مزرعة الدموع للكاتبة بنوتة اسمرة الجزء الخامس و العشرون

7 5٬270
 

مزرعة الدموع للكاتبة بنوتة اسمرة الجزء الخامس و العشرون

مزرعة الدموع للكاتبة بنوتة اسمرة الجزء الخامس و العشرون

مزرعة الدموع للكاتبة بنوتة اسمرة الجزء الخامس و العشرون

مزرعة الدموع للكاتبة بنوتة اسمرة الجزء الخامس و العشرون , معكم صديقة زاكي الشيف الموهوبة ,كريمة جزائرية

صاح “كرم” بمرح :- وأخيراً هنشوف نسل واحد مننا .. أنا كنت بدأت افقد الأمل خلاص

قال “عمر” لـ “أيمن” بسعاده :

– ألف ألف مبروك يا “أيمن” .. بجد فرحتلك أوى

قال “أيمن” مبتسماً :

– ربنا يكرمك يا “عمر” .. يلا اتجدعنوا انتوا كمان خلونا نفرح بيكوا بأه بدل أعدتكوا كده .. بأه شكلكوا وحش

ضحك “عمر” .. صمت قليلاً ثم قال :

– أنا عايز أكلم أبوها تانى .. بس خايف يفتكر انى بستغل الموقف

قال “أيمن” :

– لأ الموضوع مفيهوش استغلال فرص ولا حاجه .. يعني ده جواز

قال “عمر” بقلق :

– خايف يفتكر انى بضغط عليهم عشان يعني اللى عملته مع “ياسمين”

قال “كرم” مؤكداً :

– لأ محدش هيظن كده .. المهم “ياسمين” نفسها انت مالى ايدك منها المرة دى ولا هترفض زى المرة اللى فاتت

فكر “عمر” قليلاً ثم قال :

– بصراحة مش مالى ايدي أوى

ثم ابتسم بخبث قائلاً :

– بس برده ايدي مش فاضيه

قال “كرم” بمرح :

– يبأه على خيرة الله .. توكل على الله وكلم أبوها تانى

ابتسم “عمر” قائلاً :

– بس المرة دى أنا مش هتكلم فى خطوبة

صاح “كرم” قائلاً :

– الله .. اشمعنى انت .. أنا كمان مش عايز خطوبة

قال “أيمن” بمرح :

– الله الله أهو هو ده الكلام .. يلا عشان نخلص منكوا انتوا الجوز مرة واحدة

اتصل “أيمن” بـ “سماح” ونزلت من عند صديقتها ليعودا الى منزلهما .. سألته عن تطورات التحقيقات فأجابها قائلاً :

– “بسطويسي” و “مها” اتقبض عليهم .. والبوليس بيدور على “مصطفى” متخفيش أيام ويتقبض عليه ان شاء الله

قالت “سماح” بحنق :

– ربنا ينتقم من اللى اسمه “مصطفى” ده .. ده هيكون عبرة ان شاء الله ولسه عقابه عند ربنا .. ده بجد انسان ظالم أوى

نامت “ريهام” .. وظلت “ياسمين” ساهره .. تفكر فى كل ما حدث لها .. وفيما قاسته منذ وفاة والدتها رحمها الله .. ثم وصلت بتفكيرها الى “عمر” .. عندما تذكرته ابتسمت .. نعم لقد أحبته .. دخل قلبها رغم الأسوار العالية التى بنتها حوله .. ملك مشاعرها وكل كيانها .. برجولته وغيرته وخوفه عليها .. التفتت الى هاتفها لتراه يضئ فى صمت .. نظرت فوجدت رقماً لا تعرفه .. تعجبت من الذى يتصل بها فى هذا الوقت .. ظنت بأنه ربما يكون “مصطفى” .. شعرت بالخوف .. لم ترد .. اتصلمرة أخرى .. غلبها الفضول ففتحت الخط دون أن ترد .. ولدهشتها سمعت صوت “عمر” يقول :

– ازيك يا “ياسمين”

صمتت ولم تجب .. كانت مندهشة من اتصاله بها .. أكمل “عمر” بصوت حانى :

– كنت قلقان عليكي وحبيب بس أسمع صوتك

صمت قليلاً ثم قال :

– وحشتيني أوى

خرجت “ياسمين” من صمتها قائله :

– أنا آسفة مضطرة أقفل

قال بصوت دافئ :

– ماشي .. أنا بس كنت حابب أسمع صوتك .. ممكن أطلب منك طلب

صمتت .. فأكمل قائلاً :

– أنا واقف تحت البلكونه .. ممكن بس تبصيلي .. وحشتيني الساعتين دول .. عايز بس أشوفك

شعرت بسعادة غامرة .. لكنها قالت بخفوت :

– أنا أسفه مش هينفع

طال صمته ثم تنهد قائلاً :

– طيب خلى بالك من نفسك .. لو احتجتى أى حاجه ده رقمى سيفيه عندك .. تصبحى على خير يا حبيبتى

خفق قلبها بشدة عندما سمعت منه “حبيبتى” .. أغلقت .. وقامت تفتح باب الشرفة بهدوء .. وقفت خلف الستارة .. رأته بالفعل .. كان ينظر بإتجاه الشرفة .. وقف قليلاً ثم انصرف عائداً الى بيته .. تابعته “ياسمين” بعينيها والإبتسامه على شفتيها

فى اليوم التالى ظلت “ياسمين” حبيسة غرفتها .. التزمت بتعليمات الطبيبة براحة وعدم ارهاق نفسها .. فى منتصف النهار .. رن هاتفها لتجد رسالة من “عمر” فتحتها لتجد مكتوب فيها :

وحشتينى .. على قدر ما فى المنام تأتينى

وحشتينى .. على قدر ما فى الأحلام تزورينى

وحشتينى .. على قدر الحب الذى بيه وهبتينى

ومنه حرمتينى .. واليه ارجعتينى .. وحشتينى

حبيبتى …. ببعدك لا تزيدينى .. فأنتِ بداخلى وفى تكويني .

شعرت بسعادة لذيذة تجتاح كل كيانها .. تسللت الابتسامه الى شفتيها .. ضمت هاتفها الى صدرها تعانقه .. نظرت الى كلماته مرة أخرى .. قرأتها مرات ومرات .. والابتسامه لا تفارق شفتيها .. وقلبها لا تهدأ سرعة ضرباته .

بعد المغرب .. قال “نور” لـ “كريمة” و “عمر” :

– ما تيجوا يا جماعة نخرج شوية .. نتعشى بره فى أى مكان

قالت “كريمه” بسعادة :

– والله فكرة .. حتى تغيير جو .. قولت ايه يا “عمر”

فكر “عمر” قليلاً ثم قال :

– لأ روحوا انتوا يا ماما

قالت “كريمه” تحثه :

– وتعد لوحدك فى البيت ليه تعالى معانا تغير جو .. الواحد أعصابه تعبت اليومين اللى فاتوا

– لأ معلش يا ماما روحوا انتوا .. وكمان عندى شغل كتير متراكم عليا .. الأيام اللى فاتت انتوا عارفين أنا مكنتش بهتم بالشغل خالص ..وفى حاجه كتير لازم تخلص

– خلاص يا حبيبتى ربنا يعينك .. على العموم لو غيرت رأيك كلمنا

خرج والداه وركبا السيارة وانطلقا الى المنصورة .. ذهب “عمر” الى مكتبه .. ليبدأ عمله .. كان ينظر الى هاتفه كل فتره .. وكأنه ينتظر اتصالاً أو رسالة منها .. يعلم بأنها لن تفعل ذلك .. لكنه بقى متأملاً

شعرت “ياسمين” بالملل .. فنزلت لتتمشى قليلاً فى المزرعة .. ظلت تمشى لساعات وسط الطبيعه الخلابه .. لم تجرب السير فى المزرعة ليلاً .. وجدت له مذاقاً خاصاً .. والنسمات المنعشة أفادتها كثيراً .. أخذتها قدماها قرب بيت “عمر” ألقت نظرة على البيت وابتسمت .. أخرجت هاتفها وأعادت قراءة الرسالة مرة أخرى .. ثم أكملت طريقها .. عندما همت بالعودة .. نظرت لتجد قرب البوابة عند الأسلاك الشائكة .. رجل يحاول اقتحام المكان والتسلل من بين الأسلاك .. دب الخوف فى أوصالها .. شعرت الرعب .. خافت أن تتقدم أكثر فيراها الرجل .. دققت النظر تحت ضوء القمر .. لتجد أن للرجل هيئة كهيئة “مصطفى” .. لم تستطع رؤية ملامح وجهه جيداً بسبب الظلام .. لكن كان نفس الهئية والجسم .. كان قد اقترب بالفعل من الدخول من بين الأسلاك .. فزعت .. خافت أن تجرى فى اتجاه حجرة الغفير فيراها “مصطفى” ويسرع بالإمساك بها .. شعرت بأن تفكيرها قد شُل من الخوف .. جرت فى الإتجاه الآخر .. ثم وجدت نفسها تلقائياً تصعد الدرجات الى بيت المزرعة .. أخذت تطرق الباب بسرعة منادية :

– “عمر” .. “عمر”

تجمعت الدموع فى عينيها وهى تطرق الباب بقوة .. وتنظر يميناً ويساراً خشية من أن يلحق “مصطفى” بها .. ويمسكها وينتقم منها .. فهى الشاهدة الوحيدة عليه .. “عمر” لم يرى وجهه .. ولم يتعرف صوته أحد غيرها .. وهى تعلم أنه لن يتردد لحظة فى قتلها اذا سنحت له الفرصه .. لينقذ نفسه من السجن .. طرقت الباب بهلع وأخيراً فتح “عمر” .. نظر اليها بلهفة قائلاً :

