الحقيقة الغائبة
الحقيقة الغائبة
*لا اتذكر تفاصيل الماضي، كثيرا وربما لم اتذكر اي شيء منه سوى انهم قد قاموا بتلقيبي بالفتاة الوحش!! كنت وكلما وطات قدماي عتبة باب المنزل حتى يتم حبسي في غرفة صغيرة فابقى فيها مقيدة اليدين، “ماريا” هذا هو اسمي الفتاة الأصغر في عائلتنا المكونة من ابي، وامي التي لا أدري أين هي الان، اختي الكبرى يارا، و اخي الأكبر سامي وزوجة ابي!!، تلك المرأة المتوحشة التي وما ان أراها او حتى أنطق باسمها اتحول لثور هائج فاكسر كل ما قد تقع عليه عيناي، احطم هنا وهناك، واصبح كالمجنونة، اصرخ بأعلى صوتي قاذفة اياها باقذر الشتائم والمسبات، لا أدري تماما سبب انفعالي هذا ولكن ولاكون صادقة فإنني اكن لها كرها لم يسبق لي أن اضمرته لاحد من قبل.
صباح كئيب كأي صباح آخر، ستائر غرفتي مسدلة فلا يتخلل من اشعة الشمس إلا القليل لغرفتي او بالأصح “زنزانتي” ، أنتظر اختي الكبرى يارا يوميا كي تاتي لي حاملة معها وجبة افطاري، كوب حليب وقطعة من الخبز المحشية ببعض الجبن، تفتح يارا الباب لتضع الطعام على طاولة مرآتي،تتجه نحو تلك الستائر لتفتحها، وبابتسامه حنونة تلقي علي التحيه، يارا:صباح الخير ماريا.*
*تحدق ماريا في اختها يارا بعنين جامدتين لا تحمل اي تعابير دون أن ترد عليها التحية، تقترب يارا من اختها وفي يدها وجبة افطارها.*
*تجلس يارا بجوار ماريا لتطعمها فكما قد تلقت من والدها يمنع فتح السلسلة التي تقيد يدي ماريا.*
*في البداية كانت ماريا ترفض هذا الوضع، لم تكن تقبل به بتاتاً، لم تكن تسمح بإدخال اي لقمة لمعدتها وهي مقيدة هكذا، كانت تشتاط غضبا ووجها يحمر بشدة، إلا أن عنادها لم يزد والدها إلا إصرارا لعدم الرضوخ لطلبها، استمر الوضع لايام ولم تقوى ماريا على هذا الحال، جسدها أصبح نحيلا جدا ووجها بدأ بالشحوب شيئا فشيئا ، التعب قد تمكن منها والإرهاق قد بدا جليا واضحا عليها، فما كان لها سوى الاستسلام لوضعها وتقبل الامر كما هو، تناول طعامها مقيدة اليدين غير قادرة على تحريكهما.*
*كانت تتناول اللقمة تلو الأخرى والدمع ينسكب من عينها، دمع امتزجت فيه مشاعر من الضعف والقهر والألم فبالرغم من اكراهها على هذا الحال إلا أنها لم تملك خيارا آخر فإن لم تأكل فإنها ميتة لا محاله.*
بقلم عبير بنتي