جمال الحياه في بساطتها
جمال الحياه في بساطتها
#راقت _لي ….. بالأمس اتصلت علي جارتي قبل الظهيرة و دعتني لتناول الشاي ،، أغلقت الخط وذهبت كما أنا لأني أعرف بساطة الجلسة ،، حين وصلت لبيتها وجدتها قد جمعت بعض الجارات في بيتها على طاولة المطبخ وهي تقلي بعض المقرمشات وتجهز الشاي ،، وقد فتحت باب المطبخ على الحديقة ،، حديث لطيف جميل وذكر لله ، ونقاش في أمور تربية الطفل المسلم في الغربة ووسائل الثبات والاستعداد لرمضان بالعمل الصالح ، شعرت بسكينة الرحمة تتغشى الحاضرات ،، كل من تنتهي من تناول شايها وحلوته تقوم ببساطة وتغسل صحنها وكوبها ،، من معها طفل رضيع تعطيه جارتها لتحمله حتى تتناول طعامها ، كنت أنظر للحديقة الصغيرة ونسمات الهواء تدخل منها للمطبخ ،، والحديث عن الثبات وأجره فأستشعر معنى روضة الجنة ، وحين حان وقت خروج الاطفال من المدارس استأذنتنا صاحبة البيت ببساطة لإحضار اطفالها من المدرسة وذهبت معها مشيا على الأقدام ، كل شيء بسيط ومريح جداً.. بلا تكلف ، بلا صوان فضية فاخره ، بلا حلويات فاخره من فلان او علان ، بلا دولاب للعباءات الزركشي ، ولا طقطقات الكعوب ،، جلسة أجمل وأكثر راحة وبساطة وجمالا من أفخم استقبالاتنا الرسمية التي أتعبتنا كثيرا نحن النساء حتى صار بين الأهل والأصدقاء حواجز . البيوت كبيره وجميله لكن اجتماعات الاهل متباعدة لأشهر .. وتكون بشاليه أو قاعة أفراح ، ومظاهر وحفلات الأصدقاء على أتفه سبب ! والقلوب ضاقت ،، لابد ان نأخذ موعدا لكي يستعدون له . البيوت واسعة لكن القلوب ضاقت . فعلاً أصبحنا “نحتفل” بالضيف لنبرز أنفسنا “نحن”.. ليحكوا أن فلانا أو فلانة لديهم كذا وكذا.. قدموا كذا وكذا من الأشياء والغذاء ومن الحلويات الغريبة والمستوردة والشرقية الفاخرة ، أثاثهم كذا.. البوفيه كذا… وليس لنجتمع.. لنضحك.. لنتبادل ببساطة الكلام والمحبة دون أن تشغلنا القشور.. كل شيء لدينا يدور حول إبراز النفس والتفوق على الآخرين في الماديات.. للأسف من يدخل هذا السباق لا يخرج منه بسهولة.. سيحاول أن ينتصر.. وسيتحطم كثيراً ويتعذب لأجل ذلك.. من تدخل هذا السباق لن تريد أن يرى أحد بيتها فجأة وألعاب ابنها على الأرض أو قطعة ملابس مع رضاعة على الكنبة أو أن ندخل المطبخ ونراها تغسل الصحون أو تقطع الخضار.. لا لا.. هي تريد صورة الكمال المطلق.. صورة الفضيات والكريستالات وأغرب الصحون والحلويات وأفخم الأثاث.. وهذا للأسف خنقنا كثيراً.. أتعبنا.. جارتي هذه احيانا تطرق علي الباب _ً (في فترات متباعدة جداً) _ ومعها علبة عصير وطبق من الكعك أو السمبوسة تدخل لربع ساعة تسأل عن أخباري ونتحدث قليلاً ونضحك ونستمتع ثم تستأذن ،، في البداية كنت أحرج كثيراً لأن البيت قد يكون وقتها غير مرتب ، ولأني لم أستعد ، لكن بعد فترة اعتدت ذلك وأحببته جداً.. عرفت أنها لا تهتم أبداً بما تراه لا للبيت ولا للاثاث ولا للصحون.. هي فقط تهتم بأن تعرف أخباري وتطمئن علي جزاها الله خيراً ، عرفت معنى أن يستمتع الانسان بالعلاقات الاجتماعية لذاتها.. وليس لابراز نفسه في سباق محموم نحو الكمال الكاذب. قال عليه الصلاة والسلام : (فَوَاللَّهِ مَا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ ، وَلَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تُبْسَطَ الدُّنْيَا عَلَيْكُمْ كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا فَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ ” (أعجبتني فنقلتها لكم)