قصة أنثى بفخر بقلمي
قصة أنثى بفخر بقلمي
كثير من القصص التي نسمعها عن عنف الأنثى بشكل عام
مآب، سارة، أصيلة، ومن قريب كانت #اسراء غريب.
بأي ذنب قتلن؟
لا ننسى قضية زواج القاصرات، يقول: أريد الستر لابنتي. ولكن ما هكذا تكون الحياة أتمنعها من تعليمها وتزوجها بحجة الستر عليها؟ قد تكون عادة نادرة لكنها للأسف موجودة.
هذا ما دفعني لأخرج لكم بهذه القصة عساها ان تكون هادفة وتنال إعجابكم.
لم هذا كله؟ ماذا زرعت لأحصد كل هذا؟ أحقٌ كان عيبًا أن تخرج الفتاة من المنزل وأين إلى المدرسة لم أتجاوز الخامسة عشر بعد ومع هذا أرى أن الحياة تتلاشى أمامي ليتها كذلك لأرتاح لقد سئمت في كل يوم أُضرب….أُهان… من دون دافع مقنع. مالذي ارتكبته ليحصل كل هذا معي؟ ما بك يا دموعي لم تنهمرين الآن؟ أتتحسرين على المنظر الذي ترينه في الخارج؟
– ماذا كنت تفعلين على النافذة؟
– أنظر إلى الفتيات وهنّ عائدات من المدرسة.
– أيتها الحمقاء أتريدين تدمير سمعتي؟ ألا يكفي أنك مرّغتي شرفي بالوحل؟ كم مرة قلت لك لا تفكري بفتح النافذة حتى؟
– آسفة.
– ما هذه الكراسة؟ من أين أحضرتها؟ أسرقتها من أخوك؟
– لا صدقني إنها لي.
– من أين حصلت عليها؟
– أعطني إياها أرجوك.
***
– أتؤلمك يداك؟
– لا يا أمي شكرا لك.
– ما كان عليك فعل ذلك.
– لم أفعل شيئًا صدّقيني أردت أن آخذها قبل أن يفتحها ويقرأ ما فيها.
– رأيت كيف ضربك ومن ثم حرقها ومن تهوّرك حملتها وهي مشتعلة وأحرقت يداك.
– لا أبدًا، المشكلة ليست هنا، إن والدي يكرهني، لكن لماذا؟ أرجوك أخبريني أيّ جرم ارتكبته ليفعل بي كل هذا؟ يُمنع عليّ الخروج من المنزل أو حتى النظر من النافذة ويقول أني عارٌ عليه، أخبريني هل فعلت شيئًا جعله يكرهني ويبغضني هكذا؟
– لا يا عزيزتي لم تفعلي شيئًا أبدًا.
-(غرست رأسي في صدرها الدافئ وقلت) إذًا لماذا يفعل بي كل هذا؟
– ما زلت صغيرة على هذا سأخبرك حين يحين الوقت المناسب.
– لا يا أماه لم أعد صغيرة أريد معرفة كل شيء الآن.
– كما تريدين، حين تزوجت من والدك كان يقول لي إنه يحب أن يكون أبًا لصبي ولا بأس أن تتبعه فتاة بعده لكن حين نما الجنين وبان جنسه، غضب والدك غضبًا شديدًا لكني هدأته ببعض الكلمات لكن جدّاك سامحهما الله اعترضا على ذلك وقالا إن البنات مجرد عار لذلك لم ننجب بنات. كانا يقولان لوالدك هذا كل يوم حتى أتى وطلب أن أجهظ الجنين رفضت ذلك في البداية لكنه أصرّ وأخذني إلى المشفى لكنّهم رفضوا ذلك وقالوا أنهم لا يستطيعون قتل روح بريئة وحين عدنا كان في أشدّ حالات غضبه وبدأ يضربني ضربني بشدّة حتى شعرت بأن روحي قد خرجت من مكانها، وبالفعل خرجت الروح التي كانت تقبع بداخلي، حدث هذا ثلاث مرات في كل مرة يكون الجنين أنثى، ولكن حين سئمت من كل ذلك تعبت من الضرب والإهانت عرفت أن في داخلي روحا جديدة وحين نمت تلك روح بشرتني الطبيبة أنهما روحان اثنان وهما صبيان، حين سمع والدك بذلك فرح فرحا لا يعلم به أحد، كأنه ولد من جديد، لم يرفض لي طلب ولم يزعجني في يوم ما وكان يسهر على راحتي إلى أن جاء يوم ولادتي، كان فرحا جدا، أتت الممرضة وبشرتني بأن الاثنان بصحة جيّدة والحمد لله، كنت أنتظر والدك ليأتي وهو يحملكما بذراعيه لكنه أتى ومعه نور، نظرت إليه بعينين متسائلتين أين طفلنا الثاني فقال لي بطريقة نزلت علي كالصاعقة، لقد مات، لم أستوعب ذلك في البداية لكن جاء ما يكشف لي الحقيقة.
