ساعدت “سماح” فى تحضر الأكل ؟
قالت “أيمن” وهو يبدأ فى تناول طعامه :
– أيوة هما مع بعض من الضهر فى المطبخ
ابتسم “عمر” بخبث قائلاً :
– طيب اسأل “سماح” ايه الأكله اللى “ياسمين” عملاها بإيدها ؟
ضحك “أيمن” قائلاً :
– نعم يا أخويا
قال “عمر” بجديه :
– “أيمن” قوم اسألها
نهض “أيمن” ونادى “سماح” خرجت من المطبخ فسألها مبتسماً :
– هى “ياسمين” عملت ايه فى الأكل ده
نظرت اليه مندهشه وقالت :
– اشمعنى يعني
– قولى بس
– عملت المكرونة بالبشاميل
– ساعدتيها فيها ؟
– لأ .. قولى اشمعنى
ابتسم قائلاً :
– معرفش “عمر” عايز يعرف
ضحكت بصوت خافت قائله :
– صحبك ده غريب
عادت “سماح” مبتسمه وجلست مرة أخرى على الطاوله سألتها “ياسمين” بفضول :
– فى حاجه ؟
ابتسمت “سماح” بخبث قائله :
– معرفش .. “عمر” بيسأل ايه الأكله اللى انتى عملاها
قالت “ياسمين” بإستغراب :
– اشمعنى يعنى .. وهو ماله
ضحكت “سماح” قائله :
– أنا أعرف يختي
عاد “أيمن” قائلاً :
– عامله المكرونة بالبشاميل يا سيدى .. ارتحت
ابتسم “عمر” قائلاً وهو يزيح الطبق من أمام صديقه ويضعه أمامه :
– تمام .. يبقى المكرونة اتصادرت يا باشا
ضحك “أيمن” قائلاً :
– نعم يا اخويا .. أنا عايز أكل مكرونه
– ابقى خلى مراتك تعملهالك
– والله انت بتهرج
قال “عمر” بجديه :
-ومش بس كده .. باقى صنيه المكرونة تتلف عشان هاخدها وأنا ماشى
ضحك “أيمن” قائلاً :
– صدق الواد “كرم” .. الحب بهدله فعلاً
– طب كل وانت ساكت
انتهى الجميع من تناول طعامهم .. أزاحت “سماح” الأطباق من السفرة وقالت لـ “أيمن” الذى كان يغسل يديه فى الحمام :
– الأكل زى ما هو .. “عمر” مكلش حاجه
ابتسم “أيمن” بخبث قائلاً :
– مرضاش ياكل إلا مكرونة بالبشاميل .. وممدش ايده على حاجه غيرها
ضحكت “سماح” بصوت خافت فأكمل “أيمن” :
– وبيقولك لفى باقى الصنية عشان هياخدها معاه وهو ماشى
ازدادت ضحكات “سماح” ودخلت المطبخ نظرت الى “ياسمين” التى ابتسمت وهى تنظر اليها بدهشه قائله :
– ما تفرحينا معاكى
قالت “سماح” بإبتسامه :
– والله الراجل ده مجنون
– مين ؟
– “عمر”
قالت “ياسمين” بلا مبالاة :
– ليه يعني
نظرت اليها “سماح” بخبث قائله :
– البشمهندس مرضاش ياكل غير الأكله الوحيدة اللى حضرتك عملاها بإيدك
احمرت وجنتا “ياسمين” وتلاشت النظر الى صديقتها .. فأكملت “سماح” بخبث :
– وكمان طالب باقى الصنية مش هيسمح لحد فينا يمد ايده عليها ومرضاش يخلى “أيمن” ياكل منها
هتفت “ياسمين” قائله وقد احمرت وجنتاها بشدة :
– بيهرج ده ولا ايه
ثم غيرت الموضوع قائله :
– يلا نعمل الشاى
كانت تشعر بداخلها بالحنق الشديد .. لأنه يستطيع وبطرقه الغريبه أن يلمس أوتار قلبها على الرغم من السدود والأسوار التى تبنيها حوله .. على الرغم من قرارها هذا الصباح .. إلا أنها لم تستطع ان تنكر أنها تشعر بسعاده خفيه مما فعل
**********************
– يعني ايه وافقتي ؟
قالت “ثريا” هذه العبارة بحده وهى جالسه فى الصالون مع “كريمه” يحتسيان الشاى الساخن .. قالت “كريمه” :
– “عمر” راجل يا “ثريا” منقدرش نفرض عليه مين يتجوزها ومين ميتجوزهاش
