فارس بلا جواد الكاتبة بنوتة اسمرة الحلقة الخامسة

7 5٬581
 

فارس بلا جواد الكاتبة بنوتة اسمرة الحلقة الخامسة

فارس بلا جواد الكاتبة بنوتة اسمرة الحلقة الخامسة

فارس بلا جواد الكاتبة بنوتة اسمرة الحلقة الخامسة

فارس بلا جواد الكاتبة بنوتة اسمرة الحلقة الخامسة, معكم صديقة زاكي الشيف الموهوبة ,

الفصل التاسع

نصلي أولا على حبيبنا المصطفى -عليه أفضل الصلاة والسلام-

جلس “آدم” فى حجرة الصالون ينتظر نزول “آيات” .. دخل “عبد العزيز” من الباب مبكراً عن موعده انتبه الى “آدم” فدخل سلم عليه قائلاً :

– أهلا بيك يا دكتور

نهض “آدم” وسلم عليه قائلاً :

– أهلا بحضرتك

جلس “عبد العزيز” فى مواجهة “آدم” وقال :

– بخصوص مكان سكنك اللى اديتهولى يا دكتور “آدم” .. انت سيبت الشقة دى من فترة مش كده ؟ .. لانهم قالولى انها اتباعت مرتين

شرب “آدم” رشفة من كوب الماء الموضوع أمامه وقال بهدوء أعصاب :

– أيوة بعتها .. وحالياً آعد عند والدتى فى بيتنا القديم لحد ما الشقة الجديدة تخلص لانى بعمل فيها شويه تعديلات

قال “عبد العزيز” :

– أنا افتكرتك اديتنى عنوان شقتك الحالية

قال “آدم” مبتسماً :

– لا اديت لحضرتك عنوان الشقة اللى كنت عايش فيها عشان لما تحب تسأل عنى تلاقى الجيران عارفيني

ابتسم “عبد العزيز” قائلاً :

– فعلاً الجيران كانوا عارفينك وعارفين الست والدتك كمان وقالوا عنكم كلام طيب جداً

ابتسم “آدم” وقد شعر بالإرتياح .. نزلت “آيات” والتى فوجئت بوالدها .. نظر اليها “عبد العزيز” بغضب وهو ينظر الى ملابسها ومكياجها .. شعرت “آيات” بالإضطراب

.. فقال “عبد العزيز” بهدوء حتى لا يحرجها أمام “آدم” :

– اطلعى البسى حاجة تانية يا “آيات” الطقم ده شكله مش حلو عليكي

شعرت “آيات” بالحرج وقالت بصوت خافت :

– حاضر يا بابا

ثم التفتت الى “آدم” قائله :

– ثوانى ونازله

صعدت “آيات” وارتدت ملابس أكثر اتساعاً وان كانت مازالت غير محتشمة .. وأزالت المكياج فى عبوس .. نزلت الدرج فوقف “آدم” ينظر اليها متفرساً فيها .. ثم استأذن

من والدها وانصرفا .. قاد “آدم” سيارته بهدوء وتوقف فى مكان ما .. التفت اليها قائلاً :

– انتى باباكى مش بيخليكي تحطى ميك اب وانتى خارجة

ارتبكت “آيات” وقالت دون أن تنظر اليه :

– أيوة

قال “آدم” بغلظة :

– يعني بتحطى من وراه .. بتستغفليه يعني

نظرت اليه “آيات” بحده فقال لها بصرامة :

– مفيش معنى تانى للى انتى بتعمليه غير كده

قالت “آيات” بحده :

– هو مانعنى انى احط ميك اب لانه مش بيحبه .. بس أنا بنت وصغيره وبحب أكون جميلة واحط ميك اب كل البنات بتعمل كده

قال “آدم” بهدوء وهو ينظر اليها :

– فعلاً كل البنات بتعمل كده

نظرت اليه فأكمل قائلاً بحزم :

– بس البنت المميزة اللى تجبر الراجل انه يحترمها مش هتعمل كده

احمرت وجنتاها خجلاً وأطرقت برأسها فقال وهو يتطلع اليها :

– نفسي تشوفى نفسك دلوقتى وخدودك لونهم أحمر من الكسوف وقوليلى الشكل ده أحلى ولا الدهان اللى بترسمى بيه على وشك

نظرت اليه “آيات” فأكمل قائلاً :

– على فكرة مفيش راحل محترم بيحترم البنت اللى بتعرض نفسها فى الشارع زى ما تكون جارية فى سوق الجوارى

قالت “آيات” بعتاب ممزوج بالحزن :

– أنا جاريه يا “أدم” ؟

قال بهدوء وهو ينظر الى عينيها :

– لا يا “آيات” مش جاريه .. بس مصره تخلى شكلك زيهم

نظرت الى عينيه وهى تحاول فهم ما يريد وما يفكر فيه .. قالت مبتسمه :

– لو انت مش حابب الميك اب يا “آدم” أنا مش هحطه تانى

انتبه “آدم” فجأة لما يفعل .. وسأل نفسه مرة أخرى .. ما شأنك ان وضعت مكياج أم لم تضع .. أشاح بوجهه عنها وقال ببرود :

– اعملى اللى انتى عايزاه

قالت “آيات” بحماس :

– لو مش عايزنى أحط بجد مش هحط

قال “آدم” وكأنه يعاند نفسه ويعاند ما يريد :

– لا حطى .. حطيه يا “آيات”

قالت بدهشة :

– بس انت لسه قايل …….

قال بحنق :

– سيبك من اللى قولته .. أنا عايزك تحطى ميك اب عايز أشوفك بيه على طول

أنهى جملته ثم انطلق بسيارته بعصبيه ظلت “آيات” تنظر اليه بإستغراب وهى لا تعى تلك التغيرات المفاجئة التى تطرأ عليه من حين لآخر

**************************************

فتح “على” باب البيت وهو ينادى فى مرح :

– ماما .. “إيمان”

جرت أمه مسرعة من المطبخ وفتحت “إيمان” غرفتها :

– خير فى ايه يا “على

قال بسعادة :

– الحمد لله لقيت شغل

عانقته أمه قائله :

– يامنت كريم يارب

قالت “إيمان” بسعادة :

– مبروك يا “على”

قال مبتسماً :

– الله يبارك فيكي يا “إيمان”

سألته بلهفه :

– اشتغلت ايه

قال “على” :

– هى شغلانه بسيطة فى محل بيع أجهزة كمبيوتر .. بس أهى بداية يا “إيمان” بدل ما أنا آعد كده من غير شغله ولا مشغله

قالت أمه بحماس :

– ربنا يجعلك فيها الخير يا ابنى وتبقى قدم السعد عليك وتكبر وتبقى أحسن واحد فى الدنيا يا “على” يا ابنى

قبل “على” يديدها قائلاً :

– ربنا ما يحرمنى منك يا أمى ولا من رضاكى عنى

***********************************

كالعادة شعرت بالتوتر والارتباك وهى جالسة فى غرفتها تنتظر أن تناديها والدتها .. فتحت والدتها الباب وقالت بحماس :

– يلا يا “إيمان” أبوكى قالى أناديكي .. ابوكى و أخوكى “على” أعدين مع العريس بره

شعرت “إيمان” بخفقات قلبها تتسارع بجنون ظلت تدعو الله فى سرها أن يبيض وجهها تلك المرة .. دخلت برأس منخفض وألقت السلام بصوت خافت .. ردوا السلام وجلست فى

المقعد المواجه لهذا العريس .. استكملوا حديثهم مرة أخرى وكأنها غير موجودة ..شعرت بالحنق من هذا التجاهل وكادت أن تبكى أو تنهض لتغادر لولا أنها أجبرت نفسها

على البقاء .. فجأة وجدته يوجه اليها الكلام قائلاً :

– ازيك يا دكتورة “إيمان”

شعرت “إيمان” بالسعادة بالرغم من أنه سؤال عادى .. لكن كونها محور اهتمام رجل هو ما أسعدها .. ردت بصوت خافت :

– الحمد لله

لم تستطع أن ترفع رأسها لتنظر اليه ظلت غاضه بصرها تفكر كفيها فى ارتباك شديد .. قال هذا العريس :

– أنا عرفت انك فى التكليف مش كده ؟

قالت بتوتر :

– أيوة

قال العريس :

– انتى كنت حابه تدخلى طب اسنان ولا التنسيق اللى أجبرك عليها

شعرت “إيمان” بالسعاة لأسئلته المتلاحقة عنها .. فقالت بشئ من الارتباك :

– بصراحة أنا كنت حابه أدخل صيدلة بس دخلت أسنان عشان مجموعى مجبش صيدلة بس بعد ما دخلتها حبيتها أوى

قال ضاحكاً :

– يعنى طبقتى مقولة حب ما تعمل حتى تعمل ما تحب

ابتسمت وهى تقول :

– حاجة زى كدة

تجرأت ورفعت رأسها لتنظر اليه .. كان شاباً أسمر البشرة لا تخلو ملامحه من الوسامة .. خفق قلبها لمرآه فغضت بصرها مرة أخرى .. ابتسم العريس قائلاً :

– طيب مش عايزه تسألينى عن حاجة ؟

دار الحديث بينهما قرابة النصف ساعة بعدها استأذن للإنصراف .. دخلت “إيمان” غرفتها وتركته يتحدث مع أبوها وأخوها أمام الباب .. أخذت تستعيد فى رأسها الحوار

الذى دار بينهما .. وأخذ يتردد فى أعماقها نفس السؤال الذى يتردد كل مرة .. تُرى أسيوافق أم سيرفض ؟

دخلت والدتها الحجرة فقالت بلهفه :

– العريس قال ايه يا ماما

قالت أمها مستبشرة :

– ان شاء الله خير .. قال كمان كام يوم كده هيتصل يعرف ردك

قالت “إيمان” من قلبها :

– يارب تمها على خير يارب

*************************************

وقف “آدم” فى منطقته المفضلة فوق المقطم ينظر أمامه شارداً عابساً .. ظل يسأل نفسه .. ماذا يحدث لك يا “آدم” ؟ .. لماذا هذا التردد الذى تشعر به بداخلك ؟ ..

ألست أنت من وضع الخطة ؟ .. لماذا التردد الآن ؟ .. أخذ يتردد بداخله سؤال .. ما ذنبها ؟ ما ذنب “آيات” فيما حدث لك ؟ .. لكنه رد على هذا السؤال قائلاً .. أنا

لن أؤذيها .. أنا لا أريد سوى استرداد حقى فقط .. “آيات” لن تخسر شيئاً وستجد يوماً رجلاً أفضل منى .. ما هى الا أسابيع قليله أو حتى أشهر وتنسى اسمى .. وتنسى

أنها رأتنى يوماً وستستمر فى حياتها .. مع رجل تحبه ويحبها .. عند تلك النقطة شعر بقشعريرة فى جسده .. تراءت أمام عيناه صورتها .. وابتسامتها العذبة .. ونظرات

عينيها التى تشع حباً .. واهتمامها به .. ومشاعرها الصادقة النقية .. تباً لذلك .. لماذا يشعر بتلك النغزات فى قلبه .. لماذا لا تكف تلك المشاعر المثبطة عن

التجوال بداخله .. شعر وكأنه بداخل فرن مشتعل بالرغم من النسمات الباردة التى كانت تلفح وجهه .. خلع الجاكت وفتح بعض من أزرار قميصه وهو يتنهد بعمق عله يتخلص

من ذلك الشئ الذى يصر على الجثوم فوق صدره .. وبقوة

*************************************

فشلت “بوسى” طوال الأيام السابقة من الوصول الى “آدم” فلم تجد بداً من الذهاب الى الجامعة لمقابلته .. لم تجده ذلك اليوم فى مكتبه .. قابلت احدى الطالبات وسألتها

قائله :

– لو سمحتى متعرفيش دكتور “آدم خطاب” ألاقيه فين ؟

قالت الطالبة :

– شوفيه فى مكتبه

قالت “بوسى” :

– روحت مكتبه ملقهتوش موجود

قالت طالبة أخرى :

– أنا فعلا مشفتوش النهاردة

قالت الطالبة الأولى :

– ممكن يكون واخد أجازة لأن دكتور “آدم” كتب كتابه آخر الاسبوع

نظرت اليها “بوسى” وقد جحظت عيناها وقالت :

– ايه ؟ .. كتب كتابه ؟

قالت الطالبه :

– أيوة .. خطب واحدة من دفعتنا .. وكتب كتابهم آخر الاسبوع

ثم ضحكت قائله :

– هى كمان غابت النهاردة

تمتمت “بوسى” بخفوت :

– ميرسي

خرجت “بوسى” من الكلية وعيناها تشعان غضباً وحقداً .. وقد امتلأتا بالعبرات وقالت فى نفسها : ماشى يا عريس

**************************************

فى اليوم التالى .. وقفت “آيات” أمام المرآة تقيس الفتسات الذى ستقوم بإرتدائه فى كتب كتابها .. ثم التفتت الى “أسماء” قائله :

– “أسماء” ايه رأيك فى الفستان

ابتسمت “أسماء” قائله :

– تحفة يا “آيات”

قالت “آيات” وهى تنظر الى نفسها فى المرآة بسعادة :

– واحد صاحب بابا عنده مصنع ملابس سواريه هو اللى صمم ان فستان كتب كتابى يبقى هديه منه

ضحكت “أسماء” قائله :

– أيوة يا عم محدش قدم وتصميم محدش لبسه غيرك .. ربنا يتمملك على خيري ا “يويو”

قالت “آيات” بلهفه وهى تنظر الى نفسها فى المرآة :

– يارب يعجب “آدم”

حاولت “آيات” كثيراً الاتصال بـ “آدم” دون جدوى .. ظلت والدة “آدم” تستمع الى رنين هاتف ابنها كل فترة .. فأصابها القلق لعدم رده .. دخلت غرفته لتجده فوق فراشه

بملابس خروجه .. اقتربت منه لتجد العرق متصبب من وجهه وجسده وضعت كفها فوق جبينه لتجده مشتعلاً .. أصابها القلق فارتدت ملابسها وصعدت للطابق العلوى حيث جارهم

الطبيب وطلبت منه النزول لفحص ابنها .. أخبرها الطبيب بأنه أصيب بالبرد وكتب على بعض الأدوية .. نزلت والدته مسرعة لشراء الأدوية التى وصفها الطبيب عادت وجلست

بجواره وبجانبها الكمادات تضعها على جبينه ووجهه .. فتح “آدم” عينيه بصعوبة ليجدها جالسه بجواره تضع هذا الشئ البارد فوق وجهه .. نظر اليها ونظر اليه .. قالت

بقلق :

– انت كويس يا “آدم” ؟

أومأ برأسه فوجد رأسه يتألم من مجرد تلك الإيماءه البسيطة .. قالت أمه بحنان :

– طيب نام أنا حطالك فرخة على النار أول ما تخلص هجبلك تاكل

نظر “آدم” اليها ثم أغمض عينيه وراح فى سبات عميق من فرط التعب .. رن هاتفه مرة أخرى فنظرت والدته الى الهاتف الملقى بجواره على الأرض .. نظرت لتجد اسم “آيات”

.. نظرت الى “آدم” النائم .. ثم .. توجهت الى الخارج ببطء .. دفعها الفضول لتعرف من تلك الـ “آيات” التى تتصل بإبنها فى الحاح .. ردت قائله بتوجس :

– أيوة

شعرت “آيات” بالدهشة عندما استمعت لصوت امرأة .. فقالت :

– ألو .. مين معايا

قالت والدة “آدم” :

– أنا مامة “آدم” انتى مين ؟

ابتسمت “آيات” قائله بحماس :

– ازى حضرتك يا طنط .. أنا “آيات” .. خطيبته

وقع الخبر على رأس والدته كالصاعقة .. فرددت :

– خطيبته !

فقالت “آيات” :

– أيوة يا طنط .. معلش سامحيني أنا عرفت فى الخطوبة ان حضرتك كنتى مسافرة وتعبانه .. معلش كان لازم أكلمك بس أنا طلبت كتير الرقم من “آدم” وهو كان بيقولى ان

الظروف مش سامحه انى أكلم حضرتك

صمتت والدة “آدم” وقد تساقطت العبرات فوق عينيها وهى تقطب جبينها فى حزن وألم .. فقالت “آيات” :

– طنط حضرتك معايا

قالت والدة “آدم” :

– أيوة

قالت “آيات” بقلق :

– هو “آدم” موجود أنا بكلمه من الصبح مبيردش

قالت أمه ببرود :

– تعبان شوية

قالت “آيات” بجزع :

– تعبان ازاى يا طنط .. ماله “آدم”

قالت أمه :

– عنده برد وسخن أوى والدكتور كان لسه عنده من شوية

قالت “آيات” وهى تشعر بالحزن والألم :

– طيب يا طنط اديني العنوان

صمتت أمه قليلاً .. ثم ألقت نظرة على ابنها وهى تتسائل فى نفسها .. ماذا تفعل من خلف ظهرى يا “آدم” ؟ .. بالتأكيد تلك الخطوبة ليست طبيعية والا لكنت أخبرتنى

بأمرها ؟ .. اذا كنت تلعب فسأفسدك لعبتك يا بنى .. قالت والدته بجزم :

– خدى العنوان يا بنتى ……….

