مزرعة الدموع للكاتبة بنوتة اسمرة الجزء الثالث والعشرون

6 4٬465
 

مزرعة الدموع للكاتبة بنوتة اسمرة الجزء الثالث والعشرون

مزرعة الدموع للكاتبة بنوتة اسمرة الجزء الثالث والعشرون

مزرعة الدموع للكاتبة بنوتة اسمرة الجزء الثالث والعشرون

مزرعة الدموع للكاتبة بنوتة اسمرة الجزء الثالث والعشرون , معكم صديقة زاكي الشيف الموهوبة ,كريمة جزائرية

كانت “ريهام” متوجهه الى المكتب لتأخذ متعلقاتها وتخبر “كرم” برغبتها فى ترك العمل .. عندما وجدت “هانى” قبالتها ..تظاهرت انها لا تراه لكنه أوقفها قائلاً :

– لو سمحتى ثوانى

توقفت ونظرت اليه بنفاذ صير

فقال “هانى” ببرود :

– انتى وأختك اتعاملتوا معايا بإسلوب غريب جدا .. أكنى واحد جاى أشحت مش جاى أتقدم

ثم قال بترفع :

– أنا بس حبيت أقولك انى صرفت نظر عن الموضوع

قبل أن تفتح فمها للرد وجدت “كرم” خلفها يقول ل “هانى” بحنق :

– يلا يا ابنى من هنا معندناش بنات للجواز

نظر اليه كل من “ريهام” و “هانى” بإندهاش .. فاقت “ريهام” من دهشتها لتقول لـ “كرم” :

– وحضرتك ايه دخلك فى الموضوع ده

نظر “هانى ” الى “كرم” قائلاً :

– أحب أعرفك يا بشمهندس “كرم” ان ده أخر يوم ليا فى المزرعة بصراحة مش حابب آجى هنا تانى بعد كل المعاملة اللى شوفتها منكوا هنا

قال “كرم” بحبور :

– والله يا ابنى تبقى ريحتنا وريحت نفسك .. بس اوعى تقطع الجوابات .. ولا أقولك اقطعها أحسن

رحل “هانى” وهو يتمتم فى غضب .. نظرت “ريهام” الى “كرم” بغضب قائله :

– ايه اللى حضرتك عملته ده .. ازاى تدخل كده فى حاجه تخصنى وتقوله معندناش بنات للجواز ؟

نظر اليها “كرم” قائلاً :

– هو عاجبك ؟

صمتت ولم تجب .. ظهرت علامات الجديه على وجهه ونظر اليها مكرراً سؤاله مرة أخرى :

– الواد ده عاجبك ؟

نظرت اليه قائله وهى تحاول التماسك :

– ده شئ ميخصكش

نظر اليها بطريقة لم تعتادها منه .. احتارت فى تفسير معناها .. لكنها شعرت وكأن عينيه تحتويانها فى صمت .. كرر السؤال للمرة الثالثه .. لكن هذه المرة بصوت أقرب الى الهمس :

– الواد دع عجبك ؟ .. عايزاه ؟

كانت ترغب فى عدم الرد عليه وتتركه وتذهب .. لكنها لا تدرى لما قالت :

– لأ

ظهر المرح فى عين “كرم” وسألها قائلاً :

– لأ ايه

أجابت وهى تحاول التحدث بجديه :

– لأن مش عاجبنى .. ولأ مش عايزاه

ابتسم “كرم” ابتسامه ذاب لها قلبها وقال بمرح :

– أصلاً لو كنتى قولتى غير كده كنت قطعتك

شعرت بقلبها يخفق بقوة .. حاولت التحدث بحده قائله :

– وانت مالك انت يعجبنى ولا ميعجبنيش .. وايه أقطعك ايه

قال وهو محتفظاً بابتسامته :

– لسه مفهمتيش ؟

شعرت بأنفاسها وقد بدأت بالتسارع .. ترى هل ما تظنه صحيح .. هل “كرم” على وشك …. هل هذا صحيح .. همت بأنه تتركه وتنصرف لكنه قال لها فجأه :

– أنا بحبك يا “ريهام”

نظرت اليه فى دهشة .. قلبها يخفق .. عقلها يدور .. بل الدنيا من حولها تدور .. لم تستوعب .. لم تصدق .. قال لها بابتسامته المرحه :

– بصراحة من أول يوم شوفتك فيه فى المكتب وانتى لفتى انتباهى بشكل كبير .. وكل يوم بعرفك بتعلق بيكي اكتر وبحترمك أكتر .. مكنتش متخيل انى ممكن ألاقى واحده زيي وشبههى .. أنا حاسس اننا متشابهيين فى حاجات كتير جدا ..

صمتت ولم تتحدث فأكمل قائلاً :

– كانت بس المشكلة اللى شاغله بالى هو فرق السن اللى بينى وبينك .. يعني خايف انك تشوفى دى حاجه تضايقك .. خاصه بعد الواد الغتت ده ما اتقدملك .. خفت بجد انك تختاريه ومبقتش طايق أشوف وشه فى المزرعة دى وعايز أمشيه منها بأى طريقه

كانت “ريهام” تشعر بسعادة غامرة وهى تسمع تلك الكلمات من كرم” الذى حلمت به وهى تعلم أنه حلم صعب المنال .. ظهرت تلك السعادة على وجهها لم تستطع مداراتها .. أكمل مبتسماً :

– حركة الخطوبة دى كنت بس حابب أعرف رد فعلك .. كنت عايز أعرف حاجه زى كده تضايقك ولا لاء .. كان وشك فعلا باين عليكي انك مضايقه ولما دخلت مكتبك ولقيتك مش موجوده بصراحة فرحت أوى .. وده اللى شجعنى انى أتكلم معاكى دلوقتى

ثم نظر اليها وقال بقلق :

– انا مش غلطان .. صح .. يعني .. انتى كمان …. صح ؟

تماسكت “ريهام” وأخفت بصعوبة ابتسامة الفرحة التى كادت أن تقفز الى شفتيها وقالت :

– بعد اذنك أنا مضطرة أمشى

قال “كرم” بلوعه :

– بتهرجى يا “ريهام” .. لأ بقولك ايه أنا مبحبش التوتر والقلق ده .. جاوبى على سؤالى .. أنا حسيت صح مش كده ؟ .. يعني انتى كمان حاسه بحاجه نحيتى .. صح ؟

قالت له بجديه :

– لا والله .. عايزنى أقولك ايه يعني

قال بمرح :

– .. طيب بلاش سؤال مباشر طالما صعب .. هسألك سؤال تانى خالص ملوش علاقه بالسؤال الأول .. ها .. ملوش علاقة

نظرت اليه مترقبه .. فقال وعيناه تلمع فى مرح وابتسامه خبيثه على شفتيه :

– هو عم “عبد الحميد” فاضى اروح أتكلم معاه كلمتين كده ؟

احمرت وجنتاها وقد فهمت معنى سؤاله لكنها تظاهرت بالجديه وقالت :

– معرفش روح اسأله

– يعني انتى شايفه هو فاضى ولا مشغول ؟

ظهرت ابتسامه خفيفه على شفتيها وقالت وهى تتحاشى النظر اليه :

– أظن فاضى

اتسعت ابتسامة “كرم” قائلاً :

– لأ أنا مش عايز أظن دى .. انا عايز رد أكيد .. فاضى ولا مشغول ؟

اتسعت ابتسامتها قائله :

– فاضى

ثم تركته وغادرت مسرعة .. دخلت الى غرفتها أغلقت الباب ووقفت خلفه تتذكر ما قيل منذ قليل .. لا تصدق أن “كرم” اعترف أخيراُ بحبه لها .. ويرغب أيضاً فى الزواج منها .. شعرت بسعادة طاغية فى قلبها .. أخرجت هاتفها واتصلت بـ “ياسمين” قائله وهى تقفز فرحاً :

– “ياسمين” .. “كرم” قالى بحبك

صاحت “ياسمين” بدهشة :

– ايه .. بتقولى ايه

ضحكت “ريهام” قائله :

– بقولك “كرم” قالى بحبك

– بتهزرى .. هو مش هيخطب

– لأ طلع ابن اللذين بيعمل فيلم عليا .. “ياسمين” أنا فرحانه فرحانه فرحانه .. “كرم” قالى بحبك .. قالى “بحبك” يا “ياسمين”

ضحكت “ياسمين” قائله :