تركت “ثريا” كوب الشاى من يدها قائله بغضب :
– يعني انتى موافقه ان ابنك يتجوز البنت دى ؟ .. ابنك اللى تعبتى فى تربيته وتعليمه لحد ما وصل للمركز اللى هو فيه آخره صبرك تبقى واحدة زى دى لا ليها أصل ولا فصل وكمان متجوزه قبل كده
قالت “كريمه” بحزم :
– طالما “عمر” اختارها عشان تكون زوجه ليه .. يبقى أكيد هى بنت كويسة .. وأنا ميهمنيش أبداً اذا كانت غنية أو فقيرة
ابتسمت “ثريا” بسخريه قائله :
– طبعاً ميهمكيش .. انتى بالذات ميهمكيش وأنا وانتى عارفين السبب
شعرت “كريمه” بالحنق وقامت لتغادر المكان وعينا “ثريا” تتبعها بنظرات ساخره .. أمسكت كوب الشاى مرة أخرى .. ورشفت رشفه ثم قالت لنفسها بتصميم :
– أنا هعرف ازاى أمنع الجوازه دى .. وأرميها هى وأهلها بره المزرعة
ظلت تفكر وتفكر حتى تولد فى عقلها فكرة خبيثه
” عود كبريت مشتعل وسيجاره مشتعله بجوار الاسلاك العارية كافي لاشعال النار فى المكان وتحويله الى رماد ”
*********************
سألت “سماح” “ياسمين” وهما جالستان معاً يتسليان بأكل اللب والسودانى :
– ها ماقولتيش ايه اللى كان مضايقك وانتى فى المطبخ وقولتيلى هحكيلك بعد ما نجهز الغدا
تنهدت “ياسمين” ولم تجب .. قالت “سماح” :
– ايه هو الموضوع صعب للدرجة دى
نظرت اليها “ياسمين” قائله بأسى :
– “عمر” ابارح جه عندى أوضتى وسبلى ورقة من تحت الباب
ابتسمت “سماح” قائله :
– بجد؟
أكملت “ياسمين” وعلامات الحزن باديه على وجهها :
– أيوة .. عرفت انه هو لانى فتحت البلكونه وشوفته
سألتها “سماح” بلهفه :
– فين الورقة معاكى ؟ وريهالى
قالت “ياسمين” بحده :
– رميتها فى الزباله
اندهشت “سماح” قائله :
– ليه ؟ .. طب قريتيها طيب ؟
قالت “ياسمين” بحرج :
– أيوة قرتها وكنت هحتفظ بيها كمان .. كان فيها شعر
ابتسمت “سماح” قائله :
– مكنتش أعرف انه رومانسي كده
التفتت اليها “ياسمين” بحده قائله :
– لأ ده رومانسي أكتر مما تتوقعى .. لدرجة ان الرومانسيه بتدلدق منه وهو ماشى وتغرق أى بنت تيجي جمبه
قالت “سماح” بإستغراب :
– قصدك ايه ؟
ظهرت علامات الحزن مرة أخرى على وجه “ياسمين” قائله :
– امبارح بعد ما قريت الورقة .. استنيته فى البلكونه .. لانه مشى فى طريق غير طريق بيته .. وبعد ما رجع لقيت بنت عمته جايه نحيته ووقفوا سوا .. ودمى اتحرق يا “سماح” حسيت انى غبية انى اتأثرت بالكلمتين اللى كتبهملى
– ليه؟ .. كانوا واقفين بيتكلموا عادى أكيد
قالت بحده :
– لأ مش عادى .. واقفين بمنتهى قلة الأدب .. ومقربين من بعض جدا .. شوية شوية كان هيحضنها .. والله أعلم أصلا حضنها ولا لأ أنا دخلت بسرعة ورزعت الباب ورايا
زفرت “سماح” قائله :
– المشكلة انه مش عارف انه بيعمل تصرفات تضايقك .. هو بيتصرف كده لانه اتربى ان ده عادى وانها زى أخته والكلام العبيط ده
احتدت “ياسمين” قائله :
– “سماح” انتى مشفتيهمش امبارح .. مكنتش أبداً واقفة واحد مع اخته .. بقولك شوية وكان هيحضنها
ثم أكملت بصرامة :