أسرعت “آيات” بإرتداء ملابسها فى عجالة وانطلقت بسيارتها الى العنوان الذى أخذته من والدته .. شعرت “آيات” بالدهشة وهى تدخل تلك المنطقة الشعبية البسيطة ..

أوقفت سيارتها أمام البيت بعدما تعبت وعانت فى ايجاد العنوان .. رأت سيارة “آدم” فعلمت أنها فى المكان الصحيح .. صعدت الطبقات الى أن وصلت الى البيت .. فتحت

لها والدته فنظرت اليها “آيات” تحاول تخمين أتلك المرأة أمه أم لا .. نظرت اليها أمه تحاول استكشاف تلك الخطيبة التى أخفاها ابنها عنها .. ابتسمت “آيات” قائله

بخجل :

– أنا “آيات” خطيبة “آدم” .. حضرتك مامته ؟

أومأت أمه برأسها وأفسحت لها للدخول .. شعرت “آيات” بالإرتباك بسبب تلك المعاملة الباردة التى تلقتها من والدته .. قالت والدته وهى تقوم بواجب الضيافه :

– اتفضلى يا بنتى .. تشربي ايه

قالت “آيات” :

– شكراً يا طنط مش عايزه أتعب حضرتك .. أنا بس عايزة أطمن على “آدم”

أشارت والدته الى غرفته وتقدمتها .. دخلت “آيات” لتجد “آدم” يتوسط الفراش وقطعة قماش مبللة بالماء فوق رأسه .. حبات العرق تنبت على وجهه .. اغرورقت عيناها بالعبرات

واقتربت منه تتحسس وجهه ثم قالت بقلق :

– ده سخن أوى

قالت أمه بهدوء :

– شوية وهيبقى كويس الدكتور كتبله على علاج وقال على بالليل هيكون كويس

جلست “آيات” بجواره وهى تشعر بالحزن من أجله .. تأملتها والدته جيداً .. تأملت هذا الحزن على وجهها وتلك العبرات فى عينيها ..نادت عليه كثيراً فلم يستيقظ ..

فالتفتت “آيات” لوالدته قائله بقلق :

– أجبله دكتور تانى ؟ .. أو ناخده مستشفى ؟

قالت والدته :

– يا بنتى ما تقلقيش .. حرارته هتنزل كمان شوية

قالت “آيات” بقلق :

– طيب

أزالة عن جبينه قطعة القماش التى سخنت من فرط حرارته المرتفعه وغمستها فى الماء البارد فق الكمودينو ثم عادت لوضعها على جبينه مرة أخرى .. قالت والدته :

– هروح أشوف الأكل الى على النار

قالت “آيات” وهى تنظر اليها :

– ماشى يا طنط ومتقلقيش أنا هعمله الكمادات

توجهت والدته الى المطبخ .. وظلت “آيات” بجواره وهى تنظر اليه بألم .. وتناديه بين الحين و الآخر .. تذكرت “آيات” استقبال والدته لها .. وشعرت بالقلق من تلك

المعاملة الباردة .. خرجت “آيات” من الغرفة تنظر يميناً ويساراً لتتلمس طريقها الى المطبخ . .سمعت صوتاً فتوجهت نحوهه .. التفتت والدة “آدم” لتجد “آيات” واقفة

على باب المطبخ وهى تبتسم بإرتباك .. قالت “آيات” :

– تحبي أساعدك يا طنط

قالت والدة “آيات” وهى تنظر الى ملابسها :

– لا شكراً هدومك هتتوسخ

ابتسمت “آيات” وتوجهت الى مريلة المطبخ القديمة المعلقة على الباب وارتدتها قائله بمرح :

– كده مش هتتوسخ

نظرت اليها وادته وكأنها تحاول استكشافها .. اقتربت “آيات” ووقفت لا تدرى ما تفعل فقالت والدته :

– لو بتعرفى تقشرى البصل قشريه

ابتسمت “آيات” بخجل وقالت :

– بصراحة أول مرة هقشر بصل

ثم قالت بحماس :

– بس لازم أتعلم عشان ان شاء الله لما نتجوز أنا و “آدم” أطبخله بنفسي

عملت المرأتان معاً فى المطبخ .. كانت والدة “آدم” تحاول معرفة معلومات عنها وعن علاقتها بابنها .. علمت بأنها احدى طالباته .. وبأن كتب كتابهما نهاية الأسبوع

.. شعرت بالألم يحرق قلبها .. وقالت فى نفسها لماذا يا “آدم” .. ماذا تحرمنى من أن أفرح بك وبزواجك .. اغرورت عيناها بالعبرات فقالت “آيات” بقلق :

– انتى كويسة يا طنط

قالت والدة “آدم” بهدوء :

– أيوة يا بنتى .. متشغليش بالك

سمع كلاهما صوت “آدم” ينادى والدته .. فقفزت “آيات” وتوجهت الى غرفة “آدم” ..التفت “آدم” ليشعر بالصدمة من رؤيتها أمامه .. قال بدهشة كبيرة وبصوت مبحوح :

– “آيات” .. انتى بتعملى ايه هنا ؟

قالت “آيات” وهى تقترب منه :

– اتصلت بيك وطنط ادتنى العنوان .. انت كويس يا حبيبى .. خضتنى عليك أوى

ظل عقل “آدم” يعمل بسرعة .. خشى أن تفسد خطته .. نظر اليها ليتبين رد فعلها بعدما رأت مكان عيشه .. لم يجد على وجهها سوى القلق من أجله .. دخلت والدته الغرفة

وهى تنظر اليه نظرات نارية .. يعرف سببها جيداً .. أخذت “آيات” من يد والدته الصينية الموضوع عليها الطعام وقالت لـ “آدم” بحنان :

– اعد كويس عشان أحطلك الأكل

جلس “آدم” بصعوبة فوضعت الصينية فوق قدميه .. رمقته بحنان وهى تبتسم له .. خرجت والدته من الغرفة وهى ترمقه بنظرة عتاب لم يتحملها فأشاح بوجهه عنها .. جلست

“آيات” بجواره وقالت بحنان :

– أأكلك أنا يا “آدم” ؟

هز رأسه نفياً .. وما كاد يمسك بالمعلقه حتى ارتعشت قليلاً فى يده وبدا خائر القوى .. امسكت “آيات” الملعقة وبدأت فى اطعامه كالطفل الصغير .. نظر اليها “آدم”

بعينين نصف مفتوحتين يتأملها وهى تطعمه .. ابتسمت له تلك الابتسامه العذبه التى اعتادتها عيناه وألفتها .. كان يتمنى أن يبتسم لها ..لكن رغماً عنه لم يستطع

.. لم يستطع خداعها بتلك البسمة .. التى ستعطيها المزيد من الشعور بالأمان .. وبالأمل .. شعر بإنقباض فى قلبه .. قالت “آيات” بحنان :

– كنت خايفة عليك أوى

أشاح بوجهه عنها وحاول أن يصم آذانه عن كلماتها وعن مشاعرها التى تغمره بها أزاح الصنية الموضوعه على قدمه وقال بعبوس :

– “آيات” روحى أنا بقيت كويس

قالت “آيات” بإستنكار :

– “آدم” انت ماكلتش حاجة .. وكمان أنا مش همشى غير لما أطمن عليك

شعر “آدم” بالنوم يداعب خفونه وبالإرهاق يشل حركته .. أغمض عينيه واستسلم له .. رمقته “آيات” فى حنان وحملت الصنية وتوجهت خارج الغرفة وأغلقتها بهدوء .. نظرت

الى والدته التى تعد الطعام على السفرة قائله بحزن :

– مكلش كويس .. ونام

قالت أمه :

– لما يصحى هخليه يكمل أكله

أخذت منها الصينية وقالت لها :

– يلا يا بنتى عشان ناكل سوا

ابتسمت “آيات” وهى تقول بمرح :

– ماشى يا طنط .. تسلم ايدك

بعد عدة ساعات أفاق “آدم” على ضحكات بالخارج .. قام من فوره وهو يتذكر “آيات” وهى تطعمه.. أخذ يسأل نفسه أكان هذا حلماً أم واقعاً .. خرج ليجد “آيات” جالسه

مع والدته أمام التلفاز .. نهض “آيات” قائله بسعادة :

– “آدم” الحمد لله

أدار “آدم” نظراته بينهما وظل صامتاً .. ثم فجأة نظر الى الساعة التى تجاوزت العاشرة بقليل وقال لـ “آيات” :

– انتى بتعملى ايه هنا لحد دلوقتى ؟

قالت “آيات” بحنان :

– محبتش أمشى قبل ما أطمن عليك

قال “آدم” وهو يشعر ببعض آثار التعب :

– “آيات” الوقت اتأخر .. يلا عشان تروحى

ابتسمت له قائلاً :

– حاضر .. بس لو سمحت ارجع أوضتك تانى وما تقومش من السرير غير عشان تصلى وبس

رمقته أمه بنظرات ساخرة .. فأبعد عينيه عن عينيها بسرعة وقال بنفاذ صبر :

– يلا يا “آيات”

دفعته “آيات” حتى عاد الى فراشه مرة أخرى ودثرته بغطائه ثم قالت بحنان :

– بكرة ان شاء الله هاجى أزورك

قال بحده :

– لا .. هبقى أتصل بيكي فى التليفون

شعرت بالحزن .. وبالضيق .. لماذا لا يريدها أن تزوره فى بيته مرة أخرى .. سلمت على والدته ثم حملت حقيبتها وخرجت .. نظرت والدته اليه وهى تقول :

– أنا مش فاهمة انت بتعمل ايه بالظبط .. مش هقولك الا ربنا يهديك يا ابنى .. ربنا يهديك ويهديلك نفسك ويبعد عنك شيطانك

حاولت “آيات” كثيراً تشغيل محرك سيارتها دون جدوى .. زفرت بضيق وسعدت مرة أخرى .. فتحت والدة “آدم” فقالت لها “آيات” فى حرج :

– معلش يا طنط .. متعرفيش ميكانيكي قريب من هنا العربية مش عايزه تدور

قالت والدة “آدم” :

– لا يا بنتى والله معرفش

قالت “آيات” مبتسمه :

– خلاص مفيش مشكلة أنا هاخد تاكسى وهسيبها هنا وهبقى أبعت حد ياخدها .. آسفه يا طنط على الازعاج

أغلقت والدة “آدم” الباب فخرج “آدم” من غرفته وهى يسير بصعوبة قائلاً :

– فى ايه يا ماما

قالت له :

– خطيبتك عربيتها عطلت وكانت بتسأل على ميكانيكى قولتلها معرفش

صمت “آدم” قليلاً ثم قال فجأة :

– ماما لو سمحتى نادى “آيات” بسرعة

فتحت والدته الباب ونادتها قبل أن تخرج من البوابة :

– “آيات”

نظرت “آيات” الى الأعلى وهتفت :

– أيوة يا طنط

قالت والدته :

– تعالى يا بنتى

صعدت “آيات” مرة أخرى فقال لها :

– “آدم” عايزك

ما كادت “آيات” تتوجه الى غرفته حتى خرج لها ووقف أمامها .. صمت للحظات ثم مد يده اليها بمفتاح سيارته قائلاً :

– خدى عربيتي يا “آيات”

نظرت “آيات” الى المفتاح ثم اليه وقالت مبتسمه :

– خلاص يا “آدم” أنا هاخد تاكسى مفيش مشكلة

نظر اليها بحزم قائلاً :

– مينفعش تركبى تاكسى لوحدك بالليل كده

خفق قلب “آيات” وهى تنظر اليه .. شعرت بالسعادة تغمر قلبها وهى تستشعر لأول مرة قلقه عليها .. قالت وهى لا تستطيع ابعاد عينها عن عينينه :

– خايف عليا ؟

خفق قلبه .. لأول مرة منذ زمن يشعر بأن داخل صدره قلب ينبض .. لكنه تمالك نفسه وقال بهدوء :

– يلا عشان متتأخريش

ابتسمت له وأخذت المفتاح وخرجت .. توجه الى شباك غرفته وفتحه وتابعها بعينيه حتى ركبت السيارة وانطلقت بها .. عاد الى فراشه يحاول النوم .. لكن النوم جفاه ..

لم يستطع أن يغمض عيناه الا بعدما اتصلت به “آيات” لتخبره بأنها وصلت الى بيتها بسلام .

الفصل العاشر

نصلي على حبيبنا المصطفى .

استقبل “آدم” صديقه “زياد” فى المطار قائلاً :

– حمدالله على السلامة يا “زيزو”

عانقه “زياد” قائلاً :

– الله يسلمك يا “آدم” .. خير جايبنى على ملا وشى ليه .. تعالى بسرعة وعايزك الموضوع ميحتملش تأجيل خير فهمنى بأه

قال “آدم” وهو يضع ذراعه على كتفيه ويسير معه :

– تعالى بس وأنا هحكيلك

توقفت سيارة “آدم” فى مكانه المفضل فوق جبل المقطم .. نزل و “زياد” ووقفاً متجاورين .. قال “زياد” مبتسماً :

– انت لسه بتحب تيجي هنا ؟

قال “آدم” وهو ينظر الى الفراغ أمامه :

– أيوة .. هنا بحس انى حر .. والأبواب كلها مفتوحة أدامى

نظر اليه “زياد” بإهتمام قائلاً :

– قولى بأه انت محتاجنى فى ايه ؟ .. وايه ده الموضوع اللى ميحتملش تأجيل

نظر اليه “آدم” قائلاً :

– أنا كتب كتابى بعد 5 أيام يا “زياد”

هتف “زياد” فى سعادة :

– ألف ألف مليون مبروك يا “آدم” .. اخص عليك ومخبى عليا مكنش العشم

نظر “آدم” أمامه فى وجوم .. اختفت ابتسامة “زياد” وسأله قائلاً :

– فى ايه يا “آدم” .. اوعى تقول أمك اللى غصبتك وجو أفلام الأبيض واسود ده

تنهد “آدم” قائلاً :

– لا محدش غصبنى

أشار اليه “زياد” قائلاً :

– بأه دى خلقة واحد هيتجوز بعد 5 أيام

قال “آدم” بجدية وهو يلتفت اليه :

– اسمعنى يا “زياد” .. اللى هكتب كتابى عليها دى تبقى بنت أخو “سراج حسان اليمانى”

نظر اليه “زياد” بدهشة كبيرة وقال :

– ازاى يعني بنت أخوه .. واشمعنى بنت أخوه .. وبعدين هو “سراج” ازاى سكتلك

صمت “آدم” فهتف “زياد” :

– “آدم” رد عليا وفهمنى ايه اللى بيحصل بالظبط

قال “آدم” ببرود وقسوة :

– “سراج” ميعرفش لانه مقاطع أبو خطيبتى .. وده اللى نفعنى لان “سراج” لو كان عرف كانت خطتى فشلت من أولها

نظر اليه “زياد” بشك قائلاً :

– خطت ايه اللى فشلت ؟ .. انت ناوى على ايه “آدم”

قال “آدم” بقسوة :

– ناوى أرجع حقى اللى اتسرق منى يا “زياد”

قال “زياد”:

– وهترجعه ازاى ؟

قال “آدم” ونظرات عينيه البارده تزيد من بروده الليل :

– هكتب كتابى عليها .. وهساومهم على الطلاق

نظر اليه “زياد” مصدوماً دون أن يتفوه بكلمه .. فأكمل “آدم” :

– ساعتها أبوها هيضطر يساعدنى ويضغط على أخوه يرجعلى حقى عشان يخلص بنته

خرج “زياد” من صمته قائلاً :

– يا سلام وافرض بأه “سراج” مرضاش يرجعلك حقك .. انت عارفه كلب وميهموش الا نفسه

قال “آدم” بحده :

– ساعتها أبوها هو اللى هيضطر يدفعلى حقى

قال “زياد” بحده :

– و ابوها ذنبه ايه يا “آدم” ؟

صاح “أدم” بضيق :

– هما مش عيلة فى بعض واللى سرقنى يبقى أخوه وابن أخوه .. خلاص يتصرفوا مع بعض المهم حقى يرجع

قال “زياد” بأسى :

– “وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى” يا “آدم”

ثم قال بتحدى :

– طيب افرض بأه مرضيوش ورفعوا عليك قضية خلع ولا قضية نصب هتعمل ايه ساعتها

صمت “آدم” قليلاً ثم التفت اليه قائلاً بهدوء :

– لا هيخافوا

قال “زياد” بدهشة :

– وايه اللى هيخليهم يخافوا ان شاء الله

قال “آدم” بجمود :

– لانى ههددهم ساعتها انى هقول انها كانت بتجيلي البيت وأسوأ سمعتها فى الكلية وأقول انى كنت على علاقة بيها من زمان

شعر”زياد” بالصدمة وهو يستمع الى كلمات “آدم” التى تخلو من أى خلق فقال :

– حرام عليك .. حرام عليك يا “آدم” وهى ذنبها ايه ؟

قال “آدم” بعصبيه :

– أنا مش هأذيها يا “زياد” .. أنا ههددهم بس لكن مش هقول عنها حاجة .. وبعدين أنا لو كنت عايز أأذيها كنت كشفت نفسي بعد الدخلة مش بعد كتب الكتاب .. أنا بس

