فلنستيقظ!!
فلنستيقظ!!
إني لأعلم كم أن هذه المدفئة غالية عليك، اعرف جيداً كيف لك أن لا تتخلى عنها، كيف لها أن تكون شيئاً ثميناً بالنسبة لك، ففي الشتاء ووسط ذاك البرد القارص، تجلس أنت بجوارها، تنهل منها بعضاً من الدفء، لا تقوى على الحراك أو التزحزح من مكانك، ولكن تذكر أخي ففي مثل هذه الأوقات، وفي مثل هذه الساعات، هناك من جمد البرد أطرافه، هناك من يجوب الليالي الباردة بثياب رثة، وقدمان حافيتان، فلا مدفئة تدفئه، ولا سترة تقيه برد الشتاء، سقف بيتك العالي والذي تحتمي به من قطرات المطر، ليس إلا اوراق شجر لشخص بائس فقير لا مأوى له، سريرك الأبيض الناعم والذي تنام فيه مرتاحاً هي أمنية كل شخص لم يجد سوى العراء مكاناً لينام فيه، تناولك لأشهى الأطعمة وألذها، أمر حرم منه الكثيرون فليس لهم سوى أكياس القمامة تلك لينبشوها بحثاً عن لقمة عيش يسدون بها جوعهم، ضحكك واستمتاعك بكل لحظة، مرحك وفرحك، نعمة لن تقدرها إلا حين تفقدها، فبينما أنت تلهو وتلعب هناك من يبكي بحرقة على مرارة حاله واستياء أوضاعه، ما أجمل أن يكون الإنسان قلب طيب، يؤذيه ما يؤذي غيره، ويجرحه ما يجرح غيره، يفرح لفرحه، ويحزن لحزنه، يهب إليه ما إن رآه محتاجا ولا يبخل عليه بشيء، فلا طعم أخي لنعمة وجدتها لديك وافتقدها غيرك.”
–نحتاج لأن نكون أكثر رأفة بغيرنا، أن نعيش في نعيم لا يعني أن ننسى غيرنا ممن يعانون، فالعالم أصبح متوحشاً، وقلوب الناس باتت لا ترحم أبدا.–