جبر الخواطر

41 9٬968
 

جبر الخواطر

جبر الخواطر

جبر الخواطر

جبر الخواطر, معكم صديقة زاكي الشيف الموهوبة ,
يعيش الإنسان حياته في الدنيا طيبًا مع كل الناس ويظل يعطي ويأخذ دون أن ينظر أن يأخذ من أحد شيء أكثر من المتوقع، فهو فقط يتمنى ابتسامة تسعد قلبه، يتمنى أن يتعامل بالمعاملة الحسنة والطيبة، ولكنه قد يقابل هذا كله بالعكس، فيجد المعاملة بجفاء وكأن ما يفعله هو واجب عليه وليس تكرمًا منه، وبذلك يكسر خاطر الإنسان ويحرم من الابتسامة، فالإنسان في لحظة حزنه وألمه يتمنى اليد التي لطالما مسحت دمع وجنته، لتخلصه من حزنه وآلامه.

لا تكسر أبداً كلّ الجسور مع من تحب، فربّما شاءت الأقدار لكما يوماً لقاء آخر يعيد ما مضى، ويصل ما انقطع، فإذا كان العمر الجميل قد رحل فمن يدري ربّما ينتظرك عمر أجمل.

إذا قرّرت يوماً أن تترك حبيباً فلا تترك له جرحاً، فمن أعطانا قلباً لا يستحقّ أبداً منّا أن نغرس فيه سهماً أو نترك له لحظة ألم تشقيه، وما أجمل أن تبقى بيننا لحظات الزّمن الجميل! لست حزينا لأنّ الناس لا تعرفني .. ولكني حزين لأنّي لا أعرفهم.

في ليلة من الّليالي الحزينة، وفي ركن من أركان غرفتي المظلمة، مسكت قلمي لأخطّ همومي وأحزاني، فإذا بقلمي يسقط منّي ويهرب عنّي، فسعيت لأستردّه، فإذا به يهرب عنّي وعن أصابع يدي الرّاجفة، فتعجّبت، وسألته: ألا يا قلمي المسكين، أتهرب منّي، أم مِن قدري الحزين .. فأجابني بصوت يعلوه الحزن والأسى، سيّدي، تعبت من كتابة معاناتك، ومعانقة هموم الآخرين، ابتسمت، وقلت له: يا قلمي الحزين، أنترك جراحنا، وأحزاننا دون البوح بها، قال: اذهب وبُح بما في أعماق قلبك لإنسانٍ أعزّ لك من الرّوح.

بدلاً من تعذيب نفسك، وتعذيب من ليس له، قلب أو روح، سألته، وإذا كانت هذه الجراح بسبب إنسان هو أعزّ من الرّوح، فلمن أبوح؟ فتجهّم قلمي حيرة، وأسقط بوجهه عليّ ورقتي البيضاء، فأخذته وتملّكته وهو صامتٌ، فاعتقدت أنّه قد رضخ لي، وسيساعدني في كتابة خاطرتي، فإذا بالحبر يخرج من قلمي متدفّقاً، فتعجّبت! ونظرت إليه قائلاً: ماذا تعني .. قال: سيّدي ألا أنني بلا قلب ولا روح، أتريدني أن أخطّ أحزان قلبك ولا أبكي فؤادك المجروح؟ كلّ شخص في هذه الدنيا فاقد شيئاً يحبّه في حياته، حتّى لو ضحك كثيراً ورأيته سعيداً، يَبقى شيءٌ بداخله كلّما تذكّره تألّم وضعف.

عرض التعليقات (41)