قصة منار

65 6٬876
 

قصة منار

قصة منار

قصة منار

قصة منار, معكم صديقة زاكي الشيف الموهوبة ,

قصة منار…. السُودة … هذه هي الكلمة التي كانوا يطلقونها عليّ في المدرسة الإبتدائية كنت في الصف الأول لا أنتبه ثم أصبحت أتضايق … اسمي منار ، عمري الآن 25 ﻋﺎمًا ، أبي كان دومًا مسافر و أمي كانت من ترعاني أنا و إخواتي .. المشكلة كانت تكمن في أنَّ ( نسمة و نور ) كانو بيض مثل أمي .. و أنا فقط سمراء مثل أبي ! أمي نفسها كنت أشعر أنها غير سعيدة بشكلي ! لطالما سمعت تعليقات جارحة ( أنتِ ليه مش حلوة زي أخواتك ؟ ) كنت أبكي …. سرًا … شعري منكوش … أسأل نفسي : ( ليه أنا بالذات الوِحشة البشعة ؟! ) الغريب أنني كلما سألت نفسي كلما ازددت وحاشة و قبحًا ! ليس لي أصحاب من كثرة ما أنجرحت ….. أصبحت أحب مضايقة البنات و أخذ أشيائهنَّ .. و أقرصهنّ !!! كل فترة إدارة مدرستي تستدعي أمي ( منار بنتك غير مؤدبة ) أمي لم تعرف إلا الضرب ، مرة و هي تضربني قالت : ( هو أنتِ مفيش حاجة فيكِ عِدله خالص ؟ طالعه لَهُ ؟ ) هي تقصد أني مثل أبي !!! أرضاني أن أصبح المشاغبة اﻷولى في المدرسة ، أحسست بأن لي بعض الأهمية و الشهرة و إن كانت بالخطأ … لا أحد يحبني .. الإخصائية الجديدة أستاذة ( مني ) تحاول أن تتحدث معي …. كل أخصائية تحاول علاجي يستفزني هذا أكثر و أكثر ، أنا مش مريضة و لا مجنونة ، لا أحب الكلام معهم ….. لماذا أنا موجودة ؟ أنا وِحشة مُش حِلوة و عمري ما هتجوز كما يقولون ، أكره أخوتي لأنهم حلوين …. ( منار ) هكذا ناداني كابتن جمعة مدرب السلة العجوز …. أعرفه شكلًا ….. ( نعم يا كابتن ” ببرود ” ) رديت برخامة كالعادة …. – كان سني 10 سنوات – قال لي : مالِك ؟ مالي ؟! عُـمر ما حد سالني مَالِي ؟ أنا مهملة دومًا …. رديت : ( مفيش ) قال ؛ ( طيب ليه عامله كدا ؟ ) قلت برخامة : ( أنا شكلي كدا ) قال مبتسمًا بلا غضب : ( إنتِ زعلانة أوي ليه ؟؟؟ ) نظرت إليه.. أخيرًا حد عرف إني زعلانة ؟! قلت له : ( و ليه ما أزعلش محدش بيحبني ) قال بطيبة و هو يقدم لي بسكوتة : ( شعور صعب يا منار إنك تحسيه ) بكيت بحرقة … قال بتعاطف : ( أد كده متضايقة يا بنتي و شايله جواكي ؟! ) أسرعت بالإبتعاد .. و سقط مني البسكويت … في اليوم التالي للتمرين لم أذهب .. و أمي لم تهتم كالعادة … لكن بعد ذلك ذهبت .. سألت كابتن جمعة : ( ليه كل الناس بيكرهوا سماري ؟ أنا إيه ذنبي ؟!!! ) لم أرى كصفاء وجهه و هو يقول : { وَ جَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ } قال لي ( الناس امتحان لبعض ) كل واحد بيضايق التاني في حاجة ، عندي إصابة في ذراعي من سنين بسببها تركت لعب السلة ، الناس برضه بيعلقوا عليها ) قلت : ( ليه أنا سودة و أخواتي بيض ؟) قال : ( ده اختلاف بين الناس ربنا قسمه ، بس إنتِ لو رضيتي هتكوني رائعة جدًا ) ( أرضى إزاي و الناس بتتريق عليا و بتسخر مني ) قال : ( الناس بتتريق على حاجات كتير .. بس مادام أنا عارف إني مش غلطان أجمد و أقْوَى و لا يهمني حد ) قلت له : ( أنا بالعكس بقيت بكره كل حاجة يا كابتن ) قال : ( و ليه متحبيش الحاجات ؟ ) أنتِ كده كده عايشة ، عيشي صح .. حتى مع التريقة و السخرية و الإستهزاء …. التريقة غلطتهم هُمَّا مش غلطتك إنتِ … خليهم يقولوا ياريتنا زي ( منار ) بكيت بقلب مكلوم و ابتعدت … ( ياريتنا زي منار ) ممكن حد يقول كده ؟ أنا فاشلة دراسيًا .. مكروهة في البيت و المدرسة !!! لكن و أنا ماشية شفت ( مقلب قمامة ) العمال بينظفوه .. بعد كم يوم صار جنينة و حديقة مشهورة !!!! ممكن نتغير ؟!! بس بشرتي مش هتتغير ، البشرة مش كل شيء ، البشرة شيء من الأشياء بس … بدأت ….. أذاكر ….. أصلي … أدعي ربنا بإلحاح … بطلت رخامة ، و التزمت الصمت أكثر من الكلام ، لكن البنات مبطلوش تريقة ( يا عيني على الإجتهاد !!! ) لم أهتم ؛ ففي ذهني كلمة عم جمعة : ( بكره تقولوا ياريتنا زي منار ) . ماما ملاحظة و لا تُعلِّـق … طلعت التالتة … المدرسة كرمتني …. بعد شهر قالت ماما لنور : شايفة منار ملتزمة إزاي في الصلاة و وشها منوَّر ؟ ذهبت لعم جمعة …. كان شكلي فرحان ، قال : كملي ، أصبحت دايمًا من الأوائل ، و من المصلين و الحمد لله … مرَّة قبَّلت يد ماما … تحجبت في الإعدادي … تعليقات الناس زي ما هي على سماري بس خلاص جِمدت و بقيت قوية … عم جمعة يشاور لي مشجعًا … كررت تقبيل يد ماما … أشعر أنها راضية رغم سوء علاقتي بها سابقًا . حاسة إني أحلويت !!! أعطف على الأطفال .. عم جمعة مريض جدًا … ذهبت مع ماما لزيارته … دعا لي .. و دعيت له .. عم جمعة أتحسن و خرج بس بطل يروح النادي … أنا و أمي حريصين على زيارة زوجته و السؤال عليه … بعد الثانوية كانت كلية الطب … أخبرت عم جمعة … قال لي : إنتِ أدها يا منار و بإذن الله نشوفك دكتورة كبيرة … ماما فخورة جدًا بيا … في أولى طب مات عم جمعة … بكيت عليه زي الأطفال ، كأنِّي فقدت والدي ، صليت عليه الجنازة و دعوت كثيرًا له من كل قلبي … اللهم اعف عنه و وسع عليه و ثبته بالقول الثابت … دعيت له كثيرًا … أقسم بالله إني أدعو له يوميًا و أخرج كل يوم صدقة له … و أتعاهد زيارة قبره و زيارة زوجته … عم جمعة مخلفش … لكن وقف جنبي زي بنته عشان أعيش … هو مات و لكن ربنا جعله سبب عشان يحيني ، كان ممكن أكون كتلة سودااا اتعرفت على ( مدحت ) في رابعة طب … مدحت أشقر !!! أمهُ بريطانية مسلمة ، و أبوه مصري … مدحت مُصر عليا و متمسِّك بيا … يقول: ناجحة ذكية و متفوقة و محترمة و متدينة و محجبة … أنت أهبل ؟ تتجوزني أنا ؟!! ماما طايرة من الفرحة ! اخواتي مش مصدقين !!! كنت بضحك من قلبي … اتخطبت عادي و اتجوزت … و سافرت بريطانيا مع زوجي و خدت الجنسية الإنجليزية و بقيت طبيبة في مستشفى في لندن ، و مش ناسية أبدًا عم جمعة الله يرحمه لما ناداني و أنا عمري 10 سنين … بدعيله .. و بتصدق عنه .. و حكيت لمدحت عليه … أنا و مدحت بنسمي أي شخص إيجابي يبني و لا يهدم ( عم جمعة ) . بأقول لكل الزعلانين من سمارهم……كل شيء من ربنا حلو و هو ابتلاء … البياض و السمار …..الحلاوة و الوحاشة …. المهم أكون راضي ساعتها ربنا هيرضيني … الله يرحمك ( يا عم جمعة ) برحمته ، زي ما رحمتني و أنا طفلة ضايعة و قلب أسود .. الله يرحمك و يرحم كل ( عم جمعة ) يبني و لا يهدم النفوس … نفسي كل إلي يقرأها يفكر إزاي يكون هو ( عم جمعة ) و يخلف عيال زي ( عم جمعة ) مش بس إزاي يلقى ( عم جمعة ) صدق الله القائل : ( و من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا ).

عرض التعليقات (65)