– “ياسمين” مالك فى ايه ؟

قالت “ياسمين” بصوت مرتجف وبأنفاس متقطعه :

– “مصطفى”

سألها بهلع :

– هو فين ؟ .. عملك حاجه ؟

ابتلعت ريقها وقالت بأعين دامعه :

– شوفته بيحاول يدخل من السلك اللى جمب البوابة

جذبها “عمر” من ذراعها بقوة وأدخلها البيت وقال بحزم :

– خليكي هنا واقفلى الباب كويس من جوه ومتفتحيش لحد غيرى

أغلق الباب خلفه .. فتأكدت من غلقه جيداً .. ثم توجهت الى احدى النوافذ القريبه تستطلع الأمر منها .. رأت “عمر” يسير بإتجاه البوابة .. خافت عليه بشدة .. خافت أن يهاجمه “مصطفى” .. خافت أن يكون “مصطفى” حاملاً للسلاح ويتهور ويطلق النار على “عمر” .. شعرت بالخوف والفزع .. ليتها لم تأتى اليه .. ليتها لم تقحمه فى الأمر وجرت بإتجاه البوابة الى حيث غرفة الغفير .. وقفت فى نافذة أخرى فلم ترى شيئاً .. اختفى “عمر” من أمام ناظريها وأعاقتها الأشجار عن متابعة ما يحدث .. تساقطت العبرات على وجنتيها .. هى آمنه فى الداخل .. وهو فى الخارج تحت رحمة هذا المجرم .. أخرجت هاتفها وحاولت أن تتصل به .. رن الهاتف ثم سمعت طرقات على الباب .. انتفضت .. أغلقت الهاتف وتوجهت الى الباب .. سمعت الطرقات مرة أخرى .. قالت بصوت مرتجف :

– مين ؟

أتاها صوته :

– افتحى يا “ياسمين” أنا “عمر”

شعرت بالخوف .. ماذا لو كان “مصطفى” معه .. ماذا لو كان يهدده .. قالت بشك بصوت مضطرب :

– انت لوحدك ولا “مصطفى” معاك ؟

صمت قليلاً ثم أتاها صوته فى حنان :

– متخفيش أنا لوحدى .. “مصطفى” مش موجود متخفيش

مازالت تشعر بالخوف .. قالت له فى حيرة وألم :

– طيب ما ممكن يكون “مصطفى” بيهددك بالسلاح دلوقتى عشان تقولى انه مش معاك وأفتح الباب وهو يدخل

طال صمته .. ثم أتاها صوته الدافئ وهو يقول :

– لو فعلاً ده حصل و “مصطفى” أو غيره هددنى عشان أديكي الأمان وتفتحى الباب .. فأنا أفضل انه يقتلنى ولا انه يطول شعره منك .. مش ممكن أسمح لحد انه يأذيكي يا “ياسمين” .. حتى لو فيها موتى أنا

شعرت بكلماته الصادقة تخترق قلبها وتستقر به .. فتحت الباب ببطء .. ابتسم ونظر اليها وعينيه تغمرانها بحنانه .. لكم تحب تلك العينين والرسائل التى ترسلانها اليها .. رسائل حب وعشق صامته ..

سألته بقلق :

– لقيت “مصطفى” ؟

طمأنها قائلاً :

– متخفيش مش هو

قالت بإستغراب :

– أمال مين

– ده عامل شغال هنا فى المزرعة فضل يخبط على البوابة بس الغفير نام ومسمعوش .. فحاول يدخل من بين الأسلاك

أومأت “ياسمين” برأسها وشعرت بالحمق لأنها أزعجته بدون داعى .. تقدمت لتخرج فوجدت وقف أمام الباب ليمنع خروجها .. نظرت اليه بدهشه .. فنظر اليها بخبث قائلاً :

– تعملى ايه لو حبستك هنا

شعرت بالخجل فخفضت بصرها وقالت :

– لو سمحت عديني

قال بمرح وعينا تلمعان بخبث :

– لأ مش هعديكي .. وهحبسك هنا لحد ما تستسلمى تماماً

وفجأة دخلت سيارة والده الى المزرعة .. اضطربت “ياسمين” بشدة ونظرت الى “عمر” بعتاب فلو كان سمح لها بالذهاب لما كانت ستتعرض لهذا الموقف .. ابتسم لها “عمر” وهو يراقب علامات الارتباك على وجهها .. نزل والده ووالدته من السيارة ليروا “عمر” واقف على باب المنزل من الخارج و “ياسمين” واقفة على الباب من الدخل ..شعرت بالخجل الشديد من هذا المأذق الذى وجدت نفسها فيه .. اقتربت “كريمه” منها قائله بإبتسامه :

– ازيك يا “ياسمين” حمدالله على سلامتك يا حبيبتى

قالت “ياسمين” بتوتر :

– الله يسلمك

تقدم والد “عمر” وسلم عليها هو الآخر .. كانت تتمنى أن تنشق الأرض وتبلعها أصحاب البيت واقفون على الباب من الخارج وهى تقف من الداخل .. لا تدرى كيف تشرح ما حدث .. أنقذها “عمر” قائلاً :

– “ياسمين” كانت بتتمشى واتخضت لما شافت راجل بيحاول يدخل من الأسلاك اللى جمب البوابة جتلى عشان أشوف مين اللى بيحاول يدخل ودخلتها البيت لحد ما أرجع

قالت له أمه بإهتمام :

– وطلع مين ؟

– عامل من اللى ساكنين فى سكن العمال .. الغفير كان نام ومسمعش خبطه على البوابه

قال “نور” موجهاً حديثه الى “ياسمين” :

– متخفيش يا “ياسمين” محدش يقدر يدخل المزرعة هنا .. أكيد طليقك هيخاف ييجى هنا

شعر “عمر” بالحنق عندما سمع لفظ “طليقك” .. كان يحاول قدر الإمكان تناسى بأنها متزوجه من قبل .. لأن هذا الأمر .. يؤلمه أشد ألم .. أفسحت “ياسمين” الطريق ليمر والداه .. دخلوا الى المنزل .. حاولت الخروج فسد “عمر” الباب بجسده مرة أخرى وابتسم بخبث .. صاحت بضيق :

– لو سمحت مينفعش كده .. كفايه اللى حصل .. لو كنت خلتنى أمشى مكنش زمانى اتحطيت فى الموقف ده .. لو سمحت عديني

قال “عمر” بمرح دون أن يتخلى عن ابتسامته :

– فعلاً معاكى حق شكلنا بأه بايخ أوى .. وكمان أنا ليا سمعه لازم أحافظ عليها

اقترب برأسه منها ونظر فى عينيها قائلاً:

– لازم تصلحى غلطتك وتتجوزيني

حاولت كتم ابتسامتها بصعوبة وقالت بجديه :

– لو سمحت عديني

هتف وهو يتظاهر بالجديه :

– وسمعتى اللى ضاعت على اديكي .. وأهلى اللى شافونى واقف معاكى على عتبة بيتنا .. خلاص كده مفيش بنت هترضى تبص فى وشى .. لازم تتجوزيني وتسترى عليا يا “ياسمين”

لاحت ابتسامه صغيره على شفتيها لكنها أخفتها سريعاً وهتفت بجديه :

– خليني أمشى يا إما هنادى لطنط “كريمه” وأقولها انك مش راضى تعديني

قال بتحدى :

– نادى طنط “كريمه” بتاعتك وأنا أقولها على اللى عملتيه في العربية

قالت بدهشة :

– انا .. عملت ايه ؟

نظر اليها بخبث وهو يقول :

– كل ما أحاول أبعدك عنى .. تقوليلى لا يا “عمر” متسبنيش وفضلتى لازقه فى حضنى طول الطريق مش عارف أتحرك منك

احمرت جنتاها بشدة وهتفت قائله :

– والله ما حصل .. أنا معملتش كده

قال بتحدى :

– لأ عملتى كدة و “كرم” شاهد كمان

صاحت بضيق :

– بطل تهريج أنا معملتش كده .. صحيح أنا مش فاكرة اللى حصل بس أكيد معملتش اللى انت بتقوله ده

قال وهو يتظاهر بجديه :

– بصى يا بنت الناس .. يا توعديني انك تصلحى غلطتك وتتجوزيني يا اما مش هطلعك من البيت وهجيب المأذن وأكتب عليكي بالعافية .. ها قولتلى ايه .. تختارى ايه ؟

قالت بجديه :

– عديني لو سمحت

قال بتحدى :

– خلاص انتى حرة انتى اللى اخترتى

ثم هم بالدخول فإبتعدت .. كاد أن يغلق الباب فقالت بسرعة :

– خلاص .. خرجنى

لمعت عيناه وابتسم قائلاً :

– يعني خلاص هتتجوزيني ؟

تحاشت النظر فى عينيه وتضرجت وجنتاها خجلاً .. فحثها قائلاً :

– ها .. مش هفضل مستنى كده كتير .. هتتجوزيني ؟

ابتسمت دون أن تنظر اليه .. فنظر اليه بحب قائلاً بهمس :

– كفاية الإبتسامه الحلوة دى .. هعتبرها بدل كلمة موافقة

قالت بصوت خافت وهى لا تستطيع أن ترفع عينيها فى عينيه :

– ممكن لو سمحت تعديني

أومأ برأسه قائلاً وعيناه تغوصان فى بحر عينيها :

– ماشى هعديكي بس عايزك تعرفى حاجه .. مش هسيبك سمعانى .. أنا خلاص لا عاد ينفعنى خطوبة ولا كتب كتاب .. أنا هكلم باباكى ونحدد معاد الفرح .. لأنى مش هقدر أصبر أكتر من كده .. عايزك فى حضني فى أقرب وقت .. عايز أفتح عيني كل يوم عليكي وأغمضها عليكي .. انتى حته منى وبعدك عنى تاعبنى .. ومعدتش قادر أستحمل بعدك ده .. لازم نبقى مع بعض بأه .. أنا تعبان من غيرك يا حبيبتى .. حبيبك محتاجلك أوى .. ومشتاقلك أوى .. وبيتعذب من غيرك .. حسي بيه .. ومتبقيش قاسيه عليه

ازداد احمرار وجهها .. لم تستطع حتى النظر اليه .. أفسح لها الطريق .. فخرجت مسرعه .. وعيناه تتابعانها .. تحسست وجنتاها لتجد الحرارة تنبعث منهما .. عادت الى غرفتها وعلى شفتيها ابتسامة تشى بسعادة لم تشعر بها من قبل .. وقلبها قد جن وأخذ يخفق فى جنون .. وضعت يجها على صدرها لعلها تبطئ من سرعة دقاته .. ها هى أحلامها أوشكت أن تصبح حقيقـــة.