– اذا كان بالنسبه له الأمور دى عادى يبقى ميلزمنيش .. ده واحد أصلاً مش عارفه يفرق بين الحلال والحرام .. وعمال سايح مع كل واحده شويه .. ملوش أى حدود ولا أى خطوط حمرا .. واحد زى ده سهل عنده أوى انه يخون .. و يقع فى الغلط .. لأن حياته أصلاً غلط .. وتجاوزاته مع البنات لا تعد ولا تحصى .. ده غير أصلاً ان فى بنات راميه نفسها عليه .. يعني ده واحد الحرام أدامه عيني عينك كده وعلى طبق من فضه .. لو مفيش خوف من ربنا فى قلبه .. وحدود بينه وبين البنات .. يبقى ايه يضمنلى انه ما يخونيش .. مفيش فرق بينه وبين “مصطفى” .. هما الاتنين بيستحلوا حاجه حرام .. وبيكابروا فى الغلط
صمتت قليلاً ثم أكملت قائله بسخريه :
– ده غير بأه انى كل شوية ألاقى حد من عيلته ناطط أدامى .. وبيتعاملوا معايا بكل غرور .. أكنى واحده من الشارع .. أكنى راميه نفسي عليه زى البنات اللى يعرفها
سألت “سماح” بإهتمام :
– حد كلمك تانى غير عمته ؟
قالت “ياسمين” بسخريه :
– أيوة بنت عمته .. اللي اسمها “ايناس” .. اللي كانت واقفه معاه امبارح .. وقال ايه بتقولى أنها حب الطفوله والمراهقة بالنسبة للبشمهندس
صمتت قليلاً ثم قالت بغضب مكتوم :
– خليها تشبع بيه
حاولت “سماح” التخفيف عنها قائله :
– طيب خلاص متضايقيش نفسك .. ولو حد فيهم حاول يكلمك بعد كده متعبريهوش
نهضت “ياسمين” ولفت حجابها وقالت لـ “سماح” وهى تحمل حقيبتها :
– أنا همشى بأه يا “سماح”
قالت “سماح” برجاء :
– خليكي أعده شوية يا “ياسمين” .. “أيمن” آعد مع “عمر” وأنا هفضل أعده لوحدى
قالت “ياسمين” بأسف :
– معلش يا حبيبتى نفسي أعد معاكى أكتر .. بس انتى عارفه بخاف أمشى بالليل خاصة انه طريق سفر
– فعلاً معاكى حق .. خلى بالك من نفسك وطمنين لما توصلى
قبلتها “ياسمين” وخرجت مسرعه دون أن تنظر للرجلان الجالسان فى الصالون .. أغلقت الباب خلفها فنهض “عمر” قائلاً :
– يلا أشوفك بكره
ابتسم “أيمن” قائلاً :
– متعد شويه يا ابنى
توجه “عمر” للباب قائلاً :
– زهقت منك .. يلا سلام
فتح “عمر” الباب ثم أغلقه مرة أخرى والتفت الى “أيمن” قائلاً :
– فين صنيه المكرونة بتاعتى
نظر له “أيمن” بدهشة قائلا :
– انتى هتاخدها بجد
قال له “عمر” بجديه وعيونه تلمع من المرح :
– أمال هسيبهالك .. يلا هاتها
دخل “أيمن” ليجد “سماح” التى كانت تستمع الى الحوار تمد يدها بالصنية المغلفة وهى تحاول كتم ضحكاتها .. عادر “أيمن” اليه وهو يضحك قائلاً :
– والله أنا أول مرة أشوف ضيف يجبر صاحب البيت انه يعزمه على الغدا .. ومش بس كده لأ ياخد باقى الأكل معاه وهو مروح
ابتسم “عمر” قائلاً :
– خلاص هتذلنى .. عليا ليك عزومة ان شاء الله
حمل “عمر” الصنية ونزل بسرعة .. رآى “ياسمين” واقفه تنتظر سيارة أجره .. فأسرع الى سيارته ووضع فيها ما يحمله .. نظرت اليه “ياسمين” بدهشة قائله فى نفسها (معقول خد الصنيه وهو نازل ده يبقى مجنون رسمي) .. أوقفت التاكى وركبت ثم ولدهشتها .. وجدت “عمر” يفتح الباب الأمامى ويأمر السائق أن ينطلق .. ألجمتها المفاجأة .. كان يعلم أنها ذاهبة الى موقف الدراسات لتركب سيارة أخرى الى المزرعة فاخبر السائق عن نفس المكان الذى ستذهب اليه .. وبهذا سار السائق فى طريقه .. كانت “ياسمين” تحاول استيعاب ما يفعله .. ولماذا يفعله .. اما هو فظل ينظر اليها فى المرآه الجانبيه وهو يبتسم بين الحين والآخر .. لكنها تحاشت النظر فى هذا الإتجاه تماما حتى لا تتلاقى عيناها بعينيه .. وصلا الى الموقف .. نزلت “ياسمين” لتبحث عن سيارة متوجهه الى مكان المزرعة .. وجدت بسهوله ركبت فى المقعد خلف السائق .. ولدهشتها للمرة الثانية وجدت “عمر” يصعد ليركب بجوارها .. نظرت اليه بدهشة ممزوجه بالغضب .. لكنه قابل نظرة الغضب فى عينيها بنظرة مرحه وابتسامه عذبه .. التفتت لتنظر الى الشباك وصممت أن تنظر منه طوال الطريق وألا تلتفت الي “عمر” أبداً .. وضعت حقيبتها بينهما .. أخذ ينظر الى الحقيبة ثم اليها .. نظرت اليه بتحدى .. فنظر اليها بمكر .. ووجدته يميل عليها قليلاً ويهمس قائلاً :
– لو بتعملى كده مع اى حد يركب جمبك .. فدى حاجه تبسطنى
التفتت لتنظر الى الشباك دون أن ترد عليه .. اكتمل العدد وانطلق السائق فى طريقه .. لم يعتاد “عمر” بالطبع على ركوب المواصلات العامة .. لذلك كان يجهل أن المعقد الذى اختاره تحديداً هو أسوأ موضع فى السيارة لأن الراكب فى هذا المقعد تصبح عليه مهمة اعطاء الأجره من الركاب الى السائق وباقى المال يعيده الى الركاب .. كل دقيقتين يجد من يربت على كتفه ليعطيه الأجرة وينتظر الباقى .. شعر بالحنق والضيق .. أما “ياسمين” فكانت سعيدة للغاية عندما التفتت اليه ورأت علامات الضيق على وجهه .. شعرت بأنها انتقمت منه بطريقه ما .. نظر اليها ليجدها تنظر الى الشباك مبتسمه .. فإبتسم وأمال برأسه تجاهها قائلاً بهمس :
– فداكى .. المهم انى آعد جمبك
تلاشت ابتسامتها .. وخفق قلبها .. تباً لك أيها القلب الذى لا تكاد تسمع صوته حتى تقفز ثائراً معلناً عن عصيانك لأوامري .. ظلت تنظر من الشباك .. بعد دقيقه أمال رأسه مرة أخرى قائلاً :
– تسلمي ايدك المكرونة عجبتنى أوى .. مكنتش أعرف انك شاطره كده
لم تبدى أى رد فعل فأكمل قائلاً :
– غرت ان حد ياكل منها غيري عشان كده خدتها معايا .. سبتها فى العربية
حاولت قدر الإمكان أن تصم أذنها عن كلماته .. وألا تتأثر بما يقول .. صمت قليلاً ثم أتاها صوته بشئ من الألم :
– نفسي أفهم حاجه واحده بس .. انتى ليه رفضانى
قطبت جبينها وهى تتذكر الأسباب الكثيرة التى تجعلها ترفضه
حثها قائلاً :
– مش هتيريحيني وتعرفيني السبب ؟
صمتت ولم تجب .. أتى مكان نزولهما .. نزل أولاً ثم نزلت “ياسمين” كانت متوجه الى البوابه عندما اعترض طريقها قائلاً حزم :
– مش هسيبك تعدى إلا لما تقوليلى سبب واحد لرفضك ليه
نظرت اليه بحده وحاولت المرور لكنه سد عليها الطريق نظرت اليه غاضبه وقالت :
– لو سمحت عديني .. ميصحش اللى انت بتعمله ده
قال بتصميم :
– أسمع سبب واحد وساعتها هعديكي
قالت بتحدى :
– مش هتكلم
قال بتحدى مماثل :
– مش هعديكي
زفرت ونظرت حولها .. لم تجد من ينقذها من هذا المأذق .. قال “عمر” بنفاذ صبر :
– ها .. مش هنفضل واقفين كده كتير
ثم قال بخبث :
– وبعدين لو حد من جوه المزرعة شافنا واقفين مع بعض أكيد هيقولوا الموضوع فيه ان .. وانتى عارفه الناس هنا مبتسكتش