– برافو يا “كرم” أصلا البنت كان فى عقلها برج واحد سليم ودلوقتى جيت حضرتك قضيت عليه

قالت “ريهام” بمرح :

– أقولك خبر كمان ..قالى انه هيتقدم ويطلبنى من بابا .. هو مقلهاش صراحة بس معنى كلامه كده

صاحت “ياسمين” بفرح :

-بجد .. بجد يا “ريهام” .. فرحتيني .. أنا مش مصدقه

– أمال أنا اقول ايه .. بجد حسه انى بحلم ..”كرم” قالى بحبك .. كرم قالى “بحبك” .. ومش بس كده ده كمان هيتقدملى

صمتت قليلا ثم صرخت بفرح :

– “ياسمين” “كرم” قالى بحبك وهيتقدملى

– “ريهام” صوتك واصل من الأوضة لعندى هنا .. اهدى شوية .. الله يسامحك يا “كرم”

– “ياسمين” عشان خاطرى خلصى بسرعة وتعالى عايزة أتكلم معاكى كتير .. عشان خاطرى متتأخريش

– طيب يا حبيبتى هخلص وأجيلك على طول

كانت “ياسمين” سعيدة للغاية من أجل اختها … كانت جالسه فى مكتبها عندما رأت امرأة تتقدم وتدخل الغرفة .. نظرت “ياسمين” لهذه المرأة الأنيقة بملابس محتشمة وابتسامتها على ثغرها .. فابتسمت لها “ياسمين” قائله :

– أهلا بحضرتك اتفضلى

دخلت فوقفت “ياسمين” أمامها .. قالت “كريمه” :

– انتى اسمك ايه ؟

ابتسمت “ياسمين” قائله :

– أنا اسمى “ياسمين”

أومأت “كريمة” برأسها قائله :

– وأنا كريمه والدة “عمر”

اضطربت “ياسمين” من المفاجأة .. ولم تدرى ماذا تقول .. بعد برهه قالت “ياسمين” :

– اتفضلى حضرتك

جلست “كريمه” على أحد المقاعد .. وجلست “ياسمين” على المقعد المجاور لها .. نظرت اليها “كريمه” متفحصه .. شعرت “ياسمين” بالخجل فأطرقت برأسها .. ابتسمت “كريه” قائله :

– بصراحة أنا مصدومة شوية

خفق قلب “ياسمين” فهى ليست مستعدة أبداً لتكرار تجربتها مع عمته .. فقالت “كريمه” :

– أولاً “عمر” ما قاليش سنك فعشان كده كنت متخيلاكى أكبر من كده .. وكمان شكلك بنوته صغيره .. ده غير ان باين عليكي هادية وخجوله .. يعنى بصراحة صورة غير اللى كنت رسماها فى خيالى

شعرت “ياسمين” بالضيق فهى لا تعرف هل هذا مدح أم ذم .. فقالت لها :

– اظاهر ان كل اللى بيشوفونى من عيلة البشمهندس “عمر” بيتصدموا

قالت “كريمة” وقد أنتبهت الى أن الفتاة مجروحه مما قالته “ثريا” سابقاً .. فقالت لها :

– أنا فضلت ان أنا اللى آجى ..لانى شايفه ان لازم حد مننا يعتذرلك عن الكلام والاساءه اللى اتوجهت ليكي

نظرت اليها “ياسمين” بإستغراب فأكملت “كريمه قائله :

– بصى يا بنتى .. أنا أهم حاجه عندى ان ابنى يكون مبسوط ومرتاح .. وانه يختار بنت تعرف تحافظ عليه .. “عمر” ابنى ده أنا بحبه حب مش قادرة أوصفهولك .. لانى مخلفتش غيره .. فهو عندى بالدنيا .. ومفيش عندى حاجه أحب من انى أجوزه وأشوف ولاده بيتنططوا حواليا

ابتسمت “ياسمين” وقد شعرت بحنان و أمومة تلك المرأة الجالسه بجوارها .. أكملت “كريمه” قائله :

– وأنا شايفه ان ابنى متعلق بيكي أوى .. صحيح معرفكيش من فترة كبيرة .. بس أنا أول مرة أشوف “عمر” متعلق بواحده كده

شعرت “ياسمين” بالسعادة تغمر قربها لكلمات “كريمه” .. أكملت “كريمه” قائله :

– الحاجه الوحيدة اللى “عمر” بيتمناها دلوقتى هو انك تكونى زوجة ليه .. وأنا عرفت انك رفضيته .. فحابه اننا نتكلم مع بعض .. زى أم وبنتها .. ده لو طبعاً تحبي تعتبريني زى ماما

شعرت “ياسمين” بحنان تلك المرأة يغمرها .. وشعرت بالفعل بأن قلبها مال اليها فقالت لها بصدق :

– بجد كلام حضرتك وكون ان حضرتك تجيلى هنا دى حاجه كبيرة أوى عندى .. وأنا طبعا يشرفني انى أتكلم مع حضرتك كلام أم وبنتها

ابتسمت “كريمه” قائله :

– اتفقنا .. يباه قوليلى بأه وبصراحة شديدة انتى ليه رافضه “عمر” .. هل لكلام “ثريا” ولا فى أسباب تانيه ؟

صمتت “ياسمين” قليلا ثم نظرت اليها قائله :

– أعتقد البشمهندس “عمر” قال لحضرتك عن ظروفى

أومأت “كريمه” برأسها فأكملت “باسمين” قائله :

– أنا حسه ان فى فروق كتير بينى وبينه وده مخوفنى .. خايفه منقدرش نتفاهم مع بعض .. خايفة ان الخلافات تكون جوهرية لدرجة انها تصدمنا بعد كده .. أنا مريت بتجربة قاسية أوى .. وخايفه بجد انى أختار غلط مرة تانيه .. مش عايزة أتجرح .. أنا بطبعى مش متردده .. وببقى عارفه أنا عايزة ايه .. بس يمكن التجربة اللى مريت بيها خلتنى خايفه .. خاصة وأنا شايفه الفروق اللى بيني وبين البشمهندس “عمر” .. مش بتكلم عن الفروق المادية بس .. لكن فى الطباع .. وفى الجو اللى كل واحد فينا اتربي فيه .. خايفه يحصل صدام بينا فى يوم من الأيام .. وعشان كده أنا متردده أوى

استمعت “كريمه” اليها .. ثم قالت :

– أولا أنا بحترم فيكي انك واحدة عاقلة مش متسرعة .. يعني بنات كتير غيرك كانوا شافوا “عمر” فرصه بالنسبة لهم .. وما كانوش اترددوا أبدا .. بس ترددك ده دليل على انك انسانه جاده وعاقلة وفاهمة الجواز صح ..وأنا معاكى ان ممكن يكون فى فعلا فروق بينكوا .. أما هل الفروق دى ممكن تسبب صدام بينكوا ولا لاء دى حاجه انتوا الاتنين اللى تقدروا تقرروا مع بعض .. مش انتى لوحدك .. ومش هو لوحده .. لازم تقعدوا تتكلموا مع بعض وتحطوا النقط فوق الحروف .. تعرفيه ايه اللى انتى خايفه منه .. وهو كمان اكيد عنده مخاوف يتكلم معاكى فيها .. وتحلوا الموضوع سوا .. وتقرروا اذا كنتوا مناسبين لبعض فعلا ولا لاء .. لكن الرفض بدون محاولة لفهم الشخص اللي أدامك ده أكبر غلط .. لانك ممكن بكده تضيعى على نفسك فرصه انك تكونى سعيدة معاه

صمتت “ياسمين” وهى تستمع الى لكلمات “كريمه”الى اخترقت علقها واستقرت به .. اكملت “كريمه” قائله :

– اللى أنا أقترحه عليكي .. وليكي طبعا حرية الموافقة او الرفض .. هو ان تتتعمل خطوبة .. وفترة الخطوبة اصلا معمولة عشان الاتنين يعرفوا بعض ويدرسوا شخصية بعض .. ويقرروا هل كل واحد شايف التانى شريك حياته المناسب ولا لاء .. فرأيي انكوا تاخدوا خطوة الخطوبة .. وبعدين تقرروا انتوا عايزين ايه

ابتسمت لها “ياسمين” قائله :

– بجد كلام حضرتك ريحنى كتير .. حسيت انك فهمانى فعلاً

ابتسمت “كريمه” فى حنان :

