السيرة النبوية 31 الأخيرة من كتاب اللؤلؤ المكنون
السيرة النبوية 31 الأخيرة من كتاب اللؤلؤ المكنون
السيرة النبوية (الحلقة الحادية والثلاثون – الأخيرة-)
٦٥٣- ولما كان يوم الأحد قبل وفاة النبي ﷺ بيوم اشتد به ﷺ المرض، فوصلت الأخبار إلى جيش أسامة رضي الله عنه فرجع إلى المدينة.
٦٥٤- بات النبي ﷺ ليلة الإثنين دَنِفاً – يعني اشتد مرضه حتى أشرف على الموت – فلما طلع الفجر أصبح مُفيقاً.
٦٥٥- فكشف رسول الله ﷺ ستر حُجرته ، ونظر إلى الناس وهم صفوف في الصلاة خلف أبي بكر الصديق، فتبسم لِمَا رأى من اجتماعهم..
٦٥٦- قال أنس : كأن وجهه ﷺ وَرَقَةُ مُصْحف – هو عبارة عن الجمال البارع – فهممنا أن نَفْتتن من الفرح برُؤية رسول الله ﷺ .
٦٥٧- ثم أخبرهم رسول الله ﷺ بأنه لم يَبْق من أمر النبوة إلا المبشرات ، وهي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن في منامه. رواه مسلم.
٦٥٨- فلما رأى الناس رسول الله ﷺ قد أصبح مُفيقا ظَنُّوا أنه قد بَرِئ من مرضه ، فانصرفوا إلى منازلهم وحوائجهم مستبشرين.
٦٥٩- واستأذن أبو بكر الصديق رسول الله ﷺ في الخروج إلى أهله في منطقة السُّنْح في عوالي المدينة ، فأذن له النبي ﷺ .
٦٦٠- فلما كان ضُحى يوم الإثنين ١٢ ربيع الأول سنة ١١ هـ ، اشتد على رسول الله ﷺ مرضه وجعل يتغشاه- بأبي هو وأمي -الكرب الشديد .
٦٦١- فقالت فاطمة : واكَرْبَ أبتاه ، فقال ﷺ : ” لا كَرْب على أبيك بعد اليوم ، إنه قد حضر من أبيك ما ليس بتاركٍ منه أحداً “.
٦٦٢- وبينما رسول الله ﷺ يُعالج سكرات الموت ، وعائشة رضي الله عنها مُسندته على صدرها ، وبين يديه ﷺ إناء فيه ماء .
٦٦٣- فجعل النبي ﷺ يُدخل يَدَيه في الماء فيمسح بهما وجهه ، ويقول : ” لا إله إلا الله إن للموت سكرات “.
٦٦٤- ثم نَصَبَ ﷺ يَده ، فجعل يقول : ” في الرفيق الأعلى “، فَقُبض ، ومالَتْ يده ﷺ .
٦٦٥- وفي رواية قالت عائشة : كنت مُسندته إلى صدري ، فدعا بطَسْت ، فلقد انْخَنَثَ – أي مال – في حِجْري ، فما شعرت أنه مات .
٦٦٦- وفي رواية الإمام أحمد قالت عائشة : فبينما رأسه ﷺ على منكبي إذ مال رأسه نحو رأسي ، فظننت أنه غُشي عليه .
٦٦٧- وفي رواية أخرى قالت عائشة : قُبض النبي ﷺ ورأسه بين سَحْري ونَحْري ، فلما خرجت نفسه لم أجد ريحاً قط أطيب منها .
٦٦٨- وكانت وفاته ﷺ بأبي هو وأمي ضُحى يوم الإثنين ١٢ ربيع الأول سنة ١١ هـ ، وعمره ٦٣ عاماً .
٦٦٩- وشاع خبر وفاة النبي ﷺ في المدينة ، ونزل خبر وفاته ﷺ على الصحابة رضي الله عنهم كالصاعقة ، لشدة حُبِّهم له .
٦٧٠- ودخل الصحابة على النبي ﷺ في بيت عائشة ، ينظرون إليه ، وقالوا : كيف يموت وهو شهيد علينا ، ونحن شهداء على الناس .
٦٧١- وجاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ودخل على النبي ﷺ ، فلما رآه ، قال : واغَشَيَاه ، ما أشَدَّ غَشْي رسول الله ﷺ .
٦٧٢- ثم خرج عمر من عند النبي ﷺ سالاً سيفه ويتوعد الناس ويقول : والله لا أسمع أحداً يقول : مات رسول الله إلا ضربته بالسيف .
٦٧٣- وقال أيضا رضي الله عنه : إن رسول الله ﷺ ما مات ، ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى ، والله ليرجعن رسول الله ﷺ كما رجع موسى ، فليقطعنّ أيدي رجال وأرجُلَهم زعموا أنه مات.
٦٧٤- وهكذا لم يتمالك عمر رضي الله عنه نفسه من هول مصيبة موت النبي ﷺ.
٦٧٥- كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه غائبا لما مات رسول الله ﷺ ، كان قد استأذن النبي ﷺ في الذهاب لمنطقة السُّنْح .
٦٧٦- فانطلق أحد الصحابة إليه ، وأخبره خبر موت النبي ﷺ ، وأن الناس في حال لا يعلمه إلا الله سبحانه .