فى اليوم التالى تحدث “عمر” ووالداه و “كرم” الى “عبد الحميد” واتفقوا جميعاً على كتب كتاب الأختين بعد ثلاثة أيـــام فى نفــس اليــوم .. كانت سعادة الرجليــن غامرة .. وكذلك الفتاتيـــن

البارت 36

عمت أجواء البهجة فى المزرعة بعدما تم اعلان يوم كتب كتاب كل من “عمر” و “كرم” .. كان الجميع فرح لهذين الرجلين وهاتين الفتاتين .. فالجميع مشهود له الطيبة وحسن الخلق .. وان وجد داخل البعض مزيج من الغيرة والحسد .. فالكل يعلم ان الفتاتين تعملان فى المزرعة وأنهما من أسرة بسيطة .. ولا يميزهن جمال صارخ .. يخطف عقول الرجال .. فأثار ذلك بعض مشاعر الغيره والحسد لدى الفتيات العاملات بالمزرعة .. كانت “ياسمين” فى منتهى السعادة تعد مع أختها ومع “كريمه” و “سماح” ترتيبات هذا اليوم .. قرروا أن يتم الإحتفال بهذا اليوم فى المزرعة .. التى شهدت ميلاد حبهم .. كان “عمر” يكاد لا يصدق نفسه من فرط السعادة .. فهاهى أخيراً حبيبته ستصبح زوجته .. وكذلك “كرم” و “ريهام” كانا سعيدين للغاية .. قام “نور” بدعوة أخته “ثريا” وابنها “علاء” و ابتنها “ايناس” .. لكنها رفضت الحضور بعدما حدث فى آخر زيارة لها فى المزرعة .. فمازالت غاضبة من “عمر” لأنه وقف أمامها من أجل حبيبته وأهلها .. كان “عمر” يشعر بالإرتياح لعدم حضور عمته .. لأنه كان يخشى أن تفعل هى أو ابنتها ما يعكر صفو هذا اليوم .. ذهبت الفتاتان مع “كريمه” و “سماح” لاختيار الفساتين لهذه المناسبه .. أما الرجلين فإهتما مع “أيمن” و “نور” و “عبد الحميد” .. بتنظيم كل شئ .. ليخرج اليوم فى أبهى صورة ..قرروا أن تكون الحفلة صغيرة عائلية . على أن يعقبها العرس بفترة صغيرة ويكون احتفالاً كبيراً فى القاهرة ..

قالت “ريهام” ل “ياسمين” فى غرفتهما :

– الحمد لله اطمنت ان أنا وانتى هنعيش مع بعض في القاهرة .. كنت خايفة “كرم” يقرر نعيش فى القاهرة و “عمر” يقرر انكوا تعيشوا هنا

ابتسمت “ياسمين” قائلاً :

– “عمر” قال ان مكاننا الأساسى هتكون فيلة أهله فى القاهرة .. بس ده ميمنعش اننا هنيجي هنا المزرعة وقت ما نحب .. بصراحة أنا بحب المكان ده أوى ومتعلقة بيه اوى .. أصلا مش عارفه ممكن أعيش ازاى فى مكان تانى غير هنا

ابتسمت “ريهام” قائله :

– أما أنا بأه لازم أرجع لان خلاص امتحاناتى على الأبواب

ضحكت “ياسمين” قائلاً :

– حلو أوى يعني هتقضى شهر العسل فى المذاكرة والإمتحانات

قالت “ريهام” بمرح :

– آه بس لازم “كرم” يعوضنى ونسافر زيك انتى و “عمر” .. صحيح ما قولتيش هتسافروا فين ؟

قالت “ياسمين” بسعادة :

– مش عارفه مامته ما قالتليش .. قالتلى انه عملهالى مفاجأة

– ان شاء الله تبقى أحلى مفاجأة

قالت “ياسمين” بشئ من الحزن :

– صعبان عليا بابا هنسيبه هنا لوحده

– نعمل ايه يا “ياسمين” هو اللى مش راضى يرجع معانا .. حب الشغل هنا والعيشة هنا وبأه له صحاب هنا .. ومش حابب يبعد عن المزرعة

طمأنتها “ريهام” قائله :

– وبعدين زى ما انتى قولتى اكيد هتيجى هنا انتى و”عمر” .. وهنبقى نيجى معاكوا أنا و “كرم”

أومأت “ياسمين” برأسها قائله :

– ان شاء الله

صفقت “ريهام” بمرح :

– بصى بأه احنا مش عايزين نفكر فى أى حاجه تضايقنا .. عايزين نفكر فى الحفلة وبس .. وان بعد أقل من 3 أيام هبقى أنا مدام “ريهام” .. وانتى مدام “ياسمين”

قالت “ياسمين” بنبرة حزينه :

– أنا أصلاً مدام .. ولا نسيتي

ضحكت “ريهام” وقالت بخبث :

– لا مش مدام .. أنا وانتى عارفين اللى فيها .. مش متخيله صدمة “عمر” لما يعرف .. أكيد هتبقى أحلى صدمه فى حياته

ابتسمت “ياسمين” بسعادة .. فأكملت “ريهام” :

– الراجل هيتجنن عليكي وهو فاكر انك اتجوزتى .. أمال لو عرف انك بنت هيعمل ايه .. “ياسمين” خافى على نفسك يا أختى واوعى تقوليله الا بعد ما الفرح يخلص وتروحوا بيتكوا ويتقفل عليكوا الباب وإلا هتحصل حاجات مش لطيفة

ضحكت “ياسمين” بخجل قائله بمرح :

– والله أنا خايفة حتى أقوله بعد الفرح .. حسه ان رد فعله هيبقى مدمر

ضحكت “ريهام” قائله :

– هو مدمر بس .. ربنا يستر يا بنتى .. أنا لو مكانك أكتب الكتاب وأقوله فنكتفى بهذا القدر

ازدادت ضحكات “ياسمين” قائله :

– هو “عمر” ينفع معاه فلنكتفى بهذا القدر .. ده أنا خايفه نكتب الكتاب ويقولى أنا لغيت الفرح يلا على شهر العسل

************************

فى الصباح ذهبت “ياسمين” و “ريهام” مع “كريمه” فى السيارة لشراء بعض الأغراض .. وعند عودتهم توقفت السيارة أمام بيت المزرعة .. أصرت “كريمة” على الفتاتين الدخول معها والجلوس قليلاً .. دخلت الفتاتين .. رأت “ياسمين” بيت المزرعة لأول مرة .. فالمرة السابقة كانت فى حالة خوف ولم تراه جيداً .. كان بيتاً مريحاً له طابع كلاسيكي .. ولكنه يتميز أيضاَ بالبساطه .. بعث فى نفسها الراحه .. وأحبته .. كما أحبت المزرعة .. رأت على أحد الجدران صوراً معلقة لرجال ونساء .. تضايقت “ياسمين” قليلاً فهى تعلم أن الملائكة لا تدخل بيتاً به صوراً .. وقفت أمام احدى الصورة .. كانت صورة لرجل له هيبه لا تخطئها العين .. كانت شاردة عندما اقتربت منها “كريمه” قائله :

– ده والد زوجى .. جد “عمر” .. كانت روحه فى “عمر” .. هو اللى حببه فى المزرعة وفى الزراعة .. عشان كده “عمر” قرر انه يدخل كلية الزراعة .. وحضر فيها وخد الماجستير والدكتوراه كمان

نظرت اليها “ياسمين” بدهشة .. فهذه هى المرة الأولى التى تسمع فيها تلك المعلومات عن “عمر” .. شعرت بأنها مازالت لا تعرف ذلك الرجل جيداً ..الرجل الذى ستصبح زوجته .. بعد أقل من يومين .. جلس ثلاثتهم يحتسون أقداح من الشاى الساخن ..