عايز أمسك عليهم حاجة عشان أقدر أساوم بيها وأرجع حقى

هتف “زياد” بغضب :

– غلط يا “آدم” اللى انت بتعمله ده غلط .. ذنبها ايه هى وأبوها فى مشاكلك انت و “سراج” و “عاصى ” ؟

صاح “آدم” بغضب هادر وهو يشيح بيديه :

– و أنا ذنبي ايه فى اللى حصل ده كله ؟ ..نصبوا عليا هما الاتنين وسرقونى وكل ده عشان فسخت خطوبتى ببنتهم .. اترميت فى السجن شهرين مع الحرامية والنصابين والبلطجية

كل ده عشان طالبت بحقى .. بعتولى بلطجية لحد بيتي ضربونى وكسروه فوق دماغى وكسروا عربيتي كل ده عشان اتجرأت ورفعت عليهم قضية وبرده خسرتها .. قولى أعمل ايه

أرجع حقى ازاى .. مشيت صح خدت فوق دماغى .. معدش قدامى غير طريق واحد وهو انى آخد حقى بدراعى

ثم قال بقسوة شديدة :

– ومش بس آخد حقى .. أنا مش هسيبهم الا لما أنسفهم من أدامى نسف .. هحاربهم فى شغلهم لحد ما أخسرهم كل حاجة

نظر “زياد” الى صديقه بأسى وقال :

– أنا مقدر كل اللى انت بتقوله وعارف أد ايه انت اتظلمت يا “آدم” .. لكن مهما حصل مينفعش تظلم واحدة بريئة ملهاش ذنب فى أى حاجة .. انت بتقول انك مش هتأذيها

.. كون انك تكتب عليها وتطلقها ده مش هيبقى أذيه ليها ؟

قال “آدم” بعصبيه :

– لا مش أذيه .. أصلا كتب الكتاب زى الخطوبة شوف كام بنت خطوبتها بتتفسخ .. دى حاجه عاديه بتحصل لأى بنت

قال “زياد” وقد يأس من محاولة اقناعه :

– وجايبنى هنا ليه ؟

نظر اليه “آدم” قائلاً :

– محتاجك معايا .. عايزك تكون شاهد على العقد .. لان طبعا مفيش حد من قرايبي هيكون موجود ولا حتى والدتى مفيش الا زمايلى فى الجامعة .. فهقدمك ليهم على انك

قريبي .. مش عايز أثير شكوكهم لحد ما كتب الكتاب يتم

قال “زياد” بأسى :

– أنا آسف يا “آدم” مستحيل أشارك فى حاجة زى كده

صاح “آدم” بغضب :

– هو انا بقولك اشهد على ورقة جواز عرفى .. ده جواز يا ابنى على ايد مأذون

قال “زياد” بحزم :

– جواز لعبة يا “آدم” .. لعبة بتلعبها عشان تضر بيها غيرك وأنا مستحيل أشارك فى كده

قال “آدم” بحنق :

– قولتلك محدش هينضر

وضع “زياد” كفه على كتف “آدم” قائلاً :

– أتمنى يا “آدم” انك تصحى وتفوق لنفسك قبل فوات الأوان

**********************************

جلست “بوسى” على الأريكة تفكر فى ألف طريقة وطريقة للإنتقام من “آدم” الذى خانها وباعها .. كانت تشعر بالغضب والحقد والكره .. ودت لو توجهت اليه فى الجامعة

وفضحته وسط طلابه .. وأخبرتهم بحقيقة هذا الرجل الذى يجمعه بها علاقة محرمة .. والذى يسحب منها الأموال ليصرفها على ملذاته .. والذى لا يصلح لأن يكون دكتورة

فى جامعة محترمة ومسؤلاً عن طالبات فى سن المراهقة .. أخذت تقطم أضافر يدها بعصبيه وهى تحاول أن تصل الى خطة محكمة للإنتقام .. فهى تعرف “آدم” جيداً وتعرف طرقه

الملتوية للهروب من أى مشكلة .. فجأة سمعت صوت المفتاح فى الباب فهبت واقفة .. دخل “آدم” وألقى عليها نظرة وأغلق الباب خلفه .. اقترب منها مبتسماً .. ودت لو

قفزت وأمسكت فى عنقه وحطمته بين يديها لكنها تمالكت نفسها حتى تحين اللحظة المناسبة .. قال “آدم” بصوته الرخيم وهو يقبل وجنتيها :

– ازيك يا حبيبتى

عقدت ذراعيها أمام صدرها وهى تنظر اليه بحده .. أخرج يده من خلف ظهره محملة بباقة ورد كبيرة وابتسم لها قائلاً :

– دى عشانك

نظرت “بوسى” الى الباقة ثم اليه دون أن تلمسها فقال “آدم” :

– مضايقه منى عشان بقالى فترة بعيد عنك مش كده ؟

عانقها قائلاً :

– حبيبتى معلش حقك عليا بس مكنتش فى المود الأيام اللى فاتت وكنت محتاج أبقى لوحدى شويه

قالت له “بوسى” :

– ودلوقتى انت فى المود

أبعدها عنه ونظر اليها مبتسماً وقال :

– أيوة يا حبيبتى وجيت أصالحك وأقولك أنا آسف يا “بوسى” .. وكمان أخرجك ونسهر سهرة حلوة .. ايه رأيك ؟

أخذت منه الباقه وهى تقول بلؤم :

– ماشى يا حبيبى ثوانى أجهز نفسى

دخلت “بوسى” وبدلت ملابسها وقد شعرت بالدهشة من تغيره المفاجئ خاصة بعدما علمت بأمر كتب كتابه .. كانت واثقه من أنه يريد منها شيئاً ما والا لما عاملها بتلك

الطريقة الحانية .. خرجا معاً الى احدى المطاعم الراقية وحرص “آدم” على تدليلها كثيراً حتى كادت أن تتناسى أمر خطبته .. نظرت الى يديه لتجدهما خاليتان من أى

دبلة .. ففكرت تُرى أكذبت عليها الفتاتان بالجامعة ؟ .. ثم قالت لنفسها ولما تكذبان .. ما مصلحتهما فى ذلك .. انتهت السهرة التى كانت كالحلم بالنسبة لها ..

فمضى زمن لم ترى “آدم” يدللها على هذا النحو .. عادا الى البيت بدلت ملابسها فعانقها “آدم” قائلاً :

– وحشتيني أوى يا “بوسى”

ابتسمت قائله وقد تناست كل غضبها :

– وانت كمان يا حبيبى

رفع رأسها ونظر اليها يداعب خصلات شعرها وهو يقول :

– “بوسى” عايز منك خدمه

ابتسمت وهى تلقى برأسها فوق صدره قائله :

– أأمر يا حبيبى

اتسعت عيناها دهشة وتجمدت مكانها عندما سمعته يقول :

– عايز 30 ألف تانيين غير اللى خدتهم .. وهردهملك فى أقرب وقت

ابتعدت عنه “بوسى” ونظرت اليه بحده قائله بإحتقار :

– هو ده بأه اللى مخليك تعاملنى طول الليل زى البرنسيسة .. أنا برده قولت هو “آدم” عيان ولا ايه عشان يعاملنى بالحنية دى

زفر “آدم” بضيق وقال :

– ايه لزمة الكلام ده دلوقتى

صاحت بغضب :

– عشان مبتعرفنيش الا لو كنت عايز حاجة يا “آدم” .. مبسمعش كلمة حلوة منك الا لو كنت عايز منى حاجة .. ارحمنى بأه .. انت ايه مبتحسش

حمل “آدم” الجاكت فى عصبيه وهتف فى غضب :

– أنا خارج

أسرعت خلفه وصاحت بغضب :

– فى ستين داهية

خرج وأغلق الباب خلفه بقوة .. اتجه الى سيارته وانطلق بها بعصبيه بالغة

*****************************************

وقفت “ايمان” ترتدى اسدالها وتنشر الغسيل فى شرفة بيتهم .. عندما تعالت فجأة أصوات الزغاريد .. نظرت “إيمان” حولها لتتبين مصدر تلك الزغاريد .. قفز قلبها من

مكانه عندما أدركت ان تلك الأصوات منبعثة من داخل بيتها .. تركت ما بيدها ودخلت لتستقبلها أمها قالت بلهفه :

– فى ايه يا ماما ؟

أطلقت “أمها” زغروده أخرى ثم قالت :

– العريس وافق يا “إيمان” وجاى هو وأمه وأبوه يوم الخميس عشان يخطبوكى

تحولت ملامح “إيمان” من الصدمة الى عدم التصديق الى السعادة وهى تصيح بفرح :

– بجد يا ماما .. متأكده ؟ .. اوعى تكونى بتهزرى

أطلقت أمها زغروده أخرى وقالت :

– مبروك يا “إيمان” مبروك يا حبيبتى

قفزت “إيمان” فى الهواء وهى لا تصدق سعادتها .. سمعتا طرقات على الباب فتحت لتجد احدى جاراتها تقول :

– خير يا أم “على” سمعنا زغاريت طالعه من عندكوا

قالت أمها بسعادة :

– عقبال عندك يا أم “محمد” .. “إيمان” بنتى هتتخطب

أطلقت المرأة زغروده ثم قالت :

– يا ألف نهار أبيض والله وكبرتى يا “إيمان” .. عقبال على يا أم “على”

قالت أمها ضاحكة :

– تعيشي .. وعقبال متفرحى بولادك انتى كمان .. ادخلى ادخلى لازم أعملك شربات حلاوة الخبر الحلو ده

دخلت “إيمان” غرفتها وهى لا تصدق نفسها .. لا تصدق أن السعادة طرقت بابها أخيراً .. سجدت الى الله شاكرة له .. وقلبها يقفز من الفرح .. فتحت دولاب ملابسها للتتخير

منذ الآن .. ماذا سترتدى لملاقاة عريسها وأهله

**************************************

تلقت “سمر” مكالمة من “إيمان” قالت لها فيها :

– “سمر” مش هتصدقى .. العريس وافق عليا يا “سمر”

قالت “سمر” بسعادة ممزوجة بدهشة :

– انهى يا “إيمان” .. اللى كان رفض؟

قالت “إيمان” بفرح :

– لا مش ده ده واحد غيره

قالت “سمر” بعتاب وهى تضحك :

– اخص عليكي مجبتليش سيرته يا نادله

قالت “إيمان” :

– معلش يا “سمر” والله كنت خايفه يرفض ويبقى شكلى زبالة كالعادة

ضحكت “سمر” قائله :

– والله فرحتيني يا “إيمان” ربنا يتمملك على خير يا حبيبتى

قالت “إيمان” بلهفه :

– بقولك ايه تعالى عدى عليا النهاردة .. هو وأهله جايين يوم الخميس وعايزاكى تختارى معايا الهدوم الى هلبسها

قالت “سمر” :

– ماشى يا حبيبتى هخلص شغل وأعدى عليكي ان شاء الله

قالت “إيمان” بسعادة :

– متحرمش منك يا “سمر” وعقبالك انتى كمان

اختفت ابتسامة “سمر” لكنها عادت لترسمها على وجهها مرة أخرى وقالت :

– المهم نفرح بيكي الأول يا عروسه .. يلا اقفلى عشان ألحق أخلص الكشوفات اللى بره دى

قالت “إيمان” ضاحكة :

– كروتيهم يا “سمر” ده أنا قلبت العيانين النهاردة عشان أروح بدرى

ضحكت “سمر” قائله :

– ما انتى فاشلة هقول ايه .. يلا يا بت سبينى أشوف شغلى خليني أجيلك بدرى

قالت “إيمان” بلهفه :

– ماشى هستناكى يلا سلام

أنهت “سمر” عملها وتوجهت الى بيت “إيمان” التفتت لتدخل البوابة فوجدت شاباً جالساً يسد مكان الدخول فغضت بصرها وقالت :

– لو سمحت ممكن أعدى

نظر اليها الشاب وابتسم فى مرح قائلاً :

– تدفعى كام وأنا أعديكي

زفرت “سمر” بضيق وقالت :

– لو سمحت عديني

قال الشاب ضاحكاً :

– طيب قوميني عشان مش قادر أقوم

ما كاد “على” يخرج من المسجد المواجه لبيته حتى وجد “سمر” واقفة لا تستطيع الدخول من البوابة تطرق برأسها وعلى وجهها علامات الضيق .. والشاب الجالس يرمقها بنظراته

ويبتسم فى وجهها .. شعر “على” بدماؤه تغلى فى عروقه واقترب من الشاب صائحاً :

– لم نفسك يله

اختفت ابتسامة الشاب والتفت هو و “سمر” ينظران الى على الذى جذب الشاب من ملابسه وهو يصيح بغضب :

– لو عايز تتربى قولى وأنا أربيك

صاح الشاب :

– ايه فى ايه يا “على” .. انا معملتهاش حاجة

ثم التفت الشاب الى “سمر” قائلاً بحنق :

– عدى يا ستى

دخلت “سمر” من البوابة بسرعة فقال “على” للشاب وهو يرمقه بنظرات غاضبة :

– لو شوفتك بتضايقها تانى مش هسيبك فاهم

قال الشاب بحنق :

– خلاص يا سي “على” .. خلصنا بأه

دخل “على” البيت فوجد غرفة “إيمان” مغلقة فعلم أن “سمر” معها فى الداخل .. طرق الباب ثم وقف بعيداً .. فتحت “إيمان” الباب فأشار لها “على” بالخروج .. خرجت “إيمان”

وهى تنظر اليه بدهشة قائله :

– فى ايه يا “على” ؟

قال “على” وهو يلقى نظرة على باب غرفتها الذى أغلقته خلفها :

– قولى لصحبتك لو حد ضايقها تانى تقولك و أنا هعرف شغلى معاه

قالت “إيمان” بدهشة :

– مش فاهمة مين يضايق “سمر”

قال “على” :

– قوليلها بس اللى قولتهولك ده

قالت بإستغراب :

– ماشى هقولها

دخلت “إيمان” وقالت لـ “سمر” التى كانت تتفحص ملابس “إيمان” المعلقة فى دولابها :

– “على” قالى أقولك لو حد ضايقك تانى قوليلى وهو هيتصرف معاه

التفتت “سمر” تنظر الى “إيمان” بإرتباك .. وأومأت برأسها ثم عادت تتفحص الملابس .. قالت “إيمان” بخبث وهى تجلس فوق فراشها :

– هى ايه الحكاية بالظبط ؟

قالت “سمر” بصوت هادئ :

– مفيش .. فى شاب ضايقنى تحت ومكنش راضى يعديني وأخوكى هزأه .. بس كده

قالت “إيمان” بلؤم وهى تبتسم :

– آه قولتيلي .. أصل أخويا “على” بيغير جدا

احمر وجه “سمر” وقالت لتغير الموضوع :

– الطقم ده مناسب

قالت “إيمان” مبتسمه بخبث :

– أنا كمان شايفه كدة .. شايفاه مناسب

نظرت “سمر” الى “إيمان” بحده فإنفجرت “إيمان” ضاحكة وهى تقول :

– يا بنتى اعترفى بأه ده أنا صحبتك

قالت “سمر” بحده :

– أعترف بإيه .. انتى اتهبلتى فى عقلك يا “إيمان”

قالت “إيمان” بدلع :

– طيب خليكوا انتوا الاتنين كده .. بكرة تترجونى عشان أكون حمامة السلام بينكوا

قالت “سمر” بحنق :

– لا انتى شكلك اتهبلتى فعلاً .. العريس طير عقلك من أعده واحدة .. ربنا يستر من اللى هيحصل بعد كده

أطلقت “إيمان” ضحكة عالية و”سمر” ترمقها بنظرات غيظ

**************************************

نزلت “آيات” الدرج مبتسمه وهى متوجهة الى غرفة الصالون لملاقاة “آدم” لكنها توقفت فجأة عندما سمعته يقول :

– طيب على الأقل نأجلها لبعد كتب الكتاب

شعرت بالدهشة فأطرقت السمع .. سمعت والدها يقول بحزم :

– ازاى يعني يا دكتور .. خطوبة وكتب كتاب من غير شبكة .. لو مش مستعد حاليا خلاص نأجل كتب الكتاب شوية

قال “آدم” بسرعة :

– لا أنا مش حابب التأجيل

قال “عبد العزيز :

– وأنا مينفعش أوافق ان بنتى تتكتب كتابها من غير شبكة محترمة تليق بيها وبمقامها .. ولا انت مستخسر فى بنتى يا دكتور

قال “آدم” على الفور :

– لا طبعاً مش ممكن أستخسر فيها حاجة

صمت قليلاً ثم قال :

– خلاص على معادنا ان شاء الله .. وبعد بكرة ننزل نشترى الشبكة

قال “عبد العزيز” بإرتياح :

– على خيرة الله

توجهت “آيات” الى الغرفة وابتسمت فى وجههما .. خرجت “آيات” بصحبة “آدم” الذى بدا واجماً شارداً .. ابتسمت له قائله :

– فى حاجة يا حبيبى

قال “آدم” بوجوم :

– لا متشغليش بالك

ثم التفت اليها قائلاً :