نظرت اليه بغضب قائله :
– طيب عديني
قال ببرود :
– قوليلي سبب واحد وأنا اعديكي
صمتت قليلا ثم قالت بحده :
– أنا وانت مننفعش لبعض لمليون سبب
قال بنفس البرود :
– اديني سبب واحد من المليون سبب دول
عضت على شفتيها ثم نظرت اليه قائله :
– انت فى طريق غير اللى أنا ماشية فيه .. فى مليون اختلاف بينى وبينك
ثم قالت بحده :
– ممكن بأه تعديني
صمت قليلاً ثم قال :
– هساعدك انك توصلى للطريق اللى أنا فيه وتمشى معايا فيه
قالت بحزم وكأن كلامه أهانها :
– أبداً .. متمناش أبداً انى أمشى فى الطريق اللى انت ماشى فيه
تأملها قليلا .. قالت فى نفسها لقد أغضبته الآن .. ولن يعاود التفكير فيها مرة أخرى .. حسناً هذا ما أردته .. وقد حصلت عليه .. أتاها صوت “عمر” الحانى وابتسامته العذبه لتصدمها قائلاً:
– لو انتى مش عايزة تمشى فى طريقي .. أنا هوصل للطريق اللى انتى فيه .. وأمشى معاكى فيه .. المهم عندى اننا نكون سوا
عانقها بعينيه للحظة قبل أن يبتعد جانباً ليفسح لها الطريق .. مشت ودخلت من البوابه .. وقبل دخولها ألقت عليه نظرة وهو يعاود أدراجه ليحضر سيارته التى تركها
***************************
– ممممممم نفسها فى الأكل حلو أوى .. لأ كده انا اطمنت عليك
قالت “كريمه” هذه العباره لإبنها وهما جالسان معاً على طاولة فى المطبخ
ابتسم “عمر” قائلاً :
– كويس أول الطريق خطوه .. دلوقتى حبيتى أكلها بكره تحبيها
ابتسمت “كريمه” قائله :
– بس انت رهيب يا “عمر” حد يتعزم عند واحد صحبه وياخد باقى الأكل وهو نازل
ضحك “عمر” بشدة قائلاً :
– نفس اللى قالهولى “أيمن”
قالت “كريمه” فى سرور :
– ربنا يسعدك يا حبيبى وينولك اللى فى بالك
قبل “عمر” يدها قائلاً :
– يارب يا ماما
**************************
فى صباح اليوم التالى وقفت “كرم” على باب مكتب “ريهام” .. كان قد تحاشى الذهاب الى العمل ورؤيتها منذ أن انفعلت عليه فى مكتبه بسبب كلماته .. وقف أمام المكتب فنظرت اليه ثم عادوت عملها فى صمت .. تنحنح وشعر بالحرج قليلاً هو يقول :
– أنا آسف على الكلام اللي قولتهولك آخر مرة فى مكتبي
نظرت اليه صامته .. فأكمل قائلاً :
– أنا مكنش قصدى أهينك أو أجرحك .. وأنا عارف وواثق انك بنت محترمه .. وفعلاً كلامى مكنش يصح أقولهولك
أومأت “ريهام” برأسها ثم عاودت مزاولة عملها :
تفرس فيها “كرم” قائلاً :
– يعني خلاص سمحتيني؟
نظرت اليه قائله :
– خلاص محصلش حاجه
ابتسم وقال قبل أن يغادر .. مستنى البريد فى مكتبي
أحضرت “ريهام” البريد وهى تبتسم فى نفسها
فجأة سمع الجميع أصوات هرج ومرج .. خرجت “ياسمين” من مكتبها لتستطلع الأمر .. وجدت أعد العمال يجري فى اتجاه .. وعامل آخر قادم مهرول من نفس الطريق فأوقفته “ياسمين” قائله :
– لو سمحت .. ايه اللى حصل ؟
قال الرجل وهو يلهث :
– عامل ايده اتحشرت فى ماكنه طحن الحروب .. جه البشمهندس “عمر” يساعده قامت الماكنه طايله ايده هو كمان