جلست “كريمه” بجوار “ياسمين” وابتسمت :

– حبيبتى أنا مبسوطه أوى انك أخيراً قدرتى تاخدى قرارك .. صدقيني “عمر” ابنى مفيش زيه .. مش عشان هو ابنى .. بس بجد عمرك ما هتلاقى حد يخاف عليكي ويبقى حنين عليكي زيه .. أكتر صفة بعشها فى جوزى هى حنيته .. و”عمر” ورث حنية أبوه .. ربنا يسعدكوا انتوا الاتنين لان انتى كمان باين عليكي طيبه وحنينه

ابتسمت “ياسمين” قائله :

– بجد أنا فرحانه ان فى بينى وبين حضرتك علاقة كويسة جداً .. كنت دايماً بتمنى ان أنا وحماتى نكون متفقين مع بعض

اتسعت ابتسامه “كريمة” قائلاً :

– أنا بأه مش عايزة أكون حماتك .. عايزاكى تعتبريني مكان ماما الله يرحمها .. ينفع ؟

اغروقت عينا “ياسمين” بالدموع ونظرت اليها قائله :

– أكيد طبعاً

– خلاص يبقى من النهاردة انتى و “ريهام” تقولولى يا ماما “كريمه” .. لانى بعتبر “كرم” كمان ابنى

ابتسمت “ريهام” قائله :

– أكيد .. دى حاجة تفرحنى

نظرت اليهما “كريمة” قائلاً :

– أنا كان نفسي أخلف بنات بس ربنا ما أردش .. بعد ما ولدت “عمر” ربنا ما أرادليش الخلفة مرة تانية وأنا اكتفيت بيه وحمدت ربنا على النعمة اللى رزقنى بيها مع انى كان نفسي أخلف كمان بنت .. بس الحمد لله ربنا عوضنى بيكوا انتوا الاتنين

فجأة دخل “عمر” الى المنزل ليجد “ياسمين” و “ريهام” .. اتسعت ابتسامته .. واقترب منها قائلاً :

– ازيك يا “ياسمين” .. ايه النور ده

ابتسمت بخجل قائلاً :

– الحمد لله

ثم نظر الى “ريهام” قائلاً :

– ازيك يا “ريهام” أخبارك ايه

– الحمد لله

قالت “كريمه” :

– مكنوش راضيين يدخلوا .. مع ان خلاص احنا بقينا عيلة واحدة

نظر “عمر” الى “ياسمين” بتحدى قائلاً بإبتسامه :

– هى مش هتقتنع إلا لما القسيمة تبقى فى ايدى .. هانت كلها يومين .. وكل حاجه بعد كدة هتبقى زى ما أنا عايز

صمتت قليلا ثم نظرت اليه قائله :

– شغل سي السيد وأمينه يعنى

انفجر “عمر” ضاحكاً .. ثم نظر اليها قائلاً :

– متخفيش أنا مش ديكتاتور .. لو كنت عايز أأمر ومراتى تنفذ وخلاص .. كنت اتجوزت أى واحدة مكنتش هتفرق .. لكن أنا عايز واحدة تشاركنى حياتى وأشاركها حياتها .. زى الطيارة .. ليها كابتن ومساعد كابتن .. لا ينفع الكابتن من غير المساعد ولا ينفع المساعد من غير الكابتن

ثم نظر اليها بحنان قائلاً بمرح :

– ماشى يا مساعد ؟

حاولت التظاهر بالجدية واخفاء ابتسامتها قائله :

– ماشى يا كابتن

اتسعت ابتسامته .. والتمعت عيناه بنظره حب وشوق .. فهربت بعينيها الى “ريهام” و “كريمة” اللاتان تتابعانهما بإبتسامه صامته .. فشعرت بالخجل .. وقف “عمر” أمامها ليحجب عنها الرؤية .. رفعت نظرها اليه مندهشة فقال لها :

– جهزى نفسك النهاردة انتى و “ريهام” عشان هنروح كلما نجيب شبكتكوا انتو الاتنين .. احنا اتفقنا مع عم “عبد الحميد” .. وان شاء الله كلنا هنروح سوا ..

أومأت برأسها فى خجل .. ظل واقف أمامها يراقب تعبيرات وجهها والحمرة التى تملأه .. ضحكت أمه ونظرت اليه قائله :

– بطل غلاسه هى بتتكسف

قال لأمه فى مرح :

– انا عملت حاجه أنا ببصلها بس

ازداد خجل “ياسمين” .. فقالت أمه :

– “عمر” بجد .. متضايقهاش

نهضت “ياسمين” وتحاشت الاقتراب منه .. وقالت لـ “كريمه” :

– احنا هنمشى بأه عشان ورانا حاجات كتير بنجهزها ..

قامت “ريهام” من فورها .. وقالت “كريمه” مبتسمه :

– خلاص يا حبيبتى أشوفكوا بالليل ان شاء الله

خرجت “ياسمين” و “ريهام” من المنزل .. لحظات وخرج “عمر” ورائها منادياً اياها :

– “ياسمين”

توقفت .. أقبل عليها ووقف أمامها قائلاً :

– استنى عايز أقولك حاجه

ثم نظر لـ “ريهام” قائلاً :

– “ريهام” ممكن ثوانى

ابتعدت “ريهام” قليلاً .. نظرت اليه “ياسمين” بحرج قائله :

– خير ؟

نظر اليها وأخرج من جيبه علبة قطيفة صغيرة .. نظرت اليه بإستغراب .. فتحها لتجد سلسلة صغيرة بها قلادة على شكل قلب وبداخل القلب محفور اسمه “عمر” .. نظر اليها قائلاً بحنان :

– السلسلة دى تلبسيها ومش عايزك تقلعيها أبداً مهما حصل

ثم أخرج ميداليه وأراها القلب الصغير الذى يشبه القلب فى السلسلة لكن القلب الذى معه يحمل اسمها “ياسمين” .. ابتسم لها قائلاً :

– انا كمان مش هشيل القلب ده مهما حصل .. انتى معاكى قلبي وأنا معايا قلبك .. اتفقنا

أومأت برأسها وأخذت منه العلبة .. قبل أن تغادر همس لها بشغف قائلاً :

– كلها يومين وتبقى بتاعتى بجد .. ومعدتيش هتعرفى تهربي مني

صعدت الفتاتان الى غرفتهما .. أخذت “ياسمين” تتفحص القلب مبتسمه .. ثم التفتت الى “ريهام” قائله :

– أنا خايفه يا “ريهام” أوى

– خايفه ليه

قالت “ياسمين” بوجوم :

– خايفه الحب اللى أنا شيفاه من “عمر” ده يتغير بعد الجواز

هتفت “ريهام” :

– يا ستى هتقدرى البلا قبل وقوعه ليه .. ما الراجل لذيذ وزى الفل أهو

قالت “ياسمين” بلهفه :

– أنا مش عايزاه يتغير يا “ريهام”

– ده فى ايدك على فكرة

قالت “ياسمين” بثقه :

– صح معاكى حق .. أنا طول عمرى بقول ان ده فى ايد زوجة .. هى اللى تقدر تخلى زوجها متعلق بيها .. وبيحبها .. وميقدرش يستغنى عنها

ثم ابتسمت قائله :

– بحبه أوى يا “ريهام” .. ومش قادرة أصدق ان أخيراً الدنيا هتمشى زى ما أنا عايزة

فى المساء ذهب الجميع لاختيار الشبكة .. “عمر” ووالداه .. “كرم” .. “أيمن” .. “سماح” .. “عبد الحميد” .. “ريهام” .. “ياسمين” .. كانت سعادتهم غامرة بتلك المناسبة .. وأكثر من دمعت عيناه فرحاً هو “عبد الحميد” الذى لم يصدق زواج ابنتاه وفى يوم واحد .. من رجلين تتمناهما الكثير من الفتيات .. شعر بأن الله أهداه بهدية كبيرة جداً .. سجد شكراً لله بعد عودته .. وظل يحمده ويشكره على ما أعطاه هو وبناته .. فى اليوم التالى .. وجدت “ياسمين” .. “ولاء” تتصل بها لتخبرها بوجود رجل يسأل عنها فى مكان عملها .. استغربت “ياسمين” بشدة .. قالت “ولاء” :

– راجل كبير فلاح .. من القرية بتاعتنا .. مصر جداً انه يتكلم معاكى .. ولما قولتله اتكلم مع البشمهندس “عمر” اتخض وقالى أبوس ايديكى متجيبيلهوش سيرة .. أنا عايز الست”ياسمين”

قالت “ياسمين” بدهشة :

– عايز ايه ده أنا مش فاهمة

– بقولك معرفش مش راضى يقولى وآعد جوه فى المكتب .. شوفى أقوله ايه أمشيه ولا ايه ؟

صمتت “ياسمين” قليلاً ثم فكرت بصوت عالى :

– يمكن واحد شاف حادثة الخطف بتاعتى وعارف مكان “مصطفى”

ثم قالت :

– استنى يا “ولاء” أنا نازلاله خليه آعد فى المكتب

ارتدت “ياسمين” ملابسها وهى تدعو الله أن يرشدها الرجل الى مكان “مصطفى” الذى مازال هارباً حتى الآن .. دخلت المكتب لتجد رجلاً كما وصفته “ولاء” .. كبير فى السن .. فلاح بسيط .. خرجت من المكتب مرة أخرى وذهبت الى “ولاء” قائله :

– “ولاء” تعالى معايا مش عايزة أعد معاه فى المكتب لوحدى

ذهبت معها “ولاء” دخلت الفتاتان فقالت “ولاء” للرجل :

– هى دى الدكتورة “ياسمين” يا حاج

قام الرجل وهو ينظر الى “ياسمين” بشك ثم قال :

– انتى الدكتورة “ياسمين” اللى هتتجوز البشمهندس “عمر”

قالت “ياسمين” بترقب :

– أيوة أنا

نظر الرجل الى “ولاء” ثم الى “ياسمين” قائلاً :

– عايز أكلمك على انفراد يا ست الدكتورة

قالت “ياسمين” بحزم :

– آسفة .. حضرتك قول اللى عايز تقولهولى .. الدكتورة “ولاء” مش هتمشى

ظهر على الرجل التردد ثم سألها :

– يعني انتى واثقه فيها ؟

تبادلت الفتاتان نظرات الحيرة ثم نظرت اليه “ياسمين” قائله :

– أيوة واثقة فيها .. اتفضل اتكلم .. خير عايزينى فى ايه ؟

صمت الرجل قليلاً ثم قال :