– وأنا عايزة أقولك انى ارتحتلك أوى .. وحسه ان “عمر” المرة دى اختار صح .. وأحبك أطمنك .. مش عشان أنا أمه .. بس “عمر” بجد راجل مش هتلاقى زيه .. وانتى بنفسك هتكتشفى ده

قامت “كريمه” .. فوقفت “ياسمين” هى الأخرى .. قبلتها “كريمه” على وجنتيها قائله :

– ربنا يقدملكوا اللى فيه الخير يا بنتى .. أستأذن أنا

كان لتلك المقابلة أثر السحر على نفس “ياسمين” شعرت بالراحة الشديدة لكلام “كريمه” وتفهمها لموقفها .. شعرت بالراحة والسكينة فى قلبها

***************************عادت “كريمة” لتجد “عمر” فى استقبالها وعلامات اللهفة على وجهه قائلاً :

– ها .. ايه الأخبار

قالت “كريمه” بخبث :

– الحمد لله .. يلا أسيبك بأه عشان هطلع أنام شوية

وقف “عمر” أمامها قائلاً بمرح :

– لا ميدخلش عليا الكلام ده .. قرى واعترفى يا ماما باللى حصل بالتفصيل الممل

ضحكت “كريمه” قائله :

– طيب ممكن على الأقل أقعد

أفسح “عمر” الطريق أمامها ومد يده بطريقة مسرحية قائلاً :

– طبعاً اتفضلى يا ست الكل

جلست “كريمة” على الأريكة وجلس “عمر” بجانبها قائلا بإهتمام :

– ها رأيك فيها ايه ؟

ابتسمت “كريمه” :

– بصراحة عجبتنى

ابتسم “عمر” وظهرت علامات السعادة على وجهها :

– مش قولتلك هتحبيها .. ها اتكلمتوا فى ايه .. وصلتوا لايه .. قالتلك كل الأسباب اللى مخلياها ترفض ؟

قالت “كريمة” بجديه :

– بصى يا “عمر” أنا شافيه ان البنت معاها حق تخاف وترفض .. البنت عايشة فى مستوى غير اللى انت عايش فيه .. وانت بالنسبة لها واحد غريب عليها متعرفش لا أخلاقه ولا طباعه .. ده غير تجربتها اللى زودت خوفها ده

فكر “عمر” قليلاُ ثم قال :

– طيب ما أنا حابب انى أقرب منها أكتر وأطمنها من نحيتى

– وده اللى أنا قولتهولها .. اقترحت انكوا تعملوا خطوبة .. وتحاولوا تفهموا بعض أكتر .. وتتكلموا مع بعض بصراحة

قال “عمر” بلهفه :

– ووافقت ؟

ابتسمت “كريمة” قائله :

– أنا سبتها تفكر .. بس احساسى بيقولى انها هتوافق .. الى حسيته يا “عمر” ان البنت دى بتحبك .. هى بس محتاجه انها تطمنلك

عانق “عمر” أمه قائلاً :

– ربنا يخليكي ليا يا أمى .. بجد ريحتى قلبي

نظرت اليه “كريمه” وقالت:

– بس ايه ده يا “عمر” .. يعني اختيار غير “نانسي” تماما ..بصراحة لما شوفتها اتصدمت شوية

قال “عمر” بجديه :

– وده اللى جذبنى ليها .. حاسسها مختلفة .. محافظة على نفسها جداً .. تصورى حتى مبتسلمش عليا بايدها .. لا أنا ولا غيري .. مبتسمحش لحد انه يتجاوز حدوده معاها …. وبتحط خطوط حمرا للى أدمها ومش مسموحله أبدا انه يعديها .. مبتسمحش لأى راجل انه يقرب منها مهما كان هو مين .. وده مخليني هتجنن عليها

– ربنا يجعلها من نصيبك يا “عمر”

– أيوة يا أمى ادعيلى الدعوة دى

**********************

رن جرس الهاتف .. اخرجه “مصطفى” من جيبه ليجد رقماً غريباً رد فأتاه صوت فتاة قائله :

– البشمهندس مصطفى معايا ؟

– أيوة أنا مين معايا

أنا واحدة متعرفهاش

ابتسم “مصطفى” قائلاً :

– وعايزة ايه ياللى معرفكيش

– اسمعنى للاخر وانت تعرف أنا عايزه ايه

– قولى يا موزه

– أنا أعرف طليقتك “ياسمين” وأهلها .. وأعرف هما أعدين فين دلوقتى

قال “مصطفى” بدهشة :

– انتى عرفتى رقمى منين

– باباها راجل غلبان أوى .. ومش صعب تاخد منه اى معلومة انت عايزها .. عرفت منه اسمك واسم الشركة اللى بتشتغل فيها .. كلمتهم فى الفرع الرئيسي وطلبت رقم فرع البحر الاحمر .. واتصلت بالموقع عندك ورد عليا واحد من حسن حظى انه صاحبك وادانى رقم موبايلك

– وايه اللفه الطويلة دى ؟

– اسمعنى للاخر وانت تعرف .. طليقتك اللى كانت مراتك .. طلبت الطلاق عشان يخللها الجو مع الراجل اللى بتحبه .. ولما انت ضربتها خدتها حجة عشان تعرف ترفع القضية وتطلق منك

قطب “مصطفى” جبينه قائلا :

– انتى بتقولى ايه ؟

– بقول انها كانت بتحب واحد وخباها فى بيته هو واهلها وشغلهم كمان .. ودلوقتى هيتجوزوا بعد ما “ياسمين” اديتك أكبر قلم وضحكت عليك

صاح بغضب :

– أنا مفيش حد يقدر يضحك عليا ده أنا تييييييييييييييييت هى وأهلها

– أيوة تعجبنى وانت حمش كده .. لو فعلا عايز تنتقم منها ومن عشيقها ده .. ومش بس كده تكسب انت كمان فأنا عندى خطة متخرش الميه

سألها بشك :

– وانتى هستتفادى ايه لما تساعديني ؟

– هاخد بتارى منهم هما الاتنين .. وكمان هبقى كسبتلى قرشين

– انتى عايزانى اعمل ايه بالظبط .. ومكسب ايه اللى هيكون ليا وليكي ؟

– فلوس .. ملايين بمعنى اصح

قال “مصطفى” بسخريه :

– انتى شكلك واحدة فاضية وبتهرجى

– لأ مش بهرج اسمعنى للآخر وانت تعرف انى جد .. وجد أوى كمان .. بس الموضوع محتاج راجل بجد .. يا ترى انت راجل بجد يا “مصطفى”

صاح قائلاً :

– ده انا أرجل من أرجل راجل عرفتيه .. قولى وسمعيني الكلام اللى عندك

**********************

– بصراحة يا “سماح” كلام مامته ريحنى أوى .. حستها فهمانى

ابتسمت “سماح” قائله :

– أنا فرحانه اوى بالتطورات دى .. كون أصلاً انها تجيلك لحد عندك وتعتذرلك عن اللى عمته عملته دى حاجه كويسة أوى .. وكمان كلامها مقنع .. انا كمان رأيي من رأيها ..وافقى على الخطوبة يا “ياسمين”

تنهدت “ياسمين” قائله :

عارفه يا “سماح” .. أنا عامله زى اللى عين فى الجنة وعين فى النار .. بجد حسه بحيرة وخوف كبير أوى جوايا .. عارفه ايه أكتر حاجه مخوفانى .. ان “عمر” ميكنش بالصورة الحلوة اللى أنا رسمهاله .. يعني بجد هتصدم أوى لو فى يوم قالى اقلعى حجابك .. أو لو قالى البسى زى ما بشوف البنات بتلبس .. بجد هحتقره أوى .. أنا مش قادرة أفهم لحد دلوقتى تفكيره .. انتى عارفه يا “ٍسماح” اننا اتربينا من صغرنا ان الحجاب ده جزء من البنت مينفعش تتخلى عنه أو تفرط فيه .. حاجه مهمة أوى فى حياتها .. خايفه أتصدم فى “عمر” .. وتكون الحاجة دى بالنسبة له مش مهمة ومحصله بعضها .. خايفه كل اللى أنا أكون شايفاه خطوط حمرا هو يشوفها خضرا ..ده غير اسلوبه مع البنات .. مستحيل أقبل ان جوزى يسلم بالايد على بنت عمته او على اى واحده ويسبها تبوسه وتحضنه كمان .. مش ممكن أقبل ده أبداً .. خايفة يحصل صدام بينى وبينه .. ويقولى أنا كده واتربيت كده وعيشتى كده .. لان أنا مش ممكن هقبل كده .. خايفة يكون بعيد عن ربنا أوى .. أنا حساه فعلا بعيد .. بس خايفه يكون بعيد اوى .. بعيد البعد اللى أفشل فى انى أقربه ..أنا لحد دلوقتى مش عارفه أفهمه .. خايفه يا “سماح” لو قررت فى يوم انى اسلم على صحابه وقرايبه الرجاله بايدي ألاقى ان ده عادى عنده ومش فارق .. خايفه لو قولتله فى يوم انى عايزة ألبس لبس مفتوح او ضيق يفرح بكده او يقولى عادى ومش فارقه .. خايفه محسش انه راجل وخايف عليا وبيغير عليا .. خايفه ميحسسنيش انه غيران عليا يا “سماح” .. خايفه أكون جذبه انتباهه بس عشان انا حاجه جديدة فى حياته .. بس بعد فترة يتعود عليها ويمل منها .. ويحن للبنات اللى يعرفهم .. خايفة أسيب قلبي يحبه ويتعلق بيه والآخر ألاقيه هو اللى سبنى .. خايفة أوى يا “سماح”