***
ليتني مت ولحقت بأخواتي، لولا ذاك الطبيب الذي أتى وقال أنه على أبي ان يذهب ليوقع على ورقة تنازله للطفل لما كنت الآن أعيش هنا، ربما لو عشت في دار للأيتام لكان هذا أفضل من أن يستنكرني والدي، لم يكره الفتيات هكذا أذكر أن أمي قالت أن رسول الله قد قال: “من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو بنتان أو أختان فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن فله الجنة”. إذًا لماذا يفعل هذا بي؟ والمشكلة لا أحد يعلم بوجودي في هذه الحياة، سامحك الله يا أمي لو استغنيت عني لما تحملت شرط والدي كل هذه المدة ولما تحملت كل هذا الظلم، الجميع يعرفون أن والدي أب لطفل واحد وهو نور فقط أما انا فلا أحد يعرف بوجودي، كيف عاشت أمي سنوات وهي تخفيني؟ لقد كابدت وعانت الكثير لأجلي لذلك عليّ ألّا أكون ضعيفة مهما حدث، لن أجعلها تشقى بعد الآن.
– أمل إن أبي يطلبك.
– حاضرة، اللهم خيرا.
ذهبت إلى الغرفة المجاورة وأنا أرتجف من الخوف يكاد قلبي يخرق صدري ويخرج منه.
– اسمعي ستتزوّجين.
نزلت هذه الكلمة على مسمعي كالصاعقة، ظننت أنه يمزح في البداية لكن تذكرت أنه من المستحيل أن يبتسم في وجهي حتى فكيف له أن يمزح؟ قلت بشفتيت مرتجفتين: ماذا؟
– قلت أنك ستتزوجين هل أعيدها مرة أخرى؟
أتت أمي بسرعة حين أخبرها نور بالذي قاله لي أبي،
– ما هذا يا أبا نور؟ إنها لا تزال صغيرة حرام عليك.
– أنت لا تتدخلي، أريد أن أسترها وأخلص نفسي من العار الذي رافقني لسنوات بسبب عنادك.
– نسيت ألا أحد يعرف أن عندك فتاة أصلا.
– هه أعلم ذلك، ولذلك سيأتي عريسها ويأخذها بسرعة من دون أي مقدمات.
– تريد أن تخرجها كاللصوص؟ حرام عليك ارأف بحالها.
– أنت لا تتدخلي.
نظرت إلى أمي بابتسامة مصطنعة وقلت بصوت فيه بحّة قاتلة: لا بأس يا أمي، عن إذنكما.
سرت إلى غرفتي بخطىً بطيئة سمعت أثناءها كلمات مبهمة وكنت متيقنة أنها أمي تحاول أن تحميني لكن لا فائدة فهذه هي حياتي وستبقى هكذا حتى مماتي، لذلك أرى أن أستسلم وأفعل ما تأمرني به هذه الحياة من دون أن أناقشها بشيء.
***
أخيرا وصلت إلى غرفتي أشعر أنها كانت في عالم وأنا في عالم آخر، أمسكت كرّاستي المحترقة وقلمي المهترء وبدأت بالكتابة، إن الكتابة تريحني قليلا، حين أكتب أشعر ببعض الأمان، لاسيما أن عيوني بدأت تتعب من كثرة البكاء لذا من واجبي أن أريحهما.
رجفت شفاهي نحوهم برجاء
لكنهم زادوا بي الآهات
فصرخت أرجوكم افهموني
وافهموا كياني واتركوني
ارحموني………
لا أدري لم أكتب بصيغة الجمع، ربما لأني أرى كل العالم ضدي، وحدها أمي التي تقف معي، والآن سأبتعد عنها وسأذهب إلى المجهول، ترى أي مكان سأموت فيه؟ أيّ ذلٍّ سأعيش فيه؟ لا بأس فأنا بكل الأحوال مُهانة، لذا لا أفكر أبدًا في المقاومة.
***
– أمل اليوم سيأتي الرجل الذي ستكملين حياتك عنده كي تريه، وغدا سنذهب إلى المحكمة، سيسألك القاضي إن كنت موافقة أم لا، ستكون إجابتك الأكيدة بالتأكيد موافقة لكن إيّاك ثم إيّاك أن تبدي أي حركة غريبة تثير الشك فإني والله لأقتلنكِ.
– حاضرة.