– بصى يا دكتورة .. أنا راجل غلبان وبجرى على أكل عيشي .. وعندى بنات فى سنك كدة .. واللى مرضهوش لبناتى مرضهوش لبنات الناس

كانت “ياسمين” و “ولاء” يستمعان اليه فى اهتمام فأكمل قائلاً :

– الراجل اللى انتى هتتجوزيه ده واحد عايش فى الحرام

بهتت “ياسمين” وفتحت فمها فى دهشة .. كيف يجرؤ هذا الرجل على أن يتحدث عن “عمر” بهذا الشكل .. كانت “ولاء” تنظر اليه بإهتمام وقالت :

– يعني ايه وضح كلامك

تنهد الرجل قائلاً :

– من كام شهر كان فى المزرعة غفير اسمه “عويس” كان شغال هنا هو والجماعه بتوعه

تبادلت “ياسمين” نظرة مع “ولاء” وقد تذكرت تلك الإشاعة التى أخبرتها بها “ولاء” من قبل .. فأكمل الرجل :

– “عويس” والجماعة بتوعه اختفوا ومحدش يعرف هما راحوا فين ولا ايه اللى مشاهم

صمت قليلاً ثم قال :

– بس أنا عارف هما مشوا ليه

كان التوتر قد وصل الى ذروته فى نفس “ياسمين” فقالت له بحده :

– قول اللى انت عايز تقوله مرة واحدة لو سمحت

أكمل الرجل :

– فى يوم وأنا ماشى فى البلد وراجع بيتي متأخر .. اليوم ده فاكره كويس لأنه يوم فرح ابن أخويا فى القرية اللى جمبنا .. قابلت “عويس” واخد فى وشه وطالع يجرى حاولت أوقفه وأنادى عليه لكن مرضيش يقف وفضل يجرى .. مشيت فى طريقي لقيت نار قايده فى بيت مهجور فى القرية .. البيت ده مطرف ومفيش حواليه غير الشجر .. وأنا بيتي قريب منه .. جريت أشوف النار اللى قايده .. لقيت جوه البيت راجل وست .. واقفين على الباب ومش عارفين يخرجوا والنار واكله البيت كله .. لقيت جردل على الأرض فضلت أملاه مايه من الترعة وأحاول أطفى بيها النار اللى ماسكه فى الباب عشان يعرفوا يخرجوا .. الوقت كان متأخر والمنطقة مكنش فيها صريخ ابن يومين .. محدش ساعدهم غيري .. الراجل نط وسط النار اللى قايده فى الباب وشد الست معاه وطلعها .. أول ما الست خرجت عرفتها على طول .. “صفية” مرات “عويس” .. ولما بصيت للراجل عرفته هو كمان

صمت الرجل فسألته “ياسمين” :

– مين الراجل ؟

قال الرجل بتردد :

– البشمهندس “عمر”

نظرت اليه “ياسمين” بدهشة .. تحاول استيعاب ما قال .. صمتت ثم قالت بحده :

– وايه يعني اللي انت بتقوله .. ما يمكن كان هو وهى فى البيت لأى سبب تانى .. و”عويس” كان معاهم .. و”عمر” بعته مشوار .. أى حاجه يعني ليه ظنيت فيهم ظن وحش ؟

قال الرجل بثقه :

– اسمعيني وبعدين احكمى يا دكتورة

أكمل الرجل قائلاً :

– لما عرفت “صفية” قولتلها ايه اللى حصل يا “صفية” وايه اللى ولع فى البيت وليه “عويس” كان بيجرى كأن حد بيجرى وراه .. ساعتها بصتلى “صفية” وهى مرعوبة وقالتى هو “عويس” كان هنا .. قولتلها أيوة شوفته بيجرى وحاولت أوقفه مسمعليش .. لقيتها أعدت على الأرض وفضلت تلطم على وشها وتقول “جوزى عرف انى بخونه وهيفضحنى ويفضح أهلى يبأه هو اللى ولع فى البيت ” .. وفضلت تلطم وتندب لحد ما البشمهندس “عمر” قالها “خلاص بطلى عياط عشان نعرف نشوف حل فى المصيبة دى” .. ولقيته بيبصلى ويقولى “اللى حصل ده مش عايز أى حد يسمع عنه كلمه” وخرج فلوس من جيبه وادهالى وأكد عليا انى أستر على اللى حصل ومجبش سيرة لحد عشان الفضايح اللى هتحصل لو حد عرف بالموضوع خاصة ان أهل “صفية” لو عرفوا هيقتلوها ومش هيسبوها .. وجت المطافى بعد ما البشمهندس “عمر” كلمهم وطفوا الحريقة اللى كانت فى البيت وكمان البشمهندس طلب عربية اسعاف لانه مكنش هيعرف يروح المستشفى لوحده كانت ايدي مكسورة والايد التانيه طالتها النار

قفز قلب “ياسمين” من مكانه وهى تتذكر الحرق الموجود على يد “عمر” .. أكمل الرجل :

– يعد ما كل حاجه هديت .. بأت الناس تسأل فين “عويس” و “صفية” .. بس لحد دلوقتى محدش يعرف عنهم حاجه .. وآخر مرة شوفت “صفية” كان لما ركبت عربية الاسعاف مع البشمهندس “عمر” بعد كدة مشفتهاش لا هى ولا جوزها

كانت “ياسمين” تحت تأثير صدمة شديدة لا تعرف كيف تشعر أو ماذا تقول أو ماذا تصدق .. قال الرجل :

– أنا يا بنتى فضلت محافظ على السر ..مش عشان الفلوس اللى خدتها .. لا .. عشان أستر على أهل الوليه دى .. رغم انها بنت تييييييييت ومتستاهلش .. بس لو الكلام انتشر أهلها معدوش هيرفعوا عينهم فى وش حد من البلد .. عشان كدة فضلت ساكت .. لكن لما عرفت انه هيتجوز .. وسمعنا عنك كل خير .. مرضتش أفضل ساكت كده .. لانى زى ما قولتلك يا بنتى عندى بنات فى سنك .. وربنا يستر عليهم وعليكي

قال الرجل قبل أن يغادر :

– ياريت متجبيش لحد سيرة يا بنتى خاصة البشمهندس “عمر” .. أنا عملت فيكي خير ما تقابليهوش انتى بالشر .. أنا مضمنش ممكن يتصرف ازاى معايا لو عرف انى فضحت سره

غادر الرجل .. ليترك “ياسمين” واقفة جامدة .. لا تنطق .. لا تتحرك .. لا تفكر .. لا تشعر .. تقف كالتمثال .. نظرت اليها “ولاء” فى أسى .. لحظات وبدأت العبرات تتجمع في عيني “ياسمين” .. وتتساقط على وجنتيها فى صمت .. جذبتها “ولاء” وأجلستها على الأريكة .. ثم ذهبت وأحضرت كوب ماء وأغلقت الباب عليهما .. قدمته ل “ياسمين” التى شربت منه قليلاً :

نظرت اليها “ولاء” بقلق قائله :

– “ياسمين” .. انتى كويسة

قالت “ياسمين” ودموعها تتساقط وعيينها تتحركان بحيره وألم :

– قوليلى ان الراجل ده بيكدب .. قوليلى انه بيكدب

تنهدت “ولاء” قائله :

– مش عارفه أقولك ايه

نظرت اليها “ياسمين” بألم قائله :

– مش قادرة أصدق ان “عمر” يعمل كده .. مش قادرة أصدق .. بس الراجل ايه مصلحته يكدب عليا

فكرت “ولاء” قليلاً ثم قالت :

– لازم نتأكد من اللى قاله

سألتها “ياسمين” بأسى :

– هو فى تأكيد أكتر من حرق ايده .. ومن الغفير ومراته اللى اختفوا .. فى دليل أكتر من كده

قالت “ولاء” :

– أيوة لازم نتأكد ان هو اللى كان معاها جوه البيت .. مش يمكن واحد تانى والراجل غلط وافتكره “عمر”

قالت “ياسمين” بهلفه :

– أيوة صح .. ممكن ميكنش “عمر” .. أكيد مش “عمر” صح ؟

– الله أعلم يا “ياسمين” .. أنا بقول يمكن الراجل اختلط عليه الأمر .. وشاف واحد شبه “عمر” وافتكره هو

مسحت “ياسمين” دموعها قائله :

– طيب ونتأكد ازاى انه شاف “عمر” فعلاً مش واحد شبهه ؟

فكرت “ولاء” طويلاً ثم قالت :

– الراجل بيقول ان الاسعاف جت خدتهم هما الاتنين صح ؟

أومأت برأسها قائله :

– أيوة صح

أكملت “ولاء” بحماس :

– يبأه أكيد أخدوهم على قسم الطوارئ فى المستشفى .. لو وصلنا لسجلات المستشفى فى اليوم ده هنقدر نعرف اسم الاتنين اللى جم فى حادثة حرق البيت

صمتت “ياسمين” لتفكر فى كلام “ولاء” ثم قالت :

– بس يا “ولاء” احنا ازاى هنعرف الاسعاف أخدتهم على انهى مستشفى ؟ .. المستشفيات كتير

قالت “ولاء” شارحه :

– انتى مش عارفه نظام المستشفيات فى المنصورة .. بصى يا ستى نظام الطوارئ عندنا ماشى بجدول .. يعني معروف يوم السبت فى مستشفى كذا ويوم الأحد فى مستشفى كذا هكذا طول أيام الاسبوع .. والراجل اللى كان هنا من شويه قال انه فاكر اليوم كويس لانه يوم جواز ابن أخوه .. احنا نعرف منه اليوم ونشوف فى الجدول بتاع المستشفيات .. الطوارئ فى اليوم ده كانت فى انهى مستشفى .. وأنا أعرف دكاترة كتير فى مستشفيات كتير فى المنصورة يارب تطلع مستشفى أكون عارفه حد فيها ونقدر نوصل لسجلات الاستقبال فى اليوم ده

