صاحبة الهجرتين
صاحبة الهجرتين
وهناك بدأت من جديد حياتها مع زوجها، وعاشت فى الحبشة 12 عامًا تنشر مع زوجها رسالة الإسلام، وبعد أن هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة.
و استقر المسلمون فى المدينة المنورة وبعد سبع سنوات من الهجرة أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعود المهاجرون من الحبشة ويلحقوا بالنبى فى المدينة المنورة.
ومرة أخرى لم يتردد جعفر وأسماء فى تلبية دعوة الرسول، وعادا إلى المدينة المنورة مع أبنائهم ليبدأوا حياتهم من جديد فى المدينة، وقد كتب الله لهم أن يكون للمسلمين هجرة واحدة ولهم هجرتين، ومن هنا جاء لقب أسماء “ذات الهجرتين”.
ويروى أن سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه كان يزور ابنته أم المؤمنين حفصة زوجة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فرأى أسماء بنت عميس عندها بعد عودتها من الحبشة، فقال لها على سبيل الدعابة: يا حبشية لقد سبقناكم بالهجرة.. فغضبت وقالت: لقد صدقت، كنتم مع رسول الله يطعم جائعكم ويعلم جاهلكم، وكنا البعداء الطرداء.. أما والله لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأذكرن له ذلك. وذهبت إلى النبى – صلى الله عليه وسلم – فقالت يا رسول الله إن رجالاً يفخرون علينا ويزعمون أنا لسنا من المهاجرين الأولين، فقال صلى الله عليه وسلم: “بل لكم هجرتان هاجرتم إلى النجاشى وهاجرتم إلى المدينة”.
وبعد العودة إلى المدينة المنورة شارك جعفر بن أبى طالب رضى الله عنه فى غزوة مؤتة، واستشهد بها وحزنت عليه حزنًا عظيمًا، ولكنها رضت بقضاء الله وأطاعت النبى حين أمرها “يا أسماء لا تقولى فجرًا ولا تضربى صدرًا”، وكانت من الصابرين، فبشرها النبى بأن الله جعل لجعفر رضى الله عنه جناحين يطير بهما فى الجنة.
وبعد استشهاد جعفر رضى الله عنه فى السنة الثامنة من الهجرة تزوجت “أسماء” سيدنا أبى بكر الصديق بعد وفاة زوجته أم رومان وأنجبت منه محمدًا عام 10 هجرية، وظلت معه حتى أصبح خليفة المسلمين وعاشت معه خلال سنوات خلافته وحتى وفاته فى العام 13 هجرية، وكانت نعم الزوجة له حتى أنه أوصى بأن تتولى هى غسله وبالفعل نفذت وصيته.
مرة أخرى ذاقت أسماء مرارة فقد الزوج ولكنها تماسكت كى تتولى تربية أبنائها، وبعد انقضاء عدتها تزوجها على بن أبى طالب كرم الله وجهه، وأخ زوجها الأسبق “جعفر بن أبى طالب”، وذلك بعد وفاة السيدة فاطمة الزهراء رضى الله عنها ، ولما تولى على بن أبى طالب الخلافة أصبحت “زوجة الخليفتين”، ثم وقعت الفتنة الكبرى وفيها قتل ابنها “محمد بن أبى بكر”، واختبرت مرة أخرى نوعًا أقسى من الفقد والحزن، وكتمت أحزانها حتى شخب ثدياها دمًا، واستعانت بالصلاة والصبر على مصيبتها، وباستشهاد زوجها على كرم الله وجهه عام 40 هجرية أصبحت بذلك “أسماء” “زوجة الشهيدين”، ورحلت أسماء عن دنيانا في سنة 38
هجرية.