– بعد بكرة ان شاء الله هننزل نشترى الشبكة وكتب الكتاب فى معاده

ابتسمت له وظلت عينيها معلقة به .. ثم ما لبثت أن شعرت بالأسى وهى تراقب جبينه المقطب ونظرات عينيه الحائرة .. توقف “أدم” عند احدى اشارات المرور فقالت له هامسه

وهى مازالت تنظر اليه :

– بحبك أوى

التفت “آدم” ينظر اليها .. خفق قلبه .. مرة أخرى .. وهو يرى الصدق فى عينيها .. حاول أن ينطق بها فلم يستطع .. لم يستطع قولها وهو ينظر الى عينيها .. فنظر أمامه

ثم قال :

– وأنا كمان بحبك أوى

ابتسمت “آيات” .. ثم ما لبثت شردت هى الأخرى وقطبت جبينها تفكر بعمق الى أن ظهرت علامات الارتياح على وجهها .. لما هداها اليه عقلها

**********************************

وقف “آدم” مع “زياد” فى شرفة بيت هذا الثاني وهو يقول بحنق :

– أعمل ايه أبوها طالب شبكة بمبلغ مش عارف أدبره ورافض يأجلها .. لو الشبكة مجتش مش هنعرف نكتب الكتاب

قال “زياد” بحزم وهو ينظر ال صديقه :

– طلعنى أنا خالص من اللعبة دى قولتلك مش هساعدك يا “آدم” .. مش عايز أشيل ذنب البنت الغلبانه دى هى وأبوها

قال “آدم” بحنق :

– هرجعهملك فى أقرب وقت يا “زياد” .. أنا خلاص هاخد حقى

قال “زياد” بجدية :

– لو خدتهم بالطريقة دى فلوسك هتبقى حرام يا “آدم”

قال “آدم” بغيظ :

– خلاص يا “زياد” فضها سيرة أنا هتصرف

قال “زياد” بتهكم :

– مخدتهمش ليه من البنك بتاعك

نظر اليه “آدم” بغيظ فأكمل “زياد” :

– ست “بوسى” هانم اللى مش لاقيه حد يربيها .. تعرف انت متستهلش الا واحدة زيها فعلاً

نظر اليه “آدم” بحده فأكمل قائلاً :

– مترد مخدتهمش منها ليه

قال “آدم” بإقتضاب :

– مريضيتش

قال “زياد” ساخراً :

– البنك فلس ولا بتتقل عليك ؟ .. شكلك عملت حاجة ضايقتها فقطعت عنك المصروف

صاح “آدم” بغضب :

– انت في ايه نازل تريقه من الصبح .. أنا غلطان انى جتلك أصلاً

توجه “آدم” الى الباب وقبل أن يخرج لحق به “زياد” قائلاً :

– “آدم” افتكر كويس المقولة اللى بتقول : “من يأبى اليوم قبول النصيحه التي لاتكلفه شيئاً فسوف يضطر في الغد الي شراء الأسف بأغلى سعر ”

توقف “آدم” للحظات وقد أولاه ظهره .. ثم تركه وخرج من البيت .. نظر اليه “زياد” من الشرفة وهو يركب سيارته .. فتنهد قائلاً :

– ربنا يهديك يا “آدم” .. وترجع “آدم” بتاع زمان

جلس “آدم” فى بيته ساهراً يفكر بضيق .. كيف يستطيع تدبير المبلغ لشراء الشبكة .. يفصله عن تحقيق خطته بضعة آلاف .. هل سيتهدم كل شئ فى لحظة .. شعر بالغضب وزفر

بضيق وهو لا يدرى ماذا يصنع ..

وجد فجأة “آدم” اتصالا من “بوسى” .. تجاهلها تماماً .. لكنه وجد بعد دقائق رسالة تقول فيها :

– تعالالى دلوقتى جبتلك المبلغ اللى طلبته .. منتظراك

ابتسم “آدم” بسعادة وقفز من فراشه توجه الى بيتها على الفور .. فتح الباب فاستقبلته “بوسى” بكامل زينتها وابتسمت فى وجهه وهى تقول :

– حبيبى مهنش عليا زعلك

اقترب “آدم” منها وعانقها قائلاً :

– تسلمى يا حبيبتى

رفعت “بوسى” رأسها وابتسمت له .. ثم توجهت الى المنضدة وحملت المال الموضوع فوقها واتجهت به الى “آدم” الذى لمعت عيناه بمجرد أن رآى المال فى يدها .. أخذه منها

وقبلها قائلاً :

– متقلقيش يا “بوسى” هرجعهملك فى أقرب وقت

ابتسمت قائله بدلال :

– “آدم” متسبنيش النهاردة .. أنا أصلا مسافره ومش هشوفك الا بعد فترة طويلة

سألها قائلاً دون اهتمام حقيقي :

– مسافرة فين ؟

قالت :

– مسافرة لأخويا فى أمريكا .. هعد عنده فترة يعني تغيير جو

ابتسم لها قائلاً :

– هتوحشيني يا “بوسى”

اقتربت منه هامسه :

– انت أكتر

جذبته من يده فترك المال على الطاولة وتوجه معها الى غرفة النوم ..

فى الصباح استيقظ “آدم” وألقى نظرة عليها ثم نهض وارتدى ملابسه وأخذ المال وغادر البيت .. سمعت “بوسى” صوت الباب وهو يغلق .. فنهضت تنظر للفراغ بجوارها فى سخرية

.. ثم توجهت الى المقعد الذى غيرت مكانه الليلة الماضية ووضعت فوق ظهره جزء من ستارة الشرفة .. رفعت الستارة لتظهر الكاميرا الموضوعه فوق ظهر المقعد .. أعادت

الفيديو من البداية لتظهر وهى تعدل من وضع الكامير .. حركت الصورة سريعاً ليظهر بعد ذلك “آدم” وهو يدخل الغرفة معها و …… ابتسمت بعدما تأكدت من تسجيل كل

شئ .. أخرجت كارت الذاكره من الكاميرا ووضعته فى كفها وأطبقت عليه بقوة وكأنها تطبق على كنز ثمين وابتسامة الإنتصار على شفتيها

*************************************

فى اليوم التالى وقف “آدم” فى مكانه المعتاد ينظر الى الفراغ وهو يشعر بشئ بداخله يحاول أن يثور ويفصح عن نفسه .. شعر وكأنه يحارب وحشاً لا يستطيع رؤيته ..

فى تلك اللحظة اتصلت “آيات” بـ “آدم” وقالت له :

– “آدم” انت فين ؟

قال “آدم” بوجوم :

– أنا فى المقطم

سألته بحنان :

– بتعمل ايه ؟

قال “آدم” :

– مش بعمل حاجة .. واقف فى المكان اللى بحب أروحه

قالت على الفور :

– طيب استنانى أنا جايه .. باى

قال بدهشة :

– “آيات” استنى

لكنها أغلقت الخط .. أراد الاتصال بها وعزمها عن عدم المجئ .. لكن شئ ما بداخله أرادها أن تأتى .. أراد أن يراها .. أن يسمع صوتها .. أن يرى الصدق والنقاء فى

عينيها .. وعذوبة ابتسامتها فوق شفتيها .. أتت .. تحمل تلك الإبتسامه التى شعر بأنها تزيح الجبال من فوق صدره .. أتت حاملة نظرات الحب فى عينيها .. والصدق والبراءة

فى ملامح وجهها الصافى .. أتت حاملة فى يديها علبة أخذ ينظر اليها بإستغراب .. اقتربت منه ووقفت أمامه مبتسمه دون أن تتكلم .. نظر الى العلبة فى يدها ثم اليها

وقال :

– جيتي ليه ؟

قالت دون أن تبعد عيناها عنه :

– انت فاكرنى مش هحس بيك وباللى مضايقك

اضطرب “آدم” وخفق قلبه بقوة .. نظر اليها يحاول فهم ما تعنيه فأكملت قائله بحنان :

– أنا سمعت كلامك مع بابا امبارح عن الشبكة

أشاح بوجهه عنها لكنه عاد ينظر اليها عندما قالت بحنان وهى ترمقه بنظرات حب :

– أنا كل حاجة معتمده فيها على بابا .. يعني أى حاجة عايزة أجيبها بخليه يجيبهالى أو بطلب منه فلوس على أدها .. وعمرى للأسف ما حوشت ولا فكرت أحوش .. وأى فلوس

كانت بتبقى معايا كنت بصرفها لانى عارفه انى لما هطلب من بابا هيدنى ومكنتش عارفه انى ممكن أحتاج فلوس ومقدرش أطلبها من بابا

تحولت نظرات “آدم” اليها الى نظرات دهشة ممزوجة بالقلق .. ضاقت عيناه يحاول فهم لما تخبره بكل ذلك .. نظرت “آيات” الى العلبة فى يدها ثم نظرت اليه .. نقل “آدم”

نظره من العلبة اليها ونظرات عينيه بدت كعلامة استفهام كبيرة .. قالت “آيات” بحنان ورقة وعذوبه وهى تفتح العلبة :

– ده دهبي يا “آدم” بيعه واشترى الشبكة اللى بابا طلبها منك

شعر “آدم” بغصة فى حلقة .. شعر وكأنه يختنق ولا يستطيع التنفس .. أكملت برقه :

– أنا عارفه ان صعب عليك تقبلهم منى .. بس أنا وانت واحد .. وخلاص بعد يومين هبقى مراتك والدهب ده هيبقى بعد كده فى بيتنا يعني ملكنا احنا الاتنين .. لو الظروف

ضاقت بيك فى يوم هتلاقيني بديهملك يا “آدم” .. فمفيش فرق خدتهم دلوقتى أو خدتهم بعدين

شعر بقلبه يريد أن يقفز من صدره ويذهب اليها ليعانقها ويحتويها فى حنان .. ظل ينظر اليها وهو يحتويها بنظراته .. شعر بالألم فى قلبه وهو يراها تقدم له كل ما

تملك فى سبيل أن تملكه هو .. تذكر خطته وانتقامه .. تذكر كيف سيكسر فرحتها ويحطم قلبها بعد يومين .. تذكر أن تلك العينان اللاتان تتطلعان اليه الآن بحب ستنهمر

منهما العبرات بسببه .. تذكر أن تلك الإبتسامه التى تزين وجهها ستموت فوق شفتيها بسببه .. تحاول أن تكون مصدر سعادته وهو لا يتوانى عن فعل شئ ليكون مصدر شقائها

.. نظر الى القطع الذهبية المتراصة فى العلبة التى تمسكها بيدها .. ثم نظر اليها فشعر بأنها أغلى قيمة من تلك القطع .. ود لو ضمها اليه وبثها حبه وحنانه ..

لكن مازال فى داخله سواد يسيطر عليه .. مازال شيطانه أقوى من مقاومته الضعيفه الهشه .. توجهت “آيات” الى سيارته ووضعت العلبة فوق المقعد .. ثم قالت له قبل أن

تغادر بإبتسامه عذبه :

– مستنياك بكرة أنا وبابا عشان نخرج نشترى الشبكة

قالت ذلك ثم توجهت الى سيارتها وانطلقت بها .. ظل “آدم” واقفاً فى مكانه وقد ازداد وجوماً وشروداً

************************************

ظل “آدم” طيلة اليوم حبيس غرفته .. ينظر الى القطع الذهبيه ويتلمسها بأصابعه .. تتقاذفه الأفكار يميناً ويساراً .. يسير فى الغرفة كالنمر الجريح .. لا يعرف

وجهته .. لا يعرف دواءه .. فقط يشعر بالألم وبالقهر .. حاولت “آيات” كثيراُ الإتصال به .. لكنه لم يجيب .. كيف يجيب .. بماذا سيجيب .. أيبثها المزيد من كلماته

الخادعة .. ووعوده الزائفة .. وأحلاماً ستتحول الى كابوس مزعج ستجد نفسها فى منتصفه .. وجد رساله منها تقول فيها :

– لو فاضى شوية افتح الفيس

جلس “آدم” أمام حاسوبه وكأن يدا خفيه تحركه .. وجدها لكنها لم تتحدث اليه .. ولم يتحدث اليها .. لا يدرى ماذا يقول لها .. ظل ينظر الى صورتها التى أرسلتها له

من قبل .. تباً .. لماذا يشعر بهذا الحنين .. لماذا يخفق قلبه برقه .. لماذا لم تعد خفقاته قاسية قوية .. أرسلت له رسالة فقرأها بلهفه ليعرف ما فيها :

– أحبك بجنون ولغيرك لن اكون

أحبك ملء عيونى لأن عيونك ملكونى

أتمناك بجانبى ولكنى أخاف منك معذبى

أحب قربك وأبغض بعدك

أعيش لك وأهيم بك

ليتنى أتنفس عبيرك

وأنعم بحنانك

ولكنى أخاف فقدانك *

تملكه شعور لم يألفه من قبل .. ورقه لم يعهدها بداخله .. وحناناً جارفاً يستشعره بكل كيانه .. نظر الى تلك العلامة التى تظهر وتختفى فى انتظار حروفه .. فى انتظار

كلماته .. لم يشعر إلا بأصابعه وهى تكتب على لوحة المفاتيح :

– متخفيش مش هسيبك أبداً

ظل ينظر الى تلك الجملة التى أرسلها .. وسأل نفسه لماذا أرسلها .. ألتكتمل خطتك .. ألتشعرها بالأمان حتى تُكلل خطتك بالنصر .. وجد نفسه يقول .. لا بل أرسلتها

.. لأننى حقاً أشعر بها .. نعم .. لن أتركها أبداً

***********************************

هتف “زياد” قائلاً :

– انت بتتكلم جد ؟

قال “آدم” وجالس معه فى منزله :

– أيوة .. ادتنى دهبها وقالتلى اشترى الشبكة اللى بابا طلبها منك

نظر اليه “زياد” بحده قائلاً بحنق :

– والله انت ما تستاهل ضفرها .. هو فى كده .. البنت شكلها بتحبك فعلاً يا “آدم” .. حرام عليك دى لو عرفت الحقيقة ممكن يجرالها حاجة

صمت “آدم” قليلاً ثم قال :

– أنا هعمل تعديل فى الخطة

صاح “زياد” بحنق :

– المفروض تلغى الخطة من الأساس مش تعمل فيها تعديل

وقف “آدم” فى مواجهة “زياد” قائلاً بغضب :

– مش هيب حقى يا “زياد” واللى الكلاب دول عملوه فيا هردهلهم الطاق طاقين

قال “زياد” بحنق :

– والبنت اللى ملهاش أى ذنب دى ؟

قال “آدم” بجدية :

– اسمعنى كويس .. منكرش انى بدأت أتأثر بيها وبدأت مشاعرى تتحرك نحيتها .. وفى نفس الوقت مش ناوى أتراجع عن خطتى

قال “زياد” بإستغراب :

– مش فاهم .. هتحلها ازاى دى

قال “آدم” بحزم :

– هنكتب الكتاب عادى فى معاده .. وبعد كتب الكتاب هفهمها على كل حاجة .. بس مش هتعرف باباها وهوهم باباها انى ببتزه عشان يساعدنى آخد فلوسى من أخوه .. وبعد

ما فلوسى ترجعلى هعرفه انى مكنتش ناوى أسيب “آيات” وانى متفق معاها على كده

صاح “زياد” متهكماً :

– ايه الخطة الفاشلة دى .. وانت متوقع انها هتخبي على أبوها .. وتسيبه مقهور أدامها وهو فاكر ان بنته مستقبلها بيضيع .. انت فاكرها صنم زيك

صاح “آدم” بنفاذ صبر :

– خلاص هخبي عليهم هما الاتنين وأنفذ خطتى عادى ولما آخد الفلوس هعرفهم انى مش هطلقها وانى عايزها

ضحك “زياد” ساخراً ثم قال :

– وأبوها يسامحك وهى تسامحك وينسوا انك ابتزيتهم .. وتعيشوا فى تبات ونبات وتخلفوا صبيان وبنات مش كده ؟ ده على فرض أصلا ان عمها هيدفعلك الفلوس .. أنا واثق

مليون المية ان عمره ما هيدفع حاجة .. اللى هيدفع الفلوس دى هو أبوها عشان يخلص بنته من ايدك

صمت “آدم” فأكمل “زياد” :

– “آدم” انت عايز كل حاجة فى ايدك .. ومحدش بياخد من الدنيا دى كل حاجة .. اختار .. يا فلوسك يا “آيات” .. مش هينفع تاخد الاتنين

ظل “آدم” محتفظاً بصمته لفترة .. ثم قال بحزم وهو ينظر الى “زياد” :

– لا هاخد الاتنين .. فلوسى و “آيات” .. أنا هعرف ازاى أخليها تسامحنى

قال “زياد” :

– و أبوها ؟ .. أبوها مش ممكن يسامحك

قال “آدم” بعناد :

– مش مهم أبوها يسامحنى .. أبوها ميفرقش معايا فى حاجه .. المهم هى .. وأنا هعرف ازاى أخليها تسامحنى

************************************

توجهت “آيات” مع والدها و “آدم” لشراء الشبكة .. نظر “آدم” اليها وهو يتأمل تعبيرات وجهها الفرحة وهى تختار شبكتها وتبتسم فى سعادة .. وجد الابتسامة ترتسم على