كانت “سماح” تنظر اليها وتستمع فى صمت .. أكملت “ياسمين” قائله :

– وفى نفس الوقت شوفت منه حاجات مطمنانى .. يعني مثلا عارف حدودى كويس ومش بيحاول يتعداها معايا .. ولما برفض حاجه بيبقى فاهم سبب رفضى .. شوفت اللى عمله مع العامل اللى اتصاب .. كان شجاع أوى وهو بيحاول ينقذ ايده .. ولما ساعد الست الغلبانة اللى طردوها .. ولما كان معايا وأنا بولد المهره .. وهو بيلبس الجلبيه الفلاحى .. حسيته أد ايه طيب ومش مغرور وحنين وقريب منى ومن طباعى

قالت “ياسمين” مبتسمه :

– تعرفى ان بابا لما راح المستشفى اللى فيها العامل هو و “ريهام” أهل العامل قالوله ان “عمر” دفع كل مصاريف علاجه وكمان مرتبه قالهم هيوصلهم كل شهر

– مكنتش أعرف .. “أيمن” ما قاليش

– بجد متتصوريش اللى عمله ده خلانى حسه بايه .. بجد عجبنى أوى اللى عمله .. واحد غيره كان قال وأنا مالى .. بس هو كان فى الموقف ده راجل بجد .. حنيته دى بتجننى يا “سماح” .. أنا بحب أوى الراجل الحنين

ابتسمت “سماح” لصديقها فأكملت “ياسمين” بسعادة :

– أنا حسه انى بدأت أتعلق بيه أوى يا “سماح” .. وعشان كده نفسي فعلا أعرفه أكتر عشان أقدر أقرر صح .. أنا فعلا حسه ان كلام مامته صح .. وان المفروض نعمل خطوبة .. عشان نقدر نفهم بعض

هتفت “سماح” بفرح :

– يعني وافقتى ؟

أوقفتها “ياسمين” بيدها قائله :

– لأ استنى ما قولتش انى وافقت .. أنا قولت انى حسه ان ده المفروض يحصل .. بس لسه ما قولتش أيوة

صاحت “سماح” :

– يا ستى قولى أيوة بأه

ضحكت “ياسمين” قائله بدلع :

– هستخير الأول .. وبعدها هقول رأيي

رفعت “سماح” كفيها هاتفه :

– يارب يبقى أيوة يارب

***************************

عادت “ياسمين” من عند “سماح” ودخلت بوابة المزرعة لتسمع خلفها صوت سيارة “عمر” .. التفتت .. خفق قلبها لرؤيته أكملت طريها .. سار بسيارته مسرعاً وأوقفها أمام بيت المزرعة ثم نزل والتفت ينتظرها .. كادت أن تكمل طريقها لكنه أوقفها قائلاً:

– ازيك يا “ياسمين”

قالت بصوت خافت :

– الحمد لله

ابتسم قائلاً :

– كنتى فين ؟

– كنت عند “سماح”

اتسعت ابتسامته ونظر اليها بخبث قائلاً :

– شكلى هبتدى أغير من “سماح”

احمرت وجنتاها ومشيت خطوتين قبل أن يناديها قائلاً :

– “ياسمين” أستنى

التفتت اليه وقلبها يخفق بشده .. سألها بإهتمام :

– فكرتى فى اللى ماما قالتهولك ؟

أومأت برأسها .. فقال :

– وقررتى ايه ؟ .. موافقه ؟

شعرت بالارتباك لكنها نظرت اليه قائله :

– هستخير وبعدين أقول قرارى

نظر فى عينيها بحنان قائلاً بصوت شجى :

– وأنا هستنى قرارك .. بس متتأخريش عليا .. مبقتش مستحمل بعدك ده .. كفايه تعذيب بأه .. نفسي أحس انك ليا بجد .. وايدك دي يبأه فيها دبلتى .. والكل هنا يعرف انك بتاعت “عمر” .. بتاعته هو وبس.

شعرت بحنان عينيه يغمر قلبها .. وبكلماته تخترق أعماق روحها لتستقر بها .. أومأت برأسها .. ثم التفتت لتغادر وعلى ثغرها ابتسامه عذبه ..

البارت 33

كانت سعادة “عبد الحميد” غامرة عندما زاره “كرم” فى مخزن العلف قائلاً :

– يشرفنى انى اطلب من حضرتك ايد الآنسه “ريهام”

قال له “عبد الحميد” فى سعادة غامرة :

– وأنا طبعاً يشرفنى انى أديك بنتى يا بشمهندس “كرم” .. بس لازم آخد رأى “ريهام” الأول

أومأ “كرم” برأسه قائلاً :

– طبعاً يا عم “عبد الحميد” خد وقتك ..بس ياريت بعد اذنك احنا مش محتاجين فترة خطوبة .. يعني احنا بنشتغل مع بعض من فترة .. والأفضل يبقى كتب كتاب على طول

صمت “عبد الحميد” قليلاً ثم قال :

– فى العجلة الندامة يا ابنى .. خليها فترة خطوبة الأول حتى لو فترة صغيرة وبعد كده لما تحبوا تكتبوا الكتاب مفيش مشكلة .. بس كل حاجه تيجى بالهداوه

أومأ “كرم” برأسه قائلاً :

– خلاص زى ما تشوف يا عم “عبد الحميد” .. بس زى ما حضرتك قولت فترة خطوبة صغيرة

ابتسم “عبد الحميد” فى فرح قائلاً :

– على خيرة الله

ذهب “عبد الحميد” الى غرفة بناته .. وبشرهم بالخبر .. نظر الى “ريهام” قائلاً :

– البشمهندس “كرم” طلب ايدك منى يا “ريهام” يا بنتى .. قولتى ايه ؟

حاولت “ريهام” كتم فرحتها بصعوبة .. كانت تشعر بالرغبة فى القفز فى الهواء .. لكنها تمالكت نفسها قائله بهدوء :

– وحضرتك قولتله ايه يا بابا ؟

– قولتله هسألك الأول وبعدين أرد عليه .. ها رأيك ايه

نظرت “ريهام” الى الأرض فى خجل وابتسامه واسعة مرسومة على شفتيها .. فتدخلت “ياسمين” قائله :

– قوله موافقه يا بابا .. بس متقولوش دلوقتى سيبه يومين كده

ضحك “عبد الحميد” قائلاً :

– والله الحريم دول عليهم حركات .. ما نريح الراجل ونقوله موافقه

قالت “ياسمين” بسرعة :

– لأ استنى يومين تلاته كده وبعدين قوله انها موافقه

خرج “عبد الحميد” وتعانق الأختان فى فرح .. قالت “ريهام” :

– أنا مش مصدقة يا “ياسمين” حسه بجد انى بحلم .. أنا مش بحلم صح ؟

ضحكت “ياسمين” قائله :

– لأ مش بتحلمى .. فوقى بأه ده انتى ضربتى خالص

– مش ليا حق .. أنا فرحانه أوى .. هاين عليا أنزل دلوقتى أروحله المكتب وأقوله “كرم” أنا موافقة يلا نتجوز

ضحكت “ياسمين” قائله :

– والله مجنونة وتعمليها

صمتت “ياسمين” قليلاً ثم قالت :