أصاب “ياسمين” الفزع وشعرت بقلبها يهوى على الأرض .. أسرعت “ياسمين” فى اتجاه مخزن الأدوية وأحضرت شنطة الإسعافات الأولية .. ثم ذهبت مسرعه فى الإتجاه الذى ذهب فيه العامل .. رأت عدة عمال متجمعين خارج المبنى وأحد العمال يقف على الباب يمنعهم من الدخول .. أسرعت وصرخت فيه قائله :
– عديني بسرعة
أفسح الرجل لها الطريق دخلت لتجد رجل نائم على الأرض وحوله رجلين .. بحثت بنظرها عن “عمر” فلم تجده .. ذهبت اليهم لتجد يد الرجل فى حاله يرثى لها .. فلقد أجهزت الماكينه على كفه .. والرجل فقد وعيه من شدة الألم .. خفق قلبها بقوة ترى ماذا أصاب “عمر” وأين هو الآن .. هل أصيب مثله .. جثت بجوار الرجل الفاقد الوعى وأخرجت من الحقيبه التى تجملها قماشة طويلة ربطت بها رسغه بقوة لكى تقلل من الدم الذى يفقده .. قال لها أحد الرجلين مش هتربطى كف ايده اللى بتنزف دى .. نظرت اليه قائله :
– لأن عظم كفه كله مكسور المفروض ميتحركش لحد ما الإسعاف تيجي تشيله زى ما هو كده
ثم قالت بلهفه :
– فين البشمهندس “عمر” ؟ .. جراله حاجه ؟
سمعت حركة خلفها نظرت لتجد “عمر” .. وقفت فى هلع وهى تنظر الى قميصه الأبيض الذى صبغ باللون الأحمر الدامى .. كان يمسك قطعه قماش ويضغط بها على كفه .. هتفت قائله بصوت مرتجف :
– انت كويس؟
نظر اليها يتأمل الخوف واللهفة على وجهها .. ونظرات عينيها الدامعه والتى تنتقل بسرعة ولوعه بين وجهه وكفه .. قال بصوت خافت :
– متخفيش
ازداد لمعان الدموع فى عينيها وكررت سؤالها وكأنها لم تسمع اجابته :
– انت كويس ؟ .. ايدك حصلها حاجه ؟
أزاح “عمر” قطعة القماش ليريها جرحاً صغيراً فى يده .. ونظر اليها قائلاً :
– الحمد لله ربنا سترها معايا ..
نظرت الى قميصه المبلل بالدماء وهى مازالت بعد تحت تأثير الصدمة وقالت :
– أمال ايه الدم اللى على قميصك ده
أجابها قائلاً :
– ده مش دمى .. ده دم العامل اللى اتصاب
فى تلك اللحظة حضرت سيارة الإسعاف ونقلوا العامل اليها وأمر “عمر” رجلين من رجاله بالذهاب مع العامل الى المستشفى ومتابعته بتفاصيل حالته
تعالت صوت سرينه سيارة الإسعاف وهى تبتعد لتغادر المزرعة التفت “عمر” الى “ياسمين” مرة أخرى يتفرس فى وجهها ويراقب كل خلجاته .. قالت له “ياسمين” وهى تحاول استجماع شتات نفسها :
– لازم تطهر الجرح وتربطه .. متستهونش بيه
لمعت عيناه وابتسم لها قائلاً بصوت هامس :
– خايفه عليا ؟
تحاشت النظر اليه وقالت :
– أنا هروح أكمل شغلى .. بعد اذنك
أوقفها قائلاً :
– عارفه .. أنا كنت بدأت أيأس .. وأحس انى مش ممكن هعرف أخليكي تحبينى
ثم ابتسم قائلاً :
– بس أنا دلوقتى اطمنت
شعرت بأن وجنتيها سارتا جمرتين مشتعلتين ونظرت اليه قائله بتوتر وبصوت مرتجف تدافع عن نفسها :
– لو كان أى حد مكانك كنت هقلق برده أما أشوف قميصه غرقان دم كده .. يعني مش حاجه خاصه بيك انت
أخفض رأسه قليلا ونظر فى عينيها مباشرة قائلاً :
– أنا مش صغير يا “ياسمين” .. أنا عارف كويس ايه اللى أنا شوفته فى عينيكي
شعرت بالإرتباك .. خفضت بصرها ثم سارت فى اتجاه الباب .. التفت “عمر” اليها قائلاً بصوت عالى :
– أيوة .. اهربى العادة
كانت بالفعل تعلم أنه محق .. محق فى الأمرين .. محق فيما رآه فى عينيها .. ومحق فى أنها تهرب.