قالت “ياسمين” بلهفه :

– بس الراجل مشى هنوصله تانى ازاى

قالت “ولاء” :

– متقلقيش انتى ناسيه ان أنا كمان من نفس البلد الراجل ده انا عارفاه وعارفه بيته

قالت “ياسمين” بإهتمام :

– طالما عارفه بيته يبأه أكيد تعرفى البيت اللى بيتكلم عنه مش كده ؟ .. لأنه قال انه قريب من بيته

أومأت “ولاء” برأسها قائله :

– أيوة عارفه البيت اللى يقصده

قامت “ياسمين” قائله :

– طيب يلا بينا نروح من الراجل نعرف منه تاريخ الحادثة وبالمرة نعدى على البيت ده عايزة أشوفه

خرجت “ولاء” مع “ياسمين” وذهبتا الى منزل الرجل وعرفتا منه تاريخ تلك الواقعة .. صدمت “ياسمين” بعدما رأت المنزل المحترق .. تعرفته .. هو نفس البيت الذى أختطفت فيه .. يا الله .. هل لـ “عمر” علاقة بخطفها .. نفضت تلك الفكرة السخيفه من رأسها .. وأخذت تستغفر ربها حتى لا يتملك الشيطان منها ويسمم أفكارها .. التفتت الى “ولاء” قائله :

– “ولاء” أنا هستنى الأخبار على نار .. بكرة كتب كتابى يا “ولاء” لازم أعرف الحقيقة النهاردة .. أو بكرة بالكتير

طمأنتها “ولاء” قائله :

– متخفيش أنا هنزل حالاً على المنصورة وهتابعك بالتليفون

قالت “ياسمين” بأسى :

– منتظره اتصالك .

عادت “ياسمين” الى المزرعة وهى تشعر بأن الأرض تميد بها .. تهالكت فوق سريرها .. ألقت برأسها على وسادتها .. أغمضت عينيها لتسقط منهما عبره حائرة .. أخذت تدعو الله أن يكون الرجل مخطئاً .. وأنه رآى شخصاً يشبه “عمر” .. دعت الله أن يكون الأمر قد اختلط عليه .. لا يمكن أن تُصدم فى حبيبها .. ثانى رجل يدخل حياتها .. لا يمكن أن تُصدم فيه هو الآخر .. ظلت تفكر فى “عمر” .. أخلاقه .. مواقفه معها .. نعم هو شخص جرئ .. بل جرئ للغاية .. لكن هل من المعقول أن يصل به الأمر لـ … لم تستطع حتى أن تردد تلك الكلمة حتى مع نفسها .. نفضت تلك الأفكار من رأسها .. قالت لنفسها .. لن أظلمه .. سأنتظر حتى أتأكد .. انا واثقه أن الرجل مخطئ .. الوقت كان ليلاً .. لقد رآى مع المرأة رجلاً آخر غير “عمر” .. قامت وتوضأت وصلت .. وأمسكت مصحفها .. بيد مرتجفة .. وقلب قلق .. أخذت تقرأ فى كتاب الله لعلها تُهدئ من نفسها .. مدت يدها الى رقبتها وأمسكت بيدها القلب .. الذى يحمل اسم “عمر” .. ضمته بقوة بين أصابعها .. ظلت تقرأ فى المصحف بأعين دامعه .. لم تترك القلب لحظة من يدها .. رن الهاتف فردت فى وجل :

– أيوة يا “ولاء”

– أيوة يا “ياسمين”

– وصلتى لحاجه

– أيوة .. عرفت المستشفى اللى كانت فيها الطوارئ يوم الحادثة .. والحمد لله طلعت أعرف 3 دكاترة هناك .. أكيد حد فيهم هيساعدنى .. أنا كلمت واحدة منهم ولسه اتنين

قالت “ياسمين” بلهفه :

– “ولاء” لازم أعرف قبل بكرة

– متقلقيش والله .. أنا بحاول أوصل للورق ده بأقصى سرعة .. متقلقيش لما أوصل لحاجه هكلمك .. بس صعب أوى أوصل لحاجة النهاردة .. بس بكرة الصبح ان شاء الله هرجع تانى على المستشفى وهطمنك متقلقيش

************************

فى صباح اليوم التالى لم تتحمل “ياسمين” التوتر الذى كانت تشعر به .. نزلت تتمشى فى المزرعة .. أما “ريهام” فكانت فى غرفتها ترتب أغراض هذا اليوم .. عندما رن هاتفها .. رقم لا تعرفه ردت قائله :

– السلام عليكم

– وعليكم السلام

عرفت صوته على الفور .. قال “كرم” :

– ازيك يا “ريهام”

قالت بصوت خافت :

– الحمدلله .. جبت رفمى منين

ضحك قائلاً :

– ايه مش عايزانى أعرف رقم مراتى ولا ايه

قالت بخجل :

– لسه مبقتش مراتك .. أنا هقفل .. سلام

قال بلهفه :

– استنى بس .. ما خلاص كلها ساعات ونكتب كتابنا

ابتسمت بخبث قائله :

– لما نبقى نكتبه .. انا هقفل

– طيب يارب صبرنى .. طيب مش هتقوليلى أى كلمة حلوة تصبرنى الكام ساعة دول

ابتسمت قائله :

– أنا هقفل يا “كرم”

– ماشى بس عايز أعرفك انى كلمت باباكى واتفقت معاه اننا بعد ما نكتب الكتاب هنعد نحتفل معاهم شوية وبعدها نخرج نحتفل لوحدنا عشان أعرف استفرد بيكي .. قصدى عشان أعرف اتكلم معاكى .. أتكلم بس .. اوعى تفهميني صح

كتمت “ريهام” ضحكتها بيدها قائله :

– مع السلامه يا “كرم”

**************************

أخذت “ياسمين” تتمشى فى المزرعة .. رن هاتفها أخرجته فى لهفه .. لكنها تضايقت عندما وجدت “ريهام” المتصله :

– السلام عليكم أيوة يا “ريهام”

– وعليكم السلام .. انتى فين يا عروسة ؟

قالت “ياسمين” بتوتر :

– مفيش بتمشى شوية

قالت “ريهام” بحده :

– ده وقت تمشيه .. خلاص الكوافيرة جايه فى الطريق ولازم عند ماما “كريمه” انتى عارفه ان الكوافيرة هتجيلنا عندها

قالت “ياسمين” بنفاذ صبر :

– روحى انتى وأنا هحصلك يا “ريهام”

قالت “ريهام” بقلق :

– فى حاجه يا “ياسمين” ؟ شوفتك مش عاجبنى

– لأ مفيش حاجه .. روحى انتى وأنا هحصلك .. يلا سلام

أغلقت قبل أن تتحدث “ريهام” مرة أخرى .. لحظات ووجدت “ولاء” تتصل بها ..ردت بلهفه :

– أيوة يا “ولاء” .. بتصل بيكي موبايلك مقفول

– لا دى شبكة يا “ياسمين” .. أنا على الطريق راجعه على المزرعة

– عملتى ايه فى المستشفى .. وصلتى لحاجه ؟

– استنيني فى المكتب هجيلك على هناك

– طيب طمنينى يا “ولاء”

– عشر دقايق وهكون عندك يا “ياسمين” استنيني فى المكتب

أسرعت “ياسمين” بالذهاب الى مكتب .. جلست على الأريكة فى توتر .. أخرجت السلسة .. نظرت اسم اسم “عمر” المنقوش على القلب .. وحضنته بين أصابعها .. أغمضت عينيها وظلت تدعو ربها .. وتستغفر .. فتحت “ولاء” الباب وأغلقته خلفها .. هبت “ياسمين” واقفه وقالت بلهفه :

– خير طمنيني وصلتى لحاجه

رأت نظرت الأسى فى أعين “ولاء” .. فقالت بحده :

– “ولاء” ردى عليا

تنهدت “ولاء” وأخرجت من حقيبتها ورقتين أعطتهما الى “ياسمين” قائله :

– دى بيانات الحالات اللى استقبلتها المستشفى اللى كان فيها قسم الطوارئ شغال فى اليوم ده

أخذت “ياسمين” الورق بيد مرتجفة .. نظرت الى “ولاء” بأعين دامعه وقالت بصوت مرتجف :

– موجود فيها اسمه ؟ … موجود اسم “عمر” ؟

نظرت اليها “ولاء” دون أن تجيب .. فتحت “ياسمين” الورق وقرأت بيانات الحالتين الوحيديتين فى هذا اليوم .. “صفية الدمرداش” .. و … “عمر الألفى” .. سقطت منهارة على الأريكة تنظر الى الورقة غير مصدقة فقالت “ولاء” شارحه :

– تقرير الحالتين هتلاقيهم مكتوب عندك .. جم المستشفى مصابين بحروق .. الست كان فى حروق متفرقه فى ايديها ورجليها وباقى جسمها حروق من الدرجة التانية .. وأعدت اسبوع فى المستشفى وبعدها كتبولها على خروج ..

ثم قالت بتردد :

– الحالة التانية حالة “عمر” وجه معاها فى نفس الحادثة وفى نفس التوقيت واصابته كانت حرق فى ايده اليمين ومشى فى نفس اليوم

تساقطت العبرات من أعين “ياسمين” وهى مازالت ممسكة بالورق فى يدها تنظر اليها بأعين دامعه .. صمتت .. طال صمتها .. ثم قالت :

– يعني “عمر” فعلا اللي كان مع الست دى فى البيت .. والراجل مغلطش .. هو فعلاً اللى كان معاها

ثم نظرت الى “ولاء” قائله :

– يعني “عمر” .. و الست دى .. كانوا …..