– بس احنا لسه معرفناش هو ناوى يعيش هنا فى المنصورة ولا هيرجع القاهرة

قالت “ريهام” وقد انتبهت للأمر :

– فعلاً معاكى حق .. النقطة دى مش واضحة بالنسبة لى

– لازم نعرف النقطة دى

قالت “ريهام” بسرعة :

– أى ان كان مش هتفرق بالنسبة لى المهم انى أعيش مع “كرومتى”

ضحكت “ياسمين” قائله :

– “كرومتك” ؟ … تصدقى كرهتيني فى اسمه

قالت “ريهام” بخبث :

– آه “كرومتى” .. زى ما “عمر” “عمورتك ”

ابتسمت “ياسمين” فى خجل .. فقالت “ريهام” بلهفة :

– يا ستى حنى على الراجل بأه .. هتفضلى تقلانه لحد امتى .. الراجل خلاص سخن واستوى على الآخر .. فاضلة تكه ويشيط الحقيه قبل ما يشيط أبوس ايديكى

ضحكت “ياسمين” قائله :

– عليكي تعبيرات تودى فى داهية

قالت”ريهام” بخبث :

– بالله عليكي أما بتشوفيه ما بتحسيش ان قلبك ده من كتير الدق صوته واصل لأسوان

قالت “ياسمين” بخجل :

– أيوة بحس بكده

تنهدت “ريهام” قائله :

– طيب بأه ارحمى قلبك وقلبه .. خلينا نعمل خطوبتنا فى يوم واحد أنا وانتى

نظرت اليها “ياسمين” قليلاً فى صمت .. ثم قائله :

– ربنا ييسر

صاحت “ريهام” قائله :

– “ياسمين” بجد انتى تشلى .. ربنا يكون فى عونك يا “عمر” .. ليك الجنة يا ابنى

قالت “ياسمين” بجديه :

– “ريهام” متنسيش انى مطلقة يعني أى حاجه أعملها محسوبة عليا .. مش عايزة أتسرع .. حاولى تفهميني

قالت “ريهام” :

– والله فهماكى .. ومتخفيش “عمر” انسان كويس

-عرفتى منين بأه انه كويس

ابتسمت “ريهام” قائله بـمرح :

– مش صاحب “كرومتي” لازم يبقى كويس

ثم نظرت لها بجديه قائله :

– استخيريى وشوفى ربنا هيختارلك ايه

أومأت “ياسمين” برأسها قائله :

– أنا بعمل كده فعلاً .. بستخير .. وراضية باللى ربنا يختارهولى

**********************

– يعني خلاص أخيراً قررت انك تتجوز

هتف “أيمن” بهذه العبارة أثناء جلوسه مع “كرم” فى “عمر” فى حجرة المعيشة بمنزل “عمر” .. قال “كرم” بمرح :

– أعمل ايه مكنتش عايز أتجوز أبداً .. بس جت اللى خدتنى على ملا وشى .. وقلبت حياتى من فوقها لتحلتها

ابتسم “عمر” قائلاً :

– أخيراً عشت وشوفت اليوم ده .. “كرم” قرر يتجوز أنا لسه لحد دلوقتى مش مصدق

قال “أيمن” :

– لأ ومش أى بنت .. “ريهام” اللى هتطلع عليه القديم والجديد ان شاء الله

ضحك “عمر” قائلاً :

– يستاهل .. بصراحة هما الاتنين يستاهلوا بعض

قال “كرم” :

– آه غنوا أصاد بعض انتوا الاتنين

ابتسم “عمر” قائلاً بفرح :

– بجد والله فرحتلك أوى يا “كرم”

قال “أيمن” :

– يلا شد حيلك انت كمان يا “عمر” .. وممكن تعلموا انتوا الاتنين خطوبتكوا مع بعض

قال “عمر” بلهفه :

– ياريت بجد يا “أيمن”

قال “كرم” :

– لا اطمن .. أنا حاسس ان خلاص فاضل على الحلو زقه

صاح “عمر” :

– ما تحترم نفسك يا ابنى انت .. ايه حلو دى ؟

ضحك “كرم” قائلاً :

– خلاص يا باشا غلطة مطبعية

– لأ ابقى خد بالك بعد كده

– حاضر يا عم الحمش

أقبلت “كريمة” ومعها الخادمة حاملة صنية بها عصير وبعض أطباق الحلوى .. قالت “كريمه” بسعادة :

– ألف مبروك يا “كرم” .. بجد فرحتلك أوى ..ربنا يتمملك على خير

قال “كرم” بمرح :

– شوفتى يا طنط .. أخرة صبرى آخد أخت خطيبة “عمر” .. يعني “عمر” ورايا ورايا حتى فى جوازى مش عايز يعتقنى

ضحكت “كريمة” قائله :

– ربنا يخليكوا لبعض

ثم نظرت الى ثلاثتهم قائله :

– بجد يا ولاد صداقتكوا دى عملة نادرة دلوقتى .. انتوا ربنا أنعم عليكوا بنعمة كبيرة ناس كتير أوى محرومة منها .. صداقتكوا دى كنز بجد .. انتوا من سنين وانتوا مع بعض أكتر من الاخوات .. واقفين جمب بعض فى الحزن قبل الفرح .. بجد انتوا فى نعمة كبيرة أوى حافظوا عليها .. وعلموا ده لوالدكوا وقربوهم من بعض عشان يكون بينهم الصداقة الجميلة اللى بينكوا دلوقتى .. واوعوا تبعدوا عن بعض أبداً مهما حصل .. سبحان الله الطيور على أشكالها تقع وانتوا التلاته متتخيروش عن بعض .. ربا يعلم ان معزتك يا “كرم” انت و “أيمن” من معزة “عمر” ابنى وبعتبركوا ولادى زيه بالظبط

كان الأصدقاء الثلاثة ينظرون لها بتأثر فأقبل “عمر” عليها وقبل رأسها قائلاً :

– ربنا ما يحرمنى منك يا أمى ولا من نصايحك الغالية

خرجت الأم لتترك الأصدقاء الثلاثة ينعمون بصحبة يعضهم البعض

***************************

قال “مصطفى” لذلك الصوت الأنثوى عبر الهاتف :

– لأ الفلوس هتتقسم على 3 مش 2 ؟

الصوت بضيق :

– ليه بأه 3

– عشان هجيب واحد محتاجه معايا فى المهمة دى

– واحد مين ان شاء الله .. بقولك ايه احنا مش عايزين عك

قال “مصطفى” بعصبيه :

– بقولك محتاجه معايا .. افرض حصلت أى ظروف أحتاج فيها لحد جمبى .. وطبعا حضرتك مش هتساعديني لو احتجتك

– أنا دورى فى الخطة دى معروف ومش هعمل أكتر من اللى اتفقنا عليه .. وكفاية ان أنا اللي خطت لكل العملية دى

– وعشان كده محتاج واحد معايا وقت التنفييذ .. لأن وقت التنفيذ الله أعلم ايه اللى ممكن يحصل .. وكمان هو بيفهم فى الحاجات دى كويس وأكيد هيفيدنى كتير بدل ما الدنيا تتعك فوق دماغنا

– خلاص مفيش مشكلة بس طالما الفلوس هتتقسم على 3 يبأه نطلب أكتر

– ازاى ؟

– يعني بدل ما كنا هنطلب 2 مليون نطلب 3 وبكدة حصة كل واحد فينا تفضل زى ما هى

قال “مصطفى” :

– تمام كده

– بس قولى اللى هتجيبه ده واثق فيه ؟

– أيوة متقلقيش .. أمان

– طيب .. بس خلى بالك .. حركة واحدة غلط وهنروح فى ستين داهية

قال “مصطفى” بنفاذ صبر :

– قولتلك متخفيش

– امتى التنفيذ

قال “مصطفى” وهو يضيق عيناه :

– بكرة

*************************

توجهت “ياسمين” الى مكتب “عمر” لإعطائه ملف التقارير الاسبوعية .. فتحت الباب لتجد والدته جالسه معه فى المكتب على أريكة جانبيه ..ابتسمت “كريمة” قائله :

– ازيك يا “ياسمين”

بادلتها “ياسمين” الابتسامه قائله :

– الحمد لله ..ازى صحة حضرتك

– بخير يا حبيبتى الحمد لله

ثم نهضت قائله :

