قصة نـبـي الـلـه ”أيوب” عـلـيـه الـسـلام سلسلة قصص الأنبياء “قصص مختصرة “
قصة نـبـي الـلـه ”أيوب” عـلـيـه الـسـلام سلسلة قصص الأنبياء “قصص مختصرة “
يعدّ الابتلاء من طبيعة الحياة الدنيا، لذلك فإنّ الرسل من أشد الناس بلاءً بسبب ما يدعون إليه من شرائع محارَبة من كلّ اتجاه وطريق، حيث قال الله عزّ وجلّ: (وَكَذلِكَ جَعَلنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطينَ الإِنسِ وَالجِنِّ)،[٣] ومن الأنبياء الذي أصابهم البلاء: إبراهيم عليه السلام الذي ابتُلي بالمشقة والجبروت من قومه، وردّوا دعوته، وأرادوا التخلص منه برميه في النار، إلا أن الله تعالى حفظه وحماه من كيدهم جزاءَ صبره عليهم، وتحمّله أذاهم، وثباته على الدعوة التي أُرسل بها، كما أنّ الله تعالى ابتلاه بذبح ابنه إسماعيل عليه السلام، فصدق مع الله تعالى، وهمّ بفعل ما أمره به، وأعانه على ذلك ابنه أيضاً، وبذلك نال إبراهيم أعلى الدرجات والمنازل، وشرُف ذكره في القرآن الكريم.
مرض النبي أيوب قال الله تعالى عن نبيه أيوب عليه السلام: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ*فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ)،[٤] فأيوب عليه السلام كما قال المفسّرون كان رجلاً صاحب مال كثير بمختلف أنواعه؛ سواءً كان من الأراضي الواسعة أو الأنعام والمواشي بأنواعها، وذلك بأرض البثنية بأرض حوران الموجودة في الشام، إلا أنّ الله تعالى ابتلاه بفقد كل ذلك الرزق، وابتلاه أيضاً بمختلف أنواع الأمراض في جسده، إلا قلبه ولسانه لم يصبهما أي شيء، فكان مداوماً على ذكر الله تعالى ليلاً ونهاراً، وكان مرضه سبباً في بُعد الناس عنه، واجتنابهم مجالسته، إلا زوجته التي بقيت قائمةً على أموره وشؤونه، فحفظت حقه وإحسانه الذي كان منه لها، فكانت تعمل لدى الناس مقابل الأجر منهم، ثمّ تذهب إلى زوجها أيوب بالطعام، فقد كانت صابرةً على فقد الأموال والأولاد.
تعرّضت امرأة أيوب لصدّ بعض الناس عن خدمتها لهم لعلمهم بأنّها زوجة أيوب عليه السلام، وذلك خوفاً من انتقال مرضه إليهم، فاضطرت لبيع إحدى ضفائر شعرها إلى بنات الأشراف مقابل الكثير من الطعام، وبعد ذلك باعت الضفيرة الثانية أيضاً بذات المقابل، فأصاب أيوب عليه السلام العجب من كثر الطعام، فكشفت له عن رأسها، فقال: (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ)،[٦] فاستجاب له الله تعالى، فقال: (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَـذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ)،[٧] وامتثل أيوب لأمر ربه، فانفجرت له عين من الماء باردة، فأمره الله أن يغتسل ويشرب منها، فشفاه الله من كل ما أصابه من الأمراض والأسقام الظاهرة والباطنة، وأبدله عنها بالصحة والعافية والأموال والأرزاق.
روى البخاري في صحيحه حديثاً يبيّن حال أيوب عليه السلام ممّا رواه الصحابي أبو هريرة رضي الله عنه، حيث قال: (بينما أيوبُ يغتسلُ عُريانًا ، خرَّ عليه رِجلُ جرادٍ من ذهبٍ ، فجعل يُحثِي في ثوبِه ، فنادى ربُّه : يا أيوبُ ، ألم أكن أَغنَيتُك عما ترى ؟ قال : بلى يا ربِّ ، ولكن لا غِنى بي عن بركتِك)،[٨] كما عوّضه الله تعالى عن أهله ايضاً، حيث قال: (وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ).
الـعـبـر والـعـظـات مـن قـصـة أيـوب :
صبَرَ أيوب عليه السلام على ما أصابه من الابتلاءات والمحن بمختلف أنواعها، وكان مثالاً يُحتذى به في الصبر والتحمّل، واحتوت قصّته على العديد من العبر والعظات التي تخفّف عن العبد المسلم ما قد يصيبه من أنواع الابتلاءات، وفيما يأتي بيان بعض العبر المتضمنة لها قصة أيوب عليه السلام :
• اللجوء إلى الله تعالى دائماً بمختلف الظروف والأحوال.
• الصبر على ما قد يصيب العبد في الحياة الدنيا من الامتحانات والهموم والفتن والمحن.
• إنّ صبر المؤمن واحتسابه للمصائب والهموم لوجه الله تعالى يعدّ سبباً في إبداله ذلك خيراً وتعويضه عما قد أصابه.
منقول