لم تستطع اكمال جملتها وانفجرت باكية .. جلست “ولاء” بجوارها وأخذتها فى حضنها وتنهدت قائله :

– حبيبتى احمدى ربنا انك اكتشفتى الموضوع ده قبل كتب الكتاب .. أنا عارفه انه صعب عليكي .. معلش ربنا يصبرك ويبرد نارك

هبت “ياسمين” واقفة وقالت من بين شهقاتها :

– لو سمحتى يا “ولاء” مش عايزة حد يعرف حاجه عن الموضوع ده

وقت “ولاء” قائله :

– أكيد .. متخافيش

خرجت “ياسمين” .. لا تدرى أين تذهب .. كانت تشعر بالإختناق .. وكأن شيئاً يجثم فوق صدرها .. ذهبت الى حيث شجرتها .. جلست على الجذع .. انفجرت فى بكاء مرير لم تستطع السيطرة عليه .. شعرت بأن قلبها هو الذى يبكى .. هو الذى ينزف .. تساقطت عبراتها لتختلط بتراب المزرعة .. تذكرت أول مرة جلست فيها على هذا الجذع .. كانت تشعر الفرحة .. والراحة .. والسكينة .. في هذا المكان .. لكن الآن .. ضاقت الأرض بها .. لم تعد تحتمل البقاء هنا .. لم تعد تشعر بالراحة .. أو السكينة .. بل تشعر بالخيانة .. والغدر .. والألم .. تشعر بأن قلبها قد تمزق أشلاءاً من شدة الألم .. تشعر بأن عقلها قد شُل من كثرة الصدمات التى تعرضت لها .. لماذا يحدث لها ذلك .. لماذا لا تتم لها فرحة .. وكأن الحياة تستكثر عليها فرحتها .. بكت ألمها .. بكت حبها .. الذى فقدته قبل أن تحصل عليه .. تعبت عينيها من كثرة البكاء .. تعب قلبها من كثرة الألم .. ناجت ربها .. الى متى يا رب .. الى متى .. لم أعد أستطيع التحمل .. تعبت .. متى سأرتاح .. صبرت الى أن تعب الصبر من صبري .. لا أعترض على قضاءك .. لكنى تعبت .. أشعر بأن نفسي ممزقه لأشلاء .. أشعر بطعنات الألم منغرسه فى كل جوارحى .. لن أتحمل العيش معه .. لن أقبل العيش مع رجل زانى .. هو كمصطفى .. لا فرق بينهما .. كلاهما زانى .. كلاهما ارتكب أكبر الفواحش .. كلاهما ينتهك حرماتك .. كلاهما لا يبالى بغضبك .. كلاهما يعصيك .. ويتباهى بعصيانك .. لن أعيش معه .. حبه فى قلبي انقلب الى كره واحتقار .. لن أقبل العيش مع زانى .. حتى لو كنت أحبـــه .. لأن من خانك يومـاً .. سيخوننى ألـف يــوم .. شعرت بالقشعريرة تسرى فى جسدها عندما تذكرت أنها كانت ستصبح زوجته اليوم .. حمدت الله أن أنجاها منه

رن هاتفها .. كانت “سماح” وصلت الى بيت المزرعة ولم تجدها .. وصفت لها “ياسمين” مكانها عند الشجرة .. أتت “سماح” لتجد صديقتها فى أسوأ حال .. قالت بهلع :

– “ياسمين” .. مالك .. بتعيطى ليه

بدأت “ياسمين” فى البكاء مرة أخرى وألقت نفسها فى حضن صديقتها التى ربتت على ظهرها قائله :

– حبيبتى قوليلى مالك .. ايه اللى حصل .. “مصطفى” كلمك ؟

رفعت “ياسمين” رأسها ونظرت الى “سماح” قائله :

– لأ

قالت “سماح” بلهفه :

– أمال ايه اللى حصل بتعيطي ليه

قالت “ياسمين” من بين شهقاتها :

– “عمر” زنى بواحدة متجوزة

هتفت “سماح” فى عدم تصديق :

– ايه .. بتقولى ايه ؟

قالت “ياسمين” بصوت مرتجف :

– أنا متأكده .. اتأكدت بنفسي .. اتكلمت مع الشاهد الى شافه واتعرف عليه واللى عمر دفعله رشوة عشان ميتكلمش .. وشوفت الدليل بعيني .. مش دليل واحد دول اتنين .. “عمر” زنى بواحدة متجوزة

قصت عليها “ياسمين” كل ما حدث بالتفصيل .. ساد الصمت طويلاً .. ثم قالت “سماح” :

– أنا مكنتش أتوقع كده منه أبداً .. أيوة عارفه ان فى حياته تجاوزات كتير .. وكان فيه حاجات غلط كتير جداً بينه وبين خطيبته .. بس متصورتش انه ممكن يعمل حاجه زى كده

قالت “ياسمين” بمرارة :

– قولتلك قبل كده .. اللى يعمل الغلطة الصغيرة بدون ذرة ندم .. يعمل الغلطة الكبيرة

نظرت اليها “سماح” بأسى قائله :

– هتعملى ايه دلوقتى ؟

قالت “ياسمين” بإحتقار وهى تمسح دموعها بأصابعها :

– هرجعله شبكته .. أنا مش ممكن أتجوز راجل زانى

دمعت عيناها مرة أخرى وهى تقول بألم :

– ده أسوأ من “مصطفى” يا “سماح” .. الست كانت متجوزة .. وهو عارف انها متجوزة

جهشت فى البكاء مرة أخرى .. حاولت “سماح” تهدئتها .. مضى الوقت .. حتى هدأت واستعادت رباطة جأشها .. ثم همت بالانصراف .. قالت لها “سماح” :

– على فين ؟

ردت “ياسمين” بحزم :

– راحة أخلص منه وأمسحه تماماً من حياتى

مشت بسرعة فى طريقها الى بيت المزرعة .. اتصلت بـ “عمر” الذى رد عليها قائلاً بصوت حانى :

– حبيبتى .. كأنك حسه بيا .. كان نفسي أسمع صوتك

قالت بحزم :

– انت فين ؟

ضحك “عمر” قائلاً :

– ايه هنبتدى من أولها .. مش بدرى شويه على السؤال ده .. عامة أنا فى مكتبى اللى فى البيت .. حبيبتى فين بأه ؟

ردت بحدة :

– أنا جيالك

ثم أغلقت .. شعر “عمر” بالقلق .. نهض من مكانه ليستقبلها على الباب .. نظر الى وجهها و عيونها الباكية .. ثم قال بلهفه :

– حبيبتى انتى كنتى بتعيطى

وقفت “ياسمين” تنظر الى عينيه وهى تقول فى نفسها .. ازاى قدرت تخدعنى .. ازاى مكنتش شايفه السواد اللى جواك .. بالظبط زى ما “مصطفى” خدعنى .. ومكنتش قادرة أشوف السواد اللى جواه .. بكرهكوا انتوا الاتنين .. انتوا الاتنين زى بعض .. كرر “عمر” سؤاله بإهتمام :

– حبيبتى .. مالك .. ايه اللى مضايقك

نظرت اليه بحده قائله بصوت هادر :

– أنا آسفة غيرت رأيى .. مش هقدر أتجوزك

نظر اليها بدهشة قائلاًً:

– بتقولى ايه ؟

“ياسمين” بقسوة :

– مش عايزاك

صمت “عمر” وهو يحاول استيعاب ما تقول .. ثم قال :

– بتقولى ايه ؟

“ياسمين” بنفس القسوة :

– بقولك مش عايزاك .. مش عايزاك

“عمر” بحده :

– ليه هو كان لعب عيال .. كتب كتابنا النهاردة

قالت “ياسمين” ببرود :

– مفيش كتب كتاب .. ومفيش جواز

شعر “عمر” بالغضب يزداد بداخله .. فما كان منه إلا أن مسك كلتا ذراعيها وقربها منه بشدة ونظر اليها قائلاً بغضب :

– انتى بتلعبى بيا يا “ياسمين” .. يعني ايه مش عايزاك ؟

حاولت أن تفلت نفسها منه لكنه كان يطبق على ذراعيها بشدة .. حاولت أن تبتعد عنه فلم تستطع .. هتف بحده :

– انطقى يعني ايه اللى انتى بتقوليه ده

قربها منه للغاية .. فتلامس جسدهما .. شهقت “ياسمين” بالبكاء والعبرات الساخنه تتساقط من عينيها ونظرت له قائله :

– عشان أنا وانت مننفعش لبعض .. انت واحد كل حياتك حرام .. كل تصرفاتك حرام .. قربك منى بالشكل ده حرام .. مسكك ليا بالطريقة دى حرام .. لمسك ليا كده حرام .. بس انت واحد ما بيفرقش معاك الحرام

ثم أغمضت عينيها وأخفضت رأسها فى ألم وهى مازالت تبكى .. نظر “عمر” اليها .. يحاول فهم ما تقول .. يحاول استيعاب ما يحدث .. أبعدها عنه قليلاً .. وترك ذراعيها .. فابتعدت عنه ورجعت للخلف بسرعة .. أخذت تمسح بكفيها على ذراعيها وكأنها لا تطيق لمسته .. شعرت اتجاهه بالاحتقار .. شعرت بالقشعريرة من مجرد لمسه اياه .. ولقربها منه.. لكم تتمنى أن تبتعد عنه .. أكبر مسافة ممكنه .. لا تريد أن تراه .. أو تقترب منه بعد اليوم .. تريد أن بتتعد عنه بأقصى سرعة .. بقدر ما أحبته .. بقدر ما سقط من نظرها الآن .. هم “عمر” بالتحدث معها مرة أخرى .. وفجأة قاطعه دخول والده قائلاً :

– الحق يا “عمر” .. عم “عبد الحميد” وقع فجأة وحاولت أفوقه مش راضى يفوق ..