– أسيبكوا بأه تشوفوا شغلكوا

غادرت ثم أمسكت الباب وأغلقته خلفها .. توترت “ياسمين” .. ولدهشتها وجدت “عمر” يتجه الى الباب ويفتحه مرة أخرى ثم يتقدم منها ويقف أمامها مبتسماً .. لاحت ابتسامه صغيره على شفتيها و خفضت عينيها فى خجل قائله :

– اتفضل يا بشمهندس التقرير الاسبوعى .. الدكتور “حسن” راجعه ومضى عليه

أخذ منها الملف قائلاً :

– عارفة أنا نفسي فى ايه ؟

صمتت .. فأكمل بحنان قائلاً :

– نفسي أسمع “عمر” بدل بشمهندس

شعرت بالخجل فنظر اليها بدفء :

– تعرفى انك عمرك ما نطقتى اسمى أبداً .. حتى ما بتقوليليش بشمهندس “عمر” .. بتقولى بشمهندس بس .. نفسي أسمع منك “عمر” .. أكيد اسمى هيبقى له طعم تانى لما أسمعه منك

قالت بسرعة لتتهرب من تأثير كلماته عليها :

– بعد اذنك

ثم غادرت مسرعة وخفقات قلبها تتعالى وابتسامة شفتيها تتسع .. حتى أن “ولاء” لاحظت السعادة البادية على محياها فاقتربت منها قائله :

– خير .. مش عادتك يعني الابتسامه اللى من الودن للودن

حاوت “ياسمين” اخفاء ابتسامتها قائله :

– عادى يعني

ابتسمت “ولاء” قائله :

– لأ مش عادى .. لما أشوف والدة “عمر” جيالك المكتب وتعد معاكى وقت طويل يبأه مش عادى .. وانتى تبقى الفرحة مش سيعاكى يبقى مش عادى

نظرت اليها “ياسمين” وهى تشعر بالحيرة أخبرها .. أم لا تخبرها .. أخرجتها “ولاء” من حيرتها قائله بإبتسامه :

– من غير ما تقولى واضح جداً اللى بيحصل .. انتى بنت طيبة وتستاهلى كل خير

قالت “ياسمين” بخجل :

– أنا لسه موافقتش

قالت “ولاء” بنفس الابتسامه :

– أهم حاجه استخيري كويس واسألوا عليه كويس .. وأى حاجه تسمعيها عنه ناقشيه فيها وشوفى رده عليها ايه .. يعني اللى أقصد أقولهولك لما تعرفى عنه حاجه متكبريش دماغك منها .. لأ لازم تعرفى أصل وفصل الحكاية منه .. عشان تبقى على نور من الأول .. وتكونى متأكدة من أخلاق الراجل اللى هترتبطى بيه

أومأت “ياسمين” برأسها قائله :

– معاكى حق .. أى حاجه اشاعه أسمعها عنه لازم أتأكد هى صح ولا لأ

– ربنا يتمملك على خير يا “ياسمين” لو كان فيه خير ليكي

ابتسمت “ياسمين” قائله :

– تسلمي يا ولاء .. وعقبالك انتى كمان

****************************

جلست “كريمه” مع زوجها على شرفة غرفتهما قائله :

– بصراحة اتصدمت لما شوفتها .. لانها مختلفه عن “نانسي” .. وقولت الكلام ده ل “عمر”

قال “نور” :

– بصراحة اللى اسمها “نانسي” دى أنا مكنتش مرتحلها خالص .. بس انتى عارفه انى مبحبش أفرض رأيي على “عمر”

قالت “كريمه :

– البنت لبسها محتشم أوى و محجبة وهادية وخجولة وكمان عاقلة وذكية وحسيتها كمان طيبة أوى

ضحك “نور” قائله :

– كل ده عرفتيه عنها من مقابلة واحدة

ابتسمت “كريمه” :

– انت عارف انى بقدر أفهم الناس بسرعة .. والبنت فعلاً مريحه .. تعرف يا “نور” محستش أبداً انها واحدة كانت متجوزة قبل كده .. يعني تحسها بنوته صغيرة .. ولما اتكملت عن جوازتها الأولى وانها كانت تجربة قاسية عليها .. بصراحة صعبت عليا أوى .. حسيت ان البنت دى اتظلمت كتير .. وشايله فى قلبها كتير .. وده سبب خوفها من الارتباط مرة تانية

– حبتيها يعني

– بصراحة أيوة .. لما أعدت واتكملت معاها حستها انسانه ناضجة .. مش واحدة بتجرى ورا المظاهر وخلاص .. واحدة شايفه “عمر” عريس لقطة بالنسبة لها .. لأ البنت بتفكر فى كل حاجه .. لأنها مش عايزة تختار غلط .. ومش مهتمة بالمظاهر .. أد ما هى مهتمة بشخصية “عمر” وبأخلاقه .. البنت دى لو حبت “عمر” هتحبه من كل قلبها .. وهتحبه عشانه هو .. عشان “عمر” .. مش عشان هو مين وابن مين

ثم أكملت قائله :

– وبعدين واضح انها مؤدبة ومتربية كويس .. مراعية حدودها فى الكلام معايا وبتتكلم بإحترام وبأدب .. بعكس “نانسي” اللى لما كنت بحاول أنصحها عشان مصلحتها هى و “عمر” كانت بتسمعنى كلام ميصحش بنت متربية تقوله لواحده فى سن والدتها .. بصراحة “ياسمين” دخلت دماغى

ابتسم “نور” قائلاً :

– فرحتيني بكلامك ده .. ومن كلامك عنها واضح انى هحبها أنا كمان

أكدت “كريمه” قائلاً :

– هى فعلاً تتحب .. حسه ان “عمر” المرة دى اختار صح

************************

– طيب نتفق كده من الأول الكلمة كلمتى واللى هقوله يتنفذ بالحرف .. يا كده يا مش داخل اللعبة

نطق “بسطويسي” هذه العبارة .. كان رجل طويل القامة عريض المنكبين له هيئة مرعبة منفرة والشرر يتطاير من عينيه .. تشعر وأنت تنظر اليه بعدم الارتياح .. رد عليه “مصطفى” قائلاً :

– ماشى يا “بسطوسي” اتفقنا .. بس بشرط مش عايز البنت تتأذى يعني عمليه نضيفه من غير نقطة دم

قال بصوت أجش :

– اتفقنا يا برنس .. امتى التنفيذ

– بكرة

– قشطة .. ونصيبي ؟

– مليون جنية زى ما اتفقنا

– حلو الكلام .. يلا بأه تعالى اعد عشان نتفق على التفاصيل

************************

قامت “ياسمين” فزعة من نومها مردده ثلاث مرات :

– أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

استيقظت “ريهام” على صوتها قائله :

– خير فى ايه ؟

لم تستطع “ياسمين” التحدث فقامت “ريهام” وجلست الى جوارها تتفحصها قائله :

– مالك فى ايه ؟

قالت “ياسمين” بصوت مرتجف :

– معرفش حسيت ان فى حاجة طابقه على نفسي أوى

قالت لها “ريهام” :

– استعيذى بالله

أزاحت “ياسمين” الغطاء ونهضت .. سألتها “ريهام” :

– راحة فين

قالت “ياسمين” وهى تحاول استماع شتات نفسها :

– هقوم أتوضى وأصلى قيام باقى ساعة على الفجر .. توضأت “ياسمين” وصلت حتى آذان الفجر .. كانت كلما شعرت بالخوف لجأت الى الصلاة التى تريح قلبها وتطمأنه .. أيقظت “ريهام” لصلاة الفجر .. ثم عادت الى مصلاها ورددت أذكار الصباح التى تحافظ عليها كل يوم وتذكرت حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل يوم: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ثلاث مرات فيضره شيء ” … ثم أمسكت مصحفها وأخذت تقرأ فيه حتى الشروق

كان يوم عمل عادى بالنسبه الى “ياسمين” .. أنهت عملها وأوشكت على التوجه الى غرفتها عندما وجدت رقماً غريباً يتصل بها ردت فوجدت من تقول :

– ازيك يا “ياسمين” أنا الدكتورة “مها”

شعرت “ياسمين” بالدهشة .. لماذا تتصل بها .. خاصة بعدما عملت “ياسمين” من “سماح” بدور “مها” فى قصة حريق مخزن العلف .. قالت “ياسمين” ببرود :

– خير يا دكتورة ؟

قالت “مها” :

– محتاجة أتكلم معاكى شوية

قالت “ياسمين” بنفس البرود :