شفتيه رغماً عنه .. أخذ ينظر اليها برقه وهى تضحك مع والدها بمرح .. اختفت الإبتسامه من وجهه وهو يفكر فى اليوم العصيب الذى ينتظره فى الغد .. كان من المقرر

أن يفصح عن كل شئ فى يوم كتب الكتاب .. لكنه نظر الى تلك السعادة على محياها وهو يشعر بالأسف على ما سيحدث .. وما هو مضطر لأن يفعله .. قرر أن يؤجل الأمر اسبوعاً

.. حتى لا يكسر فرحتها بتلك السرعة .. سيحاول خلال الإسبوع أن يتقرب اليها حتى لا تقوى على العيس بدونه .. حتى اذا ما أتت لحظة طلب الصفح يجد قلبها مهيأ له

.. يعلم أنها طيبة القلب .. ستنسى الإساءة .. وتصفح عنه .. “آيات” تحبه .. لن تتركه .. لن تقوى على فراقه .. سيعمل على تحقيق ذلك قبل الافصاح عن كل شئ .. ظل

يردد تلك الكلمات حتى يقنع قلبه وعقله .. وحتى يريح ضميره .. نعم .. لن يطول الأمر كلها عدة أيام فقط أسترد خلالها حقى المسلوب .. ثم بعدها أطلب منها الصفح

وأطلب منها أن تشاركنى حياتى للأبد .. بالتأكيد ستصفح عنى .. نعم ستفعل .. حبها لى أكبر من بضع أيام تعيشها فى العذاب .. بضع أيام فقط .. وسينتهى هذا الكابوس

.. وسأنسج لها حلماً وردياً أعيش معها فيه للأبد

التفت والدها يقبل رأسها وهو يقول :

– ألف مبروك يا بنتى

قالت مبتسمة:

– الله يبارك فيك يا بابا

نظرت الى “آدم” فهمس قائلاً وابتسامته الجذابه على محياه :

– مبروك

همست بسعادة :

– مبروك علينا احنا الاتنين

امتدت يده ليمسك كفها الذى استقر فى راحته بإستكانه .. تطلع كل منهما الى الآخر فى سعادة

************************************

تأنق “آدم” أما مرآة غرفته وخرج متوجه الى باب البيت عندما خرجت أمه من غرفتها .. وقفت تنظر اليه بأعين دامعة .. تجمد “آدم” فى مكانه وهو يرى العبرات فى عينيها

.. تكلمت بصوت باكى وقالت :

مبروك يا ابنى

أخفض “آدم” رأه أرضاً وهو لا يقوى على مواجهة نظراتها .. تساقطت عبراتها وقالت بقلب مكلوم :

– كان نفسى أكون جمبك وأفرح لفرحك بس اظاهر انك مستعر من أمك يا “آدم”

أغمض عينيه وهو يشعر بكلماتها تمزقه وتؤلمه .. أكملت بصوتها الباكى :

– عروستك طيبة وبنت حلال ربنا يباركلكوا فى بعض

توجه “آدم” مسرعاً الى الباب ليخرج .. بل ليهرب .. تابعته أمه بعينيها وما كاد يخرج حتى جلست على أحد المقاعد لتنفجر فى بكاء مرير

وقفت “آيات” أمام المرآة تنظر الى نفسها بسعادة .. شعرت بالعبرات فى عينيها فقالت “أسماء” :

– بقولك ايه متبوظيش الميك اب مش عايزه دموع

التفتت اليها “آيات” وقالت بتأثر :

– حسه انى فرحانه أوى يا “أسماء” مش مصدقه

ثم نظرت الى المرآة مرة أخرى وهى تقول بحماس:

– خلاص بعد دقايق أنا و “آدم” هنتجوز .. وهنفضل مع بعض طول العمر

قالت “أسماء” مبتسمه :

– ربنا يتمملك على خير يا “آيات”

سمعتا طرقات على الباب .. اقتربت “حليمة” وهى تقول بأعين دامعه :

– بسم الله ما شاء الله .. زى القمر يا “آيات”

قالت “آيات” بحماس ممزج بالسعادة :

– بجد يا دادة يعني هعجب “آدم” ؟

قالت “حليمة” بحماس :

– ده انتى تعجبى الباشا

عانقتها والعبرات تتساقط على وجنتها وهى تقول :

– الحمد لله ان ربنا مد فى عمرى وشوفت اليوم ده

قالت “آيات” وهى تنظر اليها :

– دادة بتعيطي ليه دلوقتى هتخليني أعيط

قالت “أسماء” :

– لا أبوس ايدك يا “آيات” الميك اب هيبوظ

اقتربت احدى الخادمات من باب الغرفة وهى تقول مبتسمه :

– المأذون اتصل وقال انه على وصول يا آنسة “آيات”

شعرت “آيات” بقلبها يقفز فرحاً فنظرت الى نفسها فى المرآة للمرة الأخيرة وهى تقول فى نفسها بسعادة آخر مرة هبصلك وأنا الآنسة “آيات”

صفق الجميع لمرآى “آيات” وهى تبدو تبتسم لهم فى سعادة .. خفق قلب بسعادة “آدم” وهو ينظر اليها أمسك يدها قائلاً :

– زى القمر

قالت بسعادة :

– بجد

قال بحزم :

– أيوة بس اعملى حسابك مفيش ميك أب تانى بعد كده أنا سايبك النهاردة بس عشان عروسة وعايزه تفرحى .. بس بعد كده لو شوفتك بميك اب وانتى خارجة هيبقى فيها كلام

تانى .. الميك اب ده يبقى ليا أنا وبس وكمان يكون حاجة بسيطة مش بالشكل اللى يغير ملامحك

استمعت اليه “آيات” بسعادة فأكمل قائلاً :

– ولبسك كمان محتاج فرمته من أول وجديد

ضحكت قائله :

– كل اللى انت عايزه هعمله

بتسم لها قائلاً :

– يعني مش معترضه على حاجة من اللى قولتها ؟

نظرت اليه بحب قائله :

– تؤ

ابتسمت عيناه وقال :

– يعني هتسمعى كلامى على طول ؟

قالت هامسه :

– أيوة هسمع كلامك على طول

اتسعت ابتسامته وأحكم قبضته على كفها وهو يقول هامساً :

– اتفقنا يا مدام “آيات”

نظرت اليه “آيات” وهى تشعر بأنها ملكت من الدنيا .. كل شئ

توقفت سيارة أمام الفيلا .. وما كاد باب السيارة أن ينفتح حتى نزلت “بوسى” وتوجهت الى الأمن الواقف على الفيلا .. ألقت نظرة على الفيلا ثم قالت له :

– مش دى فيلا “عبد العزيز حسان اليمانى” ؟

قال رجل الأمن :

– أيوة يا فندم

نظرت “آيات” الى الزينة المعلقة بقلب مكلوم وبأعين تشع حقداً ثم قالت :

– ممكن أقابل بنته “آيات” ؟

قال الرجل :

-طيب لحظة واحدة

اتصل الرجل بالفيلا لترد عليه “حليمة” وأخبرها بأمر تلك المرأة التى تريد مقابلة “آيات”

توجهت “حليمة” الى بوابة الفيلا وهى تنظر للمرأة بأعين متفحصة .. قالت “حليمة” :

– اتفضلى يا هانم أقولها مين

قالت “بوسى” بتوتر :

– هى متعرفنيش بس عايزة أقابلها ضرورى

قالت “حليمة” :

– طيب اتفضلى

قالت “بوسى” :

– لا .. ياريت تخليها تطلعلى هنا .. أرجوكى أنا محتاجة أتكلم معاها ضرورى جداً

ثم سألت بقلق :

– كتب الكتاب اتكتب ولا لسه ؟

قالت “حليمة” وهى تشعر بالإستغراب من تلك المرأة :

– لسه

قالت “بوسى” بلهفة :

– طيب لو سمحتى نديلها بسرعة

توجهت “حليمة” الى الداخل واقتربت من “آيات” التى كانت محاطة بضيوفها وهمست لها قائله :

– “آيات” يا بنتى فى واحدة برده مصره تقابلك وبتقول حاجة مهمة أوى

قالت “آيات” بلا مبالاة :

– طيب خليها تدخل يا دادة

قالت “حليمة” :

– مش راضية تدخل وعايزاكى تطلعيلها

قالت “آيات” :

– خلاص قوليلها مش دلوقتى أنا مش فاضية خلاص المأذون جه وهيكتبوا الكتاب دلوقتى

قالت “حليمة” وهى تشعر بالقلق :

– بس يا بنتى أنا حسه انى قلبي متوغوش وحسه انها عايزه تقولك حاجه مهمة .. اطلعى شوفيها عايزه ايه بسرعه وارجعى تانى

خرجت “آيات” ووقفت أمام باب الفيلا وهى تقول :

– هى فين يا دادة ؟

قالت “حليمة” وهى تشير الى بوابة الفيلا :

– أهى واقفة أدام البوابة

توجهت “آيات” اليها بخطوات مسرعة ثم توقفت أمامها وهى تقول بعجاله :

– أيوة حضرتك عايزانى .. ياريت بسرعة عشان أنا مشغوله

قالت “بوسى” وهى تنظر اليها من رأسها الى أخمص قدميها .. ثم قالت بتهكم :

– لا معلش افضيلي شوية

شعرت “آيات” بالدهشة من الطريقة التى تتحدث بها وقالت :

– أفندم .. حضرتك تعرفيني

قالت “بوسى” بحزم :

– لا معرفكيش ومش عايزه أعرفك أصلا أنا جايه أقولك حاجة وأمشى

قالت “آيات” بحده ولم يعجبها طريقة تحدث تلك المرأة :

– أفندم .. اتفضلى

صمتت “بوسى” قليلاً ثم فجرت قنبلتها :

– أنا و “آدم” .. خطيبك .. على علاقة ببعض من أكتر من سنة .. ولحد دلوقتى لسه مع بعض

صمتت “آيات” للحظات ثم ابتسمت بسخرية وعقدت ذراعيها أمام صدرها وهى تقول بثقة شديدة :

– لو ده اللى جايه تقوليهولى يبأه تعبتى نفسك على الفاضى أنا بثق فى خطيبى جداً .. وثقتى فيه ملهاش حدود .. بعد اذنك

التفتت “آيات” لتعود الى الفيلا لكن “بوسى” جذبتها من ذراعها وهى تقول :

– طيب شوفى ده وقوليلى رأيك

أخرجت “بوسى” هاتفها من حقيبتها وحركت أصبعها على شاشته و “آيات” تنظر اليها بنفاذ صبر .. ثم وضعت الهاتف أمام وجهها وهى تقول بتهكم :

– شوفى ده كده وقوليلى لسه برده بتثقى فى خطيبك وثقتك فيه ملهاش حدود

أمسكت “آيات” الهاتف بنفاذ صبر وهى تقول :

– أنا مش عارفه انتى عايزه ايه بالظبط

نظرت “آيات” الى الشاشة ببرود .. ثم ما لبثت أن تجمدت نظراتها .. وتجمدت ملامح وجهها .. بل تجمد جسدها كله وتوقفت عن التنفس للحظات وهى تنظر الى ما عرضته “بوسى”

على شاشة هاتفها .. ثم .. وكأن دُبت فيها الحياة فجأة .. انتفضت وتركت الهاتف من يدها وكأنه أفعى سامة ليسقط أرضاً .. نظرت اليه وهو ملقى على الأرض لتتذكر بأنها

مازالت تحبس أنفاسها أخذت عدة شهقات تحاول بها ايصال الهواء لرئتيها .. لكن بدا وكأنها تشعر بالإختناق كانت تلهث كغريق فى بحر كبير مظلم .. ألتقطت “بوسى” هاتفها

ثم نظرت الى “آيات” بقلق وهى ترى انتفاضة جسدها وعينيها الغائرتين .. أحاطت .. ابتدى رجلا الأمن ينظران اليهما بشك .. التفتت “بوسى” اليها وقالت بسرعة وهى تحذف

الملف من هاتفها :

– أنا اسفة انى جيت متأخر بس “آدم” شرانى وكان لازم أعمل حسابي انى أكون بره البلد الفترة دى أنا حالا راحة المطار وهسافر لأخويا اعد عنده فترة

ثم قالت لها :

– خلى بالك “آدم” كان خاطب بنت عمك

نظرت اليها “آيات” وهى تشعر بأنها تلقت ضربة أخرى قاتله .. تجمدت العبرات فى عينيها وأخذت تحرك رأسها وهى تحاول أن تعى كل ما يحدث فقالت “بوسى” :

– عمك وابن عمك نصبوا عليه ده كل اللى أعرفه وواثقة انه مخطبكيش لله فى لله

“آدم” مبيحش حد الا نفسه وبس واثقه ان دى خطه عشان يستغلك بيها

تساقطت العبرات من عينيها وهى واقفة ترتجف كورقة فى مهب الريح وقد عقد لسانها فلم تستطع النطق بكلمة .. قالت “بوسى” وقد شعرت حقاً بالشفقة من أجلها :

– نصيحة منى ابعدى عن “آدم” .. ده راجل مؤذى

رفعت “آيات” رأسها وأخيرا وجدت فى نفسها القدرة لتقول بين شهقاتها وبصوت مبحوح مرتجف متألم :

– انتى مراته ؟

ابتسم “بوسى” ساخرة وقالت :

– لا مش مراته .. أنا صحبته

اتسعت عينا “آيات” وهى تنظر اليها فأكملت “بوسى” قبل أن تلتفت لتنصرف :

– عشيقته يعني

أطلقت “آيات” صرخة ألم ووضعت يديها على فمها تكتم آهاتها التى انبعثت من أعماق قلبها .. أحاطت جسدها بذراعيها واقشعر بدنها وعلامات التقزز على وجهها .. أحاطت

نفسها وكأنها تحميها مما رأت ومما سمعت .. تساقطت العبرات على وجنتيها كمجرى الماء المالح .. لم تستطع قدماها حملها فتهاوت مكانها على الأرض وهى تبكى بحرقة

.. وتطلق آنات ألم بين شهقات بكائها كغزال جريح فى وسط صحراء قاحلة .. اقترب رجل الأمن منها وقال بقلق :

– آنسة “آيات” .. انتى كويسة

كانت مغمضة العينين يرتجف جسدها من قوة شهقاتها وتعالى صوت آهاتها وأناتها التى تمزق القلب .. فقال مرة أخرى :

– آنسة “آيات”

أتى الحارس الأخر وهو يقول بإضطراب :

– روح بسرعة نادى حد من الفيلا ييجى يشوفها ملها

ثم التفت الى زميله يقول :

– هو كتب الكتاب اتكتب ولا لسه ؟

قال الحارس وهو يتوجه الى الفيلا :

– معرفش

أفاقت “آيات” على جملة “كتب الكتاب” فتوقفت شهقات بكائها وفتحت عينيها .. نظر اليها الحارس قائلاً :

– آنسه “آيات”

لم تجيبه .. دارت عيناها بسرعة وهى تفكر فيما يحدث داخل الفيلا الآن .. التفتت بحدة تنظر الى الفيلا خلفها ووجهها غارقاً بعبراته .. ارتجفت شفتاها وهى بشدة

وهى تهمهم :

– لا .. لا

جثا الحارس على ركبته بجوارها وهو يتفحصها بقلق ويقول :

– بتقولى ايه يا آنسة “آيات”

لم تجيبه “آيات” ولم تلتفت اليه حتى .. شهقت بقوة ونهضت ترفع طرف فستانها وتجرى بأقصى سرعتها فى اتجاه الفيلا وقلبها يخفق فى وجل .. كانت طعنات كعب حذائها على

الأرض تشق سكون الليل ويطغى على أصوات الموسيقى المنبعثة من داخل الفيلا .. هرولت لتسبق الريح .. بل لتسبق الزمن .. تساقطت عبراتها الساخنة لتحرق وجهها وكاد

قلبها أن يتوقف خوفاً وهلعاً وهى تدعو الله أن تصل قبل أن تُكتب وثيقة اعدامها.