أفكر في الرفض كي يقتلني، فأن أهان عند أبي خير من أن أهان عند شخص غريب ماذا أفعل؟ ماذا أقول؟ غريب أمري لست أدري أي شيء.
ليتني أختفي الآن، ليت الأرض تنشق وتبتلعني، ما فائدة ليت؟ إلا أنها تزيدني حزنًا وكآبة.
***
– مرحبا يا آنسة، اسمي مجد.
-………
– أظن أن اسمك أمل أليس هذا صحيحًا؟
-………
– عفوًا هل أنت بكماء؟
– لا لا، أرجو المعذرة.
– هل أنت راضية بهذا؟
-………..
– أستطيع أن ألغي هذا المهم رضاك.
– لا لا أرجوك لا تفعل ذلك.
– حيّرتني.
– آسفة.
– علام تعتذرين، لابد أنك مجبرة على هذا لذلك سأتبدر الأمر.
– لا أنا لست مجبرة.
– إذًا لم هذه الرجفة في صوتك؟
– لا تفعل شيئًا وإلا سأقتل.
– ماذا قلت؟
– لا لا لم أقل شيئًا، المعذرة عليّ الذهاب الآن.
– انتظري، يا آنسة أمل انتظري أرجوك.
يا إلهي سيقتلني والدي الآن كيف قلت ذاك الكلام؟ كيف؟
***
– أخيرًا استيقظت.
– أين أنا؟ ماذا حدث؟ أمي أرجوك احمني سيأتي والدي الآن أنا خائفة.
– لا تقلقي لن يصيبك مكروه بعد الآن.
-……………
– لقد عرف مجد كلّ شيء وهو يطلب أن توافقي أنت عليه الآن دون أن يجبرك أبوك إن وافقت عليه فسيكون سعيدًا، فبعد أن عرف بقصتك أراد مساعدتك ووعدني بأن يحميك من أي شر وأن يعيد إليك كل شيء سلب منك.
– لكني خائفة، أخاف أن يفعل بي كما فعل أبي بك.
– تحدثي إليه مرّة ثانية، لكن هذه المرة دون أن تهربي وتفقدي وعيك.
***
– آسفة لما حدث.
– لا عليك، اسمعيني جيدًا لديّ شيء مهم أقوله لك.
– ………..
– ابنِ شخصية قوية لنفسك، وثقي بنفسك، لا تكوني ضعيفة ولا تستسلمي، إن ما مررت به قد جعلك تنسين من أنت حتى، أليس هذا صحيحًا؟ كوني قوية جبارة، لا تدعي أحدًا يهزك لتكن لك كلمة، إن صفعتك الحياة مرة فلا تستسلمي لها، بل انهض ودعيها تعرف من أنت حقًا، لا تقللي من قيمة رسالتك في الحياة، فأنت نصف المجتمع، بل أنت المجتمع كله! لا مجتمع دون فتاة، الفتاة هي الأم الحنون التي تنشئ وتربي وتبني، ألم تسمعي بمقولة نابليون؟ إن المرأة التي تهز السرير بيمينها تهز العالم بشمالها.
نشرت قبل قليل حملة توعوية للحد من عنف المرأة وتفاعل معي الكثير من الناس.
– اذًا يمكن أن يكون لي كلمة؟
– بالتأكيد.
– أريد البقاء عند بجوار أمي الآن .
– لك الحق في ذلك، لن أحزن أبدا بل سأنتظرك، وقبل أن أذهب أظن أن هناك شخص يريد التحدث إليك.
– ……..أبي!، أسفة سامحني سأفعل ما..
– لا يا ابنتي بل أنت من عليه أن يسامحني، أخطأت بحقك كثيرًا، لم أكن أعرف قيمتك، سامحيني أرجوك.
– لا بأس لا داعي لهذا البكاء، أنت أبي الذي أحبك. ما فات قد مات أليس هذا صحيحا؟
مرت سبع سنوات على ذلك، وقد اقتربت من إنهاء دراستي الجامعية، بنى لي والدي مجمعًا توعويًا كبادر اعتذار منه، لقد كان مجمعا مفيدا إذ حد كثيرا من ظلم الأنثى، حين بناه كان يقول دائما عليّ أن أكفر عن ذنبي بإرشاد عائلات أخرى كي لا تخطئ الخطأ نفسه، كنت المديرة عليه، أعمل مقابلات وإجتماعات للعائلات والفتيات وأقول لهم دائما إنك أنثى كوني فخورة بذلك.
***
– كان يوما شاقا.
– هناك أحد ينتظرك.
– من؟ ………مجد!
– وعدتك بأني سأنتظرك.
-…………
تمّت
أرجو أنها نالت إعجابك