– مفيش أى حاجه بينى وبين حضرتك نتكلم فيها .. مع السلامه

قالت “مها” بسرعة :

– الحاجة دى عن البشمهندس “عمر”

توقفت “ياسمين” لتسمعها .. فأكملت “مها” قائله :

– أنا مش هاخد من وقتك أكتر من خمس دقايق بس

قالت “ياسمين” :

– اتفضلى سمعاكى

قالت “مها” على الفور :

– لأ مش هينفع فى التليفون الأفضل أكلمك وجهاً لوجه أنا واقفه أدام باب المزرعة من بره لو سمحتى اطلعى نتكلم شوية لانى مش هينفع أدخل المزرعة بعد اللى حصل

صمتت “ياسمين” قليلاً فألحت عليها “مها” قائله :

– مش هاخد من وقتك أكتر من خمس دقايق .. بس بجد المعلومات اللى عندى مهمة جداً ولازم تعرفيها .. أنا منتظراكى أدام البوابة .. سلام

أغلقت الخط وتركت “ياسمين” تتخبط من الحيرة .. أنهت “مها” المكالمة لتتصل بـ “مصطفى” قائله :

– أنا كدة عملت اللى عليا الدور عليك بأه .. نفذ اللى مطلوب منك صح

قالت ذلك ثم أغلقت .. ترددت “ياسمين” فى الذهاب ثم أخيراً عزمت أمرها وتوجهت الى البوابه .. فتح لها الغفير وخرجت .. نظرت يميناً ويساراً فلم تجد أحداً .. سارت قليلا فى اتجاه الأشجار التى تقع على أحد جانبي المزرعة .. لتجد فجأة من يطبق عليها من الخلف ويكمم فمها وأنفها بقطعة قماش .. وما هى إلا لحظات وفقدت “ياسمين” الوعى اثر المادة المخدرة الموضوعه فى القماش .

جرها الرجل فى اتجاه السيارة التى أخفاها فى شارع جانبي بجوار المزرعة ثم حملها ووضعها فى صندوق السيارة ودخل وجلس بجوار “مصطفى” وقال له :

– يلا بسرعة

انطلق “مصطفى” بالسيارة الى المكان الذى اتفقا عليها من قبل .. فقد مسحا المنطقة المجاورة للمزرعة جيداً واختارا أنسب مكان لاخفاء “ياسمين” به .. وصلوا الى المكان ونزل الرجلا وحملا “ياسمين” الى الداخل ووضعاها على الأرض وأخذ “مصطفى” يربط يديها خلف ظهرها وربط قدمها وكمم فمها ووضع عصبة على عينها .. ثم أشار له “بسطويسي” بالخروج فخرجا معاً وأغلقا الباب ووقفا بجانب السيارة .. قال له بسطويسي :

– زى ما اتفقنا فتشها كويس وخد منها موبايلها وأى حاجه معاها ومتخليهاش تشوف وشك ولا تسمع صوتك ..

ثم أعطاه قناع قماش للوجه وقال له:

– والبس دى كمان كل ما تيجي داخل عندها

قال له “مصطفى” :

– ألبسها ليه هى أصلا عينها متغميه ومش شيفانى

صرخ فيه “بسطويسي” بغضب قائلاً :

– انت سمعت أنا قولت ايه .. اللى أقولك عليه يتنفذ بالحرف الواحد بدون ما تناقشنى فيه .. سمعت

قال “مصطفى” بشئ من الخوف :

– ماشى

قال “بسطويسي” بلهجة آمره :

– يلا البسه وادخلها جوه .. وأنا هروح أعمل اللى اتفقنا عليه

انطلق “بسطويسي” بالسيارة وأرتدى “مصطفى” القناع وفتح الباب ودخل .. اقترب من “ياسمين” التى ترقد على الأرض وجثا بجوارها وأزاح ربطة عينها و فمها لينظر اليها بسخريه قائلاً بصوت خافت :

– قولتلك مش هعتقك

أخذ “مصطفى” يفك حجابها ويلقيه على الأرض .. راوده شيطانه للحظة للإنتقام منها والثأر لكرامته ولرجولته .. لكنه وجدها تتحرك وقد بدأت فى الإفاقه فأسرع بربط عصبة عينها وكمم فمها .. دقائق وقد بدأت “ياسمين” فى استعادة وعيها بالكامل .. حاولت التحرك و الوقوف .. فما كان من “مصطفى” إلا أن صفعها على وجهها صفعة قوية .. شعرت بالرعب والألم وجهشت فى بكاء شديد .. جلست ساكنة للحظات ثم حاولت القيام مرة أخرى فصفعها مرة أخرى بقوة .. سقطت على الأرض تبطى من شدة الخوف والألم الذى آلم وجهها .. جلست فى مكانها تبكى لا تفهم شيئاً .. لا تعى شيئاً .. خائفة من أن تتحرك فتتلقى لطمة أخرى على وجهها .

***********************

سمع “عبد الحميد” طرقات متواليه على باب غرفته .. نهض ليفتح الباب فوجد “ريهام” تقول فى لوعه :

– بابا الحقنى ياسمين مش موجودة فى المزرعة ومش بترد على موبايلها

صاح “عبد الحميد” بفزع :

– يعين ايه مش موجودة فى المزرعة .. كلمتى “سماح”

قالت “ريهام” وهى تشعر بالفزع :

– أيوة كلمتها قالتلى مجتلهاش ومتكلموش أصلاً النهاردة .. أنا خايفه أوى .. مش من عادتها انها تختفى كده ومتردش على موبايلها

خرج “عبد الحميد” و “ريهام” وبحثا عنها مرة أخرى فى مكان عملها وفى المزرعة كلها وسألا عنها كل من يقابلانه .. لكن لا أثر لـ “ياسمين” .. توجها الى مكتب “عمر” ليجداه وقد غادر .. ونفس الكلام مع “كرم” و “عمر” .. قال “عبد الحميد” :

– تعالى نروح بيت البشمهندس “عمر” يمكن يكون عارف عنها حاجه

توجها الى بيت المزرعة وطرقا الباب .. فتحت الخادمة فطلب منها “عبد الحميد” أن يتحدث الى البشمهندس “عمر” .. دخلت الخادمة ونادت “عمر” الذى كان يجلس مع والداه .. قام من فوره وتوجه الى الباب وقال بإهتمام :

– عم “عبد الحميد” .. اتفضل ادخل .. اتفضلى يا آنسه “ريهام”

قاطعه “عبد الحميد” قائلاً بلهفه :

– ماشوفتش “ياسمين” يا بشمهندس

نظر “عمر” اليه بحيره قائلاً :

– لأ مشوفتهاش النهاردة

أخذ “عبد الحميد” يضرب كفاً بكف قائلاً :

– لا حول ولا قوة الا بالله أمال راحت فين بس يا ربي

أجهشت “ريهام” فى البكاء بصوت خافت وحاولت الإتصال باختها مرة أخرى دون جدوى .. قال “عمر” بإهتمام :

– متخفش هى ممكن تكون عند “سماح” صحبتها أو هنا فى المزرعة

صاح “عبد الحميد” قائلاً :

– قلبنا عليها الدنيا هنا فى المزرعة .. و “سماح” بتقول مرحتلهاش النهاردة .. ومبتردش على موبايلها .. أنا هتجنن البنت دى راحت فين بس

شعرت “عمر” بالقلق فخرج معهما قائلاً :

– تعالوا ندور عليها فى المزرعة تانى

ذهب “عمر” الى شجرته حديث تنفرد “ياسمين” بنفسها .. لم يجدها هناك .. بحثوا فى كل مكان بالمزرعة دون أدنى أثر لها .. آخر من رآها كان الغفير الذى قال لـ “عمر” :

– فتحتلها البوابة وخرجت ومجتش من ساعتها

قال له “عمر” بلهفه :

– ما قالتش راحه فين .. فى حد كان مستنيها بره ؟

قال الغير :

– والله ما أعرف يا بشمهندس مخدتش بالى .. وهى ما قالتليش حاجه

كان الخوف قد تمكن من “عمر” .. كان يشعر الحيرة والخوف والإضطراب .. اتصل بـ “أيمن” و “كرم” اللذان كانا فى مهمة بالمنصورة فعادا أدراجهما الى المزرعة مرة أخرى تجمع الجميع فى بيت “عمر” الذى قال :