صرخت “ياسمين” :

– بابا

هرع “عمر” ووالده و “ياسمين” الى الخارج حيث “عبد الحميد” ملفى على الأرض .. أخذت “ياسمين” تحاول تحسس نبضه وهى تبكى :

– بابا .. بابا مالك .. بابا رد عليا

حمل “عمر” ووالده .. “عبد الحميد” الى السيارة وركبت معهم “ياسمين” وانطلقوا الى المستشفى .. كانت “ياسمين” منهارة على الكرسى بجوار الغرفة والأطباء يفحصونه فى الداخل .. وقف “عمر” أمامها بأسى :

لا يدرى ماذا حدث لها وكيف انقلبت عليه فى لحظات .. كان يريد أن يأخذها فى حضنه ويخفف عنها ولكنه يعلم بأنها بالتأكيد سترفض ذلك .. خرج الطبيب .. وأنبأهم بأن حالته الصحيه حرجه .. بسبب ارتفاع ضغط الدم لديه .. بالإضافه الى مشاكل فى عضلة القلب .. انهارت “ياسمين” مرة أخرى باكيه وظلت تردد ” اللهم اجرنى فى مصيبتى واخلف لى خيراً منها ” .. منع الطبيب الزيارة الى أن تستقر حالته الصحية .. بعد قرابة الساعة أتت “ريهام” الى المستشفى بصحبة “كرم” و “أيمن” و “سماح” و “كريمه” .. تعانقت الأختان واختلطت دموعهما .. انتظروا حتى المساء ومازال الطبيب يمنع الزيارة .. عاد الجميع الى منازلهم فيما عدا “ياسمين” و “ريهام” .. وبالطبع “عمر” و “كرم” ..

كانت الفتاتان فى حالة انهيار تام .. حاولت “ياسمين” التماسك من أجل أختها .. لكن خوفها على أبيها ملأ قلبها .. ظل “عمر” يراقبها والألم يعتصر قلبه .. اقتبر منها وجلس بجوارها قائلاً بحنان :

– “ياسمين” هدى نفسك شوية .. ان شاء الله هيبقى كويس

نظرت اليه “ياسمين” بنظرة حادة .. ثم قامت ووقفت بجوار باب غرفة والدها وأسندت رأسها عليه وأغمضت عينيها لتسقط منها عبرة حزينه مكلومه

فى اليوم التالى .. سمح الطبيب بزيارة خفيفة نظراً لخطورة حالته الصحية وعدم استقرارها .. دخلت الفتاتان .. حاولت “ياسمين” تمالك نفسها قدر الإمكان حتى تبث الطمأنينه فى نفس والدها وقفت بجوار سريره مبتسمه بصعوبه ومسحت على رأسه قائلاً :

– بابا حبيبى عامل ايه دلوقتى

قال بصوت أجش :

– الحمد لله .. نعمه وفضل من ربنا

سقطت عبره من عين “ريهام” فنظرت اليها “ياسمين” نظره محذره .. قالت “ريهام” وهى تقف على الجانب الآخر من الفراش :

– حمدالله على سلامتك يا بابا

قالت “ياسمين” وهى تحاول رسم ابتسامه على شفتيها :

– الدكتور طمنا عليك وقالى يومين وهتبقى كويس أوى وهتخرج من هنا على طول

أغمض “عبد الحميد” عينيه للحظة ثم قال بصوت خافت :

– انا حاسس ان خلاص نهايتي قربت

بكت “ياسمين” قائله :

– بابا متقولش كده .. ان شاء الله هتبقى كويس .. أنا و “ريهام” محتاجينك .. بابا أنا محتجاك أوى

نظر اليها قائلاً :

– أنا عايز أطمن عليكوا يا بنتى قبل ما أموت .. ياريت كان حصلى اللى حصل ده بعد كتب كتابك انتى وأختك .. لكن ربنا أكيد له حكمة ان ده يحصل قبل كتب الكتاب .. الحمد لله على كل حال .. انت يارب عارف اللى فيه الصالح

نظرت اليه “ريهام” بأعين دامعة وقالت :

– ان شاء الله يا بابا هتقوملنا بالسلامة .. هو بس شوية تعب وهتبقى كويس

أمسك “عبد الحميد” كف “ياسمين” بيد .. و كف “ريهام” فى يده الأخرى وقال :

– لو فعلاً عايزين تريحوا قلب أبوكوا .. نادولى “عمر” و “كرم” ووافقوا على اللى أنا هقوله ليهم ..

نظرت “ياسمين” و “ريهام” الى بعضهما البعض .. قالت “ياسمين” :

– نوافق على ايه يا بابا؟

قال عبدالحميد وهو مازال ممسكاً بكفهما ويجاهد ليخرج صوته المتعب :

– بتحبونى وعايزين تريحوا قلبي ولا لأ

-أكيد يا بابا

– طبعاً يا بابا

نظر الى “ريهام” قائلاً :

– روحى نادى لـ “عمر” و “كرم”

ذهبت “ريهام” وفعلت كما طلب والدها .. ثم عادت الى مكانها ممسكه كف والدها .. وقف “عمر” و “كرم” بجوار “ياسمين” .. نظرت “ياسمين” لتجد “عمر” بجانبها .. شعرت بالقشعريرة تسرى مرة أخرى فى جسدها .. يالله .. لكم تكره قربه منها .. انزوت بجسدها مبتعدة عنه .. وكأنه مرض خبيث تخشى أن يصيبها بلمسه منه .. نظر “عبد الحميد” الى الرجلين قائلاً :

– أنا خلاص .. حاسس ان دى نهايتي .. وكل أملى فى الدنيا دى انى أطمن على بناتى قبل ما أموت .. وأسيب كل واحدة فيهم فى عصمة راجل يحميها ويكون جمبها طول العمر

بكت الفتاتان فى صمت .. قال “كرم” :

– ربنا يديك الصحة يا عم “عبد الحميد” وتعيش وتجوز بناتك

نظر الى “كرم” قائلاً :

– انت شارى بنتى “ريهام” يا بشمهندس “كرم”

نظر “كرم” الى “ريهام” ثم قال فى دهشة :

– طبعاً يا عم “عبد الحميد” انت عندك شك فى كدة

ثم نظر “عبد الحميد اللى “عمر” قائلاً:

– وانت يا بشمهندس “عمر” شارى بنتى “ياسمين” ؟

التفت “عمر” الى “ياسمين” الواقفة بجواره .. صمت .. طال صمته .. ثم قال بصوت خافت :

– أيوة شاريها

قال “عبد الحميد” وهو ينظر الى الأعين المتعلقة به :

– يبقى تجيبوا المأذون وتكتبوا الكتاب دلوقتى حالاً

نظرت اليه “ياسمين” بدهشة قائله :

– بابا حضرتك بتقول ايه

صاحت “ريهام” :

– بابا ازاى يعني .. وحضرتك تعبان كده

سعل “عبد الحميد” بشدة .. أتت الممرضة وطلبت من الجميع الخروج .. شد “عبد الحميد” كفيه على كفى بداته قائلاً بصوت خرج بصعوبة :

– محدش هيخرج من هنا .. وانتوا لو بتحبونى وعايزين تريحوا قلبي هتنفذوا اللى أنا طلبته

التفت الى “عمر” و”كرم” قائلاً :

– قولتوا ايه .. شاريين بناتى ولا لأ

قال “كرم” :

– أكيد طبعاً ومعنديش مانع أبداً انى أكتب الكتاب هنا لو ده هيريحك يا عم “عبد الحميد”

نظر “عبد الحميد” الى “عمر” منتظراً رأيه .. قال “عمر” بثقه :

– وأنا كمان شاريها وشاريها أوى .. ومعنديش مانع انى أكتب عليها هنا .. دلوقتى

وقفت “ياسمين” تتابع ما يحدث وكأنها تمثال .. بدون أن تُظهر أى تعبيرات على وجهها .. بدون أى رد فعل .. ذهبت “ريهام” بصحبة “كرم” و “عمر” لاحضار الأوراق المطلوبة والتى كان قد تم تحضيرها بالفعل .. وقفت “ياسمين” بجوار والدها .. كالتمثال .. عينيها تسبح فى فضاء الغرفة .. شعرت بأنه تفكيرها قد شُل .. ومشاعرها قد تجمدت .. لم تشعر الا بشئ واحد .. كف والدها التى تمسك بيدها فى اصرار .. دخل الطبيب لفحص “عبد الحميد” مرة أخرى .. ثم نظر الى “ياسمين” بشئ من الأسف وخرج من الغرفة .. بعد ساعة حضر الجميع .. تابعت “ياسمين” ما يحدث بأعين لا ترى .. وبأذن لا تسمع .. تشعر بأنها ترى مشهداً مكرراً .. شعرت بأنها عاشت هذا المشهد من قبل .. لكن أين .. ومتى .. وكيف .. أفاقت على كلمة واحدة نطق بها “عمر” :

– قبلتً زواجهــا

عندها تذكرت أين ومتى عاشت هذا المشهد .. انه هو نفس المشهد .. ونفس الإحساس .. ونفس نبضة قلبها الحزينه .. للمــرة الثانيــة .. تتــزوج برجــل لا تريــــده .

بعد ساعتين خرج الطبيب من الغرفة ونظر للجميع بأسف قائلاً : البقـــاء لله.

عرض التعليقات (7)