—————————

* الخاطرة من كتابات العضوة الجميلة

هيا h

الفصل الحادي عشر

دارت عيناها بسرعة وهى تفكر فيما يحدث داخل الفيلا الآن .. التفتت بحدة تنظر الى الفيلا خلفها ووجهها غارقاً بعبراته .. ارتجفت شفتاها بشدة وهى تهمهم :

– لا .. لا

جثا الحارس على ركبته بجوارها وهو يتفحصها بقلق ويقول :

– بتقولى ايه يا آنسة “آيات”

لم تجيبه “آيات” ولم تلتفت اليه حتى .. شهقت بقوة ونهضت ترفع طرف فستانها تجرى بأقصى سرعتها فى اتجاه الفيلا وقلبها يخفق فى وجل .. كانت طعنات كعب حذائها على

الأرض تشق سكون الليل ويطغى على أصوات الموسيقى المنبعثة من داخل الفيلا .. هرولت لتسبق الريح .. بل لتسبق الزمن .. تساقطت عبراتها الساخنة لتحرق وجهها وكاد

قلبها أن يتوقف خوفاً وهلعاً وهى تدعو الله أن تصل قبل أن تُكتب وثيقة اعدامها

شقت “آيات” طريقها بين الحضور .. كانت الوجوه مبتسمه مبتهجة .. بحثت بعينيها عن والدها .. أقبلت “أسماء” نحوها قائله بقلق :

– “آيات” كنتى فين ؟

لم تجيبها “آيات” بل لم تسمعها .. جرت فى اتجاه حجرة الصالون حيث رأت المأذون جالساً وعلى يمينه “آدم” وعلى يساره والدها .. سمعت أحد أصدقاء والدها من خلفها

يقول :

– يلا يا عروسة مستنيينك عشان نكتب الكتاب

وقفت تنقل نظرها بين ثلاثتهم والحكل يختلط بالدموع على وجهها .. ارتج قلب “آدم” هلعاً عندما رآها على هذا النحو .. هب والدها واقفاً وقال فى هلع :

– “آيات” مالك ؟

التفتت تنظر الى والدها وقد بدأت فى النحيب مرة أخرى .. نظر والدها الى جسدها المرتعش فأحطاها بذراعيه قائلاً بحده من فرط خوفه :

– “آيات” .. مالك يا بنتى ؟

حاولت التحدث لكن الكلمات خانتها .. فقط كانت تبكى وترتجف عانقها والدها وهو يقرأ آيات من القرآن الكريم على مسامعها وقلبه يخفق فى هلع .. اقترب “آدم” منها

وقد هاله مرآها على هذا النحو .. وضع يده على كفتها وهو يقول بقلق بالغ :

– “آيات” ايه اللى حصل ؟

رفعت “آيات” رأسها الموضوع على صدر والدها وانتفضت بعدما رأت يد “آدم” الموضوعة عليها وابعدت نفسها عن يده وانزوات تدفن نفسها فى حضن والدها أكثر وهى تأن ألماُ

نظرت الى والدها بعينيها الدامعتين وكأنها ترجوه أن يحميها من “آدم” .. نظر اليها “آدم” بدهشة وهو لا يدرى ما بها ولما تبتعد عنه .. تجمهر بعض الضيوف فى حجرة

الصالون ونظرت الدهشة والفضول تملأ أعينهم .. فأراد “عبد العزيز” أن يبتعد بها عن عيونهم المتطفلة فقال :

– مفيش حاجة يا جماعة .. لحظات وهرجعلكم

جذبها والدها وتوجه بها الى مكتبه لحق بهما “آدم” وأغلق الباب خلفه .. اقترب منها “آدم” قائلاً وهو يكاد يجن من رؤيتها بهذه الحالة :

– “آيات” قوليلى فى ايه .. ايه اللى حصل ؟

كانت ماتزال تئن بصوت يمزق القلب .. وضعت يديها على أذنيها حتى لا تسمعه .. أغمضت عينيها حتى لا تراه .. تمنت أن يختفى من أمامها .. عانقها والدها وعبراته تتساقط

من عينيه قائلاً :

– يا بنتى .. يا بنتى ريحينى وقوليليى مالك

أنزلت يديها وتشبثت بملابس والدها بعدما كادت أن تسقط أرضاً أجلسها والدها على الأريكة وجلس بجوارها .. ذهب “آدم” مسرعاً لاحضار كوب من الماء .. قبل أن يعود

التفتت “آيات” الى والدها .. خرج صوتها كصوت الألم .. فلو كان للألم صوتاً مميزاً لكان هو صوتها فى تلك اللحظة :

– مش عايزاه يا بابا

نظر اليها والدها بلهفة ودهشة يحاول استيعاب ما يحدث لابنته مسح على رأسها قائلاً :

– مين يا حبيبتى .. “آدم” يا “آيات” .. مش عايزة “آدم” ؟

قالت “آيات” وسط بكائها :

– أيوة يا بابا .. ده واحد مقرف

كانت مازالت ترتجف .. جلس “عبد العزيز” بجوارها وقال بلهفه :

– احكيلي يا “آيات” ايه اللى حصل .. عملك ايه ؟

فى تلك اللحظة حضر “آدم” ومعه كوب الماء .. أشاحت “آيات” بوجهها عنه بحده وأغمضت عينيها بقوة .. نظر اليها “آدم” بدهشة وحيرة وخوف و ألم .. نقل والدها بصره

بينهما ثم التفت الى “آيات” قائلاً بحزم :

– قولى يا “آيات” متخفيش .. عملك ايه ؟ .. “آدم” عملك ايه ؟

نظر “آدم” الى والدها بدهشة ثم نظر الى “آيات” التى قالت بصوت مرتجف متألم وهى تخشى أن تفتح عينيها حتى لا تراه :

– واحدة جتيلى وورتنى فيديو ليهم مع بعض .. وقالتلى انه كان خاطب “شيرين” بنت عمو “سراج”

تجمد “آدم” فى مكانه وهو يستمع اليها .. فيديو .. أى فيديو .. ظل عقله يعمل بسرعة جنونية .. أمعقول أنها “بوسى” ! .. نظر “عبد العزيز” الى “آدم” بدهشة ممزوجة

بالغضب قائلاً :

– انت كنت خاطب “شيرين” بنت أخويا ؟

قبل أن يتحدث تحدثت “آيات” قائله بصوت باكى :

– قالتلى ان عمو “سراج” و “عاصى” نصبوا عليه فى فلوس وانه خطبنى عشان يستغلنى .. هى قالتلى كده

كانت “آيات” مازالت مغمضة العينين بقوة .. وترتعش كورقة فى مهب الريح .. أحاطها والدها بذراعيه ونظر الى “آدم” قائلاُ بغضب هادر :

– الكلام ده مظبوط ؟ .. انطق

لم يجيبه “آدم” بل نظر الى “آيات” قائلاً :

– فيديو ايه اللى وريتهولك ؟

صرخت “آيات” بألم وقد انخرطت فى بكاء حار وتضاعفت ارتعاشة جسدها وهى تتذكر ما رأت .. كاد “عبد العزيز” أن يصاب بالجنون هتف فى “آدم” بغضب :

– “آدم” الكلام ده مظبوط .. اتكلم

صمت “آدم” وقد أغمض عينيه بقوة وهو يشعر بأن كل خططه باءت بالفشل .. فتح عينيه قائلاً بصوت خافت :

– أيوة مظبوط

قال “عبد العزيز” بغضب ممزوج بالحيرة :

– يعني ايه .. انت كنت خاطب “شيرين” بنت أخويا .. وأخويا نصب عليك

ما كاد “عبد العزيز” ينتهى من جملته حتى هتف “آدم” ليدافع عن نفسه قائلاً بحده وغضب :

– أيوة كنت خاطبها كنت خاطب بنت أخوك .. وكنت شريك مع أخوك فى مشروع سياحى .. ولما لقيتها اتغيرت 180 درجة واتصاحبت على شلة فاسدة وبقت المشاكل تكتر بينا وبعد

ما نصحتها مرة واتنين وتلاته بدون أى استجابه فسخت خطوبتى معاها .. لكن أخوك المحترم وابن أخوك مضونى على عقود مزورة ونصبوا عليا وسرقوا فلوسى وسرقوا دراسة

الجدوى اللى كنت عاملها للمشروع

ثم قال بقسوة وغضب مكبوت :

– ومش بس كده بقيت كل ما أطالب بحقى يبعتولى بلطجية يأدبونى عشان اسكت ولما رفضت اسكت لفقولى قضية واترميت فى السجن شهرين

كان يلهث بشدة لكنه أكمل قائلاً :

– ومش بس كدة .. مش بس طلعت خسران من المشروع لا طلعت مديون كمان ولحد دلوقتى وأنا مديون ولولا ان صاحب الدين وافق انهم يتقسطوا كل شهر كان زمانى مرمى فى السجن

دلوقتى

نظر اليه “عبد العزيز” بغضب واحتقار وصاح :

– وأنا وبنتى ذنبنا ايه فى شغلك ومشاكلك انت وأخويا وابنه وبنته ؟ .. بتقرب مننا احنا ليه .. كنت عايز مننا ايه ؟

قال “آدم” ببرود :

– كنت عايز حقى

قال “عبد العزيز” بغضب :

– حقك تاخده من اللى ظلمك .. من اللى سرقك .. مش من ناس ملهمش أى دخل بالموضوع

قال “آدم” ببرود وان كان قد بأن يشعر بضعف موقفه :

– انتوا اخوات فى بعض يعني اللى حصل ده فى وشك انت كمان

نهض “عبد العزيز” ووقف أمام “آدم” وهو ينظر اليه بإحتقار قائلاً :

– انت انسان خسيس ومعندكش ذرة أخلاق ولا ضمير

صاح “آدم” بغضب :

– أخوك وابن أخوك نصبوا عليا وسرقونى ورمونى فى السجن .. مين فينا اللى معندوش أخلاق ولا ضمير

صاح “عبد العزيز” بقوة :

– أخويا أنا اصلا متبرى منه لانه نصاب وحرامى .. أقولهالك تانى .. أخويا نصاب وحرامى .. ومشاكله متخصنيش لا من قريب ولا من بعيد

ثم قال وعلامات الإشمئزاز على وجهه :

– خيبت ظنى فيك وأنا اللى فتحتلك بيتي وكنت هسلمك بنتى

فى تلك اللحظة شعر “آدم” بشئ من تأنيب الضمير .. شعر به وهو ينظر الى “آيات” التى ألقت برأسها على ظهر الأريكة وقد التفتت الى الجانب الآخر حتى لا تراه .. كانت

مغمضة العينين .. تتساقط عبراتها على وجهها فى صمت مزق قلبه .. نظر اليها بلهفه وقد أشفق عليها .. أشفق عليها مما رأته ومما سمعته .. ود لو جلس بجوارها وعانقها

وطلب منها عفوها وشرح لها ما عاناه وما أوصله لذلك الطريق بعدما أغلقت جميع الأبواب فى وجهه .. ود لو شرح لها الظلم الذى تعرض له علها تشفق عليه وتعذره .. نظر

اليها بألم وهو يتمنى أن يقترب منها ليمسح تلك العبرات المنسابة على وجنتيها .. أفاق على صوت “عبد العزيز” وهو يقول بصرامة :

– اتفضل اطلع بره بيتي مش عايز أشوف وشك هنا تانى .. والحمد لله اننا لسه على البر وبنتى متكتبش كتابها عليك

وقف “آدم” ينظر الى “آيات” بألم .. فصرخ به “عبد العزيز” بغضب مشيراً الى الباب :

– قولتلك اطلع بره بيتي

بدا وكأن أعصابها الملتهبة لم تحتمل هذا الكم من الصراخ فوضعت يديها على أذنيها وظلت تصرخ بقوة .. أرادت أن تهتف قائله : كفى لم أعد أحتمل .. لكنها لم تجد كلمات

تعبر بها عما تريد .. وكأنها طفل صغير لم يتعلم الكلام بعد .. ولغته الوحيدة التى يعرفها هى الصراخ الذى يعبر به عما يريد .. اقترب منها “عبد العزيز” بفزع وأحاطها

بذراعه قائلاً بصوت باكى :

– “آيات”

ظلت تصرخ الى أن بح صوتها .. تجمعت العبرات فى عيني “آدم” .. لأول مرة منذ زمن يشعر بنغزات الدموع فى عينيه .. اقترب منها “آدم” قائلاً بألم وبصوت مرتجف :

– “آيات” لو عايزانى أمشى همشى بس اهدى

ما هى إلا لحظات حتى سكنت وقد أغشى عليها بين ذراعي والدها .. هتف “آدم” بقلبه قبل لسانه :

– “آيات”

هم بأن يقترب منها .. لكن “عبد العزيز” قال بقوة وصرامة :

– ابعد عن بنتى .. امشى اطلع بره يا اما هطلبلك البوليس .. سمعت

انفتح الباب ليدخل أحد أصدقاء “عبد العزيز” بعدما ارتفع صوت الصراخ حتى أكل الفضول والخوف الضيوف بالخارج .. صرخ “عبد العزيز” فى صديقه وهو يشير الى “آدم” قائلاً

:

– طلعلى الكلب ده بره .. خليه يخفى من أدامى لقوم أقتله

قبل أن يتجه صديق “عبد العزيز” الى “آدم” كان قد غادر بالفعل تشيعه نظرات الدهشة والإستنكار والفضول من الجميع .. أسرع وتوجه الى سيارته الواقفة أمام الفيلا

.. وانطلق بها وأوقفها على بعد أمتار قليلة من بوابة الفيلا .. أخذ يضرب بقبضة يده على المقود بقوة وشراسه وهو يلعن هذا الحظ الذى أوصل “بوسى” الى “آيات” وقبل

لحظات من كتب الكتاب .. نعم هى “بوسى” ومن ستكون غيرها .. أراد أن ينطلق الى بيتها ليخرج فيها غضبه وحنقه لكنه أراد أولاً الإطمئنان على “آيات” المنهارة بالداخل

.. أخذ ينظر الى الفيلا عله يتبين أى شئ .. لحظات و تعالت أصوات سرينة سيارة الإسعاف .. قفز قلبه هلعاً .. دخلت السيارة الفيلا ليرى النقالة تخرج منها فارغة

ثم تعود محملة بـ “آيات” .. شعر بقلق بالغ .. رأى والدها يصعد معها فى سيارة الإسعاف قبل أن تنطلق فى طريقها الى المستشفى .. أدار “آدم” المحرك وانطلق بسيارته

خلف سيارة الإسعاف

***************************************

ظل “آدم” قابعاً فى سيارته أمام المستشفى قرابة النصف ساعة .. كان يخشى أن يدخل فيطرده “عبد العزيز” .. لكن قلقه على “آيات” أخذ يتضاعف الى أن لم يعد يحتمل

البقاء داخل السيارة نزل منها وتوجه الى الاستقبال ليسأل عن “آيات” علم رقم غرفتها والطبيب المشرف على حالتها .. سأل عن مكتب الطبيب وتوجه اليه قائلاً بلهفه

:

– لو سمحت يا دكتور .. “آيات عبد العزيز حسان اليمانى” الحالة اللى جت من شوية عايز أطمن عليها

سأله الطبيب :

– انت قريبها ؟

قال “آدم” بصوت خافت :

– خطيبها

قال الطبيب :

– عندها انهيار عصبي نتيجة تعرضها لصدمة مفاجئة أو شئ مقدرتش تتحمله .. اديناها مهدئ وان شاء الله تبقى كويسة .. أهم حاجة زى ما قولت لباباها هى محتاجة راحة

تامة وتبعد عن أى حاجة ممكن انها توترلها أعصابها

قال “آدم” بلهفه :

– يعني هتبقى كويسة ؟

قال الطبيب مبتسماً :

– أيوة متقلقش هى بس محتاجه راحة

شكره “آدم” .. توجه الى باب المستشفى ليخرج .. لكنه فجأة عدل عن رأيه وتوجه بدلاً من ذلك الى غرفة “آيات” غير عابئ بأمر والدها .. طرق الباب ودخل ليجدها بمفردها

وسط الفراش الأبيض وقد علقت لها المحاليل .. اقترب من فراشها ونظر اليها بألم .. كانت ساكنة مغمضة العينين .. مسح على شعرها برفق وهو يتمتم :

– أنا آسف يا “آيات”

كانت نائمة لا تسمع ما يقول لكنه أكمل هامساً بتأثر والدموع تلمع داخل عيناه وهو يمسح على شعرها بيده :

– والله ماكنت ناوى أذيكي .. “آيات” لو سمعتيني هتعذريني .. “آيات” أنا مكنتش هسيبك .. قسيت على نفسى أكتر ما قسيت عليكي بس غصب عنى

ثم نظر اليها بألم قائلاً :

– هتسامحيني مش كده ؟ انتى بتحبيني أكيد هتسامحيني

فجأة دخل “عبد العزيز” ليجد “آدم” بجوار ابنته فصراخ قائلاً :

– انت بتعمل ايه هنا .. ابعد عن بنتى يا حقير

ثم خرج من الغرفة وأخذ يصرخ قائلاً :

– نادولى أمن المستشفى بسرعة

خرج “آدم” من الغرفة وتوجه الى الخارج مسرعاً قبل أن يحضر الأمن .. توجه الى سيارته وانطلق بها وهو لا يدرى وجهته

*************************************

وقف “عبد العزيز” يصلى فى غرفة ابنته بالمستشفى وقلبه يبكى قبل عيونه .. أخذ يتضرع الى الله عز وجل أن يحفظ ابنته ويصرف عنها كيد الماكرين .. وينجيها من “آدم”

ومن شره .. أنهى صلاته وجلس على أحد المقاعد بجوار فراشها يتلو من كتاب الله بصوت خافت عله يتسرب الى آذانها ويخفف ما بها من هموم .. كان يتوقف كل فترة عن القراءة

ليتمتم :

– حسبي الله ونعم الوكيل .. ربنا ينتقم منك

فزع “زياد” من الطرقات المتتالية على باب بيته وصوت الجرس الذى لا ينقطع .. توجه الى الباب مسرعاً وفتحه وأخذ ينظر الى “آدم” بدهشة .. دخل “آدم” وتوجه الى أقرب

مقعد لينهار عليه .. أغلق “زياد” الباب وتوجه اليه قائلاً :