– هتكون راحت فين بس .. هى متعرفش أى حد هنا

قالت “ريهام” باكيه :

– هى أصلاً مبتروحش فى مكان من غير ما تقولى أنا أو بابا .. وكمان عمرها ما سابت موبايلها كده ومتردش علينا .. أكيد حصلها حاجه

قفز قلب “عمر” من مكانه عند سماع تلك الكلمات .. اقترب “كرم” من “ريهام” قائلاً بحنان :

– “ريهام” هدى نفسك شوية ان شاء الله هنلاقيها

أجهشت فى البكاء مرة أخرى فأمسك كوب الماء الموضوع على الطاولة وأعطاها لها قائلاً :

– طب اشربي واهدى

أخذت منه الكوب ورشفت رشفتين ثم أعطته له .. قالت “كريمه” بحنان :

– اطمنى يا حبيبتى ان شاء الله هى بخير ..وشوية وهنلاقيها هنا

قال “نور” :

– طيب خلونا يا جماعة نفكر تفكير عملى .. مثلاً لا قدر الله لما خرجت من البوابة ممكن تكون مشيت على الطريق وعربيه خبطتها وأكيد خدوها على المستشفى يبأه اللى نعمله دلوقتى اننا نتصلى بكل المستشفيات اللى فى المنصورة ونسأل عنها

أغمض “عمر” عيناه فى ألم وهو يشعر بالخوف الشديد قام من فوره فقال له والده :

– على فين

قال دون أن ينظر خلفه :

-رايح المكتب اتصل بكل المستشفيات اللى فى الدليل

اتصل “عمر” بجميع المستشفيات واقسام الطوارئ دون جدوى .. شعر بالحنق والغضب الشديد .. والخوف والفزع فى آن واحد

أخذ مفتاح سيارته وتوجه الى الخارج .. أسرع “كرم” و “أيمن” خلفه .. قال له “أيمن” :

– على فين يا “عمر”

لم يجيبه “عمر” وفتح باب سيارته .. فأشار “أيمن” لـ “كرم” بالركوب فركبا الاثنان مع “عمر” دون سؤاله .. انطلق “عمر” بسيارته يشق طريقه خارج المزرعة .. نظر اليه “كرم” الجالس بجواره فوجد علامات التوتر على وجهه .. كان يسير بسيارته على غير هدى فى المناطق حول المزرعة .. كانت عيناه تبحثان عنها فى لهفة .. قالت له “أيمن” الجالس فى الخلف :

– متقلقش يا “عمر” ان شاء الله هنلاقيها

لم يجبه “عمر” .. بل لم يسمعه أصلاً .. كل ما كان يسيطر على تفكيره .. أين هى “ياسمين” .. وماذا حدث لها .. أى بحاله جيده .. هل أصابها سوء .. كان قلبه ينزف فى لوعه .. ظل يبحث ويبحث دون جدوى .. مرت ثلاث ساعات لم يتوقف فيها لخظه .. بحث كان يخرج من شارع ليدخل فى آخر .. وعيناه تبحث على الجانبين فى لهفه .. قال له “كرم” :

– مفيش فايده من اللى بتعمله ده

هتف “عمر” فى غضب :

– أمال عايزنى أعمل ايه .. أعد فى البيت حاطط ايدي على خدى وأنا مش عارف هى فين ولا ايه اللى حصلها

هدئه “كرم” قائلاً:

– مش قصدى أضايقك يا “عمر” بس احنا بقالنا أكتر من 3 ساعات عمالين نلف ومفيش فايدة قال “عمر” بضيق بالغ :

– طب أعمل ايه .. لو روحنا بلغنا هيقولولنا استنوا 24 ساعة .. اعمل ايه .. اعمل ايه

اقترح “أيمن” :

– طيب تعالوا نرجع المزرعة تانى وندور فيها تانى .. يمكن تكون مثلاً تعبت وهى أعده فى مكان وأغمى عليها مثلاً .. تعالوا ندور تانى

صاح “عمر” بغضب :

– بقولك الغفير شافها وهى خارجه من المزرعة .. يعني هى مش هناك

سكت “كرم” و “أيمن” حتى لا ينفعل “عمر” أكثر من ذلك .. كان من الواضح أن الغضب قد بلغ من همبلغه .. لذلك آثرا الصمت .. رن هاتف “أيمن” فرد قائلا :

– أيوة يا “سماح”

تعلقت به عينا “عمر” بلهفه فى المرآه .. قال “أيمن” :

– لأ مفيش جديد .. حاضر هعرفك .. سلام

قال “عمر” بلهفه :

– ايه

– مفيش بتسأل عرفنا حاجه ولا لاء

ضرب “عمر” بقبضته بقوة على مقود السيارة قائلاً :

– هتكون راحت فين بس

**************************

ظلت “ياسمين” تبكى وتبكى .. كانت تخشى أن تتحرك من مكانها فيضربها ذلك الرجل الذى لا تراه .. وأخيراً سمعت باب يفتح ثم وقع أقدام تقترب .. ثم تنصرف مرة أخرى .. شعرت بوجود أكثر من شخص معها .. ثم خرجوا وأغلقوا الباب خلفهم .. قال “مصطفى” لـ “بسطويسي” :

– كله تمام خدت منها موبايلها ومعهاش أى حاجه تانية

مد يده بالموبايل الى “بسطويسي” الذى أخرج الشريحة وكسرها ثم هشم الموبايل تحت أقدامه .. قال له “مصطفى” بدهشة :

– ليه عملت كده ؟

قال “بسطويسى” بسخرية :

– متعرفش ان الموبايلات ممكن يتتبعوا اشارتها ويعرفوا المكان اللى الموبايل موجود فيه

هتف “مصطفى” :

– آه عشان كده خلتنا نسيب موبايلاتنا فى القاهرة

– أيوة

ابتسم “مصطفى” قائلاً :

– أحبيبي يا “بسطويسى” من غيرك كنت هضيع

قال “بسطويسي” بسخريه :

– صحيح انت بشمهندس ومعاك شهادة .. لكن الدنيا بتعلم أكتر من المدارس يا هندسه

ابتسم “مصطفى” قائلاً :

– ده انت اللى هندسه

ثم قال بجديه :

– قولى بأه هنعمل ايه بعد كده .. مش هنتصل بيهم

قال “بسطويسي” :

– اتقل .. كله بأوانه

*************************

بعد ساعتين أخرتين من السير والبحث .. عاد “عمر” بسيارته الى المزرعة مرة أخرى .. فتح باب البيت ليقوم “عبد الحميد” مسرعاً قائلاً بلهفه :

– فى جديد يا بشمهندس ؟

هز “عمر” رأسه نفياً .. فوضع “عبد الحميد” يده على رأسه قائلاً :

– بنتى ضاعت .. بنتى ضاعت

قال له “عمر” بصرامة :

– لأ مضعتش .. هنلاقيها .. “ياسمين” مضعتش هنلاقيها .. سليمة وكويسة

توجه “عمر” الى أقرب مقعد وتهالك عليه .. أسد رأسه بيديه وأغلق عينيه فى ألم .. اقتربت منه امه قائله بشفقه :

– انت كويس يا “عمر”

أومأ برأسه دون أن يتحدث .. مسحت أمه على شعره .. ثم التفتت الى “ريهام” قائله :

– تعالى يا بنتى ارتاحى فوق .. انتى هلكتى نفسك من العياط

قالت “ريهام” بوهن :

– لأ شكراً يا طنط أنا هروح أوضتى عشان لو “ياسمين” رجعت

قالت “كريمه” بحنان :

– طيب يا بنتى وربنا يطمننا عليها .. لو فى جديد بلغونا ولو فى جديد هنبلغكوا ..

ثم أعطت “ريهام” رقم هاتفها وأخذت رقم “ريهام”

غادرت “ريهام” مع “عبد الحميد” عائدان الى غرفة “ياسمين” ينتظرونها

ثم قامت وغادرت مع “عبد الحميد” الى غرفتهما .. لحظات ووجد “عمر” هاتفه يرن .. وجد رقماً غريب رد ليجد رجلاً يقول جملة واحدة :

– “ياسمين” عندى لو شميت ريحة البوليس فى الموضوع هقتلها وأبعتلك جثتها هدية لحد عندك .. استنى منى تليفون بعد يومين

قال ذلك ثم أغلق وترك “عمر” فى حالة من الخوف والرعب والفزع .. والحيرة

عرض التعليقات (6)