٦٧٧- فانطلق أبو بكر الصديق مُسرعاً على فرسه حتى دخل المسجد النبوي ، وإذا بالناس يَبكون ، وعُمر شاهراً سيفه يُكلم الناس .
٦٧٨- فلم يَلتفت أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى شيء من ذلك ، ودخل على النبي ﷺ وهو مُسجى على سريره ، وكشف عن وجهه الطاهر .
٦٧٩- وقال رضي الله عنه : إنا لله وإنا إليه راجعون ، ثم أكبَّ عليه فقبله وهو يبكي ، ويقول : طبت حيا وميتا يارسول الله .
٦٨٠- والله لا يجمع الله عليك موتتين ، أما الموتة التي كتبت عليك فقد ذُقتها ، ثم لن يُصيبك بعدها موتة أبدا ثم غطى النبي ﷺ .
٦٨١- ثم خرج رضي الله عنه للناس ، وهم مابين منكر ، وحائر من هول المصيبة ، ورأى عمر وهو يُهدد ويتوعّد من يقول بموت النبي ﷺ .
٦٨٢- فقال أبو بكر رضي الله عنه : على رِسلك – يعني مهلك – ياعمر ، فأبى عمر أن يسكت فلما رآه لا ينصت أقبل أبوبكر على الناس .
٦٨٣- وبدأ أبوبكر رضي الله عنه يخطب في الناس ، فلما سمعوا كلامه أقبلوا عليه ، وتركوا عمر رضي الله عنه.
٦٨٤- فقال أبوبكر رضي الله عنه: ” أيها الناس مَن كان يعبد محمداً فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت .
٦٨٥- قال الله تعالى : ” وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم …”.
٦٨٦- قال ابن عباس : والله لكأنَّ الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر رضي الله عنه .
٦٨٧- وأخذ البكاء والنشيج في المدينة على موت النبي ﷺ ، ولم تَمر بالأمة مُصيبة أعظم من موت النبي ﷺ .
٦٨٨- فلما بُويع أبو بكر الصديق بالخلافة ، وذلك يوم الثلاثاء ، أراد آل النبي ﷺ غَسْله ، واختلفوا في ذلك.
٦٨٩- فقالوا : والله ماندري كيف نَصنع ، أنُجرد رسول الله ﷺ كما نُجرد موتانا أم نَغْسِله وعليه ثيابه.
٦٩٠- فأصابهم كلهم النُّعاس فناموا جميعا ، وسُمِع صوتٌ يقول لهم: اغْسِلوا رسول الله ﷺ وعليه ثيابه.
٦٩١- فلما استيقظوا ، أخبر بعضهم بعضاً بالذي سَمِعوا ، فقاموا إليه ، فَغَسلوا رسول الله ﷺ وعليه ملابسه بأبي هو وأمي .
٦٩٢- وكان الذين تولُوا غَسْل النبي ﷺ :علي بن أبي طالب ، والعباس عم النبي ، وأبناؤه الفضل وقثم ، وأسامة بن زيد ، وشُقران مولى النبي ﷺ .
٦٩٣- فكان العباس والفضل وقُثم يُقلِّبون النبي ﷺ، وأسامة وشُقران يَصُبَّان الماء ، وعلي بن أبي طالب يَغْسِل النبي ﷺ .
٦٩٤- فلما فرغوا من غَسْل رسول الله ﷺ كُفِّن بأبي هو وأمي في ٣ أثواب بيض ، ثم وُضِع النبي ﷺ على سريره في بيت عائشة .
٦٩٥- ثم أُذِن للناس بالدخول على رسول الله ﷺ ليُصلُوا عليه ، ولا يَؤمهم أحد .وهذا أمر مُجمع عليه ولا خلاف فيه .
٦٩٦- فلما فَرغوا من الصلاة على النبي ﷺ أخذ الصحابة يتشاورون أين يدفنونه ؟؟فاختلفوا في ذلك .
٦٩٧- فأرسلوا إلى أبي بكر الصديق ، فقال : سمعت النبي ﷺ يقول : ” ماقَبض الله نَبيّاً إلا في الموضع الذي يُحب أن يُدفن فيه “.
٦٩٨- وحُفر قبر النبي ﷺ في الموضع الذي مات فيه ، وهو في بيت عائشة ، ودخل قبر النبي ﷺ العباس وعلي والفضل .
٦٩٩- ووضَع شُقران مولى النبي ﷺ في قبر النبي ﷺ قَطيفة – أي كساء – حمراء ، ثم أنزلوا رسول الله ﷺ في قبره بأبي هو وأمي .
٧٠٠- وكان آخر الناس عهدا بالنبي ﷺ هو قُثم بن العباس رضي الله عنه ، وتم دفن النبي ﷺ ليلة الأربعاء صلوات ربي وسلامه عليه .
٧٠١- وحزن الصحابة حزناً شديداً على وفاة النبي ﷺ . قال أنس: ما رأيت يوماً قط أظلم من اليوم الذي تُوفي فيه النبي ﷺ
جزى الله خيرا كل من شارك في إنجاز هذا العمل وعمل على نشره أو نقله ف (رب مبلغ أوعى من سامع) ونحتسب أجرنا وأجوركم عندالله وجعله الله في ميزان حسناتنا جميعا
وفي الختام أسأل الله أن يرزقنا محبة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم واتباعه
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا وحبيبنا وقدوتنا وشفيعنا محمد وجمعنا به في الفردوس الأعلى.