– فى ايه يا “آدم” ؟

أخفى “آدم” وجهه بين كفيه فجلس “زياد” بجواره وهو يقول بقلق :

– ايه اللى حصل ؟

قال “آدم” وهو ينظر اليه :

– آيات فى المستشفى الدكتور بيقول انهيار عصبي

هتف “زياد” :

– لا حول ولا قوة الا بالله .. ايه اللى حصل .. ايه اللى وصلها لكدة ؟

قص عليه “آدم” ما حدث ثم أعقب حديثه بعنف قائلاً :

– بنت التيييييييييييييت دى .. روحتلها البيت لقيتها غيرت الكالون

قال “زياد” بإرتياح :

– الحمد لله ان ده حصل الحمد لله

نظر اليه “آدم” بدهشة فقال “زياد” بحزم :

– ربنا ميرضاش بالظلم .. وانت كنت هتظلمها هى أبوها

صاح “آدم” :

– واللى حصلى مكنش ظلم ؟

قال “زياد” بحزم :

– مش معنى انك اتظلمت يبأه تظلم ناس ملهاش ذنب

تنهد “آدم” بقوة .. بالفعل .. بدأ الإحساس بالذنب يتسرب اليه رويداً رويداً .. رغم محاولته لمقاومة هذا الإحساس .. نظر الى “زياد” قائلاً وعلامات الألم على

وجهه :

– متتخيلش كانت بتصرخ ازاى .. كانت مغمضة عنيها عشان متشوفنيش يا “زياد” .. كان جسمها بيرتعش بطريقه غريبه .. صوت عياطها كان بيقطع فى قلبي

تنهد “زياد” قائلاً بأسى :

– أنا مش عارف عقلك كان فين يا “آدم” .. قولتلك بلاش يا “آدم” البنت شكلها بتحبك ومش هتستحمل انت عندت وصممت قولت هخليها تسامحنى

قال “آدم” بغيظ شديد :

– ماهى بنت التيييييييييييييت دى لو مكنتش عملت اللى عملته كان الموضوع هيكون أسهل .. لكنها وريتها فيديو ليا وليها واحنا مع بعض معرفش صورته ازاى

صمت قليلاً ثم قال :

– أكيد عرفت بموضوع كتب الكتاب .. وآخر مرة كنت عندها سجلت الفيديو ده

قال “زياد” :

– وانت كنت عندها امتى

قال “آدم” بضيق :

– أول امبارح .. كنت محتاج فلوس وهى دبرتهملى

قال “زياد” بحده :

– مش عارف أقولك ايه .. بجد ما عارفه أقولك ايه .. انت انحدرت لمستوى صعب أوى يا “آدم” .. عارف ايه الحاجة الوحيدة اللى مصبرانى عليك

لم يجيبه “آدم” فأكمل قائلاً :

– اننا عشرة عمر وانى عارف ان اللى أدامى دلوقتى مش “آدم” اللى أعرفه .. اللى أدامى دلوقتى شيطان

التفت “آدم” بحده وقد شعر بقوة الكلمة .. فأكمل “زياد” و هو يشير الى قلب “آدم” قائلاً :

– بس أنا واثق ان هنا لسه فى نقطة بيضا .. وانها هترجع تكبر تانى وتنور قلبه

تنهد “آدم” وقد شعر بإرهاق شديد .. ارهاق ذهني وبدني ونفسي .. ربت “زياد” على كتفه قائلاً :

– قوم ارتاحلك شوية

لم يكن “آدم” فى حاجة للإلحاح .. فقد كان فى أمس الحاجة للراحة بالفعل .. توجه الى احدى الغرف وألقى بنفسه فوق الفراش وأغمض عينيه واستسلم للنوم

*************************************

ها هى ترى حلمها مرة أخرى .. النجيلة الخضراء التى تتراقص مع نسمات الرياح .. والشمس تغرب فى الأفق وتزين السماء بألوانها الحمراء والبرتقالية والصفراء .. وها

هو فارسها مقبلاً على صهوة جواده .. فى عزم واصرار .. وها هى تبتسم وتستعد لإستقباله .. تستعد لأن تعطيه يدها ليجذبها خلفه وينطلق بها .. لكن ابتسامتها تلاشت

والفرحة فى عينيها انطفأت عندما اقترب منها الجواد لتكتشف أنه .. جـــواد بلا فـــارس

استيقظت “آيات” فجأة .. وهى تنظر الى الغرفة حولها .. حاولت أن تتذكر أين هى وماذا تفعل فى هذا المكان .. شعرت بأنها نسيت الزمان والمكان .. شعرت بكل شئ وقت

توقف .. حتى عقلها .. شعرت به وقد توقف عن العمل .. فجأة رأت وجه والدها يقترب منها ويتمتم :

– الحمد لله .. الحمد لله

نظرت اليه فى دهشة .. لماذا يبكى .. أين أنا .. ماذا أفعل فى هذا المكان .. وأين “آدم” .. كان اسمه هو الشرارة التى أعادت عقلها الى العمل .. وأعادت ذاكرتها

اليها .. “آدم” .. ذلك الحبيب الغارد الذى طعنها وتركها وسط دمائها وأشلائها ورحل .. بدأت فى النحيب و الأنين .. أسرع والدها لينادى الطبيب .. ليقدم دواؤه لصغيرته

التى تتألم وتبكى قهراً .. اقترب الطبيب حاملاً دواؤه .. ودت لو صرخت به .. لن ينفعنى دواؤك .. فجُرحى ليس له علاج .. جُرحى لن يندمل أبداً وان مر عليه ألف

عام .. لا تتعب نفسك أيها الطبيب لن تجد لدائى دواء .. دائى هو طعنات غادرة بيد من أحببت .. ألمثل تلك الجروح دواء ؟! .. لا تتعب نفسك أيها الطبيب .. حتى وإن

سكن أنيني وهدأ .. فلا تظن أنك نجحت فى علاجى وتقديم أسباب شفائي .. لأن أنين قلبي بداخلى لن يسكن أبداً .. أغمضت عينيها من جديد بعدما سرى المهدئ فى أوردتها

واختلط بدمائها .. أغمضت عينيها لتحلم مجدداً بجوادهــا الــذى فقــد فارســه

وقف “عبد العزيز” ينظر الى ابنته النائمة بأعين دامعه وقلب مكلوم .. تنهد فى حسرة وهو يمسح بيده على رأسها فى حنان .. كانت وغزات الألم فى قلبه تتزابد حتى صارت

غير محتملة .. وضع يده على قلبه ليوقف الألم اللعين الذى تفشى فيه دون جدوى .. شعر بالإختناق وبتنميل فى أطارفه .. ضغط الزر فحضرت الممرضة تلبي النداء .. أجلست

“عبد العزيز” بعدما رأت آثار التعب على وجهه .. ظل يعتصر صدره بيده وهو لا يقوى على شرح ما به من “آلام .. أقبل الطبيب ليخبر “عبد العزيز” بضرورة عمل آشعة على

.. القلــب

**************************************

استيقظ “آدم” على أصوات بالخارج .. استيقظ وجلس فى الفراش وهو ينظر الى بدلته التى مازال يرتديها و يتذكر أحداث الليلة الماضية والتى تمنى أن تكون كابوساً سيستيقظ

منه بعد برهه .. نزل من الفراش وتوجه الى الخارج ليجد “زياد” يعد الطاولة بطعام الإفطار .. نظر اليه “زياد” قائلاً :

– انت لسه مغيرتش هدومك .. ادخل خد دش وتعالى افطر

امتثل “آدم” لكلام “زياد” الذى أحضر له ما يرتديه .. جلس “آدم” على الطاولة يلوك الطعام فى فمه دون أن يشعر بمذاقه .. شارداً واجماً متغرقاً فى التفكير .. قال

له “زياد” :

– ناوى على ايه يا “آدم” ؟

قال “آدم” بأسى ممزوج باليأس :

– هعمل ايه يعنى .. خلاص كل حاجة ضاعت

نظر اليه “زياد” قائلاً :

– و خطيبتك ؟

ابتسم “آدم” بمرارة وقال :

– هى كمان ضاعت .. معتقدش انها ممكن ترضى تبص فى وشى تانى

تنهد “زياد” بأسى وقال بعتاب :

– قولتلك يا “آدم” محدش بياخد من الدنيا كل حاجة .. بس انت أصريت على اللى فى دماغك

نهض “آدم” ودخل الغرفة بدل ملابسه فقال له “زياد” قبل أن ينصرف :

– على فين ؟

قال “آدم” وهو يتوجه الى الباب :

– على المستشفى

لم يجد “آدم” طبيب “آيات” فسأل احدى الممرضات التى أخبرته أنها استيقظت بالأمس على نوبة عصبية وأن الطبيب أعطاها المزيد من المهدئ وأنها نائمة منذ الأمس ..

حاول “آدم” رؤيتها لكنه علم بأن والدها معها فى غرفتها .. ظل يتحرك فى المستشفى بالطير المذبوح .. يريد أن يطمئن عليها لكنه ممنوع من رؤيتها .. رأى “أسماء”

مقبلة من باب المستشفى بمجرد أن وقع نظرها عليه أقبلت نحوه قائله بلهفه :

– ايه اللى حصل لـ “آيات” يا دكتور “آدم” .. من امبارح وأنا مش عارفه أوصلها ولسه عمو رادد عليا من شوية وقالى انها فى المستشفى دى

قال “آدم” بحزم وهو ينظر الى “أسماء” :

– خليكي معاها يا “أسماء” متسبيهاش .. خليكي جمبها

قال ذلك ثم غادر المستشفى تحت أنظار “أسماء” المندهشة

لكن صدمت “أسماء” تضاعفت بعدما سمعت من والد “آيات” تطورات ما حدث الليلة الماضية .. فتحت فمها فى دهشة وهى تنظر الى صديقتها النائمة فى أسى وقالت بأسى :

– آه يا “آيات” يا حبيبتى أكيد كان صعب عليكي أوى

قال “عبد العزيز” بصوت مرهق :

– لازم أشتكيه للعميد بتاعه .. اللى زى ده ميصلحش انه يكون دكتور فى الجامعة .. حسبي الله ونعم الوكيل فيه ربنا ينتقم منه

************************************

جلست والدة “إيمان” فى غرفة المعيشة تفصص حبات البازيلاء أمام التلفاز .. اقترب منها “على” وجلس بجوارها وقبل يدها قائلاً :

– تسلم ايدك يا ست الكل

ابتسمت والدته قائله :

– تعيش يا “على”

– العريس وأهله جايين بعد بكرة مش كدة

– أيوة أمه لسه أفله معايا من شوية .. ربنا يجعله من نصيب أختك يا “على”

قال “على” مبتسماً :

– متقلقيش ان شاء الله خير .. ول كان من نصيبها هتاخده

صمتت قليلاً وبدا عليه الحرج ثم تنحنح قائلاً :

– ماما أنا كنت عايز أكلمك فى موضوع

نظرت اليه والدته قائله :

– عاز فلوس ؟

ازداد حرجه وقال بضيق :

– لا يا ماما أنا معايا فلوس

ثم نظر اليها قائلاً :

– ماما أنا بصراحة ومن الآخر كده معجب بواحدة من صحاب “إيمان” وعايزك تكلميها

قالت والدته ضاحكة :

– يبأه أكيد “سمر”

ابتسم “على” بحرج” فقالت والدته بلهفه :

– “سمر” مش كده ؟

أومأ “على” برأسه فقالت أمه بحماس :

– يازين ما اخترت دى بت زى النسمة ربنا يجعلها من نصيبك يا “على”

قال “على” بقلق :

– بصى يا ماما أنا لسه فى بداية الطريق وعارف انى هتعب شوية بس بصراحة خايف تضيع من ايدي فعشان كده يا ماما عايزك تكلمى “سمر” .. على الأقل نلبس دبل دلوقتى

وأنا ان شاء الله بدور على شغل تانى يكون أحسن من ده

قالت والدته بحماس :

– متشلش هم .. هتكلم معاها

قبل “على” يد والدته بفرح قائلاً :

– ربنا يخليكي لينا يا ماما

************************************

عاد “آدم” الى بيته تتبعه نظرات أمه المتفحصة .. اقتربت منه قائله :

– فى حاجة يا “آدم”

قال “آدم” بإرهاق :

– لا متشغليش بالك يا ماما

تنهدت أمه بحسرة وألم وهى ترى ابنها يقصيها من حياته ويخرجها منها .. تركته فى يأس وذهبت الى المطبخ .. دخل “آدم” غرفته وأغلق الباب .. توجه الى فراشه وجلس

عليه .. كانت علامات الحزن والأسى على وجهه .. والحيرة فى عينيه .. يشعر بأن كل ذلك كابوس وسيفيق منه .. لابد أن يكون كابوساً .. ليس من المعقول أن يخسر كل

شئ .. خطته .. و “آيات” .. تساءل .. تُرى كيف حالها الآن .. كيف ستتجاوز صدمتها .. أستستطيع نسيانه .. بل أسيستطيع هو نسيانها .. رغماً عنه شعر بشئ تجاهها ..

شعر بقلبه يتحرك من سباته ليخبره بأنه مازال فيه روحاً .. جذبته برقتها ملكته ببرائتها خطفت قلبه بصدقها ونقائها وحبها الكبير .. أحبته حباً يعرف جيداً بأنه

لا يستحقه .. أكثر ما يؤلمه هى نظرتها اليه التى تشوهت .. لم تعد تراه “آدم” ذلك الرجل الذى كتبت فيه الشعر والخواطر .. بالتأكيد تراه الآن شيطاناً .. كما رآه

أعز أصدقائه .. وكما تراه والدته .. قطب جبينه فى أسى .. وترددت أمانيه بداخله .. ليتك دخلتى حياتى فى وقت آخر وظرف آخر .. ليتك دخلتى حياتى وأنا “آدم” القديم

.. ليتك دخلتى حياتى قبل أن تتشوه .. ما كنت عندها لأفكر لحظة فى أن أؤذيكِ .. ما كنت عندها سأتركك لتضيعي من بين يدي .. برائتك أظهرت لى كم أنا حقير .. صدقكِ

أظهر لى كم انا زائف .. حبك أظهر لى كم أنا حقود .. تنهد فى ضيق وهو يشعر بغرفته تضيق به .. نهض وغادر بيته مسرعاً .. تجول فى الشوارع بسيارته وعيناه تشعان

حيرة وأسى

***********************************

اختارت “إيمان” ملابسها بعناية فائقه واستعدت لاستقبال عريسها ووالديه .. جلس الجميع معاً فى غرفة الصالون رغم اعتراض “على” الذى لم يلقى صدى من والديه .. لاحظت

“إيمان” منذ الوهلة الأولى ببعد حماتها عنها .. كانت تنظر اليها نظرات غير مريحة ولم تبتسم فى وجهها ولا مرة .. بل لم تبتسم أصلاً ولا مرة .. شعرت “إيمان” بالتوتر

وتحولت سعادتها الى خوف وهى ترمقها بنظراتها من حين لآخر علها تجد وجهها وقد لانت ملامحه .. انتبهت الى حديث عريسها والذى كان يتسم بخفة الظل .. ابتسمت على

نكاته وكتمت ضحكاتها على مزحاته .. شعرت بالسعادة وهى جالسه تستمع الى الحوار الدائر واهتمام والد العريس بمعرفة بعض التفاصيل عنها ومشاركتها فى الحديث .. لم

يعكر صفوها سوى عبوس والدة العريس والذى لاحظه الجميع .. انتهت الزيارة مبكراً بعدما أعلنت والدة العريس أنها ترغب فى الإنصراف .. نظرت “إيمان” الى والدتها

التى كانت تشعر بالضيق من تقرفات والدته التى تخلو من اللياقة .. فى الأسفل وبمجرد أن خرجوا من البوابة التفتت والدة العريس الى ابنها قائله بغيظ :

– وهى دى بأه اللى عجبتك يا فالح ؟

قال العريس :

– أيوة

صاحت :

– آه يا مرارى يانى .. وملقتش غير دى

قال ابنها بدهشة :

– مالها يا ماما ؟

قالت أمه بحنق وتهكم :

– انت مش شايف عامله زى الهضبة ازاى .. اتفرج عليها بعد الجواز والخلفة مش هتعرف تدخل من باب الشقة جتك الأرف فيك وفى ذوقك

قال ابنها بضيق :

– بس دكتورة ومحترمة وعجبنى شكلها .. وكمان أهلها ناس طيبين

قالت أمه بسخريه :

– وعامله زى ضلفة الدولاب

ثم قالت بحماس :

– يا ابنى دى خالتك “روحية” اتصلت بيا امبارح تقولى على حتت عروسة مفيش بعد كده .. انت اللى اتسرعت واتسربعت

قال ابنها :

– خلاص يا ماما بأه معدش ينفع الكلام ده

صاحت قائله :

– معدش ينفع ليه ان شاء الله هو انت كنت اتجوزتها ده مجرد كلام

قال بدهشة :

– يعني ايه ؟

قالت تشجعه :

– يعني تروح تشوف العروسة اللى خالتك “روحية” جيباهالك

قال ابنها وهو يفكر :