********************
ذهب “عمر” فى اتجاه بيت المزرعة ليجد أمه مقبله عليه تهتف فى لوعه :
– “عمر” ايه اللى حصل .. ايه الدم ده
نظرت الى يده هاتفه :
– مالك يا ابنى ايه اللى حصل
مسح “عمر” على كتفها وطمأنها قائلاً :
– متحفيش عليا أنا كويس ده جرح بسيط
هتفت فى لوعه :
– جرح بسيط أمال ايه الدم ده ؟
قال شارحاً :
– ده دم العامل اللى اتصاب كنت بحاول أطلع ايده اللى اتحشرت فى الماكنه
قالت “كريمه” بقلق :
– وهو فين دلوقتى
قالت “عمر” بأسى :
– الإسعاف جم خدوه من شوية .. وأنا هطلع بس آخد شاور وأغير هدومى وأروحله على هناك
دخل “عمر” البيت ثم صعد الى غرفته .. دخلت “كريمه” البيت جلست على أحد المقاعد تلتقط أنفاسها وتهدئ من روعتها ثم صعدت الى غرفة “ثريا” التى كانت تجلس مع “ايناس” لتخبرهما بما حدث .. نهضت “ايناس” وطرقت باب غرفة “عمر” .. كان قد انتهى من ارتداء ملابسه .. فتح الباب ليجد “ايناس” أمامه .. سالته قائله بصوت ناعم :
– “عمر” انت كويس .. ايه اللى طنط بتقوله ده
قال “عمر” :
– محصلش حاجه .. الحمدلله
قالت “ايناس” بعتاب :
– وانت مالك ومال العامل .. كنت تخلى أى حد من الرجاله الموجودين يساعده .. افرض كانت الماكنة ضيعت ايدك انت كمان
قال “عمر” بنفاذ صبر وضيق :
– يعني أطلب من الرجاله الواقفين انهم يساعدوه وأنا مش راجل يعنى ؟ .. أقف أتفرج عليهم ؟
حاولت امتصاص غضبه قائله بصوت ناعم :
– أنا بس كنت خايفه عليك .. أول ما سمعت من طنط جيت على طول أطمن عليك
تمتم “عمر” :
– شكراً يا “ايناس”
أمسكت يده المصابه قائله :
– مش هتروح للدكتور يشوفهالك
نزع يده من يدها قائلاً :
– ان شاء الله .. يلا سلام
ثم نزل مسرعاً وتوجه الى المستشفى التى أخذوا العامل اليها .. استقبله أحد الرجال الذين ذهبوا فى سيارة الإسعاف بصحبة العامل .. فسأله “عمر” بإهتمام :
– ايه أخباره دلوقتى ؟
قال الرجل :
– بيقولوا محتاج عمليات كتير عشان ايده ترجع زى الأول .. وأهله جوه قالبينها مناحه
دخل “عمر” فوجد امرأة بسيطة ترتدى السواد تبكى أمام غرفة العمليات وبجوارها رجل كبير يرتدى جلباباَ ويبدو عليه البساطة هو الآخر وكان يبكى بحرقة ويتمتم بشفتيه بكلماته خافته .. قال الرجل الذى بصحبة “عمر” :
– ده أبوه .. ودى أمه
اقترب “عمر” من الرجل قائلاً :
– متقلقش يا حج ان شاء الله هيقوم بالسلامه
قال الرجل :
– يارب .. يارب
هتفت الأم فى حسره وسط شهقاتها :
– يا عيني عليك يا ابنى .. ايدك راحت يا ابنى ..