– وافرضى بأه معجبتنيش ابقى خسرت “إيمان”

قالت أمه بتهكم :

– بلا وكسة محسسنى انها السفيرة عزيزة .. أقولك يا ابن أمك تعمل ايه .. ما تقولهمش انك صرفت نظر لحد ما تشوف العروسة .. والله عجبتك يبأه تقول لأهل “إيمان”

انك صرفت نظر ومش مستريح .. معجبتكش أهو يبقى مخسرتش حاجة .. ها قولت ايه ؟

ابتسم ابنها قائله :

– فكرة حلوة يا ماما وكدة أبقى مسكت العصاية من النص

قالت أمه بحماس :

– وأنا متأكده انها هتعجبك دى خالتك “روحية” بتقول عليها كلام يشرح القلب

ثم نظرت حولها قائله بحنق :

– يلا من هنا أحسن قلبي اتقبض من ساعة ما شوفت البت دى

************************************

جلست “آيات” فى فراشها تنظر الى الجدار أمامها بعينان ذابلتان من كثرة البكاء .. اقتربت منها “أسماء” قائله بحنان :

– ايه رأيك أشغلك التى فى نتفرج على حاجة سوا ؟

لم تجيبها “آيات” .. فجلست بجوارها على الفراش تنظر اليها بأسى وهى تقول :

– “آيات” .. طب اتكلمى .. مش أنا صحبتك .. قوليلى أى حاجة

ظهرت الدموع فى عيني “آيات” وهى مازالت تنظر الى الجدار أمامها وتضم قدميها الى صدرها .. قالت “أسماء” بحنان :

– عارفه ان اللى حصلك مكنش سهل .. بس صدقيني بكره تنسيه

أطلقت “آيات” آهة ألم ثم بدأت فى النحيب بضعف .. فحتى البكاء لم تعد تقوى عليه شعرت بأن طاقتها قد نفذت .. أو على وشك النفاذ .. عانقتها “أسماء” والدموع تتجمع

فى عينيها هى الأخرى وهى تقول :

– خلاص يا “آيات” .. كفاية عياط بأه

لم يكن بكاءاً بقدر ما كان أنيناً .. حضنتها “أسماء” الى أن توقفت عن بكائها فابعدتها عنها ومسحت عبراتها وهى تقول بحماس :

– والله بكره تنسيه وتنسى كل اللى حصل ولا كأنه دخل حياتك .. وكلها شهر وشوية ونمتحن ونخلص من الكلية دى خالص .. وننسى سيرتها وكل حاجة عنها

نظرت اليها “آيات” بضعف وحزن وأسى .. فقالت “أسماء” بحماس :

– بكرة تشوفى وتقولى “أسماء” قالت .. يا بنتى اللى يبيعك بيعيه .. ده واحد ميستهلش انك تعيطي عليه أصلاً .. هو اللى خسرك مش انتى اللى خسرتيه يا “آيات”

ثم قالت :

– عارفه لما شوفته فى المستشفى قبل ما اعرف الحكاية .. كان باين عليه مضايق أوى وحزين أوى .. يا بنتى والله هو اللى خسر وندم وزمانه هيموت ويرجعلك .. أصلاً

عمره ما هيلاقى واحده زيك وهو عارف كده كويس .. والله هو اللى خسر يا “آيات” مش انتى

تنهدت “آيات” وهى تغمص عينيها تعباً فقالت “أسماء” بحنان :

– نامى شوية يا حبيبتى

تمددت “آيات” وقامت “أماء” بتغطيتها .. وجلست على المقعد المجاور لفراشها .. أغمضت “آيات” عينيها علها تهرب من واقعها .. فالنوم بالنسبة لها ما هو الا وسيلة

للهروب من هذا الواقع الأليم

***************************************

خرجت “آيات” من المستشفى وعادت الى الفيلا .. فى المساء دخل والدها اليها وابتسم لها قائلاً :

– أخبار حبيبتى ايه دلوقتى ؟

ابتسمت ابتسامه واهنه .. تمنى “عبد العزيز” أن يسمع صوتها الذى اشتاق اليه طيلة الأيام الماضية .. لكن الطبيب أخبره بأنه أمر مؤقت وبمجرد تحسن نفسيتها ستعاود

الحديث مرة أخرى .. وطلب منه توفير كل سبل الراحة لها وعدم التحدث فيما يزعجها .. لذلك كان “عبد العزيز” يتجنب الحديث عن “آدم” وعما يخصه .. لكن هناك أمر لابد

منه .. جلس “عبد العزيز” بجوارها وامتدت يده لتنزع دبلة “آدم” وخاتمه من أصابعها .. ترقرقت العبرات فى عينيها لتسقط على وجهها الحزين .. وهى ترى الدبلة التى

ألبسها اياها طآدم” تنزع من يدها .. الى الأبد .. قال والدها بصوت باكى وهى يمسح بيده على وجنتها :

– أنا آسف يا بنتى .. كان لازم أهتم بالسؤال عنه أكتر من كده .. يمكن لو كنت سألت أكتر كنت عرفت اللى يخليني أرفضه من البدايه .. أنا آسف يا بنتى

ارتج جسدها بالبكاء فضمها الى صدره قائلاً :

– مش عايز أشوفك بتعيطى تانى فاهمة يا “آيات” .. كل حاجة هترجع زى الأول وأحسن كأنه مدخلش حياتنا أصلاً .. وبعد ما تخلصى امتحاناتك هاخدك ونسافر بره مصر كلها

.. أى بلد تختاريها نعد فيها زى ما انتى عايزه ..

أبعدها عنه لينظر الى وجهها الباكى وهو يبتسم وسط دموعه قائلاً :

– شوفى بأه أنا ناوى اخليها رحلة تجنن .. وعايزك تستعدى ليها على الآخر .. ولو عايزه “أسماء” تطلع معانا مفيش مشكلة أنا هكلم والدها .. وأفسحكوا انتوا الاتنين

فسحة تجنن .. ها ايه رأيك ؟

ابتسمت باتسامه ضعيفة مجاملة لوالدها دون شعور بذرة سعادة بداخلها .. فأكمل والدها بحماس مصطنع قائلاً :

– عايزك تفكرى من دلوقتى وتشوفى ايه المكان اللى تحبيه تروحيه ..هسيب اختيار المكان عليكي أما بروجرام الرحلة فهيكون عليا أنا .. اتفقنا ؟

أومأت برأسها وهى تمسح دموعها .. قبل جبينها قائلاً :

– نامى دلوقتى يا حبيبتى .. يلا تصبحى على خير

وضعت “آيات” رأسها على وسادتها .. التى لم تمضى عليها سوى دقائق قليله حتى تبللت بدموعها المنسابه من عينيها دون توقف .. تراءت أمام عيناها الفيديو الذى رأته

لـ “آدم” .. أغمضت عينيها بشدة علها تزيل تلك الصورة من أمام عينيها .. لكن هيهات .. أخذت تفكر كيف يكون فارسها بتلك الأخلاق المتدنية .. كيف لم تراه على حقيقته

.. كيف ظنت بأنه فارسها الذى تنتظره .. كيف استطاع أن يخدعها الى هذه الدرجة .. كانت تريد رجلاً يحميها ويحتويها ويحبها ويدافع عنها .. لكنها لم تجد أى من ذلك

.. أفاقت من حلمها على واقع بشع .. تذكرت قبلته لها فى السيارة .. سرت قشعريرة باردة فى جسدها .. مدت يدها الى فمها تسمحه بقوة وكأنها تحاول ازالة أى أثر لقبلته

.. وكأنها لا تطيق تلك الذكرى .. ظلت تتلوى فوق فراشها وتعالى صوت بكائها .. أزاحت الغطاء فجأة ونهضت لتتوجه الى حاسوبها .. فتحت صورة “آدم” لتنظر اليها بتقزز

.. تلك الصورة التى كانت تجلس أمامها تتأملها دون كلل أو ملل .. أصبحت الآن تشعر تجاهها وتجاه صاحبها بالنفور الشديد .. مسحت الصورة وكل ما يمت له بصلة .. توجهت

الى حساب الفيس بوك لتحظره تماماً .. وتطــرده خـــارج عالمهــــا

*********************************

دخلت “والدة “إيمان” غرفة ابنتها لترحب بـ “سمر” ثم طلبت من “إيمان” الخروج من الغرفة لتتحدث الى “سمر” فى موضوع خاص .. خرجت “إيمان” من الغرفة وهى تبتسم بخبث

.. بدأت والدة “إيمان” حديثها قائله :

– شوفى بأه يا “سمر” .. انتى معزتك من معزة “إيمان” و “على” أيوة والله بحبك من يوم ما شوفتك .. بنت مؤدبة وطيبة وأخلاق وكل حاجة رنبا يحفظك يا بنتى

ابتسمت “سمر” فى خجل وقالت :

– تسلمى يا طنط ربنا يباركلك

قالت والدة “إيمان” :

– بصى بأه يا “سمر” .. أنا مبحبش ألف وأدور فهتكلم دوغرى .. “على” ابنى قالى انه عايزك

ارتبطت “سمر” واحمرت وجنتاها خجلاً .. نظرت الأرض وقد أُلجم لسانها فأكملت قائله :

– هو شغال دلوقتى .. هى صحيح شغلانه بيطة بس يا بنتى كل حاجة بتبتدى صغيره وبعدين بتكبر .. وبعدين هو بيقول انه هيدور على شغل تانى أحسن من الشغلانه دى .. ومتقلقيش

ولا يكون عندك هم أصلا أنا و أبو “إيمان” شايلين قرشين لـ “إيمان” و “على” .. يعني “على” مش على الحديدة زى ما انتى فاهمه .. لا .. بس هو بيحب يسعى ورا القرش

وميحبش يعتمد الا على نفسه

صمتت “سمر” دون أن تتفوه بحرف .. فأكملت :

– هو عايز يلبس دبل على الأقل .. عشان يتقال ان “سمر” لـ “على” و “على” لـ “سمر” .. لانه بصراحة ربنا خايف تضيعي من ايده .. قولتى ايه يا “سمر” ؟

بدا الإضطراب على “سمر” فقالت والدة “إيمان” بطيبة :

– طيب اي حبيتبى هسيبك تفكرى براحتك ومستنية رد منك .. اول ما تردى عليا ان شاء الله هاجى أنا وأبو “على” نطلب ايدك من ماما .. ماشى يا حبيبتى ؟

نظرت اليها “سمر” بحيرة .. فابتسمت والدة “إيمان” فى وجهها وخرجت لتترك “سمر” ومشاعر كثيرة متناقضة تجذبها يميناً ويساراً

**********************************

ظل “آدم” يبحث عن “آيات” فى محاضراته يأمل فى أن يراها .. ظل يتجول فى الكلية يومياً عله يلمحها .. لكن لا أثر لها .. علم بأنها لا تحضر الى الكلية .. كاد أن

يجن من كثرة تفكيره بها .. أراد الإطمئنان عليها بأى شكل .. لكن كل السبل مقطوعه .. حتى صديقتها “أسماء” لا تحضر الى الكلية .. ففكر “آدم” فى حيلة يجذبها بها

الى الكلية ليستطيع رؤيتها والإطمئنان عليها .. بمجرد أن انتهى من القاء محاضرته قال وهو ينظر الى طلابه :

– المحاضرة الجاية عليها 10 درجات من درجات المادة ولازم الكل يحضرها .. ياريت تعرفوا الناس اللى مبتجيش ان محاضرة المرة الجاية مهمة

خرج “آدم” من المدرج لتلحق به “ساندى” قائله :

– دكتور “آدم”

التفت اليها فقالت كبتسمه :

– ازيك يا دكتور أخبارك ايه ؟

قال بنفاذ صبر :

– الحمد لله

قالت بابتسامه واسعه :

– عندى ليك خبر حلو يا دكتور

نظر اليها “آدم” بلهفه ينتظر ما ستقوله .. قالت بمرح :

– بابا عجبه المشورع جداً جداً وطالب يقابل حضرتك

لاحت ابتسامه صغيره على زاوية فمه فأكملت “ساندى” حماس :

– قالى حضرتك تحدد المعاد وهو هينتظرك

قال “آدم” وقد ظهرت علامات الارتياح على وجهه :

– تمام يا “ساندى” هشوف معاد مناسب وأعرفك

ابتسم لها قبل أن ينصرف وهو يفكر فى أنه لم يخسر كل شئ بعد

***********************************

دخلت “أسماء” غرفة “آيات” لتجدها جالسه تطالع كتبها فوق فراشها اقترب منها مبتسمه وقالت :

– ازيك يا “يويو” أخبارك ايه

ابتسمت “آيات” وأشارت لها بالجلوس .. جذبت “أسماء” الكتاب من يدها وقالت بمرح :

– خيانة بتذاكرى من ورايا

ابتسمت “آيات” ابتسامة ضعيفة ثم كتبت على احدى الدفاتر بجانبها :

– يا بنتى الامتحانات خلاص قربت وعايزين نخلص بأه من هم المذاكره ده

قرأت “أسماء” ما خطته “آيات” بيدها ثم قالت بمرح :

– على رأيك عايزين نخلص من الامتحانات وقرفها عشان نفضى للرحلة بتاعتنا

ثم قالت بحماس :

– ياه يا “آيات” ده أنا متحمسة للرحلة دى أوى من دلوقتى .. اخترتى المكان ولا لسه ؟

كتبت “آيات” فوق دفترها :

– لا لسه

قالت “أسماء” :

– طيب فكرى براحتك بس “آيات” ياريت تظبطينا ماشى .. عايزة أتظبط

ابتسمت “آيات” وهى تومئ برأسها .. اختفت ابتسامتها سريعاً لتعاود النظر الى كتبها .. قالت “أسماء” بشئ من التردد :

– “آيات”

نظرت اليها “آيات” مستفهمة فقالت “أسماء” بتوتر :

– بصى عرفت ان المحاضرة الجاية عليها 10 درجات من درجات المادة .. هتروحى ؟

كتبت “آيات” على دفترها :

– مادة ايه ؟

نظرت اليها “أسماء” بأسى قائله :

– ادارة أعمال

تجمعت العبرات فى عينى “آيات” على الفور وأخذت تتنفس بسرعة وكأنها تشعر بالإختناق .. وفى عينيها نظرات حائرة متألمة .. قالت “أسماء” بحنان :

– هتحضريها ؟

هزت “آيات” رأسها نفياً بقوة .. فقالت “أسماء” :

– خلاص ولا يهمك عوضيهم فى النظرى

أومأت “آيات” برأسها بضعف .. عادت الى كتبها مرة أخرى لكنها شعرت بأن التركيز هرب منها تماماً

***********************************

دخل المدرج وهو يتمنى حضورها .. يتمنى رؤيتها .. يتمنى الإطمئنان عليها .. بحثت عيناه عنها بلهفه .. تفرس فى الوجوه يبحث عن وجهها الذى افتقده .. لم يجدها ..

نظر الى “أسماء” وكأنه يسألها عنها .. لكن “أسماء” أشاحت بوجهها عنه وعلى وجهها علامات الغضب .. ففهم .. فهم بأنه خسرها للأبد .. لا تريد حتى رؤيته .. لا تريد

حتى درجاته التى وعد بها .. لا تريد منه أى شئ .. صمت .. طال صمته .. انتظر الطلاب أن يتحدث .. تحدث وأخذوا ينظرون اليه بدهشة عندما قال بضيق شديد :

– المحاضرة ملغية يا شباب

تعالت صيحات الاستنكار بعدما خرج “آدم” من المدرج .. خرجت “أسماء” متوجهة الى بوابة الكلية عندما استوقفها “آدم” قائلاً :

– “أسماء”

التفتت تنظر اليه .. فقال بلهفه :

– فين “آيات” مجتش ليه ؟ هى متعرفش ان المحاضر دى مهمة

قالت “أسماء” ببرود :

– لا عارفه .. بس مرضيتش تحضرها

صمت “آدم” وهو يشعر بالأسى ثم نظر اليها قائلاً بصوت مضطرب :

– ازيها عامله ايه ؟

قالت “أسماء” وهى تنظر اليه بعتاب شديد :

– كويسة .. الحمد لله كويسة

قال “آدم” بلهفه وهو يتفرس فيها :

– يعني هى أحسن .. انا عرفت انها خرجت من المستشفى

قالت “أسماء” والدموع فى عينيها فلم تعد تحتمل التظاهر بالتماسك :

– حرام عليك اللى عملته فيها .. انا عارفه انى مينفعش أقول لحضرتك كده .. بس بجد انت دمرت “آيات” هى متستهلش كده

شعر “آدم” بكلماتها كطعنات الخناجر فى صدره .. أكملت “أسماء” قائله بتأثر :

– “آيات” من يوم ما خرجت من المستشفى وهى مبتتكلمش

تجمد “آدم” فى مكانه وقلبه يئن من الألم .. قالت “أسماء” بحده قبل أن تغادر :

– حرام عليك بجد .. “آيات” عمرها ما هتسامحك أبداً .. ابعد عنها أحسن وسيبها فى حالها

غادرت “أسماء” لتترك “آدم” غارقاً فى الألــم والعــذاب … والنــــدم

….يتبع

عرض التعليقات (7)