التفت “عمر” اليها قائلاً :
– متقوليش كده يا حجه ان شاء الله هيبقى بخير
قالت له المرأة فى لوعه :
– ده بيقولولك محتاج عمليات أد كده وأدوية أد كده .. واحنا ناس على أد حالنا
وانفجرت فى بكاء شديد
ربت “عمر” على كتفها قائلاً :
– متقلقيش كل مصاريف العمليات والأدوية أنا هدفعهم ان شاء الله .. وكمان مرتبه هيوصل أول كل شهر مش ناقص منه حاجه .. لحد ما يقوم بالسلامة ان شاء الله
نظرت المرأة اليه غير مصدقه وتمتمت :
– انت مين يا ابنى وهتعمل معانا كده ليه ؟
قال “عمر” شارحاً :
– أنا “عمر الألفى” صاحب المزرعة اللى ابنك بيشتغل فيها .. وطالما اتصاب وهو بيشتغل فى المزرعة عندى يبأه أنا متكفل بكل مصاريف علاجه
أمسك الرجل يد “عمر” وقبلها بسرعة .. سحب “عمر” يده .. فقال الرجل باكياً :
– ربنا يكرمك ويكفيك شر طريقك ويباركلك فى صحتك وعفيتك يا قادر يا كريم
تأثر “عمر” للغاية من حالة والداه .. طلب من الرجل الذى بجواره أن يبقى فى المستشفى معهما و قام بحجز غرفة لهم كمرافقين للمريض
عاد “عمر” الى المزرعة .. خرج “عمر” من السيارة فأقبل عليه “أيمن” قائلاً :
– الحق يا “عمر” مخزن العلف ولع
صاح “عمر” فى فزع :
– ايه ؟ .. ولع ؟
قال “أسمن” شارحاً وهو ينهج :
– أيوة بس متقلقش الرجاله طفوه
أسرع “عمر” الخطى الى مخزن العلف ليجد جزء كبير من العلف المخزن احترق تماماً وتحول الى رماد .. نظر الى الرجال اللذين يحملون طفايات الحريق الصغيره وقال بلهفه :
– حد اتصاب ؟
قال له أحد الرجال :
– لأ يا بشمهندس متقلقش محدش كان فى المخزن
أقبل “أيمن” ليقف بجوار “عمر” فالتفت اليه “عمر” قائلاً :
– عم “عبد الحميد” فين ؟ .. مش المفروض يكون فى المخزن ؟
قال “أيمن” فى حيره :
– من ساعة الحريقه وهو مظهرش
قال “عمر” بإستغراب :
– غريبه
ضرب “أيمن” كفاً بكف قائلاً :
– سبحان الله حادثتين فى المزرعة فى يوم واحد
تركه “أيمن” وذهب ليبحث عن “ياسمين” لكنه قابل عمته وهى مقبله نحوه قائله :
– ايه اللى حصل يا “عمر”
قال “عمر” وهو يسرع بالإنصراف :
– هحكيلك بعدين يا عمتو
أمسكته من ذراعه لتوقفه وقالت بحنق :
– حرق المخزن وهرب مش كده
نظر “عمر” اليها وقال بدهشة :
– تقصدى مين ؟
قالت بحده :
– أقصد “عبد الحميد” اللى انت سلمته مفاتيح مخزن العلف ووثقت فيه بس عشان بنته تبقى حبيب القلب
شعر “عمر” بالغضب وحاول الانصراف قائلا :
– بعد اذنك يا عمتو
أوقفته مرة أخرى قائله :
– أكيد عمل كده لصالح أى مزرعة من المزارع المنافسه .. خاصة بعد ما عرفوا جودة العلف اللى بقينا بنستخدمه دلوقتى .. مش بعيد يكونوا ادوه رشوية عشان يحرقلنا المخزن .. وواحد جعان زى ده ما هيصدق طبعاً فرصة وجاتله لحد عنده
صمتت قليلاً ثم قالت بحزم :
– لازم تبلغ عن “عبد الحميد” عشان يتسجن
نزع “عمر” ذراعه من يدها ونظر اليها بصرامة ثم غادر دون أن ينطق بكلمة .